إسرائيل تقرر ضرب هدف استراتيجي في إيران

نتنياهو يدفع إلى ضربة مشتركة مع الجيش الأميركي في طهران

رجل يلتقط صورة لسيارة تضررت في المنطقة التي سقط فيها صاروخ باليستي إيراني في تل أبيب (رويترز)
رجل يلتقط صورة لسيارة تضررت في المنطقة التي سقط فيها صاروخ باليستي إيراني في تل أبيب (رويترز)
TT

إسرائيل تقرر ضرب هدف استراتيجي في إيران

رجل يلتقط صورة لسيارة تضررت في المنطقة التي سقط فيها صاروخ باليستي إيراني في تل أبيب (رويترز)
رجل يلتقط صورة لسيارة تضررت في المنطقة التي سقط فيها صاروخ باليستي إيراني في تل أبيب (رويترز)

قررت الحكومة الإسرائيلية الرد على الهجوم الصاروخي الإيراني بتنفيذ عملية حربية في عمق أراضي إيران، تنال من موقع استراتيجي، على أن يتخذ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع، يوآف غالانت، «القرار النهائي والموعد»، مشددة على ضرورة التنسيق مع الحلفاء بقيادة الولايات المتحدة.

وجاء القرار في نهاية جلستين مطولتين للمجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية في الحكومة الإسرائيلية. وذلك بعدما أكدت تل أبيب أن إيران أطلقت 180 صاروخاً باليستياً، باتجاه أراضيها. وأتت العملية الإيرانية، في وقت نشرت فيه نتائج استطلاعين، أجريا في اليومين الأخيرين ودلت على أن الجيش بدأ يسترد ثقته وحتى نتنياهو الذي يعتبر من الشخصيات الأقل احتراماً، حظي بارتفاع في الثقة به. وهما مقتنعان بأن هذه النتائج جاءت بسبب رضى الجمهور عن التصعيد الحربي الذي يقودانه في لبنان والتهديدات لإيران.

ولذلك فإنه لا بد من الرد بقوة على الجبهتين، رغم أن الصواريخ الإيرانية لم تصب أحداً من سكان إسرائيل، وأصابت عاملاً فلسطينياً من قطاع غزة يعمل في أريحا.

وللمقارنة، فإن شابين فلسطينيين اثنين من الخليل نفذا عملية مسلحة في يافا قبيل الهجوم الإيراني، أسفرت عن مقتل 7 إسرائيليين وإصابة 15 آخرين، اثنان منهم في حالة حرجة.

ومع أن المخابرات الإسرائيلية ترى أن هذين الشابين قاما بالعملية في يافا بشكل مستقل وليس في إطار تنظيمات مقربة من طهران، فإن نتنياهو اختار أن يحمل إيران مسؤولية هذه العملية أيضاً.

لذلك، فإنه عملياً ألزم نفسه بتوجيه ضربة لإيران بأي ثمن. ويريدها ضربة موجعة. ولأن إيران أعلنت أنها سترد على أي رد إسرائيلي بشكل مضاعف، فقد لجأ نتنياهو إلى الحلفاء، والولايات المتحدة بشكل خاص، حتى تكون شريكة في اختيار الهدف وتولي مسؤولية الحوار مع طهران بشأن الحدود والسقف.

فلسطينيون يتفقدون حطام صاروخ إيراني اعترضته إسرائيل في مدينة الخليل بالضفة الغربية (أ.ب)

تضارب روايتين

وحرصت إيران على إبلاغ إسرائيل بهجمتها، أمس الثلاثاء، عن طريق الولايات المتحدة، كما حدث في هجوم 14 أبريل (نيسان) الماضي، عندما ردت طهران على قصف قنصليتها في دمشق.

ولذلك، فقد ظهر الناطق بلسان الجيش، دانيال هاغاري، ببيان إلى الناس قبل ساعتين من الهجوم وطلب منهم الاستعداد لدخول الملاجئ والغرف الآمنة لفترة طويلة. وضربت إيران باتجاه مواقع عسكرية بالأساس، وزعمت بأن 90 في المائة من الصواريخ أصابت الهدف.

