المعارضة التركية لاستحضار انتخابات مبكرة حال حظر إمام أوغلو سياسياً

«الشعب الجمهوري» سيعلنه على الفور مرشحاً للرئاسة وسيؤجج ضغط الشارع

رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو (موقع حزب الشعب الجمهوري)
رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو (موقع حزب الشعب الجمهوري)
TT

المعارضة التركية لاستحضار انتخابات مبكرة حال حظر إمام أوغلو سياسياً

رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو (موقع حزب الشعب الجمهوري)
رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو (موقع حزب الشعب الجمهوري)

لوّح حزب «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة التركية، بالضغط للتوجه إلى انتخابات مبكرة حال تأييد حكم حبس رئيس بلدية إسطنبول، المنتمي إليه، أكرم إمام أوغلو، وحظر نشاطه السياسي في القضية المتعلقة بإهانة أعضاء المجلس الأعلى للانتخابات.

وقال مسؤولون بالحزب إنه في حال موافقة محكمة الاستئناف على الحكم الابتدائي وفرض الحظر على إمام أوغلو سيتم النظر في العديد من الخيارات، بما في ذلك الإعلان الفوري عن ترشيح إمام أوغلو لرئاسة الجمهورية، والضغط من أجل إجراء انتخابات مبكرة في أسرع وقت ممكن، وخلق ضغط شعبي عام من خلال عقد المؤتمرات الشعبية في جميع أنحاء الأناضول.

وكان مسؤولون بالحزب، إلى جانب الفريق القانوني للدفاع عن إمام أوغلو، عقدوا اجتماعاً، الثلاثاء، لتقييم الخطوات القانونية والسياسية التي سيتم اتخاذها ضد احتمال فرض حظر سياسي على إمام أوغلو، الذي حضر جانباً من الاجتماع.

إمام أوغلو وسط حشد من المواطنين في إسطنبول في أثناء افتتاح مطعم تابع للبلدية الثلاثاء (حسابه في إكس)

وقالت نائبة رئيس الحزب غل تشيفتشي، في تصريح قصير عقب الاجتماع الذي استمر حتى وقت متأخر ليل الثلاثاء - الأربعاء: «قمنا بتقييم العملية القانونية، والتكاليف التي ستتحملها تركيا حال اتخاذ قرار غير ديمقراطي وغير قانوني محتمل».

بدوره، قال نائب رئيس المجموعة البرلمانية لحزب «الشعب الجمهوري»، غوكان غونايدن: «إذا أيدت محكمة الاستئناف الحكم ضد إمام أوغلو فسنجوب الأناضول من مكان إلى آخر، وسنحول البلاد إلى وضع يفرض إجراء انتخابات، دون انتظار انتخابات مبكرة محتملة في 2026 - 2027، وأضاف: «لن يجرؤ أحد على اتخاذ هذا القرار عند الاستئناف».

وقضت محكمة تركية في 14 ديسمبر (كانون الأول) 2022 بحبس إمام أوغلو لمدة سنتين و7 أشهر و15 يوماً، ومنعه من ممارسة العمل السياسي لمدة 5 سنوات بتهمة «إهانة أعضاء المجلس الأعلى للانتخابات»، بسبب وصفهم بـ«الحمقى».

رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوغور أوزال (موقع الحزب)

قضية «الأحمق»

وبدأت القضية، التي باتت تُعرف إعلامياً باسم «قضية الأحمق»، عندما انتقد وزير الداخلية السابق، سليمان صويلو، إمام أوغلو، الذي تحدث في «المؤتمر الأوروبي للسلطات المحلية والإقليمية» عام 2019 قائلاً: «أقول للأحمق الذي يذهب إلى البرلمان الأوروبي ويشكو تركيا، إن هذه الأمة ستجعلك تدفع ثمن ذلك».

وردّ إمام أوغلو على صويلو قائلاً: «عندما ننظر إلى ما حدث وما يحدث في العالم وفي أوروبا، من حيث صورتنا في أعينهم، فسنجد أن من ألغى الانتخابات في إسطنبول هو الأحمق».

وعلى أثر ذلك، قدّم أعضاء «المجلس الأعلى للانتخابات» شكوى جنائية ضد إمام أوغلو بدعوى أنهم تعرّضوا للإهانة، وأقام مكتب المدعي العام في إسطنبول دعوى قضائية ضده بتهمة «الإهانة العلنية للموظفين العموميين الذين يعملون بصفتهم لجنة؛ بسبب واجباتهم».

وظلت القضية قيد الاستئناف أمام المستوى الأدنى من المحكمة العليا، التي تعدّ أيضاً «محكمة استئناف»، حتى الآن، لكن تأييدها القرار سيعني فرض الحظر السياسي على إمام أوغلو. وسيكون من حق إمام أوغلو، الذي وصف القضية بأنها «يأس كامل» من جانب الحكومة، الطعن على قرار محكمة الاستئناف أمام المحكمة العليا، في درجة تقاضٍ لاحقة.

وحذر إمام أوغلو، الذي ينظر إليه على أنه المرشح الأبرز لرئاسة تركيا بعد الرئيس رجب طيب إردوغان، من أنه إذا أيدت محكمة الاستئناف الحكم ضده، فسيدفع ذلك الشعب إلى التحرك، قائلاً: «الأمة ستنهض وستعلن العصيان».

إمام أوغلو ومنصور ياواش في المؤتمر العام لحزب «الشعب الجمهوري» في وقت سابق من سبتمبر الحالي (موقع الحزب)

وعدّ رئيس حزب «الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزال، في تصريحات، الثلاثاء، أن الحديث عن حكم محكمة الاستئناف الذي لم يصدر ولم تحدد له جلسة بعد يهدف إلى تهيئة الشارع التركي لتقبل القرار قبل صدوره، قائلاً: «لا يوجد مثل هذا الهراء، لا أعتقد أنهم (الحكومة) سيلحقون مثل هذا العار بتركيا مرة أخرى، ألم يعاقبهم الناخبون في إسطنبول بالفعل؟».

