تقارب روسي إيراني في «السياسة الدولية»

بوتين تجنب الحديث علناً عن «الحرب»... ولافروف حذر من ضرب «النووي»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الإيراني مسعود بزشكيان على هامش منتدى دولي في عشق آباد (إعلام روسي)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الإيراني مسعود بزشكيان على هامش منتدى دولي في عشق آباد (إعلام روسي)
TT

تقارب روسي إيراني في «السياسة الدولية»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الإيراني مسعود بزشكيان على هامش منتدى دولي في عشق آباد (إعلام روسي)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الإيراني مسعود بزشكيان على هامش منتدى دولي في عشق آباد (إعلام روسي)

أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الجمعة، جولة محادثات مع نظيره الإيراني مسعود بزشكيان، على هامش مشاركتهما في أعمال منتدى دولي نظّمته تركمانستان التي تحافظ على علاقات وثيقة مع كل من روسيا وإيران.

وأكد الطرفان، خلال اللقاء، حرصهما على تعزيز التعاون، وخصوصاً في مجالات السياسة، وتحدّثا عن منح العلاقات الثنائية دفعة قوية، خلال الأسابيع المقبلة، عبر توقيع اتفاق الشراكة الاستراتيجية، الذي خاضت موسكو وطهران مفاوضات معقدة لمدة زادت على عامين قبل التوصل إلى صياغة النسخة النهائية منه.

وبدا أن الرئيسين استغلا المشاركة في منتدى «علاقة العصر والحضارات... أساس السلام التنمية»، الذي نظّمته العاصمة التركمانية عشق آباد؛ لبحث التطورات المتسارعة في منطقة الشرق الأوسط، وخصوصاً حول إيران، واحتمالات تعرض هذا البلد لضربة انتقامية من جانب إسرائيل.

تقارب روسي إيراني

وعلى الرغم من أن بوتين لم يتطرق إلى الأحداث الساخنة بالمنطقة في الشق المفتوح من اللقاء، الذي استمر نحو ساعة، وتضمّن محادثات موسّعة، بحضور وفدي البلدين، ثم جلسة مغلقة جمعت الرئيسين بشكل منفرد، لكنه استغل هذه المناسبة لتأكيد تقارب مواقف موسكو وطهران حيال ملفات السياسة الدولية.

وقال بوتين إن «روسيا وإيران تعملان بنشاط على الساحة الدولية، وغالباً ما يكون لهما تقييمات متقاربة جداً للأحداث الجارية في العالم».

وأكد أهمية مواصلة الطرفين تعزيز العلاقات على كل المستويات وفي الاتجاهات المختلفة، مشيداً بتطور العلاقة الثنائية، وتوسيع حجم التبادل التجاري بين البلدين بشكل كبير.

وقال بوتين إن اتجاهات التجارة المتبادلة بين روسيا وإيران جيدة، وحجم التجارة يُظهر نمواً.

وزاد أن «موسكو وطهران سجلتا، هذا العام، زيادة ملموسة في حجم التجارة، على الرغم من أنها لم تتعاف من الانخفاض الذي شهدته العام الماضي».

بدوره تحدّث بزشكيان عن التقارب في المواقف حيال الملفات السياسية، وخاطب بوتين مشيداً بـ«المواقف المتشابهة لموسكو وطهران على الساحة الدولية».

وأشار إلى «صدق العلاقات بين موسكو وطهران»، وأكد أن الاتصالات الثقافية والإنسانية تتطور بشكل متسارع بين البلدين. كما أعرب عن أمله في أن يتمكن من المشاركة في قمة «بريكس»، التي تنظمها روسيا في مدينة كازان بين 22 و24 من الشهر الحالي.

وأعرب الرئيس الإيراني عن أمل في أن يجري، خلال أعمال قمة «بريكس»، توقيع اتفاق الشراكة الاستراتيجية بين إيران والاتحاد الروسي.

