قصف قاعدة تركية... وتوتر بين الجيش السوري و«تحرير الشام» في حلب

الاتحاد الأوروبي يطالب أنقرة بالتحقيق في إساءة المعاملة والترحيل القسري للاجئين

عناصر من المدفعية التركية تقصف مواقع «قسد» في منبج (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
عناصر من المدفعية التركية تقصف مواقع «قسد» في منبج (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
TT

قصف قاعدة تركية... وتوتر بين الجيش السوري و«تحرير الشام» في حلب

عناصر من المدفعية التركية تقصف مواقع «قسد» في منبج (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
عناصر من المدفعية التركية تقصف مواقع «قسد» في منبج (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

تواصل التصعيد على محاور التماسّ بين القوات التركية و«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في حلب، بالتزامن مع التوتر الذي يخيّم في ظل التصعيد المستمر بين الجيش السوري و«هيئة تحرير الشام»، والتعزيزات العسكرية المتبادَلة، في ظل الحديث عن استعداد الهيئة لهجوم واسع على مواقع الجيش السوري.

على صعيد آخر، دعا الاتحاد الأوروبي تركيا للتحقيق في مزاعم إساءة معاملة لاجئين في المراكز المموَّلة منه، وعمليات الترحيل القسري إلى سوريا.

وشهدت قرى بريف حلب الشرقي قصفاً مدفعياً متبادلاً بين القوات التركية وفصائل «الجيش الوطني السوري»، الموالي لأنقرة، وقوات «مجلس منبج العسكري» التابع لـ«قسد».

وقصفت المدفعية التركية عدة مواقع بريف منبج، وردّت قوات «مجلس منبج العسكري» باستهداف قاعدة تركية في قرية البلدق بريف جرابلس جنوب شرقي حلب، وسط معلومات عن سقوط جرحى، حسبما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، السبت.

قصف تركي على مناطق لـ«قسد» في منبج (أرشيفية)

في غضون ذلك، ومع إصرار «هيئة تحرير الشام»، وفصائل مسلحة أخرى، على فتح معركة مدينة حلب، في ظل رفض تركيا التزاماً بتفاهماتها مع روسيا، وصلت تعزيزات عسكرية جديدة لكل من الفرقة الرابعة والفرقة 25 مهام خاصة، والفيلق الخامس، والحرس الجمهوري بالجيش السوري، إلى ريف حلب الغربي وضواحيها، بالتزامن مع تحليق طائرة مروحية وسرب طيران حربي روسي في أجواء المنطقة وريف إدلب.

وحسب «المرصد السوري»، تضمّنت التعزيزات الجديدة سيارات مُثبّت عليها رشاشات ثقيلة، وجنود، وذخيرة، وغرف طبية.

تعزيزات للجيش السوري على محاور حلب (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

جاء ذلك بالتزامن مع التعزيزات التي تدفع بها «هيئة تحرير الشام» إلى محاور ريف حلب الغربي، إضافةً إلى تثبيت راجمات صواريخ ومدفعية ثقيلة، وأسلحة نوعية مثل صواريخ «تاو» الأميركية.

كما دفعت تركيا من جانبها تعزيزات ضخمة على مدى الأسبوعين الماضيين، ودخلت 109 آليات تضمّنت راداراً متطوراً إلى مناطق سيطرتها في حلب، ونقاطها العسكرية في إدلب، في ظل تصاعد التوتر بين «هيئة تحرير الشام» والجيش السوري.

وتتواصل عمليات القصف المتبادل وعمليات القنص بين القوات السورية والفصائل المسلحة، وخصوصاً «هيئة تحرير الشام»، كما يستخدم الجيش السوري مسيّرات مسلحة لاستهداف مواقع مدنية وعسكرية، بحسب «المرصد السوري».

ومنذ مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، قُتل 5 أشخاص، بينهم مدني، وأُصيب 3 آخرون في 8 عمليات استهداف متبادلة.

تعزيزات عسكرية تركية في شمال سوريا (أرشيفية)

على صعيد آخر، دعا الاتحاد الأوروبي تركيا إلى التحقيق في مزاعم إساءة معاملة لاجئين في المراكز المموَّلة منه، وعمليات ترحيل قسري إلى سوريا وأفغانستان.

