«ضبط النفس لن يطول»... إيران «مستعدة» لهجوم إسرائيلي

«الحرس الثوري» يهدد مجدداً بتدمير البنى التحتية في تل أبيب

الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (أ.ب)
الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (أ.ب)
TT

«ضبط النفس لن يطول»... إيران «مستعدة» لهجوم إسرائيلي

الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (أ.ب)
الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (أ.ب)

قالت إيران إنها التزمت «ضبط النفس» طيلة الفترة الماضية أمام التهديدات الإسرائيلية، لكنها «مستعدة، وسترد بقوة إذا ما تعرّضت لهجوم».

وقال الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، الأربعاء: «إن إسرائيل إذا أخطأت وقامت بعمل ضد طهران، فسوف تتلقى ردّاً حازماً وغير معقول».

وكذلك، هدّد قادة في «الحرس الثوري» والجيش الإيراني بـ«تدمير البنى التحتية» في إسرائيل.

وتتزامن التصريحات الإيرانية مع تصعيد خطير في منطقة الشرق الأوسط، والتي جاءت بعد يوم من محاولة أميركية لإقناع تل أبيب بتأجيل ردّها على إيران. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت خلال زيارة جنود في قاعدة عسكرية، اليوم: «بعد أن نهاجم إيران، سيفهم الجميع قوتكم».

«كنا نأمل وقف النار»

وقال بزشكيان، خلال لقائه رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد، إن إسرائيل «خرّبت» يومه الأول في منصب الرئاسة، بعدما اغتالت رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» في طهران.

وطبقاً لكلام بزشكيان، الذي نقلته وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري»، فإن «إيران مارست ضبط النفس، على أمل التوصل لوقف إطلاق النار في غزة، لكن توسع الحرب إلى لبنان يُجبر طهران على الرد». وقال: «إذا أخطأت إسرائيل، وقامت بعمل ضد إيران، فسوف تتلقى ردّاً حاسماً وغير معقول».

مع ذلك كرر الرئيس الإيراني عبارات كانت ترد على لسان مسؤولين إيرانيين خلال الأسابيع الماضية: «لا نرغب في نشر الصراع والتوتر في المنطقة بأي شكل من الأشكال، ونرحب بأي عمل في اتجاه السلام والهدوء، لكن تصرفات تل أبيب تتم بهدف محدد، وهو إشعال النار في المنطقة بأكملها».

ودعا بزشكيان الدول الغربية إلى «ضبط الاعتداءات الإسرائيلية»، على حد تعبيره.

وعلّق رئيس الوزراء الأثيوبي، خلال لقائه بزشكيان، بالقول: «نتابع التطورات في منطقتكم بقلق، ونعرف أن إيران دولة قوية ومستقلة».

إيرانيون يحرقون علماً إسرائيلياً في مظاهرة وسط طهران 18 أكتوبر 2024 (رويترز)

الدفاع الجوي الإيراني

في الداخل الإيراني، تصاعدت مرة أخرى التصريحات التحذيرية من تداعيات الرد الإسرائيلي، وشدّد مستشار قائد القوات البرية للجيش، العميد سياوش ميهن دوست، على أن «أي طائرة حربية لا تجرؤ على الاقتراب من حدود إيران»، وفقاً لما نقلته وكالة «تسنيم».

وقال ميهن دوست: «الدفاع الجوي للجيش مستعد وجاهز للغاية، بحيث لا تستطيع أي طائرة من دون طيار أو طائرة أخرى دخول المجال الجوي لإيران وتنفيذ أي عملية». وتابع: «لا يجرؤ أي أحد على الاقتراب من الحدود (...) بالتأكيد، إسرائيل لن تستطيع انتهاك المجال الجوي، بعد نشر نظام قوي مضاد للصواريخ».

بدوره، قال العميد علي فدوي، نائب قائد «الحرس الثوري»: «إن جميع دول المنطقة أكدت لطهران أنها لن تسمح باستخدام أجوائها لضرب إيران».

وتابع: «مع ذلك، إذا أقدمت إسرائيل على ضرب إيران، فسوف ينتظرها رد أكبر من (الوعد الصادق 2)، يمكن أن يدمر بناهم التحتية».

