تركيا أكدت لأميركا جديتها في طلب إنهاء دعمها لـ«الوحدات الكردية»

تجدد الاشتباكات لحل «صقور الشمال»... والجيش السوري يحشد ضد «تحرير الشام»

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)
TT

تركيا أكدت لأميركا جديتها في طلب إنهاء دعمها لـ«الوحدات الكردية»

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

طالبت تركيا الولايات المتحدة بإنهاء تعاونها مع وحدات حماية الشعب الكردية، التي تعد أكبر مكونات «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، وأبلغتها بأنها لن تتردد في حماية مصالحها وأمنها حتى مع وجودها بالمنطقة.

في الوقت ذاته، واصل الجيش السوري إرسال التعزيزات العسكرية إلى محاور التماس مع «هيئة تحرير الشام» التي تستعد لشن عملية واسعة ضده في حلب ومحاور أخرى بمناطق خفض التصعيد في شمال غربي سوريا، المعروفة بـ«منطقة بوتين إردوغان».

وقال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، إن أنقرة أكدت للولايات المتحدة أن عليها إنهاء تعاونها مع التنظيمات الإرهابية بالمنطقة، في إشارة إلى الوحدات الكردية التي تعدّها تركيا امتداداً لـ«حزب العمال الكردستاني» في سوريا، وأن هذا التعاون لا يخدم مصلحة أحد، وأن تركيا «جادة للغاية» في هذا الأمر.

قوات أميركية في شمال شرقي سوريا (أرشيفية)

وأضاف فيدان، في مقابلة تلفزيونية ليل الخميس - الجمعة، أن تركيا لن تتردد في حماية مصالحها وأمنها حتى لو كانت أميركا موجودة في المنطقة، وقد تحدثنا مع الولايات المتحدة حول هذه القضايا وأن حساسية تركيا بشأن هذه القضية تؤخذ الآن في الاعتبار.

وتابع: «نأمل أن تتخلى الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ودول أخرى عن علاقاتها مع منظمة (حزب العمال الكردستاني) الإرهابية في سوريا والعراق».

وأكد فيدان أن بلاده لا تطمع في أي شبر من أراضي أحد، وتحاول بناء علاقاتها على أساس التنمية الإقليمية والاستقرار وتحقيق الازدهار.

اشتباكات الفصائل في حلب

في غضون ذلك، عادت الاشتباكات العنيفة بين فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا في حلب.

وتجددت الاشتباكات بين القوة المشتركة والجبهة الشامية في بلدة كفرجنة بريف مدينة عفرين بمنطقة غصن الزيتون، الخاضعة لسيطرة القوات التركية وفصائل الجيش الوطني، بعد انتهاء هدنة إنسانية دعت إليها منظمات المجتمع المدني في شمال غربي سوريا، للوصول إلى الجرحى وسحبهم وإجلاء المدنيين من مناطق الاشتباكات إلى أماكن بعيدة وأكثر أماناً.

عناصر من القوة المشتركة سيطرت على أحد الحواجز بعد انتزاعه من «لواء صقور الشمال» (إكس)

وتأتي هذه التطورات في إطار محاولات تركيا لحل «لواء صقور الشمال» وتسليم أسلحته إلى القوة المشتركة، بسبب معارضته فتح المعابر التي تربط بين مناطق سيطرة الجيش الوطني ومناطق سيطرة الحكومة السورية، ضمن مساعي تركيا لتطبيع العلاقات مع دمشق. بينما أعلنت «الجبهة الشامية» و«أحرار الشام» دعمهما لـ«لواء صقور الشمال».

وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن حصيلة الخسائر البشرية، نتيجة الاشتباكات التي وقعت بأوامر تركية بين القوة المشتركة وفصيل «السلطان مراد» من جانب، و«لواء صقور الشمال» والفصائل التي تسانده من جانب آخر، وصلت إلى 12 شخصاً؛ 4 من عناصر القوة المشتركة، و6 من «لواء صقور الشمال»، إضافة إلى عشرات الإصابات من الأطراف المتقاتلة، كما قتل رجل وامرأة وأصيب 27 مدنياً بينهم 3 أطفال.

ووقعت اشتباكات عنيفة، الأربعاء، بين فصائل مسلحة متنافسة ضمن «الجيش الوطني السوري» الموالي لتركيا، قرب قرية حوار كلس بمحافظة حلب، وتحديداً بين القوة المشتركة وفرقة «السلطان مراد» من جهة، وفصيل «صقور الشمال» من جهة أخرى، بعد محاولة القوة المشتركة اقتحام مقر «صقور الشمال»، وتدخل فصيل «الجبهة الشامية» لمساعدة «صقور الشمال» وفك الحصار عن حوار كلس.

