الرئيس الفرنسي يهاجم إيران ويحمّلها مسؤولية ضرب الاستقرار في الشرق الأوسط

ماكرون يكشف دور بلاده في التصدي مرتين للصواريخ الإيرانية الموجهة لإسرائيل ومشاركتها في دعم تل أبيب في العمليات المستهدفة ضد «حماس»

الرئيس إيمانويل ماكرون بمعية الرئيس الأميركي والمستشار الألماني ورئيس الوزراء البريطاني في برلين الجمعة (إ.ب.أ)
الرئيس إيمانويل ماكرون بمعية الرئيس الأميركي والمستشار الألماني ورئيس الوزراء البريطاني في برلين الجمعة (إ.ب.أ)
TT

الرئيس الفرنسي يهاجم إيران ويحمّلها مسؤولية ضرب الاستقرار في الشرق الأوسط

الرئيس إيمانويل ماكرون بمعية الرئيس الأميركي والمستشار الألماني ورئيس الوزراء البريطاني في برلين الجمعة (إ.ب.أ)
الرئيس إيمانويل ماكرون بمعية الرئيس الأميركي والمستشار الألماني ورئيس الوزراء البريطاني في برلين الجمعة (إ.ب.أ)

«هبة باردة، هبة ساخنة»: هكذا يمكن توصيف العلاقة بين فرنسا وإيران، التي تتأرجح بين الحرص على الحفاظ عليها وبين فترات التصعيد. فمن جهة، يسعى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة مع السلطات الإيرانية.

وكان ماكرون الرئيس الغربي الوحيد الذي التقى نظيره الإيراني مسعود بزشکیان في نيويورك، ويستمر في التواصل معه بشكل دوري عبر الهاتف، كما حدث في الفترة الأخيرة.

وجرى آخر اتصال بين المسؤولين، الأحد الماضي، حيث ركّز الطرفان، وفقاً لبيان صادر عن قصر الإليزيه، على تأكيد ماكرون على «مسؤولية إيران في دعم جهود التهدئة، واستخدام نفوذها لتحقيق هذا الهدف مع الأطراف التي تدعمها والتي تساهم في زعزعة الاستقرار، بهدف التوصل إلى وقف إطلاق النار في كل من غزة ولبنان».

يتضح من لهجة البيان الرئاسي تبني «نبرة تصالحية» مع التعويل على دور إيجابي لإيران في التهدئة ضمن الحربين الدائرتين حالياً في الشرق الأوسط (غزة ولبنان).

في المقابل، لا يتردد ماكرون، سواء بشكل شخصي أو من خلال وزير دفاعه سيباستيان لو كورنو، المقرب منه، في توجيه الانتقادات لطهران، محملاً إياها مسؤولية زعزعة استقرار المنطقة، سواء بشكل مباشر أو من خلال وكلائها.

جنديان يمنيان يرفعان في صنعاء صورة قائد حماس يحيى السنوار الذي قتلته إسرائيل أول من أمس (أ.ب)

مسؤولية إيران في حروب المنطقة

تجلّت هذه الازدواجية مجدداً خلال المؤتمر الصحافي المطول الذي عقده ماكرون ليل الخميس - الجمعة في بروكسل، عقب انتهاء أعمال القمة الأوروبية التي سبقتها قمة خليجية - أوروبية. وفي هذا المؤتمر، لم يتوانَ ماكرون عن توجيه انتقاداته الحادة نحو طهران، محمّلاً إياها المسؤولية عن الوضع المتأزم في الشرق الأوسط. وأكد ماكرون في تصريحاته: «إن إيران و(حزب الله) يتحملان مسؤولية كبيرة جداً عن الوضع الحالي. ذلك أنه رغم أن مصلحة لبنان الأساسية كانت في أن يبقى بعيداً عن الحرب، فإن إيران، من خلال دفع (حزب الله) إليها، فضلت خياراً وقحاً بتعريض اللبنانيين (لمخاطر الحرب) وأن تحمي نفسها منها».