لكن إسرائيل نفت ذلك وقالت إن غالبية الصواريخ تم تفجيرها في الفضاء. وإنه لم تقع إصابات.

وفي ظل تضارب الروايتين الإيرانية والإسرائيلية، فالصواريخ بغالبيتها تم تفجيرها فعلاً في الجو، لكن قسماً منها سقط في مواقع مختلفة وبينها مواقع حساسة، مثل القاعدة الجوية نبطيم في الجنوب، ومجمع عسكري شمالي تل أبيب وأحدها وقع قرب مطار بن غوريون في اللد.

وهناك إصابات بسبب تفجير الصواريخ في الجو، إذ وقعت الشظايا (من الصاروخ الإيراني المُدمَّر والصاروخ الإسرائيلي المُدمِّر)، في عدة بلدان في طول البلاد وعرضها، بما في ذلك في الضفة الغربية (أريحا، طوباس، طولكرم وجنين).

أشخاص يتفقدون حطام صاروخ باليستي إيراني في صحراء النقب بالقرب من البحر الميت جنوب إسرائيل (إ.ب.أ)

وحاولت إيران إبرام صفقة علنية مع إسرائيل، مفادها «ضربتنا إليكم، التي تعتبرونها أنتم فشلاً ذريعاً، هي بالنسبة إلينا نهاية المطاف. من جهتنا هذا هو ردنا على كل العمليات الخطيرة التي نفذتم ضدنا، مثل اغتيال إسماعيل هنية وحسن نصر الله وعباس نيلفروشان».

وحمل التوجه، إشارة من طهران على ما يبدو، إلى أنها لن تعترض على عمليات إسرائيل المتصاعدة في لبنان وسوريا والعمليات المستمرة في غزة والضفة الغربية والعمليات التي يمكن أن تقع ضد الحوثي في اليمن والأذرع الإيرانية في العراق. لكن القيادة الإسرائيلية السياسية والعسكرية تريد أكثر من ذلك إذ اعتبرت مجرد الإقدام على إطلاق صواريخ من إيران باتجاه إسرائيل تجاوزاً للخطوط الحمراء، يحتاج إلى رد قاسٍ رادع.

ضرب النووي الإيراني

وتلمس الإدارة الأميركية بوضوح أن نتنياهو يقترب من توريطها في حرب ضد إيران. فهو مقتنع بأن القيادة الإيرانية اتخذت القرار الذي امتنعت عنه طيلة سنين وقررت بشكل نهائي تطوير السلاح النووي. وهو يعتقد بأن الوقت قد حان لتحقيق مطامحه في ضرب هذا المشروع.

ولأنه يعرف بأن إسرائيل لا تمتلك القدرات لهذه المهمة، فإنه يريد جر الولايات المتحدة وحلفائها إلى القيام بالمهمة. لكن الإدارة الأميركية مقتنعة بأن الحل العسكري لا يضمن تدمير المشروع النووي الإيراني وأن المجال ما زال مفتوحاً للطرق الدبلوماسية، بل هي باشرت الحوار مع طهران في الموضوع وتعتقد بأن هناك توجهاً إيجابياً.

وترى الإدارة الأميركية أن نتنياهو يسعى قبل الحرب أيضاً لتخريب هذا الحوار ويستغل التوتر الحربي القائم منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي لدفع واشنطن إلى دفن الحل السياسي وتوجيه ضربات قاصمة لطهران.

ضابط في القوات الوطنية الفلسطينية يتفقد جزءاً من صاروخ أطلق خلال الضربة الإيرانية ضد إسرائيل في مدينة أريحا بالضفة الغربية (أ.ب)

وبناء عليه، تقيم واشنطن حواراً محموماً مع تل أبيب حول الرد الإسرائيلي على إيران، بمختلف المستويات السياسية والأمنية. وهناك قناة اتصال دائمة بين وزيري الدفاع، لويد أوستن، ويوآف غالانت. وبين رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هيرتسي هليفي، وبين قائد قوات القيادة المركزية الأميركية في الشرق الأوسط (سنتكوم)، مايكل كوريلا.