وأفادت وسائل إعلام تركية بأنه حسب تحقيق واسع النطاق أجراه فريق «لايت هاوس ريبورتس»، بالاشتراك مع وسائل إعلام غربية، منها «دير شبيغل» و«لوموند» و«بوليتيكو»، اتهم عشرات من المهاجرين مسؤولين أتراكاً بارتكاب انتهاكات في مراكز الاحتجاز المموَّلة من الاتحاد الأوروبي، والإعادة القسرية إلى سوريا، وكذلك أفغانستان.

وقدّم الاتحاد الأوروبي نحو 11 مليار يورو إلى تركيا منذ توقيع اتفاقية «الهجرة وإعادة قبول اللاجئين»، الموقّعة مع أنقرة عام 2016، للمساعدة في توفير الملجأ، والتعامل مع 4 ملايين لاجئ فرّوا من الحرب في سوريا، ووقف تدفّقهم إلى دول أوروبا عبر اليونان، وقد تم إنفاق جانب منها لدعم أمن الحدود ومعالجة اللجوء.

قوات حرس الحدود اليونانية تدخّلت لصد موجة من المهاجرين السوريين من تركيا في 2020 (أرشيفية)

وفي الوقت ذاته، كشف التحقيق الموسّع عن أن المفوضية الأوروبية (الذراع التنفيذية للاتحاد)، تجاهلت مراراً وتكراراً تحذيرات المجتمع المدني والدبلوماسيين، وحتى موظفيها، بينما قدّم الاتحاد الأوروبي تمويلاً للمراكز التي تؤوي المهاجرين.

ولفت التحقيق إلى أن تركيا ربما تعبت، على ما يبدو، من لعب دور «مخزن اللاجئين»، وبدأت الحكومة التركية في استخدام قدر كبير من البنية الأساسية المموّلة من الاتحاد الأوروبي، للحدّ من عدد طالبي اللجوء الذين تستضيفهم من خلال جمع السوريين والأفغان وغيرهم ممن يواجهون خطراً في بلدانهم الأصلية وترحيلهم قسراً.

وانخفض عدد السوريين المقيمين في تركيا تحت الحماية المؤقتة في الفترة الأخيرة من 3.7 مليون عام 2021، إلى 3.09 مليون، وفق أحدث البيانات الرسمية الصادرة في سبتمبر (أيلول) الماضي.

سوريون عائدون إلى بلادهم عبر بوابة حدودية مع تركيا (إعلام تركي)

ويتوقع أن يستمر عدد السوريين في التراجع مع انتهاء مهلة منحتها السلطات التركية لتحديث العناوين المقيمين بها تنتهي في ديسمبر (كانون الأول) المقبل.

وكشف مختصون ومحلّلون، منهم الأكاديمي التركي محمود كايا، عن أسباب الانخفاض التي تشمل العودة الطوعية إلى سوريا، والهجرة غير القانونية إلى أوروبا، فضلاً عن السياسات التركية المتغيرة، وخصوصاً بعد الزلزال المدمر في 6 فبراير (شباط) 2023، والتوترات السياسية في البلاد، والأزمة الاقتصادية، وكلها عوامل دفعت قسماً من السوريين إلى العودة إلى بلادهم.

وتُشكّك منظمات حقوقية فيما يسمى بعمليات «العودة الطوعية»، وحقيقة أن السوريين يختارون العودة بإرادتهم.


مقالات ذات صلة

أنقرة: الأسد لا يريد عودة السلام في سوريا

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان متحدثاً في البرلمان التركي (الخارجية التركية)

أنقرة: الأسد لا يريد عودة السلام في سوريا

أوضح وزير الخارجية التركي فيدان أن الرئيس السوري لا يريد السلام في سوريا، وحذر من أن محاولات إسرائيل لنشر الحرب بدأت تهدد البيئة التي خلقتها «عملية أستانة».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي دخان الغارات في تدمر (متداولة)

ارتفاع حصيلة الغارات الإسرائيلية على تدمر إلى 79 قتيلاً موالياً لإيران

طائرات إسرائيلية استهدفت ثلاثة مواقع في تدمر، من بينها موقع اجتماع لفصائل إيرانية مع قياديين من حركة «النجباء» العراقية وقيادي من «حزب الله» اللبناني.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال مؤتمر صحافي في ختام مشاركته بقمة الـ20 بالبرازيل ليل الثلاثاء - الأربعاء (الرئاسة التركية)