القوة المشتركة و«السلطان مراد» سيطرا على مدخل مدينة الباب شرق حلب (إكس)

وتمكنت القوة المشتركة من السيطرة على قرية علي كارو في ناحية بلبل بريف عفرين، ووقعت اشتباكات في قريتي كفرجنة وقطمة التابعتين لناحية شران بريف عفرين، بين «الجبهة الشامية» و«لواء صقور الشمال» من جهة، والقوة المشتركة و«فرقة السلطان مراد» من جهة أخرى، أدت لقطع الطريق الرابط بين مدينتي أعزاز وعفرين، مع استنفار القوات التركية بقواعدها في كفرجنة والغزاوية.

وانتشرت عناصر من «أحرار الشام» و«الجبهة الشامية» في مدينة الباب ومداخل بلدة قباسين، ضمن منطقة «درع الفرات» استعداداً للهجوم على مواقع القوة المشتركة. ودارت اشتباكات عنيفة هناك أيضاً، مع محاولة القوة المشتركة السيطرة على مقرات فصيل «لواء صقور الشمال».

تعزيزات للجيش السوري

واستهدفت «الجبهة الشامية» مقرات القوة المشتركة و«فرقة السلطان مراد» في منطقة حوار كلس على الحدود السورية التركية بقذائف الهاون. وتبع ذلك هجوم مضاد من «الجبهة الشامية» على مواقع القوة المشتركة؛ حيث نجحت في السيطرة على قرية الزيادية وطرد عناصر فصيل «فرقة محمد الفاتح» منها.

الجيش السوري يواصل تعزيزاته في شمال سوريا (المرصد السوري)

في الأثناء، واصل الجيش السوري تعزيزاته على محاور التماس مع «هيئة تحرير الشام»، التي تستعد مع فصائل أخرى لشن عملية عسكرية واسعة ضد مواقعه في «منطقة بوتين إردوغان».

وأفاد المرصد السوري بأن رتلاً من 5 سيارات عسكرية من نوع «تاترا»، محملة بصناديق ذخيرة وأسلحة، عبر أوتوستراد حمص - حماة، باتجاه الشمال السوري.

وسبق أن أرسل الجيش السوري تعزيزات عسكرية ضخمة إلى ريف حلب الغربي وريف إدلب، تضمنت عناصر من قوات المهام الخاصة من الفرقة 25، بالإضافة إلى مئات الجنود ومركبات مزودة برشاشات ثقيلة ودبابات.


مقالات ذات صلة

صدامات عنيفة بين القوات التركية والسورية في حلب

شؤون إقليمية جنديان سوريان يقصفان مواقع للقوات التركية والفصائل الموالية في حلب (وسائل التواصل الاجتماعي)

صدامات عنيفة بين القوات التركية والسورية في حلب

يتواصل التصعيد شمال غربي سوريا مع استمرار التعزيزات العسكرية من الجيشين التركي والسوري، والغارات الجوية المكثفة من الطيران الروسي على مواقع «هيئة تحرير الشام».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية الطيران الحربي الروسي قصف الاثنين مواقع في شمال اللاذقية وإدلب (وسائل التواصل)

توتر غير مسبوق على محاور «بوتين - إردوغان» شمال سوريا

دخلت مناطق خفض التصعيد في شمال غربي سوريا مرحلة من التصعيد غير المسبوق مع وقوع هجمات والدفع بتعزيزات عسكرية من مختلف الأطراف.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية لافتة مرورية تشير إلى مدينة رأس العين الواقعة أقصى شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)

ارتفاع وتيرة الاشتباكات بين القوات التركية والفصائل مع «قسد»

زادت حدة التوتر بشمال سوريا في ظل التصعيد بين القوات التركية و«قسد» من جانب، وتحضير «هيئة تحرير الشام» لعملية ضد القوات السورية من جانب آخر.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
شؤون إقليمية عناصر من المدفعية التركية تقصف مواقع «قسد» في منبج (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

قصف قاعدة تركية... وتوتر بين الجيش السوري و«تحرير الشام» في حلب

تواصُل التصعيد على محاور التماسّ بين القوات التركية و«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، بالتزامن مع تبادل الهجمات بين الجيش السوري و«هيئة تحرير الشام» في حلب.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (رويترز)

إردوغان: على موسكو ودمشق وطهران اتخاذ إجراءات لحماية سلامة الأراضي السورية

أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن على روسيا وسوريا وإيران أن تتخذ إجراءات أكثر فاعلية لحماية سلامة أراضي سوريا بعد الضربة التي نفذتها إسرائيل مؤخراً على دمشق

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)

بعد مقتل السنوار... تخوف لدى عائلات الرهائن من نية نتنياهو الاستمرار بالحرب

ملصق للرهائن الإسرائيليين لدى «حماس» على جدار في القدس (أ.ف.ب)
ملصق للرهائن الإسرائيليين لدى «حماس» على جدار في القدس (أ.ف.ب)
TT

بعد مقتل السنوار... تخوف لدى عائلات الرهائن من نية نتنياهو الاستمرار بالحرب

ملصق للرهائن الإسرائيليين لدى «حماس» على جدار في القدس (أ.ف.ب)
ملصق للرهائن الإسرائيليين لدى «حماس» على جدار في القدس (أ.ف.ب)

يعد مقتل زعيم «حماس» يحيى السنوار انتصاراً سياسياً لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لكن لا تزال هناك خطوط صدع في إسرائيل بشأن استراتيجيتها لتحرير الرهائن، بعد أكثر من عام من الهجوم الذي شنته الحركة الفلسطينية.

