«العمال الكردستاني» تبنّى هجوم «توساش» نافياً ارتباطه بتطورات حل المشكلة الكردية

إردوغان أعلن أن منفذَيه تسللا من سوريا وتعهّد باجتثاث الإرهاب من جذوره

إردوغان ترأس قمة أمنية في مطار «أتاتورك» في إسطنبول مساء الخميس حول هجوم «توساش» الإرهابي (الرئاسة التركية)
إردوغان ترأس قمة أمنية في مطار «أتاتورك» في إسطنبول مساء الخميس حول هجوم «توساش» الإرهابي (الرئاسة التركية)
TT

«العمال الكردستاني» تبنّى هجوم «توساش» نافياً ارتباطه بتطورات حل المشكلة الكردية

إردوغان ترأس قمة أمنية في مطار «أتاتورك» في إسطنبول مساء الخميس حول هجوم «توساش» الإرهابي (الرئاسة التركية)
إردوغان ترأس قمة أمنية في مطار «أتاتورك» في إسطنبول مساء الخميس حول هجوم «توساش» الإرهابي (الرئاسة التركية)

تبنّى حزب «العمال الكردستاني» الهجوم الإرهابي على مقر شركة صناعات الطيران والفضاء التركية «توساش». في حين أعلن الرئيس رجب طيب إردوغان أن منفذي الهجوم تسللا من سوريا، متعهداً باجتثاث الإرهاب من جذوره.

ونقلت وكالة «فرات» للأنباء، القريبة من حزب «العمال الكردستاني»، المُصنّف منظمة إرهابية من جانب تركيا وحلفائها الغربيين، عن بيان لـ«مركز الدفاع الشعبي» (الجناح المسلح للحزب)، الجمعة، أن منفذي الهجوم هما مينا سيفجين ألتشيشيك التي كانت تحمل الاسم الحركي «آسيا علي»، وروجار هالين الذي كان يحمل الاسم الحركي «علي أوريك»، وأنهما كانا ينتميان إلى مجموعة «الحكم الذاتي» في «كتيبة الخالدين».

الهجوم الإرهابي على شركة صناعات الطيران والفضاء التركية «توساش» (أ.ف.ب)

ونفى البيان الذي تداولته وسائل إعلام تركية، نقلاً عن وكالة «فرات» للأنباء، وجود علاقة للهجوم على شركة «توساش» والتطورات السياسية في تركيا التي أيّدها زعيم الحزب السجين عبد الله أوجلان، وأكد أن الهجوم خُطّط له منذ مدة طويلة، ولا علاقة له على الإطلاق بالأجندة السياسية التي نُوقشت مؤخراً في تركيا.

هجوم «توساش» وقضية الأكراد

وتشهد تركيا حالياً تطورات تتعلّق بالتوصل إلى حل المشكلة الكردية وحل حزب «العمال الكردستاني»، بدأت بمصافحة رئيس حزب «الحركة القومية»، شريك حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في «تحالف الشعب» لنواب حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيّد للأكراد الذي حل محل حزب «الشعوب الديمقراطية»، ثم دعوته يوم الثلاثاء الماضي أوجلان للحديث أمام البرلمان لإعلان حل حزب «العمال الكردستاني» وترك سلاحه.

مصافحة بهشلي والنواب الأكراد في البرلمان التركي (إعلام تركي)

وسمحت السلطات للمرة الأولى لنائب حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» عن مدينة شانلي أورفا (جنوب شرقي تركيا)، عمر أوجلان، بزيارة عمه عبد الله أوجلان، في محبسه بسجن جزيرة إيمرالي في بحر مرمرة، لتنهي عزلة فُرضت عليه منذ 43 شهراً.

ووجّه أوجلان، عبر ابن شقيقه، رسالة إلى الرأي العام أكد فيها أنه «مستعد لنقل العملية الحالية إلى الإطارين السياسي والقانوني»، لكن قيادات حزب «العمال الكردستاني» في جبال قنديل بشمال العراق أكدت أنه لا يستطيع القيام بذلك.