وخلافاً لتجنب بوتين الحديث بشكل مباشر في الشق العلني من اللقاء، حول تطورات الوضع حول إيران حالياً، اتهم الرئيس الإيراني واشنطن والاتحاد الأوروبي بالعمل على تأجيج الوضع في منطقة الشرق الأوسط. وقال إن «واشنطن وبروكسل لا تريدان أن يهدأ الوضع في الشرق الأوسط».

وخاطب بوتين قائلاً: «الوضع في المنطقة صعب الآن، أميركا وأوروبا لا تريدان أن يهدأ الوضع هناك».

وشدّد بزشكيان على أن «إسرائيل انتهكت كل الاتفاقيات الممكنة والمستحيلة؛ لأنها تعلم أن واشنطن وبروكسل تقفان وراءها».

وزاد: «أودُّ أن أقول لإسرائيل: توقفوا، توقفوا عن قتل الأبرياء، توقفوا عن قصف المباني السكنية، الأشخاص الذين ليس لديهم أي شيء بالفعل. لقد انتهكت إسرائيل جميع الاتفاقيات الممكنة».

بوتين وبزشكيان اتفقا على «دفعة قوية» للعلاقات بين البلدين (إ.ب.أ)

«استفزاز خطير جداً»

في غضون ذلك، دافع وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، عن مواقف طهران، وحذر من «استفزاز خطير جداً» في حال شُنّ هجوم عسكري على المنشآت النووية الإيرانية.

وقال الوزير الروسي إن بلاده «تنطلق من تقييمات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي لا ترى أي مؤشرات على أن إيران تحاول نقل برنامجها للتطوير النووي السلمي إلى مسار عسكري، لكن الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية سيكون استفزازاً خطيراً جداً».

وزاد لافروف، في حديث مع الصحافيين: «نحن نفضل أن نسترشد بالحقائق، في كل الدول تقريباً هناك سياسيون وبرلمانيون يعبرون عن موقف لا يعكس الاستراتيجية العملية وخط حكوماتهم»، في اشارة إلى دعوة برلمانيين إيرانيين لتنشيط مسار تطوير أسلحة نووية.

ووفقاً للوزير الروسي، فإن «الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي تراقب، من كثب، البرنامج النووي الإيراني، لا ترى أي علامات على أن إيران بدأت نقل برنامجها النووي إلى قناة عسكرية».

وأضاف: «تقدم الوكالة الدولية بانتظام تقارير من هذا النوع إلى مجلس محافظيها، ونحن ننطلق من هذه التقييمات المهنية، ولكن بالطبع، إذا جرى تنفيذ الخطط أو التهديدات بشن هجمات على المنشآت النووية السلمية لجمهورية إيران الإسلامية، فإن هذا يشكل استفزازاً خطيراً جداً».

كان سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي، سيرغي شويغو، قد زار إيران، الأسبوع الماضي، في إطار مواصلة تنسيق المواقف، وبحث آليات تطوير التعاون، كما أفاد الموقع الإلكتروني للمجلس.

وقال إن «روسيا وإيران تعملان على زيادة التعاون الثنائي بسرعة في مختلف المجالات، ولا سيما مشروع ممر النقل بين الشمال والجنوب الذي حقق تقدماً جيداً».

والتقى شويغو، خلال زيارته، بزشكيان، وأمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي أكبر أحمديان، ورئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية محمد باقري.

وقال ملخصاً نتائج هذه الاجتماعات: «بإيجاز شديد، إنه برنامج غني جداً». وأضاف: «إن وتيرة وحجم التعاون مع إيران، اليوم، واسعان جداً، ووتيرة التعاون المتزايد في جميع المجالات مرتفعة جداً، وخصوصا في المجال الاقتصادي، وفي قطاع النقل».


