ارتفاع وتيرة الاشتباكات بين القوات التركية والفصائل مع «قسد»

تحشيد متزايد للقوات السورية و«تحرير الشام» على محاور حلب وإدلب في شمال سوريا

أرشيفية لقصف المدفعية التركية على رأس العين (إكس)
أرشيفية لقصف المدفعية التركية على رأس العين (إكس)
TT

ارتفاع وتيرة الاشتباكات بين القوات التركية والفصائل مع «قسد»

أرشيفية لقصف المدفعية التركية على رأس العين (إكس)
أرشيفية لقصف المدفعية التركية على رأس العين (إكس)

ارتفعت حدة التوتر على محاور التماسّ بين القوات التركية وفصائل «الجيش الوطني السوري» الموالي لأنقرة، بمواجهة «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في شمال وشمال شرقي سوريا.

في الوقت ذاته واصلت «هيئة تحرير الشام» والقوات السورية تعزيزاتهما العسكرية وسط الاستهدافات المتبادلة في إدلب، واستعداد الأولى لتنفيذ عملية عسكرية واسعة ضد مواقع الجيش السوري، وهي العملية التي ترفضها تركيا وتحذر منها خشية التأثير على الوضع الإنساني في إدلب، وتنفيذاً للتفاهمات مع روسيا.

ووقعت اشتباكات في رأس العين بمحافظة الحسكة، شمال شرقي سوريا، بين فصائل «الجيش الوطني» و«قسد»، ما أسفر عن سقوط عدد من القتلى والجرحى من الجانبين.

اشتباكات مع «قسد»

وبدأت الاشتباكات، بهجوم واسع بالأسلحة الثقيلة من فصائل «الجيش الوطني» على مواقع «قسد»، في محيط قرية تل حلف غرب مدينة رأس العين. وتبادل الجانبان القصف المدفعي لساعات عدة ليل السبت – الأحد.

وحسب مصادر محلية، جاء هجوم الفصائل الموالية لتركيا رداً على قصف نفذته قوات «قسد» قبل أيام على نقطة عسكرية تركية في قرية علوك، مما أسفر عن مقتل جندي تركي وإصابة آخرين.

وكانت القوات التركية ردّت بقصف مكثّف استهدف مواقع «قسد» في ريف رأس العين، ما أدى إلى تدمير مواقع وآليات عسكرية عدة تابعة لـ«قسد».

ودفع الجيش التركي بتعزيزات عسكرية إضافية إلى المنطقة عقب استهداف قاعدته، تضمّنت دبابات ومدفعية ميدانية، وقصفت القوات التركية مواقع «قسد» على طول خط التماسّ لردع أي تقدّم محتمل، كما حلّقت المسيّرات التركية في المنطقة بكثافة لرصد أي تحرك لـ«قسد» واستهدافه.

عناصر من «قسد» على محاور التماسّ مع القوات التركية والفصائل الموالية في حلب (أرشيفية - المرصد السوري)

وفي محافظة الرقة أوقفت أجهزة الاستخبارات التابعة لـ«قسد» 3 أشخاص، في ريف تل أبيض الغربي، بتهمة التعاون مع المخابرات التركية.

وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الأحد، بأن رتلاً عسكرياً تابعاً للقوات الروسية، يتألف من 40 مدرعة عسكرية ومصفّحات، انطلق من حلب، وعبر ريف عين العرب (كوباني) وعين عيسى بريف الرقة، باتجاه طريق حلب - اللاذقية الدولي (إم4) الذي يربط بين حلب والحسكة، واتجه إلى ريف تل تمر شمال غربي الحسكة.

ونفّذت عناصر من «قسد» محاولة تسلّل، بعد منتصف ليل السبت – الأحد، على مواقع تابعة لفصائل «الجيش الوطني» الموالية لتركيا، على محور كباشين بريف حلب الشمالي، ما أدّى إلى اندلاع اشتباكات بين الجانبين، استُخدمت خلالها الأسلحة الرشاشة والمتوسطة، تزامناً مع قصف مدفعي متبادل.

تعزيزات روسية في الحسكة (المرصد السوري)

وأسفرت الاشتباكات عن مقتل عنصر تابع لفصيل «فيلق الشام»، وإصابة آخرين بجراح.