وقال البيان إنه تم تحديد مواقع مهمة واستراتيجية في تركيا بوصفها أهدافاً عسكرية، وتم استهداف شركة «توساش» التي تصنع المسيرات التي تُستخدم في الهجوم على الحزب. وأشار في الوقت ذاته إلى أن رسالة أوجلان للرأي العام هي أيضاً «وضع سيتم تقييمه».

وأسفر الهجوم الإرهابي على مقر شركة «توساش» في ضاحية كهرمان كازان على بُعد 40 كيلومتراً من العاصمة أنقرة، بالقنابل والأسلحة، عن مقتل 5 أشخاص وإصابة 22 آخرين.

صورة ملتقطة بكاميرات المراقبة لمنفذَي هجوم «توساش» الإرهابي (أ.ف.ب)

بينما أعلن وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا، أنه تم القضاء على الإرهابيين منفذَي الهجوم، وتم التعرف على هوية الإرهابية مينا سيفجين ألتشيشيك، وهي من عناصر حزب «العمال الكردستاني».

وفجّرت الإرهابية ألتشيشيك نفسها داخل مقر شركة «توساش»، عندما أدركت أنها ستُقتل على أيدي قوات الأمن، ولم يتبق من أشلائها سوى ذراعها، في حين قُتل الإرهابي الثاني (روجار هالين) في تبادل لإطلاق النار مع قوات الأمن.

مينا سيفجين ألتشيشيك الإرهابية الانتحارية التي شاركت في تنفيذ هجوم «توساش» كانت مسؤولة منطقة وسط هكاري (جنوب شرقي تركيا) في حزب «الشعوب الديمقراطية» عام 2014 (إعلام تركي)

وتبيّن أن ألتشيشيك اُنتخبت عام 2014 رئيسة مشاركة لمنطقة وسط هكاري، من صفوف حزب «الشعوب الديمقراطية»، المؤيّد للأكراد، الذي كان يرأسه صلاح الدين دميرطاش وفيجان يوكسيك داغ، السجينان حالياً، والذي يواجه حالياً دعوى لإغلاقه أمام المحكمة الدستورية لضلوعه في دعم الإرهاب.

إردوغان والحرب على الإرهاب

وأعلن الرئيس التركي أن الهجوم الإرهابي الذي استهدف شركة «توساش» تم عن طريق تسلل المنفذين من سوريا إلى الأراضي التركية. وأكد أن تركيا تواصل أعمالها لاجتثاث الإرهاب من جذوره، وإن كان ذلك في سوريا «فسنفعل ما تقتضيه الضرورة»، في إشارة إلى احتمال شنّ عملية عسكرية في شمال سوريا.

وقال إردوغان -في تصريحات لصحافيين رافقوه خلال عودته مساء الخميس من روسيا، حيث شارك في قمة مجموعة «بريكس»- إن تركيا نفّذت عمليات على 40 موقعاً في شمال سوريا طيلة الليلة التي أعقبت الهجوم، كبّدت الإرهابيين خسائر فادحة. وشدد على أن تركيا لا يمكن أن تقدم إطلاقاً أي تنازلات في مكافحة الإرهاب.

وعن احتمال أن يكون للهجوم على «توساش» ارتباطات خارجية، بسبب مشاركة تركيا في قمة «بريكس» وطلبها الانضمام إليها، ومزاعم أن إسرائيل تقف وراء الهجوم، قال إردوغان إن اختيار مؤسسة بارزة مثل «توساش» لتنفيذ الهجوم الإرهابي هو أمر ذو مغزى.

إردوغان تعهّد بالقضاء على الإرهاب في منبعه (الرئاسة التركية)

وأضاف إردوغان الذي عقد قمة أمنية في مطار «أتاتورك» في إسطنبول لدى وصوله قادماً من روسيا ليل الخميس-الجمعة لبحث الهجوم الإرهابي، أن الإرهابيين لم يستهدفوا «توساش» فحسب، وإنما استهدفوا السلام والأمن في تركيا.