تركيا تؤكد استعدادها لمرحلة «ما بعد أميركا في سوريا»

أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن تركيا مستعدة للوضع الجديد الذي سيخلقه الانسحاب الأميركي من سوريا، وعازمة على جعل قضية الإرهاب هناك شيئاً من الماضي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية صورة جوية للقصف التركي على مواقع «قسد» في شمال سوريا (وزارة الدفاع التركية)

تركيا تصعد هجماتها على «قسد» شمال وشرق سوريا

واصلت القوات التركية تصعيد ضرباتها لمواقع «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في شمال وشرق سوريا، وسط حديث متصاعد في أنقرة عن احتمالات القيام بعملية عسكرية جديدة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي «قوات سوريا الديمقراطية» خلال عرض عسكري في ريف دير الزور (الشرق الأوسط)

أكراد سوريا يتحسبون لتمدد الحرب نحو «إدارتهم الذاتية»

ألقت نتائج الانتخابات الأميركية بظلالها على أكراد سوريا ومصير «إدارتهم الذاتية» بعدما جدد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، التهديد بشن عملية عسكرية.

كمال شيخو (القامشلي)

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

تشييع عسكري قُتل في معارك جنوب لبنان يوم 20 نوفمبر (أ.ف.ب)
تشييع عسكري قُتل في معارك جنوب لبنان يوم 20 نوفمبر (أ.ف.ب)
TT

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

تشييع عسكري قُتل في معارك جنوب لبنان يوم 20 نوفمبر (أ.ف.ب)
تشييع عسكري قُتل في معارك جنوب لبنان يوم 20 نوفمبر (أ.ف.ب)

في وقت تواصل فيه وسائل الإعلام الإسرائيلية، باستثناء حالات قليلة، تنفيذ سياسة التعتيم على ما يقوم به الجيش في قطاع غزة والضفة الغربية ولبنان من ممارسات معادية للإنسانية، حسب رأي منظمات حقوقية، نشرت صحيفة «هآرتس»، الجمعة، مقالاً بقلم «مقاتل في جيش الاحتياط»، خدم في السنة الأخيرة في كل من لبنان وقطاع غزة. وقرر أن يروي للإسرائيليين ما الذي يجري هناك بفعل ممارسات الجيش. وجاء المقال بمثابة صرخة مدوية تدعو الجمهور العام إلى الاستيقاظ والتحرك لوقف الحرب، معتبراً أن الممارسات التي يقوم بها الجيش يمكن أن تؤثر على الإسرائيليين لأجيال عدة.

وجاء في المقال:

«الأمر المفاجئ وبحق هو السرعة التي أصبح فيها كل شيء طبيعياً ومنطقياً. بعد بضع ساعات تجد نفسك تحاول رغم إرادتك التأثر بأبعاد الدمار والقول لنفسك أقوالاً مثل (ما هذا الجنون؟). ولكن الحقيقة هي أننا نتعود بسرعة كبيرة على ذلك. هذا أصبح أمراً تافهاً. موجة أخرى من الحجارة. هذا يبدو مبنى لمؤسسة رسمية، هذه كانت أبنية سكنية. هذه المنطقة كانت حياً. في كل اتجاه تنظر إليه، أكوام من الحديد والرمال والباطون والطوب. (...) العين تنظر إلى مبنى معين ما زال قائماً. لماذا بالذات هذا المبنى لم يتم هدمه؟ تساءلت شقيقتي على (واتساب) بعد أن أرسلت إليها الصورة. وأضافت: لماذا دخلت إلى هناك، بربك؟

لماذا أنا هنا، هذا أمر أقل أهمية. أنا لست القصة هنا. وهذا أيضاً ليس لائحة اتهام ضد الجيش الإسرائيلي. لهذا يوجد مكان في أماكن أخرى. في مقالات هيئات التحرير، في المحكمة الدولية في لاهاي، في الجامعات الأميركية وفي مجلس الأمن. المهم هو أن نجعل الجمهور الإسرائيلي يشاهد. حتى لا يقولوا لاحقاً بأنهم لم يعرفوا. أنا أردت أن أعرف ما الذي يحدث هناك. هذا ما قلته لأصدقائي الكثيرين، الذين سألوني: لماذا دخلت إلى غزة؟

الدمار في كل مكان. يقفز أمام العيون عندما نقترب مما كان أحياء سكنية. حديقة تم الاعتناء بها بشكل جيد وحولها سور مهدم وبيت مدمر، طاولة، أرجوحة، كوخ صغير له سقف من الصفيح وراء الزقاق، نقاط قاتمة في الرمال، قرب بعضها، كما يبدو كان هنا حقل، ربما كرم زيتون. هذا هو موسم قطف الزيتون.