ويشير المراقبون الإسرائيليون إلى أن الطرفين يتدارسان خططاً عملية، يهدف الأميركيون فيها تحقيق بعض الأهداف الإسرائيلية ولكن بشكل يجعل إيران تعود إلى أسلوبها السابق «الصبر الاستراتيجي»، ويجعلها لا ترى نفسها مجبرة على الرد.


مقالات ذات صلة

طهران تحتج بعد توقيف «عنيف» لطالبَين إيرانيَين في روسيا

شؤون إقليمية رجل شرطة روسي يقف حارساً عند قبر الجندي المجهول في حديقة ألكسندر خارج الكرملين بموسكو (إ.ب.أ)

طهران تحتج بعد توقيف «عنيف» لطالبَين إيرانيَين في روسيا

احتجت إيران، الحليف الوثيق لموسكو، لدى السلطات الروسية بعد عملية توقيف «عنيفة» لطالبَين إيرانيين في مدينة قازان الروسية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري وعلي لاريجاني كبير مستشاري المرشد الإيراني في بيروت (أ.ب)

لاريجاني: رسالة خامنئي إلى الأسد وبري ستغيّر المعادلة

توقع مسؤول إيراني بارز تغيّر المعادلة في الشرق الأوسط بعد رسالة المرشد علي خامنئي الأخيرة إلى لبنان وسوريا.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

إيران ستستخدم أجهزة طرد مركزي متقدمة رداً على قرار «الطاقة الذرية» ضدها

قالت إيران إنها ستتخذ إجراءات عدة من بينها استخدام أجهزة طرد مركزي متقدمة، رداً على القرار الذي اتخذته «الوكالة الدولية للطاقة» الذرية مساء الخميس ضدها.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)

مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يصدر قراراً ضد إيران

اعتمد مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية مساء الخميس قراراً ينتقد رسمياً إيران بسبب عدم تعاونها بما يكفي فيما يتعلق ببرنامجها النووي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شؤون إقليمية صورة وزعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمديرها العام رافائيل غروسي في مستهل اجتماعها الربع السنوي في فيينا play-circle 01:24

دول غربية تدعو إيران إلى تدمير اليورانيوم عالي التخصيب «فوراً»

دعت دول غربية إيران إلى «تدمير اليورانيوم 60 % فوراً»، فيما رجحت تقارير أن يصوت مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية على قرار ضد إيران غداً الجمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

مسؤول إسرائيلي يوضّح كيف تسبب نتنياهو في قرار «الجنائية الدولية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

مسؤول إسرائيلي يوضّح كيف تسبب نتنياهو في قرار «الجنائية الدولية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

صرّح مسؤول كبير لهيئة البث العامة الإسرائيلية، اليوم الجمعة، بأن قرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار أمرَيْ اعتقال ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، كان من الممكن تجنبه لو سمح نتنياهو بفتح لجنة تحقيق رسمية في هجوم حركة «حماس» الفلسطينية يوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 والحرب التي اندلعت بسببه.

وقد رفض نتنياهو دعوات إجراء التحقيق، مدعياً أن مثل هذا التحقيق يجب أن ينتظر إلى ما بعد انتهاء الحرب، مع اتهامات من منتقديه أنه يحاول تجنب المسؤولية عن الفشل الذي حدث خلال الهجوم، وفق ما ذكرته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل».

وأوضح المسؤول الإسرائيلي الكبير، الذي لم يتم الكشف عن هويته، أن «الإجراءات التي تقررها المحاكم الدولية يتم اتخاذها ضد دول ليس لديها قضاء مستقل قادر على التحقيق بنفسه. وكان من شأن لجنة تحقيق أن تثبت أن إسرائيل مستعدة للقيام بذلك».

وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية، الخميس، مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت والقائد العسكري في حركة «حماس» الفلسطينية إبراهيم المصري المعروف باسم محمد الضيف، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في الحرب الدائرة بقطاع غزة.