وأضاف ماكرون: «لقد سارعت إيران في تصفية (حسن) نصر الله وبدء العمليات (العسكرية) الإسرائيلية، وعلى (حزب الله) أن يستخلص الدروس من ذلك؛ إذ تترتب عليه التزامات، أولها التخلي عن السلاح ووقف الإرهاب والعنف. اليوم، (حزب الله) أضعف بسبب فقدان زعيمه وتدمير قدراته العسكرية، ولا يوجد من يأسف على هذا الوضع. ينبغي على (حزب الله) أن يتيح للبنانيين فرصة التلاقي والعمل معاً لإيجاد حلول للأزمات المتعددة التي تعصف ببلادهم».

كانت إيران حاضرة في كل ما تناوله ماكرون بشأن الوضع في الشرق الأوسط. ولأول مرة، كشف الرئيس الفرنسي عن مشاركة بلاده في التصدي للصواريخ التي أطلقتها إيران باتجاه الأراضي الإسرائيلية في شهر أبريل (نيسان) الماضي، رداً على استهداف الطيران الإسرائيلي للقنصلية الإيرانية في دمشق.

كما أكد ماكرون، وهو ما سبق أن أشار إليه في مناسبة سابقة، أن القوات الفرنسية المتمركزة في الشرق الأوسط ساهمت في بداية شهر أكتوبر (تشرين الأول) الحالي في التصدي مجدداً للصواريخ الإيرانية الموجهة نحو إسرائيل، في رد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ(حماس)، إسماعيل هنية، خلال مشاركته في تنصيب رئيس الجمهورية الإيرانية الجديد في طهران.

قال ماكرون: «لقد حذّرنا إيران وكل من تحركهم هذه الدولة ضد إسرائيل، ونبّهنا الجميع إلى المسؤوليات الكبيرة التي تقع على عاتقهم نتيجة توسيع الحرب إلى أنحاء المنطقة كافة. ونددنا منذ البداية بما قاموا به، خصوصاً ما فعله (حزب الله)، الذي لا يهدد فقط أمن الإسرائيليين، بل يعرض جميع اللبنانيين للخطر عن عمد».

كما كشف ماكرون عن سر إضافي خلال المؤتمر الصحافي المشار إليه، حيث قال: «لقد وفّرنا الدعم للعمليات المستهدفة التي قامت بها إسرائيل، والتي يمكن أن تقوم بها ضد (حماس)، حتى لا تتمكن مجدداً من ارتكاب الجرائم». وأشار أيضاً إلى تبادل المعلومات الاستخباراتية مع الأطراف المعنية وتنسيق الأعمال الدولية، كل ذلك من أجل درء المخاطر التي تشكلها إيران والمجموعات التي تتبع أوامرها.

استناداً إلى تأكيد الرئيس الفرنسي، فإن بلاده تظل دائماً إلى جانب إسرائيل، وتعمل على حمايتها وتأمينها. وأوضح ماكرون أن فرنسا «ساهمت في الدفاع عن إسرائيل ضد الهجمات الإيرانية والحوثية». وأضاف: «إن دعمنا لإسرائيل لن يضعف، فإسرائيل لها الحق في أن تنعم بالأمن والسلام مثل أي طرف آخر في الشرق الأوسط. كما أنها تتمتع بالحق في الدفاع عن نفسها ضد أولئك الذين يرفضون حقها في الوجود، (في إشارة إلى إيران وحماس)، والذين يهددون مواطنيها ويهاجمون أراضيها».

وختم بقوله: «سنكون دائماً إلى جانب إسرائيل في هذه الحرب كما كنا إلى جانبها منذ اليوم الأول، وحتى قبل ذلك».

النبطية التي دمرت الهجمات الجوية الإسرائيلية أحياء كاملة منها بما فيها مقر البلدية والسوق القديمة (د.ب.أ)

الدور الإيراني في لبنان

يوجه ماكرون سهامه نحو إيران بسبب الدور الذي تلعبه في لبنان؛ حيث تسعى باريس لإنقاذ هذا البلد من براثن الحرب. ويرى الرئيس ماكرون في لبنان «قضية جوهرية ستدافع عنها فرنسا دائماً؛ لأنه يمثل احترام تعددية الطوائف اللبنانية، ولأن قناعته هي أن لبنان يحمل رسالة سلام وتنوع لكل المنطقة».