وانتشرت مشاهد الابتهاج إثر إعلان مقتل السنوار، لكن ميخائيل ميلشتين، المتخصص في الشؤون الفلسطينية في مركز موشيه ديان لأبحاث الشرق الأوسط، ليس «مستعداً للاحتفال» إلا «عندما يعود الرهائن إلى ديارهم»، في إشارة إلى 97 شخصاً محتجزين في غزة، بينهم 34 يعدّهم الجيش في عداد الموتى، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال نتنياهو، الخميس، إن مقتل يحيى السنوار «لا يعني نهاية الحرب في غزة، بل بداية النهاية».

وأوضح رئيس الوزراء أن «عودة الرهائن فرصة لتحقيق جميع أهدافنا، وتقربنا من نهاية الحرب»، وأكد لعائلات الرهائن أن مقتل يحيى السنوار «لحظة مهمة» في النزاع مع «حماس».

ولقي مقتل مهندس هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 الذي أدى إلى مقتل 1206 أشخاص في الجانب الإسرائيلي، غالبيتهم من المدنيين، ترحيباً لدى وزراء اليمين المتطرف في حكومة نتنياهو.

وقال وزير المالية بتسلئيل سموتريتش على حسابه في «تلغرام»: «كان هناك من أراد انسحاب (الجيش الإسرائيلي) من منطقة رفح، لكن آخرين فهموا أن الحرب هي مسألة صبر وثبات».

ودعا الحليف اليميني المتطرف لنتنياهو، وهو مؤيد لاستمرار الحرب في غزة، إلى «الغزو أكثر فأكثر»، من أجل «إبادة العدو وإعادة الرهائن إلى الوطن».

استئناف المفاوضات؟

يقول جوناثان رينهولد، مدير الدراسات السياسية في جامعة بار إيلان: «من المؤكد أن هذه خطوة سياسية مفيدة في الوقت الحالي بالنسبة إلى نتنياهو، لكن الأمر سيتطلب المزيد من الضغوط للتوصل إلى اتفاق» بشأن الرهائن الـ97 المحتجزين في غزة.

لكن هذا الأكاديمي يرى أن التوصل إلى اتفاق صار «أسهل بالنسبة إلى إسرائيل التي باتت في موقع قوة في مواجهة (حماس) التي يتم تدميرها بوصفها قوة عسكرية تقليدية».

غير أن «حماس» أكدت، الجمعة، أنه لن يتم إطلاق سراح الرهائن حتى تُنهي إسرائيل الحرب في غزة، وينسحب جيشها من القطاع، وتطلق سراح معتقلين فلسطينيين في سجون إسرائيل.

ويعارض سموتريتش، وكذلك وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير، أي اتفاق تبادل مع «حماس»، لكن رينهولد يرى أنهما لن «يُسقطا» رئيس الوزراء «ما دامت إسرائيل تخوض حرباً مع (حزب الله) وإيران، الأمر الذي يعطي مجالاً أكبر للمناورة» لنتنياهو.

في المقابل، ترى شخصيات إسرائيلية أخرى أن على الحكومة أن تعيد إطلاق المفاوضات حول التوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن.

ويقول عوفر شيلح، النائب المعارض السابق الذي يشغل حالياً منصب مدير الأبحاث في المعهد الإسرائيلي لدراسات الأمن القومي: «يجب على إسرائيل أن تأخذ زمام المبادرة في التحرك نحو الصفقة الوحيدة الممكنة: إنهاء الحرب في غزة مقابل عودة جميع الرهائن، أحياء أو أمواتاً».

ويضيف شيلح: «إن مثل هذا الاتفاق، مع شركاء دوليين، من شأنه أن يعزز الإنجازات العملياتية في غزة ولبنان، وسيوفر بديلاً لـ(حماس) غير السيطرة الإسرائيلية على غزة».

كما يثير استمرار الحرب قلقَ بعض أقارب الرهائن.

وتقول أيالا ميتسغر، زوجة ابن الرهينة يورام ميتسغر الذي لقي حتفه وأعيدت جثته من غزة: «نخشى ألا يكون لدى نتنياهو أي نية لوقف الحرب، أو إعادة الرهائن». وتضيف: «منذ أكثر من عام، لم يفعل شيئاً للاستعداد لليوم التالي لتصفية السنوار».