الكنيست الإسرائيلي يحظر أنشطة «الأونروا» في خطوة تثير احتجاجاً دولياً

الأمم المتحدة تقول إنه لا يوجد بديل للوكالة ولا غنى عنها

من داخل الكنيست الإسرائيلي (إ.ب.أ)
من داخل الكنيست الإسرائيلي (إ.ب.أ)
TT

الكنيست الإسرائيلي يحظر أنشطة «الأونروا» في خطوة تثير احتجاجاً دولياً

من داخل الكنيست الإسرائيلي (إ.ب.أ)
من داخل الكنيست الإسرائيلي (إ.ب.أ)

حظر البرلمان الإسرائيلي، يوم (الاثنين)، رسمياً أنشطة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في إسرائيل، رغم معارضة الولايات المتحدة والأمم المتحدة، في خطوة تُشكّل سابقة تاريخيّة بعد أشهر من تصاعد التوتّر بين الوكالة والدولة العبريّة.

وقدّمت «الأونروا» على مدار أكثر من سبعة عقود مساعدات أساسية للفلسطينيين، وقد ندّدت بهذا الإجراء «الفاضح» في حقّها.

وقال فيليب لازاريني، المفوّض العام لـ«الأونروا»، إنّ الحظر «يُمثّل سابقة خطرة» ويشكّل أحدث حلقة في «حملة مستمرّة لتشويه سمعة» الوكالة، معتبرا أنّ هذا الإجراء «سيزيد معاناة الفلسطينيين».

بدوره، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن تطبيق الحظر «قد يكون له عواقب مدمرة على اللاجئين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهو أمر غير مقبول».

وأضاف في بيان «لا يوجد بديل للأونروا. إن تطبيق هذه القوانين سيكون مضراً بحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني والسلام والأمن في المنطقة ككل. وكما قلت من قبل، فإن الأونروا لا غنى عنها». وذكر أنه سيعرض الأمر على الجمعية العامة للأمم المتحدة المكونة من 193 عضواً.

وأدانت حركة «حماس» إقرار البرلمان الإسرائيلي هذا التشريع، معتبرة أنّ ذلك يشكّل «جزءا من حرب الصهاينة وعدوانهم على شعبنا». بدورها ندّدت حركة «الجهاد الإسلامي» بـ«إمعان في حرب الإبادة» ضد الفلسطينيين.

كما رفضت الرئاسة الفلسطينية التشريع الذي تبنّاه البرلمان الإسرائيلي. وقال الناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة «نرفض وندين التشريع الإسرائيلي بخصوص الأونروا».

وأقرّ النواب المشروع بغالبيّة 92 صوتاً مقابل 10 أصوات معارضة، بعد سنوات من الانتقادات الإسرائيلية الحادة لـ«الأونروا» والتي زادت منذ بدء الحرب في غزة.

كما أن ثمّة نصاً ثانياً تمّ تبنّيه أيضاً بغالبية كبيرة (89 مقابل 7) يحظر على المسؤولين الإسرائيليين العمل مع «الأونروا» وموظفيها، ما من شأنه عرقلة أنشطتها إلى حد كبير. وسيدخل القانونان حيز التنفيذ بعد 90 يوماً من إقرارهما، وفق الكنيست.

«كارثة»

قالت جولييت توما، المتحدثة باسم «الأونروا»، لوكالة الصحافة الفرنسية إنه في حال تطبيق هذا الحظر «فسيكون الأمر كارثة، خصوصاً بسبب تأثيره المحتمل على العمليات الإنسانية في غزة وفي مناطق عدة من الضفة الغربية».

وأضافت «الأونروا أكبر منظمة إنسانية في غزة وهي المسؤولة الأولى عن الاستجابة الإنسانية، ولا سيما ما يتعلق بالمأوى والغذاء والرعاية الصحية الأساسية».

إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال إنّ إسرائيل التي تفرض رقابة صارمة على دخول شحنات الإعانات الدولية «مستعدّة» لإيصال مساعدات إنسانية للقطاع. وكتب على منصة «إكس»: «نحن مستعدون للعمل مع شركائنا الدوليين لضمان استمرار إسرائيل في تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة بطريقة لا تهدد أمن إسرائيل».

وعبّرت الولايات المتحدة (الاثنين) عن «قلق عميق» بشأن التشريع. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر «أوضحنا لحكومة إسرائيل أننا نشعر بقلق عميق إزاء هذا التشريع»، مشدداً على الدور «الحاسم» الذي تضطلع به الوكالة في توزيع المساعدات في غزة.