ونظراً لأن ما يحدث حالياً في الشرق الأوسط «يمس السلام والأمن العالميين»، يؤكد ماكرون أنه يستمر في التواصل مع رئيس الوزراء الإسرائيلي والرئيس الإيراني وجميع الأطراف الإقليمية واللبنانية «من أجل تجنب الانفجار الواسع».

ويرى ماكرون أن الطرف الأهم في الأزمة الراهنة هو إيران، التي يتعين عليها «التوقف عن تهديد إسرائيل، سواء بشكل مباشر أو عبر وكلائها، والعودة إلى احترام التزاماتها النووية، ووضع حد لأنشطتها الخطيرة في الشرق الأوسط، ووقف تقديم الأسلحة لروسيا التي تستخدمها ضد أوكرانيا».

كما أكد ماكرون في هذه المناسبة مجدداً على ضرورة وضع حد للحرب في غزة والصراع بين إسرائيل و«حزب الله»، مشيراً إلى أن مقتل يحيى السنوار يمثل «فرصة لوقف إطلاق النار، وإطلاق سراح الرهائن كافة، وفتح الباب أمام عملية سياسية تتمتع بالمصداقية للإسرائيليين والفلسطينيين».

يتضح من ذلك أن ماكرون يحمّل إيران المسؤولية الكبرى عن الوضع الحالي في الشرق الأوسط؛ حيث يرى أن لها دوراً محورياً فيما تعدّه باريس تهديداً للاستقرار في المنطقة. ومع ذلك، فإن هذا الاستنتاج لا يمنعه من السعي للحفاظ على «شعرة معاوية» مع إيران، منطلقاً من رؤية براغماتية للوضع القائم؛ إذ يدرك أن لإيران دوراً فاعلاً ومؤثراً على الوكلاء، مما يجعل الحوار معها ضرورة ملحّة ومفيدة.


مقالات ذات صلة

العراق... فقدان 5500 ميغاواط من إمدادات الكهرباء

المشرق العربي السوداني مع الرئيس الإيراني خلال زيارة في سبتمبر الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)

العراق... فقدان 5500 ميغاواط من إمدادات الكهرباء

أعلنت وزارة الكهرباء العراقية الأحد عن فقدان منظومة الكهرباء لـ5500 ميغاواط بسبب توقف إمدادات الغاز الإيراني بالكامل.

فاضل النشمي (بغداد)
شؤون إقليمية صورة نشرتها وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» لعلي لاريجاني مستشار المرشد الإيراني

علي لاريجاني: إيران تجهز الرد على إسرائيل

قال علي لاريجاني، أحد كبار مستشاري المرشد الإيراني علي خامنئي، اليوم (الأحد)، إن طهران تجهز لـ«الرد» على إسرائيل.

شؤون إقليمية صورة نشرتها «الخارجية الإيرانية» من لقاء الوزير عباس عراقجي وعلى يمينه المتحدث إسماعيل بقائي مع رؤساء التحرير الأسبوع الماضي

إيران وأوروبا تجتمعان لمحادثات نووية في جنيف الجمعة

تعتزم إيران إجراء محادثات نووية مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي يوم 29 نوفمبر (تشرين الثاني) في جنيف.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية رجل شرطة روسي يقف حارساً عند قبر الجندي المجهول في حديقة ألكسندر خارج الكرملين بموسكو (إ.ب.أ)

طهران تحتج بعد توقيف «عنيف» لطالبَين إيرانيَين في روسيا

احتجت إيران، الحليف الوثيق لموسكو، لدى السلطات الروسية بعد عملية توقيف «عنيفة» لطالبَين إيرانيين في مدينة قازان الروسية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري وعلي لاريجاني كبير مستشاري المرشد الإيراني في بيروت (أ.ب)

لاريجاني: رسالة خامنئي إلى الأسد وبري ستغيّر المعادلة

توقع مسؤول إيراني بارز تغيّر المعادلة في الشرق الأوسط بعد رسالة المرشد علي خامنئي الأخيرة إلى لبنان وسوريا.