مقالات ذات صلة

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

العالم نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

عبر جعل التهديد النووي عادياً، وإعلانه اعتزامه تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، نجح بوتين في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية حول العالم.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
أوروبا أوكراني في منطقة دمّرها هجوم صاروخي في أوديسا الاثنين (رويترز) play-circle 01:26

الكرملين: دائرة ترمب تتحدّث عن سلام وبايدن يسعى للتصعيد

أكد الكرملين أن الرئيس فلاديمير بوتين أشار مراراً إلى أن روسيا مستعدة للحوار بشأن أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو - كييف)
أوروبا جانب من التجارب الروسية على إطلاق صواريخ لمحاكاة رد نووي (أرشيفية - أ.ف.ب)

ما مدى احتمال استخدام روسيا أسلحتها النووية؟

تتبادل الولايات المتحدة وروسيا معلومات بشأن صواريخهما النووية طويلة المدى الاستراتيجية بموجب معاهدة «ستارت» الجديدة التي سينتهي العمل بها عام 2026

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا خبراء أوكرانيون يتفقدون الأضرار في موقع الهجوم الصاروخي الذي ضرب وسط خاركيف شمال شرقي أوكرانيا في 25 نوفمبر 2024 وسط الغزو الروسي للبلاد (إ.ب.أ) play-circle 01:26

روسيا تعلن إسقاط 8 «صواريخ باليستية» أطلقتها أوكرانيا

قالت موسكو إن دفاعاتها الجوية أسقطت 8 صواريخ باليستية أطلقتها أوكرانيا وسط تصاعد التوتر مع استخدام كييف صواريخ بعيدة المدى زودها بها الغرب ضد روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )

7 أسباب تدفع إيران لتغليب الحوار مع «الترويكا»

رافاييل غروسي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية متحدثاً للصحافة يوم 20 نوفمبر بمناسبة اجتماع مجلس محافظي الوكالة الذي ندد بفقدان التعاون من قبل إيران (أ.ف.ب)
رافاييل غروسي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية متحدثاً للصحافة يوم 20 نوفمبر بمناسبة اجتماع مجلس محافظي الوكالة الذي ندد بفقدان التعاون من قبل إيران (أ.ف.ب)
TT

7 أسباب تدفع إيران لتغليب الحوار مع «الترويكا»

رافاييل غروسي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية متحدثاً للصحافة يوم 20 نوفمبر بمناسبة اجتماع مجلس محافظي الوكالة الذي ندد بفقدان التعاون من قبل إيران (أ.ف.ب)
رافاييل غروسي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية متحدثاً للصحافة يوم 20 نوفمبر بمناسبة اجتماع مجلس محافظي الوكالة الذي ندد بفقدان التعاون من قبل إيران (أ.ف.ب)

تجد إيران نفسها مضطرة إلى تغليب خيار الحوار مع «الترويكا» الأوروبية (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) بسبب مجموعة من العوامل المتشابكة داخلياً وخارجياً.

في المقام الأول، تخشى طهران تفعيل آلية «سناب باك» المنصوص عليها في الاتفاق النووي لإعادة العقوبات الأممية.

كما أن احتمالات تنفيذ ضربة عسكرية إسرائيلية - أميركية لمنشآتها النووية باتت مصدر قلق كبير. وفي الوقت نفسه، تحاول طهران دق إسفين بين أوروبا وواشنطن عبر الانفتاح على التفاوض مع «الترويكا»، بهدف منع توافقهما ضدها.

إقليمياً، تراجع نفوذ «حماس» و«حزب الله» جعل طهران أكثر عرضة للضغوط، في وقت تخشى فيه العزلة الدولية إذا ما تصاعدت المواجهة مع المجتمع الدولي. كما أن ضيق هامش المناورة أمام إيران، نتيجة التغيرات الإقليمية والدولية يجعل الحوار خياراً أقل تكلفة مقارنة بالتصعيد.

كما تعاني إيران أزمة اقتصادية خانقة نتيجة العقوبات؛ مما يدفعها لخفض التوتر.