وتطلق إيران تسمية «الوعد الصادق» على هجومين شنتهما على إسرائيل في أبريل (نيسان) الماضي، وأكتوبر (تشرين الأول) الحالي، بصواريخ باليستية، لكن تأثيرها الحقيقي غامض حتى اليوم.

وقال قائد القوات البحرية في «الحرس الثوري»، العميد علي رضا تنكسيري: «إنه في حال حدوث أي عدوان على البلاد سيكون ردنا جاهزاً وحاسماً، وسنرد بقوة كبيرة».

جانب من فيديو نشره إعلام «الحرس الثوري» للدفاعات الجوية في محيط منشأة «نطنز» في أكتوبر الماضي

حماية «النووي» الإيراني

من جهته، قال رئيس منظمة الطاقة الذرية، محمد سلامي: «إن القدرات الدفاعية والأمنية الإيرانية في مستوى يسمح لها بالتعامل مع أي تهديد بيقظة».

ونقلت وكالة «نور نيوز» الإيرانية، عن سلامي، أن «الدفاعات الإيرانية يقظة للغاية لحماية المنشآت النووية من أي تهديد».

وليس من الواضح إن كانت إسرائيل ستُقدم على ضرب «النووي الإيراني». وكان نتنياهو قد تلقّى تحذيرات من الرئيس الأميركي، جو بايدن، من استهداف أي منشآت نفطية أو نووية في إيران، في إطار الرد الذي تُجهز له إسرائيل.

وقال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الأربعاء، قبيل مغادرته تل أبيب: «إن إسرائيل يجب أن ترد على هجوم إيران، بطرق لا تؤدي لتصعيد أكبر».


مقالات ذات صلة

لاريجاني: رسالة خامنئي إلى الأسد وبري ستغيّر المعادلة

شؤون إقليمية رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري وعلي لاريجاني كبير مستشاري المرشد الإيراني في بيروت (أ.ب)

لاريجاني: رسالة خامنئي إلى الأسد وبري ستغيّر المعادلة

توقع مسؤول إيراني بارز تغيّر المعادلة في الشرق الأوسط بعد رسالة المرشد علي خامنئي الأخيرة إلى لبنان وسوريا.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

إيران ستستخدم أجهزة طرد مركزي متقدمة رداً على قرار «الطاقة الذرية» ضدها

قالت إيران إنها ستتخذ إجراءات عدة من بينها استخدام أجهزة طرد مركزي متقدمة، رداً على القرار الذي اتخذته «الوكالة الدولية للطاقة» الذرية مساء الخميس ضدها.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)

مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يصدر قراراً ضد إيران

اعتمد مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية مساء الخميس قراراً ينتقد رسمياً إيران بسبب عدم تعاونها بما يكفي فيما يتعلق ببرنامجها النووي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شؤون إقليمية صورة وزعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمديرها العام رافائيل غروسي في مستهل اجتماعها الربع السنوي في فيينا play-circle 01:24

دول غربية تدعو إيران إلى تدمير اليورانيوم عالي التخصيب «فوراً»

دعت دول غربية إيران إلى «تدمير اليورانيوم 60 % فوراً»، فيما رجحت تقارير أن يصوت مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية على قرار ضد إيران غداً الجمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية مسيرات انتحارية من طراز «شاهد 136» خلال العرض العسكري السنوي للجيش الإيراني بطهران (تسنيم)

تقرير: إيران تخفي برامج الصواريخ والمسيرات تحت ستار أنشطة تجارية

قالت شبكة «فوكس نيوز» الأميركية إن إيران لجأت إلى قطاعها التجاري لإخفاء تطويرها للصواريخ الباليستية، في خطوة للالتفاف على العقوبات الدولية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الأسباب التي تدفع إسرائيل لإبعاد فرنسا من لجنة الإشراف على وقف النار مع «حزب الله»

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً الخميس إلى الكونغرس التشيلي بمناسبة زيارته الرسمية إلى سانتياغو (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً الخميس إلى الكونغرس التشيلي بمناسبة زيارته الرسمية إلى سانتياغو (د.ب.أ)
TT