وقالت وزارة الدفاع التركية، في بيان الأحد، إن اثنين من عناصر «وحدات حماية الشعب الكردية»، أكبر مكوّنات «قسد»، بعد تسلّلهم إلى منطقة «درع الفرات» الخاضعة لسيطرة القوات التركية، وفصائل «الجيش الوطني» السوري.

تحشيد للجيش السوري و«تحرير الشام»

على صعيد آخر، استهدفت عناصر «هيئة تحرير الشام» طائرة استطلاع روسية من طراز «أنتينوف إيه إن 30» بصواريخ حرارية، أثناء تحليقها في محاولة لإسقاطها، إلا أنها لم تتمكّن من إصابتها.

وتواصل الطائرة الروسية عمليات الرصد المستمرة للتحركات في الشمال السوري، وخصوصاً في ريفَي حلب وإدلب، مع تزايد التحشيد العسكري من جانب القوات السورية و«تحرير الشام»، التي تسعى لشنّ عملية عسكرية واسعة في مدينة حلب وريفها الغربي، وكذلك في ريفَي إدلب الجنوبي والشرقي.

وقصفت القوات السورية قرى كنصفرة والبارة في ريف إدلب الجنوبي، إلى جانب قرى القصر وكفرتعال وكفرعمة في ريف حلب الغربي.

تعزيزات للجيش السوري على محاور حلب (أرشيفية)

وأعلنت «سرايا المقاومة الشعبية»، التابعة لـ«تحرير الشام»، إعادة فتح باب الانتساب والتطوع في مختلف التخصصات، بما في ذلك المجالات الطبية، والإدارية، والعسكرية، والقتالية، والتمريض، والإطعام، والتذخير.

وأفاد «المرصد السوري» بأن هذا الإعلان جاء في وقت تشهد فيه الجبهات تصاعداً في التحشيد العسكري من القوات السورية، وخصوصاً في محاور حلب وريفها الغربي، في مقابل التحشيد والتحركات التي تقوم بها «تحرير الشام».

تدريبات لتحرير الشام استعداداً لعملية عسكرية ضد القوات السورية (المرصد السوري)

وتأتي التعزيزات المستمرة من جانب «تحرير الشام»، على الرغم من الرفض التركي لمنح الضوء الأخضر لفتح معركة جديدة في حلب، أو تنفيذ عملية جديدة في إدلب التي تؤوي ملايين النازحين ومخيمات اللاجئين، فضلاً عن وقوع هذه المناطق ضمن اتفاق مناطق خفض التصعيد في شمال غربي سوريا، المعروفة بمنطقة «بوتين - إردوغان».

ولا ترغب تركيا في أي توتر أو تصعيد بالمنطقة من شأنه أن يؤدي إلى موجة نزوح واسعة جديدة إلى حدودها الجنوبية مع سوريا.


مقالات ذات صلة

تركيا تعيد للواجهة المبادرة العراقية للتطبيع مع سوريا بعد موقف روسيا

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

تركيا تعيد للواجهة المبادرة العراقية للتطبيع مع سوريا بعد موقف روسيا

أعادت تركيا إلى الواجهة مبادرة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني للوساطة مع سوريا بعد التصريحات الأخيرة لروسيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان متحدثاً في البرلمان التركي (الخارجية التركية)

أنقرة: الأسد لا يريد عودة السلام في سوريا

أوضح وزير الخارجية التركي فيدان أن الرئيس السوري لا يريد السلام في سوريا، وحذر من أن محاولات إسرائيل لنشر الحرب بدأت تهدد البيئة التي خلقتها «عملية أستانة».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي دخان الغارات في تدمر (متداولة)

ارتفاع حصيلة الغارات الإسرائيلية على تدمر إلى 79 قتيلاً موالياً لإيران

طائرات إسرائيلية استهدفت ثلاثة مواقع في تدمر، من بينها موقع اجتماع لفصائل إيرانية مع قياديين من حركة «النجباء» العراقية وقيادي من «حزب الله» اللبناني.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال مؤتمر صحافي في ختام مشاركته بقمة الـ20 بالبرازيل ليل الثلاثاء - الأربعاء (الرئاسة التركية)