في السياق ذاته، شنّت أجهزة الأمن التركية حملة موسعة على عناصر حزب «العمال الكردستاني» في البلاد.

وقال وزير الداخلية، علي يرلي كايا، عبر حسابه في «إكس»، الجمعة، إنه تم القبض على 176 مشتبهاً من أعضاء حزب «العمال الكردستاني» وعدد من الأذرع، ومنها: «تنظيم المجتمعات الكردستانية»، و«وحدات حماية الشعب الكردية» في عمليات جرت في 31 ولاية تركية.

وأضاف أن هؤلاء اعتقلوا لأنهم يعملون ضمن منظمة إرهابية (حزب «العمال الكردستاني»)، ويشكلون جزءاً من البنية الشبابية للمنظمة وقدموا إليها التمويل، وقاموا بالدعاية لها عبر حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وتبيّن أنهم شاركوا في مظاهرات غير قانونية: مثل قطع الطرق، وحرق الإطارات، وإلقاء الحجارة والمفرقعات والمولوتوف.

ولفت إلى أنه تم خلال العمليات الأمنية ضبط الكثير من المسدسات وبنادق الصيد غير المرخصة، وكميات كبيرة من المخدرات، وتمت مصادرة وثائق تنظيمية ومواد رقمية.

كما أعلن يرلي كايا أنه قُضي على أحد عناصر «العمال الكردستاني» المدرجين على النشرة الحمراء للمطلوبين، ويُدعى رمضان أكتاش، وكان يُلقب بـ«فاراشين بدران»، خلال اشتباكات بعد مداهمة منزل في بلدة أرتوكلو بولاية ماردين، جنوب شرقي تركيا.


مقالات ذات صلة

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

أفريقيا أنصار مرشح المعارضة باسيرو ديوماي فاي يحضرون مسيرة حاشدة في أثناء فرز نتائج الانتخابات الرئاسية (إ.ب.أ)

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

مباحثات جرت، الجمعة، بين الرئيس الروسي ونظيره السنغالي، وتم خلالها الاتفاق على «تعزيز الشراكة» بين البلدين، والعمل معاً من أجل «الاستقرار في منطقة الساحل»

الشيخ محمد (نواكشوط)
شؤون إقليمية محتجون أشعلوا النار في الشوارع المحيطة ببلدية تونجلي في شرق تركيا بعد عزل رئيسه وتعيين وصي عليها (إعلام تركي)

تركيا: صدامات بين الشرطة ومحتجين بعد عزل رئيسي بلديتين معارضين

وقعت أعمال عنف ومصادمات بين الشرطة ومحتجين على عزل رئيسَي بلدية منتخبَين من صفوف المعارضة في شرق تركيا، بعد إدانتهما بـ«الإرهاب»، وتعيين وصيين بدلاً منهما.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

إيران وأوروبا تجتمعان لمحادثات نووية في جنيف الجمعة

صورة نشرتها «الخارجية الإيرانية» من لقاء الوزير عباس عراقجي وعلى يمينه المتحدث إسماعيل بقائي مع رؤساء التحرير الأسبوع الماضي
صورة نشرتها «الخارجية الإيرانية» من لقاء الوزير عباس عراقجي وعلى يمينه المتحدث إسماعيل بقائي مع رؤساء التحرير الأسبوع الماضي
TT

إيران وأوروبا تجتمعان لمحادثات نووية في جنيف الجمعة

صورة نشرتها «الخارجية الإيرانية» من لقاء الوزير عباس عراقجي وعلى يمينه المتحدث إسماعيل بقائي مع رؤساء التحرير الأسبوع الماضي
صورة نشرتها «الخارجية الإيرانية» من لقاء الوزير عباس عراقجي وعلى يمينه المتحدث إسماعيل بقائي مع رؤساء التحرير الأسبوع الماضي

ستجري إيران محادثات بشأن برنامجها النووي مع فرنسا، بريطانيا وألمانيا، الجمعة في جنيف، وذلك بعد أسبوع من القرار الذي حركته القوى الثلاثة في الوكالة الدولية للطاقة الذرية وينتقد طهران على عدم تعاونها في الملف النووي.