الأسباب التي تدفع إسرائيل لإبعاد فرنسا من لجنة الإشراف على وقف النار مع «حزب الله»

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً الخميس إلى الكونغرس التشيلي بمناسبة زيارته الرسمية إلى سانتياغو (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً الخميس إلى الكونغرس التشيلي بمناسبة زيارته الرسمية إلى سانتياغو (د.ب.أ)

لم تعلق فرنسا رسمياً على المعلومات الواردة من إسرائيل والتي تفيد بأن الطرف الإسرائيلي نقل إلى المبعوث الأميركي آموس هوكستين رفضه مشاركة فرنسا في اللجنة الدولية المطروح تشكيلها، بمشاركة الولايات المتحدة وفرنسا، للإشراف على تنفيذ القرار الدولي رقم 1701 الذي يعد حجر الأساس لوقف الحرب الدائرة بين إسرائيل و«حزب الله»، كما رفضها الربط بين وقف النار وإيجاد حلول للمشاكل الحدودية بينها وبين لبنان، إن بالنسبة للنقاط الخلافية المتبقية على «الخط الأزرق» أو بالنسبة لمزارع شبعا وكفرشوبا وقرية الغجر.

 

ماذا يريد نتنياهو؟

 

وجاء رفض تل أبيب بحجة أن باريس تنهج «سياسة عدائية» تجاهها، في الإشارة إلى التوتر الذي قام بين الطرفين منذ سبتمبر (أيلول) الماضي وكانت قمته دعوة الرئيس ماكرون إلى وقف تزويد إسرائيل بالسلاح، لكونه «الوسيلة الوحيدة لوقف الحرب»، ما عدّه رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو «عاراً» على فرنسا، كما حال اعتبار ماكرون أن ما تقوم به إسرائيل في غزة «مجازر». وجاء قرار الحكومة الفرنسية، مرتين، بمنع شركات دفاعية إسرائيلية من المشاركة بمعداتها في معرضين دفاعيين ثانيهما الشهر الماضي، ليزيد من التوتر الذي تفاقم مع التصرف «الاستفزازي» لعناصر أمن إسرائيليين بمناسبة زيارة وزير الخارجية جان نويل بارو لإسرائيل الأخيرة، وما تبعه من استدعاء السفير الإسرائيلي في باريس للاحتجاج رسمياً على ما حصل.

بيد أن ماكرون سعى لترطيب الأجواء مع نتنياهو من خلال إرسال إشارات إيجابية؛ منها الإعراب عن «تضامنه» مع إسرائيل بسبب ما تعرض له فريقها الرياضي في أمستردام، وحرصه لاحقاً على حضور مباراة كرة القدم بين فريقهما. كذلك لم توقف باريس تصدير مكونات عسكرية لإسرائيل بوصفها «دفاعية»، وتستخدم في إنشاء وتشغيل «القبة الحديدية» المضادة للصواريخ. كذلك، سمحت مديرية الشرطة، الأسبوع الماضي، بقيام مظاهرة أو تجمع في باريس بدعوة من مجموعات يهودية متطرفة منها. وبالتوازي مع المظاهرة، حصل احتفال ضم شخصيات يهودية من كثير من البلدان تحت عنوان «إسرائيل إلى الأبد»، وذلك رغم المطالبات بمنعها.