«الشرق الأوسط» (طهران)

إيران وأوروبا تجتمعان لمحادثات نووية في جنيف الجمعة

صورة نشرتها «الخارجية الإيرانية» من لقاء الوزير عباس عراقجي وعلى يمينه المتحدث إسماعيل بقائي مع رؤساء التحرير الأسبوع الماضي
صورة نشرتها «الخارجية الإيرانية» من لقاء الوزير عباس عراقجي وعلى يمينه المتحدث إسماعيل بقائي مع رؤساء التحرير الأسبوع الماضي
TT

إيران وأوروبا تجتمعان لمحادثات نووية في جنيف الجمعة

صورة نشرتها «الخارجية الإيرانية» من لقاء الوزير عباس عراقجي وعلى يمينه المتحدث إسماعيل بقائي مع رؤساء التحرير الأسبوع الماضي
صورة نشرتها «الخارجية الإيرانية» من لقاء الوزير عباس عراقجي وعلى يمينه المتحدث إسماعيل بقائي مع رؤساء التحرير الأسبوع الماضي

ستجري إيران محادثات بشأن برنامجها النووي مع فرنسا، بريطانيا وألمانيا، الجمعة في جنيف، وذلك بعد أسبوع من القرار الذي حركته القوى الثلاثة في الوكالة الدولية للطاقة الذرية وينتقد طهران على عدم تعاونها في الملف النووي.

وأكدت بريطانيا، الأحد أن هذه المحادثات ستتم. وقالت وزارة الخارجية البريطانية «ما زلنا ملتزمين باتخاذ جميع الخطوات الدبلوماسية لمنع إيران من تطوير أسلحة نووية، بما في ذلك من خلال الإجراءات العقابية إذا لزم الأمر».

وكانت وكالة «كيودو» اليابانية، أول من أعلن صباح الأحد، نقلاً عن مصادر دبلوماسية إيرانية عدة، أن إيران تعتزم إجراء محادثات نووية مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي، يوم الجمعة، المقبل 29 نوفمبر (تشرين الثاني) في جنيف.

وقالت «كيودو» إن من المتوقع أن تسعى الحكومة الإيرانية بقيادة الرئيس مسعود بزشكيان، إلى التوصل إلى حل للأزمة النووية مع بريطانيا وألمانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي قبل تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، حسبما أوردت «رويترز».

وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي في وقت لاحق إن نواب وزراء خارجية إيران والدول الأوروبية الثلاث سيشاركون في المحادثات، التي قال إنها ستتناول قضايا إقليمية إلى جانب الملف النووي.ولم يذكر بقائي مكان إجراء المحادثات. وطلب متحدث باسم وزارة الخارجية السويسرية إحالة الأسئلة إلى الدول المذكورة في تقرير كيودو.وأضاف بقائي «سيتم تبادل الآراء... بشأن مجموعة من القضايا الإقليمية مثل قضيتي فلسطين ولبنان وكذلك القضية النووية».

وسيثمل الجانب الإيراني، نائب وزير الخارجية في الشؤون الدولية، مجيد تخت روانتشي، حسبما أوردت وسائل إعلام إيرانية.

يأتي ذلك بعد أيام من تبني مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، قراراً يأمر طهران مجدداً بتحسين التعاون مع الوكالة التابعة للأمم المتحدة على وجه السرعة.

وطلب القرار من مدير الوكالة الدولية إصدار «تقييم شامل ومحدث بشأن احتمال وجود أو استخدام مواد نووية غير معلنة فيما يخص قضايا عالقة ماضية وحالية تتعلق بالبرنامج النووي الإيراني».

ورفضت بريطانيا وفرنسا وألمانيا، والولايات المتحدة التي اقترحت القرار، تحرك إيران في اللحظة الأخيرة لوضع سقف لمخزونها من اليورانيوم المخصب بدرجة نقاء 60 في المائة، القريب من درجة صنع الأسلحة، ووصفته بأنه غير كافٍ وغير صادق.

ورداً على القرار، أعلنت طهران عن تشغيل أجهزة طرد مركزي متقدمة، من مختلف الطرازات في منشآت تخصيب اليورانيوم، فوردو ونطنز.