وأكدت بريطانيا، الأحد أن هذه المحادثات ستتم. وقالت وزارة الخارجية البريطانية «ما زلنا ملتزمين باتخاذ جميع الخطوات الدبلوماسية لمنع إيران من تطوير أسلحة نووية، بما في ذلك عبر آلية العودة التلقائية (سناب باك) إذا لزم الأمر».

وينص اتفاق 2015 على بند «سناب باك» لإعادة العقوبات الأممية في حال عدم احترام طهران التزاماتها على الصعيد النووي، مما يسمح بإعادة ست قرارات أممية مجمدة بموجب الاتفاق النووي.

وكانت وكالة «كيودو» اليابانية، أول من أعلن صباح الأحد، نقلاً عن مصادر دبلوماسية إيرانية عدة، أن إيران تعتزم إجراء محادثات نووية مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي، يوم الجمعة، المقبل 29 نوفمبر (تشرين الثاني) في جنيف.

وقالت «كيودو» إن من المتوقع أن تسعى الحكومة الإيرانية بقيادة الرئيس مسعود بزشكيان، إلى التوصل إلى حل للأزمة النووية مع بريطانيا وألمانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي قبل تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، حسبما أوردت «رويترز».

وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي في وقت لاحق إن نواب وزراء خارجية إيران والدول الأوروبية الثلاث سيشاركون في المحادثات، التي قال إنها ستتناول قضايا إقليمية إلى جانب الملف النووي.ولم يذكر بقائي مكان إجراء المحادثات. وطلب متحدث باسم وزارة الخارجية السويسرية إحالة الأسئلة إلى الدول المذكورة في تقرير كيودو.وأضاف بقائي «سيتم تبادل الآراء... بشأن مجموعة من القضايا الإقليمية مثل قضيتي فلسطين ولبنان وكذلك القضية النووية».

وسيثمل الجانب الإيراني، نائب وزير الخارجية في الشؤون الدولية، مجيد تخت روانتشي، حسبما أوردت وسائل إعلام إيرانية.

يأتي ذلك بعد أيام من تبني مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، قراراً يأمر طهران مجدداً بتحسين التعاون مع الوكالة التابعة للأمم المتحدة على وجه السرعة.

وطلب القرار من مدير الوكالة الدولية إصدار «تقييم شامل ومحدث بشأن احتمال وجود أو استخدام مواد نووية غير معلنة فيما يخص قضايا عالقة ماضية وحالية تتعلق بالبرنامج النووي الإيراني».

ورفضت بريطانيا وفرنسا وألمانيا، والولايات المتحدة التي اقترحت القرار، تحرك إيران في اللحظة الأخيرة لوضع سقف لمخزونها من اليورانيوم المخصب بدرجة نقاء 60 في المائة، القريب من درجة صنع الأسلحة، ووصفته بأنه غير كافٍ وغير صادق.

ورداً على القرار، أعلنت طهران عن تشغيل أجهزة طرد مركزي متقدمة، من مختلف الطرازات في منشآت تخصيب اليورانيوم، فوردو ونطنز.


تشغيل أجهزة الطرد

قال رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، الأحد، إن طهران باشرت تشغيل أجهزة الطرد المركزي المتقدمة.

ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن قاليباف قوله في مستهل الجلسات الأسبوعية للبرلمان، أن «النهج السياسي غير الواقعي والمدمر الذي تتبناه الدول الأوروبية الثلاث والولايات المتحدة، أدى إلى إصدار قرار غير مبرر وغير توافقي بشأن البرنامج النووي السلمي لإيران في مجلس المحافظين».

وحصل القرار على تأييد 19 دولة من أصل 35 عضواً في مجلس المحافظين، وامتنعت 12 دولة عن التصويت، وصوتت 3 دول ضد القرار.