بيد أن ذلك كله لم يكن كافياً بنظر نتنياهو. وقال سفير فرنسي سابق لـ«الشرق الأوسط»، إن نتنياهو «وجد فرصة فريدة لإحراج فرنسا، لا بل الحط من قيمتها ومن دورها، وذلك برفض حضورها في اللجنة». ويضيف المصدر المذكور أن باريس «تتمتع بالشرعية الأهم والأقوى» لتكون طرفاً فاعلاً في اللجنة، باعتبار أن جنودها موجودون في لبنان منذ عام 1978، وأنها صاحبة فكرة إنشاء «اللجنة الرباعية» في عام 1996، التي أنهت آنذاك الحرب بين إسرائيل و«حزب الله»، حيث لعب وزير الخارجية الأسبق هيرفيه دو شاريت الدور الأكبر في وقفها. ويذكر المصدر أخيراً أن باريس قدمت مشروعاً لوقف الحرب، منذ بداية العام الحالي بالتوازي مع الجهود التي بذلها هوكستين، وما زال، وأن التنسيق بين الطرفين «متواصل». وأعاد المصدر إلى الأذهان أن ماكرون والرئيس بايدن أطلقا، منذ شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، وعلى هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، مبادرة مشتركة لوقف إطلاق النار والخوض في مباحثات لاحقة لتسوية الخلافات القائمة بين لبنان وإسرائيل والعودة إلى العمل جدياً بالقرار الدولي رقم 1701. ولاكتمال الصورة، تتعين الإشارة إلى أن «حزب الله» رفض مشاركة ألمانيا وبريطانيا، علماً بأن الأولى موجودة داخل «اليونيفيل»، لا بل إنها تشرف على قوتها البحرية، ما قد يدفع إلى اعتبار أن نتنياهو رفع «البطاقة الحمراء» بوجه فرنسا، ليبين من جهة حنقه، ومن جهة ثانية قدرته التعطيلية.

 

أوراق الرد الفرنسية

واضح أن رفض باريس من شأنه أن يشكل عقبة إضافية على طريق الحل، خصوصاً أن لبنان سيكون، بلا شك، متمسكاً بحضور باريس في اللجنة وهي الجهة التي يرتاح لها، ولكونها المتفهمة لمواقف الطرف اللبناني. لكن السؤال الحقيقي المطروح يتناول الهدف أو الأهداف الحقيقية لإسرائيل. وفي هذا السياق، ترى مصادر سياسية في باريس أن لنتنياهو عدة أغراض أساسية؛ أولها الإمساك بذريعة من شأنها تأخير الاتفاق وإعطائه الوقت الإضافي لمواصلة حربه على لبنان، والاقتراب أكثر فأكثر من تحقيق أهدافه وأولها مزيد من إضعاف «حزب الله»، واستمرار الضغط على السلطات اللبنانية للخضوع لمطالبه. أما الغرض الآخر فعنوانه «تدفيع ماكرون ثمناً سياسياً» لقبول بلاده في اللجنة، إذ سيكون على فرنسا أن «تستأذن» إسرائيل، وربما دفع باريس إلى تعديل بعض جوانب سياستها إزاء إسرائيل.

وبانتظار أن يرد رد فرنسي رسمي على البادرة العدائية الإسرائيلية، فإن من الواضح أن لفرنسا القدرة على اتخاذ تدابير «مزعجة» لإسرائيل في حال «توافرت الإرادة السياسية»، وفق ما يقوله مسؤول سابق. وتشمل مروحة الردود الجانبين الثنائي والجماعي الأوروبي. في الجانب الأول، يمكن لباريس أن توقف مبيعاتها العسكرية، رغم قلتها، إلى إسرائيل، أو أن تعمد إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية على غرار ما فعلته دول أوروبية أخرى، مثل إسبانيا وسلوفينيا وآيرلندا. وبمستطاع فرنسا أن تعبر عن موقف مماثل لموقف هولندا إزاء القرار الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية بالقبض على نتنياهو، وعلى وزير الدفاع السابق يوآف غالانت، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة.

وحتى اليوم، بدت ردة فعل باريس «باهتة» و«غامضة» فهي «أخذت علماً» بقرار المحكمة، وهي تؤكد تمسكها بعملها المستقل وفق أحكام نظام روما الأساسي، فضلاً عن ذلك، بإمكان باريس أن تلجأ إلى لغة دبلوماسية أكثر حزماً في إدانة الممارسات الإسرائيلية بغزة والضفة الغربية ولبنان، بما في ذلك استهداف المواقع الأثرية. وبالتوازي، يقول المسؤول السابق إنه «لا يمكن إغفال ما تستطيعه باريس على المستوى الأوروبي» مثل الدفع لوقف الحوار السياسي مع تل أبيب، أو لاتخاذ تدابير إضافية ضد الصادرات الإسرائيلية من المستوطنات في الضفة الغربية وتركيز الأضواء، مع آخرين على حل الدولتين.