تركيا تؤكد استعدادها لمرحلة «ما بعد أميركا في سوريا»

أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن تركيا مستعدة للوضع الجديد الذي سيخلقه الانسحاب الأميركي من سوريا، وعازمة على جعل قضية الإرهاب هناك شيئاً من الماضي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية صورة جوية للقصف التركي على مواقع «قسد» في شمال سوريا (وزارة الدفاع التركية)

تركيا تصعد هجماتها على «قسد» شمال وشرق سوريا

واصلت القوات التركية تصعيد ضرباتها لمواقع «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في شمال وشرق سوريا، وسط حديث متصاعد في أنقرة عن احتمالات القيام بعملية عسكرية جديدة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

تركيا تعيد للواجهة المبادرة العراقية للتطبيع مع سوريا بعد موقف روسيا

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)
TT

تركيا تعيد للواجهة المبادرة العراقية للتطبيع مع سوريا بعد موقف روسيا

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

أعادت تركيا إلى الواجهة مبادرة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني للوساطة مع سوريا وتسهيل عقد اجتماع الرئيسين رجب طيب إردوغان وبشار الأسد إلى الواجهة بعدما حملتها روسيا مؤخراً المسؤولية عن تعثر مسار التطبيع بين أنقرة دمشق واتهمتها بالتصرف مثل «دولة احتلال».

وباتت تركيا على قناعة بأن تطبيع علاقاتها مع سوريا ليس من أولويات روسيا وإيران.

وأجرى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الأحد، اتصالاً هاتفياً مع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، تناول، بحسب الرئاسة التركية، العلاقات بين أنقرة وموسكو وعدداً من القضايا الإقليمية.

وبحسب مصادر تركية تناول الاتصال بشكل أساسي احتمالات التصعيد في الحرب الروسية الأوكرانية وتطورات الأزمة السورية، وغيرها من القضايا.

وبعدما أبدت روسيا على لسان عدد من المسؤولين الكبار، مثل وزير الخارجية سيرغي لافروف، ومبعوث الرئيس الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرنتييف، دعماً لموقف دمشق القائم على التمسك بالانسحاب العسكري التركي من شمال سوريا قبل الحديث عن أي مفاوضات، بل واعتبار لافرنتييف أن تركيا تتصرف مثل دولة احتلال في سوريا، لمح وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، إلى دور يمكن أن يلعبه العراق في التطبيع بين أنقرة ودمشق.

روسيا وصفت وجود القوات التركية في شمال سوريا بالاحتلال (إعلام تركي)

وقال فيدان في تصريحات لممثلي وسائل الإعلام التركية في أنقرة السبت: «نقدر جهود بغداد، التي أبدت نية في هذا الصدد، وتركيا منفتحة على مبادرة مثل هذه في حال رغب العراق في استضافتها على أراضيه».

ترحيب بمبادرة العراق

وأضاف أن تركيا وسوريا والعراق دول جارة تشترك في حدود برية، ويجب على الدول الثلاث أن تجتمع كما في الماضي لبحث قضايا مهمة بطريقة «أكثر هيكلية ومنهجية».

وأكد أهمية أمن الحدود مع العراق وسوريا، لا سيما من حيث مكافحة الإرهاب ومنع عمليات تهريب الأسلحة، وأن تركيا تدعم فكرة إنشاء آلية للتعاون الثلاثي معهما.

وفي مطلع يونيو (حزيران) الماضي، أعلن رئيس وزراء العراقي، محمد شياع السوداني، أن بغداد «ترعى أجواء إيجابية بين تركيا وسوريا». وفي 30 يونيو، كشفت صحيفة «الوطن» القريبة من الحكومة السورية عن احتمال استضافة بغداد اجتماعاً سورياً تركياً، سيكون خطوة في عملية تفاوض طويلة قد تفضي إلى تفاهمات سياسية وميدانية.