وأضاف «نواصل حض الحكومة الإسرائيلية على تعليق تنفيذ هذا التشريع، ونطلب منهم عدم تمريره إطلاقاً، وسننظر في الخطوات التالية بناءً على ما سيحدث».

من جهته، قال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إن المملكة المتحدة «قلقة جداً» إزاء إقرار البرلمان الإسرائيلي هذا التشريع. وحذّر من أن هذا التشريع «قد يجعل مستحيلاً عمل الأونروا الأساسي بالنسبة للفلسطينيين، ما يعرض للخطر الاستجابة الإنسانية الدولية بكاملها في غزة». كما انتقدت الحكومة الألمانية «بشدّة» التشريع الذي أقرّه البرلمان الإسرائيلي.

«سابقة خطرة لعمل الأمم المتحدة»

من جانبها، أدانت كل من آيرلندا والنرويج وسلوفينيا وإسبانيا في بيان مشترك تصويت البرلمان الإسرائيلي. وكتبت حكومات الدول الأوروبية الأربع التي اعترفت بدولة فلسطين «إن عمل الوكالة ضروري ولا يمكن الاستغناء عنه بالنسبة لملايين الفلسطينيين، بخاصة في الوضع الحالي في غزة». واعتبرت هذه الدول أن التشريع الذي أقره البرلمان الإسرائيلي «يشكل سابقة خطرة جداً لعمل الأمم المتحدة».

وندد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غبرييسوس، بالقرار الإسرائيلي «غير المقبول» الذي ستكون له «عواقب وخيمة». وقال «إنه يتعارض مع التزامات إسرائيل ومسؤولياتها»، مشدداً على أن «الأونروا هي شريان حياة لا يمكن الاستغناء عنه للشعب الفلسطيني».

وتصاعدت حدة الانتقادات الإسرائيلية للوكالة الأممية بشكل كبير منذ بدء الحرب في قطاع غزة إثر هجوم «حماس» على إسرائيل. وفي يناير (كانون الثاني)، وجهت إسرائيل اتهامات لعشرات من موظفي «الأونروا» في قطاع غزة بضلوعهم في الهجوم.

ووجدت سلسلة من التحقيقات أن تسعة من موظفي الوكالة الأممية «ربما كانوا متورطين» في الهجوم، لكن دون العثور على أي دليل يؤكد المزاعم الإسرائيلية.

وسيستهدف التشريع عمليات الوكالات في القدس الشرقية ومن بينها التنظيف والتعليم والرعاية الصحية في أحياء بعينها.

وسيحرم التشريع أيضاً العاملين في الوكالة من بعض المزايا الممنوحة للموظفين الدبلوماسيين بما في ذلك الإعفاءات الضريبية.

واتّهمت «الأونروا» وغيرها من المنظمات الإنسانية السلطات الإسرائيلية بتقييد تدفق المساعدات إلى قطاع غزة.

وتكبّدت «الأونروا» خسائر فادحة حيث قُتل ما لا يقل عن 223 من موظفيها وتضرر أو تم تدمير ثلثي مرافقها في قطاع غزة منذ اندلاع الحرب.

وفي وقت سابق من العام الجاري، شهد تمويل الوكالة تراجعاً بعد الاتهام الإسرائيلي الذي طال 13 ألف موظّف في قطاع غزة، لكن غالبية الجهات المانحة استأنفت مساهماتها.

وتأسست وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين عام 1949 لدعم اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأوسط.


مقالات ذات صلة

مفوّض «الأونروا»: حظر الوكالة سيؤدي إلى فراغ ومعاناة أكبر للفلسطينيين

المشرق العربي المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) فيليب لازاريني يتحدث خلال اجتماع «التحالف الدولي لتطبيق حل الدولتين» في الرياض يوم 30 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب) play-circle 01:52

مفوّض «الأونروا»: حظر الوكالة سيؤدي إلى فراغ ومعاناة أكبر للفلسطينيين

قال مفوض وكالة «الأونروا» إن القوانين الإسرائيلية التي صدرت أخيراً بحظر الوكالة، ستؤدي إلى فراغ ومعاناة أكبر للفلسطينيين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان لدى لقائه فيليب لازاريني في الرياض الأربعاء (واس)

وزير الخارجية السعودي يبحث علاقات التعاون مع «الأونروا»

ناقش الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي مع فيليب لازاريني مفوض عام وكالة «الأونروا» المستجدات في غزة، وتداعياتها الإنسانية، والجهود المبذولة بشأنها.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي أطفال داخل مركز تدريب تابع لوكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم في الشرق الأدنى «الأونروا» في لبنان (رويترز) play-circle 01:52

مجلس الأمن يرفض محاولات إسرائيل «تفكيك أو تقليص» عمليات «الأونروا»

رفض مجلس الأمن محاولات إسرائيل «تفكيك» وكالة «الأونروا» أو «تقليص» عملياتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مؤكداً على «دورها الحيوي» في المنطقة.