تشغيل أجهزة الطرد

قال رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، الأحد، إن طهران باشرت تشغيل أجهزة الطرد المركزي المتقدمة.

ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن قاليباف قوله في مستهل الجلسات الأسبوعية للبرلمان، أن «النهج السياسي غير الواقعي والمدمر الذي تتبناه الدول الأوروبية الثلاث والولايات المتحدة، أدى إلى إصدار قرار غير مبرر وغير توافقي بشأن البرنامج النووي السلمي لإيران في مجلس المحافظين».

وحصل القرار على تأييد 19 دولة من أصل 35 عضواً في مجلس المحافظين، وامتنعت 12 دولة عن التصويت، وصوتت 3 دول ضد القرار.

وقبل تبنِّي القرار بأيام، زار زيارة مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي طهران بهدف حل القضايا العالقة بين الطرفين. وعدت الزيارة إحدى الفرص الدبلوماسية الأخيرة المتاحة قبل عودة ترمب في يناير (كانون الثاني) إلى البيت الأبيض خصوصاً أنه كان مهندس «سياسة الضغوط القصوى» على إيران خلال ولايته الأولى بين عامَي 2017 و2021.

غروسي ونائبه يتوسطان المتحدث باسم «الذرية الإيرانية» بهروز كمالوندي ونائب وزير الخارجية الإيراني كاظم غريب آبادي أمام مدخل منشأة نطنز في أصفهان (إرنا)

وقال قاليباف: «لقد استخدمت الدول الأوروبية الثلاث والولايات المتحدة الأنشطة النووية لبلدنا ذريعة لإجراءات غير مشروعة، ما عرّض مصداقية واستقلالية الوكالة للخطر من خلال نقض العهود وانعدام الصدق، وجعلوا الأجواء البناءة التي تم إنشاؤها لتعزيز التفاعل بين إيران والوكالة مشوشة»، وفقاً لوكالة «إيسنا» الحكومية.

وأفادت مصادر دبلوماسية إيرانية لوكالة «كيودو» بأن هذه المحادثات تأتي مع اقتراب تولي إدارة ترمب المعادية لإيران الحكم في يناير المقبل، ما دفع حكومة الإصلاحية بقيادة الرئيس بزشكيان إلى تعزيز الحوار مع الغرب، والسعي إلى التوصل لحل للأزمة النووية قبل تنصيب ترمب.

حل دبلوماسي

أكد مسؤول إيراني كبير أن الاجتماع سيعقد، يوم الجمعة المقبل، مضيفاً أن «طهران تعتقد دائماً أن القضية النووية يجب حلها من خلال الدبلوماسية. إيران لم تنسحب مطلقاً من المحادثات».

وفي عام 2018، انسحبت إدارة ترمب آنذاك من الاتفاق النووي الإيراني المبرم عام 2015 مع 6 قوى كبرى، وأعادت فرض عقوبات قاسية على إيران؛ ما دفع طهران إلى تجاوز الحدود النووية المنصوص عليها في الاتفاق بإجراءات مثل زيادة مخزونات اليورانيوم المخصب ومعالجته إلى درجة نقاء انشطارية أعلى وتركيب أجهزة طرد مركزي متقدمة لتسريع الإنتاج، ووقف البروتوكول المحلق بمعاهدة حظر الانتشار النووي.

في بداية عهد الرئيس جو بايدن زادت إيران مخزوناتها من اليورانيوم العالي التخصيب بشكل كبير، ورفعت عتبة التخصيب إلى 60 في المائة، لتقترب بذلك من النسبة للازمة لصنع قنبلة نووية.

وقد حدد الاتفاق النووي مع إيران المعروف رسمياً باسم «خطة العمل الشاملة المشتركة» والذي فشلت مفاوضات في إحيائه في عام 2022، معدل التخصيب الأقصى عند نسبة 3.67 في المائة.

ولم تفلح المحادثات غير المباشرة بين إدارة الرئيس جو بايدن وطهران في محاولة إحياء الاتفاق، لكن ترمب قال في حملته الانتخابية في سبتمبر (أيلول): «علينا أن نبرم اتفاقاً، لأن العواقب غير محتملة. علينا أن نبرم اتفاقاً».