وشدد فيدان على أن تركيا تفضل بحث القضايا العالقة مع سوريا على طاولة الحوار وفي إطار أكثر «تنظيماً وبشكل دبلوماسي»، ونفى أن تكون بلاده طامحة إلى تغيير النظام في سوريا أو احتلال أراضيها، لكنه عد، مجدداً، أن الجانب السوري غير مستعد ولا منفتح بشكل كبير لمناقشة بعض القضايا، وبخاصة في هذه المرحلة.

وقال إن جهات، لم يحددها، تروج لاشتراط تركيا على الرئيس السوري بشار الأسد التوصل إلى اتفاق مع المعارضة السورية، موضحاً أن هذا ليس شرطاً مسبقاً من جانب تركيا، إلا أن حل المشكلة يمر عملياً عبر خطوات من هذا القبيل.

اجتماع بين وزراء خارجية روسيا وتركيا وإيران حول سوريا على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي (الخارجية التركية)

وأضاف أن أولويات إيران في سوريا لا تشمل تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق، وأن هذا الموضوع ليس مدرجاً على أجندة روسيا في الوقت الراهن، نظراً لوجود وقف إطلاق نار حالياً في المنطقة نتيجة مفاوضات أستانة، ولم يعد هناك تهديد كبير.

وحذر من وجود تهديد متزايد يتطور باستمرار داخل سوريا بسبب عدم اتخاذ الخطوات اللازمة فيما يخص مكافحة الإرهاب وقضية اللاجئين.

ولفت فيدان إلى وجود تعاون «وثيق ومعقد» بين إيران وسوريا التي تتعرض حالياً لضغوط مكثفة من إسرائيل، وأن ما نراه أن حكومة دمشق تتصرف على أنها ليست طرفاً في الحرب المستمرة بين الميليشيات الإيرانية وإسرائيل.

وتوقع فيدان أنه إذا حدث تجميد أو تخفيف لحرب روسيا وأوكرانيا، قد تتخلى أميركا وروسيا عن قضايا أخرى تتعلق بالأزمة السورية، قائلاً: «ليس مستبعداً، ونحن نتابع التطورات عن كثب، وبطبيعة الحال، من الممكن تماماً أن ينخرط الأميركيون في بعض الملاحقات التي من شأنها أن تمنع تعرض الفاعل الذي استثمروا فيه، وحدات حماية الشعب الكردية التي تعد أكبر مكونات قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، للأذى أثناء مغادرة المنطقة... المهم أننا مستعدون لأي سيناريو».

تصعيد في حلب

في السياق، أعلنت وزارة الدفاع التركية، في بيان الاثنين، مقتل 7 من عناصر وحدات حماية الشعب الكردية في منطقة عملية «درع الفرات» بشمال سوريا.

وفي الوقت ذاته، ذكرت مصادر عسكرية لـ«وكالة الأناضول» أن فصائل «الجيش الوطني السوري»، الموالي لتركيا، تصدت لمحاولة تسلل قامت بها عناصر من وحدات حماية الشعب الكردية في الباب (ضمن منطقة درع الفرات)، بريف محافظة حلب إلى خطوط جبهات «الجيش الوطني».

وأضافت المصادر أن الاشتباكات التي وقعت خلال عملية التسلل أسفرت عن مقتل 11 من عناصر «الجيش الوطني السوري» وإصابة 8 آخرين، كما سقط العديد من القتلى والجرحى في صفوف «ميليشيات التنظيم الإرهابي» (الوحدات الكردية) الذين فشلوا في التسلل، وانسحبوا باتجاه منطقة منبج التي يحتلونها منذ سنوات. وردت قوات «الجيش الوطني السوري» على محاولة التسلل، بقصف مواقع الوحدات الكردية بصواريخ «غراد».

وبحسب ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»: تسللت مجموعات من التشكيلات العسكرية المنضوية تحت قيادة «قسد» إلى مواقع قوات «حركة التحرير والبناء» الموالية لتركيا على محور الدغلباش في ريف حلب، ودارت اشتباكات عنيفة بين الطرفين بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة قبل أن تنسحب القوات المهاجمة إلى مواقعها.

وأضاف «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن عملية التسلل أسفرت عن مقتل 15 عنصراً وإصابة آخرين من الفصائل الموالية لتركيا.