علي بردى (واشنطن)
العالم علم «الأونروا» فوق مكتب الوكالة في الضفة الغربية (د.ب.أ)

مجلس الأمن الدولي «قلق للغاية» إزاء حظر أنشطة «الأونروا» في إسرائيل

عبر مجلس الأمن الدولي، اليوم (الأربعاء)، عن «قلقه العميق» بعد اعتماد قانون حظر عمل «الأونروا» في إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي مركز لـ«أونروا» استهدفه قصف إسرائيلي شمال قطاع غزة (د.ب.أ)

موظف في «أونروا» يروي لـ«الشرق الأوسط» مسار التحقيق معه

كشفت مصادر فلسطينية لـ«الشرق الأوسط» أن «أونروا» وسعت تحقيقاتها مع موظفين يعملون في دوائر وقطاعات مختلفة تابعة لها، يشتبه بانتمائهم لحركة «حماس».

«الشرق الأوسط» (غزة)

ترمب أبلغ نتنياهو أنه يريد انتهاء حرب غزة بحلول موعد توليه الرئاسة

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (أ.ب)
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (أ.ب)
TT

ترمب أبلغ نتنياهو أنه يريد انتهاء حرب غزة بحلول موعد توليه الرئاسة

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (أ.ب)
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (أ.ب)

قال الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه يريد من إسرائيل إنهاء الحرب في غزة بحلول الوقت الذي يعود فيه إلى منصبه إذا فاز في الانتخابات، وفقاً لما كشفه مصدران مطلعان على الأمر لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل» هذا الأسبوع.

تم نقل الرسالة لأول مرة عندما استضاف المرشح الرئاسي الجمهوري رئيس الوزراء الإسرائيلي في منتجعه مارالاغو بولاية فلوريدا في يوليو (تموز)، وفقاً لمسؤول سابق في إدارة ترمب ومسؤول إسرائيلي. في حين أكد ترمب علناً أنه أخبر نتنياهو أنه يريد أن تفوز إسرائيل بالحرب بسرعة، فإن المصادر التي تحدثت إلى الصحيفة كشفت عن وجود جدول زمني مرتبط بهذا الطلب.

وقال المسؤول الأميركي السابق إن ترمب لم يكن محدداً في مناشدته لنتنياهو وأكد (ترمب) دعمه نشاط الجيش الإسرائيلي «المتبقي» في غزة، طالما أنهت تل أبيب الحرب رسمياً. ولطالما أكد نتنياهو أن إسرائيل ستحافظ على السيطرة الأمنية الشاملة على غزة في المستقبل المنظور بعد الحرب، وتحدث مسؤولون إسرائيليون آخرون عن احتفاظ الجيش الإسرائيلي بمنطقة عازلة داخل القطاع مع إمكانية دخول المناطق في جميع أنحاء القطاع عندما يُكتشف أن حركة «حماس» تحاول إعادة تجميع صفوفها.

لكن رئيس الوزراء أشار، الاثنين الماضي، إلى أن إسرائيل لم تصل بعد إلى مرحلة إنهاء الصراع؛ حيث قال لأعضاء الكنيست من حزب «الليكود» في تسجيل تم تسريبه إنه لا يستطيع الموافقة على مطلب «حماس» بإنهاء الحرب مقابل الإفراج عن 101 رهينة لا تزال تحتجزهم.

وأشار ترمب في الأسابيع الأخيرة إلى أنه سيمنح إسرائيل حرية أكبر في اتخاذ القرارات، وانتقد الرئيس الأميركي جو بايدن لمحاولته تقييد الأهداف المحتملة للرد الإسرائيلي على الهجوم الصاروخي الباليستي الإيراني في الأول من أكتوبر (تشرين الأول).

وأوضح المسؤول الأميركي السابق أن النصر الذي يريد ترمب أن تؤمنه إسرائيل في غزة قبل يوم التنصيب يشمل أيضاً عودة الرهائن. وحذر ترمب، في المؤتمر الوطني الجمهوري في يوليو، من أن أولئك الذين يحتجزون رهائن أميركيين في الخارج «سيدفعون ثمناً باهظاً للغاية» إذا لم يتم إطلاق سراحهم قبل توليه منصبه.