كلما اقتربنا من المحاور اللوجستية (نتساريم، كيسوفيم، وفيلادلفيا) فإن عدداً قليلاً من المباني بقيت قائمة. الدمار الكبير هنا من أجل أن يبقى. ها هو ما يجب أن تعرفوه، هذا لن يتم محوه في المائة سنة المقبلة. مهما حاولت إسرائيل إخفاء ذلك وطمسه فإن الدمار في غزة سيقرر حياتنا وحياة أولادنا. نحن هائجون بلا كوابح. أحد الأصدقاء كتب على حائط غرفة العمليات: هدوء، مقابل هدوء. حفلة نوفا مقابل نكبة. قادة الجيش الإسرائيلي تبنوا المكتوب.

بنظرة عسكرية الدمار أمر لا مناص منه. القتال في منطقة مدنية مكتظة أمام عدو مزود بشكل جيد يعني دماراً بحجم كبير جداً للمباني، أو موتاً مؤكداً للجنود. إذا كان يجب على قائد اللواء الاختيار بين حياة الجنود الذين تحت مسؤوليته وتسوية الأرض، فإن طائرة (إف 15) محملة بالقنابل ستسير على المدرج في (نفاتيم)، وبطارية مدافع ستوجه الفوهات. لا أحد سيخاطر، هذه هي الحرب.

أمهات مع أولادهن يمشون ببطء على طول الشارع. إذا كان يوجد لدينا مياه نحن نعطيهم. القدرات التكنولوجية التي طورها الجيش الإسرائيلي في هذه الحرب هي قدرات مثيرة. قوة النيران، استخدام النار الدقيقة وجمع المعلومات بواسطة الطائرات الحوامة. هذه تعطي وزناً مضاداً للعالم السفلي الذي قامت (حماس) و(حزب الله) ببنائه خلال سنوات.

أنت تجد نفسك تنظر من بعيد لساعات إلى مواطن وهو يجر حقيبة لمسافة بضعة كيلومترات على شارع صلاح الدين. أشعة الشمس تحرقه وأنت تحاول الفهم: هل هذا عبوة ناسفة؟ هل هذ ما بقي من حياته؟ أنت تنظر إلى أشخاص وهم يتجولون قرب منشأة خيام في وسط المخيم. أنت تبحث عن عبوات وترى رسومات على حائط بلون رمادي من الفحم. مثلاً صورة فراشة.

جنود في مقبرة بالقدس خلال تشييع رقيب قُتل في غزة يوم 20 نوفمبر (أ.ب)

أنا قمت في هذا الأسبوع بمراقبة من حوامة فوق مخيم للاجئين. رأيت امرأتين وهما تسيران معاً. رأيت شاباً دخل إلى بيت شبه مدمر واختفى. هل هو أحد أعضاء (حماس) الذي جاء لنقل نبأ لنفق مخطوفين من خلال فتحة نفق سرية؟ تابعت من ارتفاع 250 متراً شخصاً يركب على دراجة ويسافر على ما كان ذات يوم شارعاً في حي؛ نزهة بعد الظهر في داخل كارثة. في أحد المفترقات توقف راكب الدراجة قرب بيت، خرج منه عدد من الأولاد، بعد ذلك واصل إلى داخل المخيم نفسه.

جميع الأسطح مثقبة بسبب القنابل، عليها كلها توجد براميل باللون الأزرق لجمع مياه الأمطار. إذا لاحظنا برميلاً على الشارع يجب نقله إلى غرفة العمليات، واعتباره عبوة ناسفة محتملة. ها هو رجل يقوم بخبز الأرغفة وقربه شخص مستلقٍ على فرشة. بقوة أي شيء تستمر الحياة؟ كيف يستيقظ شخص في ظل ذعر كهذا ويجد لديه القوة للنهوض والبحث عن الطعام ومحاولة البقاء؟ أي مستقبل يقدمه له هذا العالم؟ درجة حرارة مرتفعة، ذباب، قذارة، مياه ملوثة، وها هو يوم آخر انقضى.