ومع فوز ترمب في الانتخابات الرئاسية الأميركية، أرسل المسؤولون الإيرانيون إشارات متناقضة بشأن رغبة طهران في التواصل مع الإدارة الأميركية، فضلاً عن تحسين العلاقات مع الدول الأوروبية، في محاولة لردع مساعي إدارة ترمب في إحياء الضغوط القصوى.

ترمب يحتفل بانتصاره في الانتخابات الرئاسية (رويترز)

وحض مسؤولون إيرانيون ترمب على اعتماد سياسة جديدة، وحذروا من تجربة نسخة ثانية للضغوط القصوى.

ولم يتضح بعد النهج الذي يسير عليه ترمب، وما إذا سيرد الاعتبار لتوقيعه بالانسحاب من الاتفاق النووي أو يبقي على المسار التفاوضي الذي أطلقه جو بايدن لإحياء الاتفاق.

واختار ترمب ماركو روبيو لشغل حقيبة الخارجية، وهو معروف بعدائه للصين وإيران.

وكان ترمب قد أكد في يوم الانتخابات الأميركية في 5 نوفمبر أنه «لا يسعى إلى إلحاق الضرر بإيران». وقال بعد الإدلاء بصوته: «شروطي سهلة للغاية. لا يمكنهم امتلاك سلاح نووي. أود منهم أن يكونوا دولة ناجحة للغاية».

في وقت سابق من هذا الشهر، نفت إيران «نفياً قاطعاً» ما أوردته صحيفة «نيويورك تايمز»، الخميس، عن عقد لقاء بين سفيرها لدى الأمم المتحدة ورجل الأعمال إيلون ماسك المقرب من الرئيس الأميركي المنتخب، بهدف «تخفيف التوتر» مع الولايات المتحدة.

وأكد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان الذي تولى منصبه في يوليو (تموز) والمؤيد للحوار مع الدول الغربية، أنه يريد رفع «الشكوك والغموض» حول برنامج بلاده النووي.

«سناب باك»

وقال وزير الخارجية عباس عراقجي، بداية الأسبوع الماضي، إن حكومة مسعود بزشكيان حاولت استئناف المفاوضات في نهاية سبتمبر الماضي، على هامش أعمال الجمعية العامة في نيويورك.

وأعرب عراقجي عن مخاوفه من أن تقدم الدول الأوروبية على تفعيل آلية «سناب باك» المنصوص عليها في الاتفاق النووي، قبل انتهاء مفعولها في أكتوبر (تشرين الأول) 2025، مع انقضاء موعد القرار 2231 الذي يتبنى الاتفاق النووي. وأشار عراقجي في جزء من تصريحاته، إلى توقف «مسار مسقط»، في إشارة إلى الوساطة التي تقوم بها سلطنة عمان بين طهران والقوى الغربية بشأن البرنامج النووي منذ سنوات.

وأوضح عراقجي أن «القوى الأوروبية والولايات المتحدة رحبتا بمواصلة المفاوضات غير المباشرة عبر الوسيط العماني... وجرى التعبير عن الرغبة في بدء مسار المفاوضات مع الأوروبيين ومسار مسقط، وكنا مستعدين لبدء المفاوضات، لكن الأحداث في لبنان أدت إلى توقفها. الآن، هناك رغبة من قبل الدول الأوروبية في استئناف المفاوضات، وسنقوم بذلك قريباً». ومع ذلك، قال إن «على الحكومة الأميركية الجديدة أن تقرر، ونحن سنتصرف بناءً على ذلك».

لاحقاً، قال مجيد تخت روانتشي، نائب وزير الخارجية الإيراني، لصحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية إن طهران «تفضّل المفاوضات، لكنها لا تخضع لاستراتيجية الضغوط القصوى».

وقال نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون القانونية، كاظم غريب آبادي، الخميس الماضي إن بلاده «ستنسحب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية» إذا قرّرت الدول الغربية إعادة فرض عقوبات أممية على إيران، بموجب تفعيل آلية «سناب باك».

وينص اتفاق 2015 على بند «سناب باك» لإعادة العقوبات الأممية في حال عدم احترام طهران التزاماتها على الصعيد النووي.