وقبل تبنِّي القرار بأيام، زار زيارة مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي طهران بهدف حل القضايا العالقة بين الطرفين. وعدت الزيارة إحدى الفرص الدبلوماسية الأخيرة المتاحة قبل عودة ترمب في يناير (كانون الثاني) إلى البيت الأبيض خصوصاً أنه كان مهندس «سياسة الضغوط القصوى» على إيران خلال ولايته الأولى بين عامَي 2017 و2021.

غروسي ونائبه يتوسطان المتحدث باسم «الذرية الإيرانية» بهروز كمالوندي ونائب وزير الخارجية الإيراني كاظم غريب آبادي أمام مدخل منشأة نطنز في أصفهان (إرنا)

وقال قاليباف: «لقد استخدمت الدول الأوروبية الثلاث والولايات المتحدة الأنشطة النووية لبلدنا ذريعة لإجراءات غير مشروعة، ما عرّض مصداقية واستقلالية الوكالة للخطر من خلال نقض العهود وانعدام الصدق، وجعلوا الأجواء البناءة التي تم إنشاؤها لتعزيز التفاعل بين إيران والوكالة مشوشة»، وفقاً لوكالة «إيسنا» الحكومية.

وأفادت مصادر دبلوماسية إيرانية لوكالة «كيودو» بأن هذه المحادثات تأتي مع اقتراب تولي إدارة ترمب المعادية لإيران الحكم في يناير المقبل، ما دفع حكومة الإصلاحية بقيادة الرئيس بزشكيان إلى تعزيز الحوار مع الغرب، والسعي إلى التوصل لحل للأزمة النووية قبل تنصيب ترمب.

حل دبلوماسي

أكد مسؤول إيراني كبير أن الاجتماع سيعقد، يوم الجمعة المقبل، مضيفاً أن «طهران تعتقد دائماً أن القضية النووية يجب حلها من خلال الدبلوماسية. إيران لم تنسحب مطلقاً من المحادثات».

وفي عام 2018، انسحبت إدارة ترمب آنذاك من الاتفاق النووي الإيراني المبرم عام 2015 مع 6 قوى كبرى، وأعادت فرض عقوبات قاسية على إيران؛ ما دفع طهران إلى تجاوز الحدود النووية المنصوص عليها في الاتفاق بإجراءات مثل زيادة مخزونات اليورانيوم المخصب ومعالجته إلى درجة نقاء انشطارية أعلى وتركيب أجهزة طرد مركزي متقدمة لتسريع الإنتاج، ووقف البروتوكول المحلق بمعاهدة حظر الانتشار النووي.

في بداية عهد الرئيس جو بايدن زادت إيران مخزوناتها من اليورانيوم العالي التخصيب بشكل كبير، ورفعت عتبة التخصيب إلى 60 في المائة، لتقترب بذلك من النسبة للازمة لصنع قنبلة نووية.

وقد حدد الاتفاق النووي مع إيران المعروف رسمياً باسم «خطة العمل الشاملة المشتركة» والذي فشلت مفاوضات في إحيائه في عام 2022، معدل التخصيب الأقصى عند نسبة 3.67 في المائة.

ولم تفلح المحادثات غير المباشرة بين إدارة الرئيس جو بايدن وطهران في محاولة إحياء الاتفاق، لكن ترمب قال في حملته الانتخابية في سبتمبر (أيلول): «علينا أن نبرم اتفاقاً، لأن العواقب غير محتملة. علينا أن نبرم اتفاقاً».

ومع فوز ترمب في الانتخابات الرئاسية الأميركية، أرسل المسؤولون الإيرانيون إشارات متناقضة بشأن رغبة طهران في التواصل مع الإدارة الأميركية، فضلاً عن تحسين العلاقات مع الدول الأوروبية، في محاولة لردع مساعي إدارة ترمب في إحياء الضغوط القصوى.