أنا أنتظر كاتباً كي يأتي ويكتب عن ذلك، ومصوراً لتوثيق ذلك. ولكن لا يوجد إلا أنا. جنود آخرون، إذا كانت لديهم أفكار كافرة فهم يحتفظون بها لأنفسهم. لا يتحدثون عن السياسة لأنه طُلب منهم ذلك، لكن الحقيقة هي أن ذلك ببساطة لم يعد يهم لمن قضى 200 يوم في خدمة الاحتياط في هذه السنة. جهاز الاحتياط ينهار، من يأتي أصبح لامبالياً، يقلق لمشكلات شخصية أو أمور أخرى مثل الأولاد، الإعفاء، الدراسة، الزوجة، إقالة (يوآف) غالانت، عيناف سنغاوكر (والدة جندي محتجز لدى حماس)، وصول خبز مع شنيتسل. الوحيدون الذين ينفعلون هنا من شيء هم الحيوانات. الكلاب، الكلاب. الكلاب تهز الذيل وتركض بمجموعات، وتلعب مع بعضها، تبحث عن بقايا الطعام التي تركها الجيش. هنا وهناك تتجرأ على الاقتراب في الظلام من السيارة، وتحاول جر صندوق، ويتم صدها بالصراخ. يوجد أيضاً الكثير من الجراء.

في الأسابيع الأخيرة اليسار في إسرائيل يقلق من تمركز الجيش الإسرائيلي على محاور العرض في القطاع مثل محور نتساريم. ما الذي لم نقله عنه؟ أنه تم شقه وتوجد عليه قواعد خمس نجوم، وأن الجيش الإسرائيلي موجود هناك ليبقى، وأنه على أساس هذه البنى التحتية ستتم إعادة مشروع الاستيطان في القطاع. أنا لا أستخف بهذه التخوفات. هناك ما يكفي من المجانين الذين فقط ينتظرون الفرصة. ولكن محاور نتساريم وكيسوفيم هي مناطق قتال، توجد بين تجمعات كبيرة للسكان الفلسطينيين، كتلة حاسمة لليأس والجوع والضائقة. هنا ليست الضفة الغربية. الوجود في المحور هو تكتيكي، أكثر من هدف الاحتفاظ المدني في منطقة، هو يهدف إلى ضمان وجود روتيني وحماية الجنود المتعبين. القواعد والمواقع العسكرية تتكون من مبانٍ غير ثابتة يمكن تفكيكها وإخراجها خلال بضعة أيام، وتحميلها على الشاحنات. هذا يمكن أن يتغير بالطبع.

جميعنا، بدءاً بالذي يخدم في غرفة العمليات في القاعدة وحتى آخر جندي، واضح لنا أن المستوى السياسي لا يعرف كيفية مواصلة الطريق إلى جهنم. لا توجد أهداف من أجل التقدم نحوها، وهم غير قادرين سياسياً على الانسحاب. باستثناء جباليا، تقريباً لا يوجد قتال. وفقط على مداخل المخيمات، هذا جزئي أيضاً، خوفاً من وجود مخطوفين. المشكلة هي سياسية، ليست عسكرية أو تكتيكية. لذلك، من الواضح لنا جميعاً بأنه سيتم استدعاؤنا لجولة أخرى ولنفس المهمات. حتى الآن يأتي رجال احتياط ولكن بشكل أقل.

أين تمر الحدود بين معرفة (التعقيد) وبين الخضوع الأعمى؟ متى يكون لك الحق في رفض أن تكون جزءاً من جريمة الحرب؟ هذا أقل أهمية. الأكثر أهمية هو متى سيستيقظ التيار العام في إسرائيل. متى سيقوم زعيم ويشرح للمواطنين أي مؤامرة فاسدة نحن نعيش فيها. ومن سيكون من يرتدي القبعة المنسوجة الأول الذي سيطلق عليه (خائن)، لأنه قبل (قرار محكمة) لاهاي، والجامعات الأميركية (المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين)، والإدانة في مجلس الأمن، هذا قبل أي شيء هو شأننا الداخلي، نحن والمليونا فلسطيني».