ترمب يحتفل بانتصاره في الانتخابات الرئاسية (رويترز)

وحض مسؤولون إيرانيون ترمب على اعتماد سياسة جديدة، وحذروا من تجربة نسخة ثانية للضغوط القصوى.

ولم يتضح بعد النهج الذي يسير عليه ترمب، وما إذا سيرد الاعتبار لتوقيعه بالانسحاب من الاتفاق النووي أو يبقي على المسار التفاوضي الذي أطلقه جو بايدن لإحياء الاتفاق.

واختار ترمب ماركو روبيو لشغل حقيبة الخارجية، وهو معروف بعدائه للصين وإيران.

وكان ترمب قد أكد في يوم الانتخابات الأميركية في 5 نوفمبر أنه «لا يسعى إلى إلحاق الضرر بإيران». وقال بعد الإدلاء بصوته: «شروطي سهلة للغاية. لا يمكنهم امتلاك سلاح نووي. أود منهم أن يكونوا دولة ناجحة للغاية».

في وقت سابق من هذا الشهر، نفت إيران «نفياً قاطعاً» ما أوردته صحيفة «نيويورك تايمز»، الخميس، عن عقد لقاء بين سفيرها لدى الأمم المتحدة ورجل الأعمال إيلون ماسك المقرب من الرئيس الأميركي المنتخب، بهدف «تخفيف التوتر» مع الولايات المتحدة.

وأكد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان الذي تولى منصبه في يوليو (تموز) والمؤيد للحوار مع الدول الغربية، أنه يريد رفع «الشكوك والغموض» حول برنامج بلاده النووي.

«سناب باك»

وقال وزير الخارجية عباس عراقجي، بداية الأسبوع الماضي، إن حكومة مسعود بزشكيان حاولت استئناف المفاوضات في نهاية سبتمبر الماضي، على هامش أعمال الجمعية العامة في نيويورك.

وأعرب عراقجي عن مخاوفه من أن تقدم الدول الأوروبية على تفعيل آلية «سناب باك» المنصوص عليها في الاتفاق النووي، قبل انتهاء مفعولها في أكتوبر (تشرين الأول) 2025، مع انقضاء موعد القرار 2231 الذي يتبنى الاتفاق النووي. وأشار عراقجي في جزء من تصريحاته، إلى توقف «مسار مسقط»، في إشارة إلى الوساطة التي تقوم بها سلطنة عمان بين طهران والقوى الغربية بشأن البرنامج النووي منذ سنوات.

وأوضح عراقجي أن «القوى الأوروبية والولايات المتحدة رحبتا بمواصلة المفاوضات غير المباشرة عبر الوسيط العماني... وجرى التعبير عن الرغبة في بدء مسار المفاوضات مع الأوروبيين ومسار مسقط، وكنا مستعدين لبدء المفاوضات، لكن الأحداث في لبنان أدت إلى توقفها. الآن، هناك رغبة من قبل الدول الأوروبية في استئناف المفاوضات، وسنقوم بذلك قريباً». ومع ذلك، قال إن «على الحكومة الأميركية الجديدة أن تقرر، ونحن سنتصرف بناءً على ذلك».

لاحقاً، قال مجيد تخت روانتشي، نائب وزير الخارجية الإيراني، لصحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية إن طهران «تفضّل المفاوضات، لكنها لا تخضع لاستراتيجية الضغوط القصوى».

وقال نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون القانونية، كاظم غريب آبادي، الخميس الماضي إن بلاده «ستنسحب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية» إذا قرّرت الدول الغربية إعادة فرض عقوبات أممية على إيران، بموجب تفعيل آلية «سناب باك».

ويحذر محللون إيرانيون من احتمال تعاون ترامب وأوروبا ضد إيران لتخفيف خلافاتهما في قضايا أخرى، مؤكدين أن الترويكا الأوروبية قد تدعم مساعي ترمب لتفعيل آلية «سناب باك»، في ظل التوتر غير المسبوق بين إيران والاتحاد الأوروبي وبريطانيا.