وأضاف: «لقد نصبوا فخاً لمحاولة منع إمام أوغلو من الترشح للرئاسة، وكان البيدق هو وزير الداخلية السابق سليمان صويلو، الجميع يعلم أن الأمر برمته يتحدث عن الحمقى، إذا لم يتعلموا الدرس من صفعة الديمقراطية في المرة الماضية (الانتخابات المحلية في مارس (آذار) الماضي)، فإن الأمة ستفعل شيئاً أسوأ بكثير من هذا، وهو ما سيكون سيئاً لهما؛ (الحكومة) وتركيا».

وتبني إدارة حزب «الشعب الجمهوري» خططها على عدم تأييد المحكمة العليا قرار الحظر، حتى لو أيدته محكمة الاستئناف في الدرجة الأدنى، ولهذا فإنها تخطط لزيادة الضغط الشعبي.

وفي حال انتهى الأمر بفرض الحظر على إمام أوغلو، فإن رئيس بلدية أنقرة، منصور ياواش، سيكون، من وجهة نظر مراقبين، هو المرشح الأول لرئاسة الجمهورية، وقد يفتح ذلك الطريق أيضاً للتفكير في ترشيح رئيس الحزب أوزغور أوزال نفسه للرئاسة.


مقالات ذات صلة

تركيا: ضغوط المعارضة والشارع تُجهض تشريع ضريبة لتمويل الصناعات الدفاعية

شؤون إقليمية إردوغان طلب إعادة تقييم مشروع ضريبة الصناعات الدفاعية ورفض النقاشات حول المواد الأربع الأولى من الدستور (الرئاسة التركية)

تركيا: ضغوط المعارضة والشارع تُجهض تشريع ضريبة لتمويل الصناعات الدفاعية

سحب حزب العدالة والتنمية الحاكم بتركيا مقترحه الخاص بمشروع قانون بشأن فرض ضريبة سنوية على بطاقات الائتمان وعلى معاملات أخرى، لتمويل صندوق دعم الصناعات الدفاعية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية البرلمان التركي (أرشيفية)

تركيا: جدل سياسي حاد حول ضريبة جديدة لدعم الصناعات الدفاعية

فجّر إعلان «حزب العدالة والتنمية» الحاكم في تركيا تقديم مشروع قانون إلى البرلمان لتحصيل ضريبة جديدة من حاملي بطاقات الائتمان لتمويل صندوق دعم صناعات الدفاع.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان التقى ميتسوتاكيس على هامش أعمال الجمعة العامة للأمم المتحدة في نيويورك (الرئاسة التركية)

تركيا واليونان إلى مفاوضات لحل مشكلات الحدود البحرية

كشف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عن احتمال إجراء مفاوضات مع اليونان لتحديد مناطق الولاية البحرية، ولمّح إلى إمكانية إجراء تغييرات في حكومته.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يصر على وضع دستور مدني جديد (الرئاسة التركية)

تركيا: مناقشات الدستور تتصاعد والمعارضة ترفض السير مع إردوغان

تتصاعد النقاشات حول الدستور الجديد لتركيا مع تحركات من جانب حزبي العدالة والتنمية الحاكم وشريكه في «تحالف الشعب»، حزب الحركة القومية، لطرح مشروعه على البرلمان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
شؤون إقليمية نساء يرفعن لافتات تطالب ابلعودة إلى اتفاقية إسطنبول لمنع العنف ضد المرأة في مظاهرة في إسطنبول (إعلام تركي)

تركيا تحجب منصة «ديسكورد» بعد الإشادة بجريمة قتل بشعة لشابتين

حجبت السلطات التركية الوصول إلى منصة الدردشة الأميركية «ديسكورد»، بعد انتقادات شديدة بسبب تعبير مستخدمين لها عن فرحتهم بجريمة قتل مزدوجة ارتكبها شاب في إسطنبول.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

تقرير: إسرائيل تخطط لشن هجمات على إيران تؤدي إلى «إسقاط النظام»

القبة الحديدية الإسرائيلية تتصدى للصواريخ الإيرانية (إ.ب.أ)
القبة الحديدية الإسرائيلية تتصدى للصواريخ الإيرانية (إ.ب.أ)
TT

تقرير: إسرائيل تخطط لشن هجمات على إيران تؤدي إلى «إسقاط النظام»

القبة الحديدية الإسرائيلية تتصدى للصواريخ الإيرانية (إ.ب.أ)
القبة الحديدية الإسرائيلية تتصدى للصواريخ الإيرانية (إ.ب.أ)

قالت صحيفة «تايمز» البريطانية إن إسرائيل تتشاور مع الولايات المتحدة بشأن الرد على الهجوم الصاروخي الذي شنته إيران هذا الشهر، وحددت إسرائيل أهدافاً تابعة لـ«لحرس الثوري» وقوات «الباسيج» وأيضاً هدفاً ثالثاً غير مباشر: ألا وهو التشجيع على تغيير النظام.

وذكرت أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ألمح إلى ذلك في كلمة مصورة، تم تقديمها على أنه خطاب إلى الشعب الإيراني، قبل أيام عدة من الهجوم الصاروخي الإيراني.

وقال نتنياهو: «لا تسمحوا لمجموعة صغيرة من رجال الدين المتعصبين بسحق آمالكم وأحلامكم... يجب أن يعرف شعب إيران أن إسرائيل تقف معكم، عندما تصبح إيران حرة أخيراً، وستأتي تلك اللحظة أسرع بكثير مما يعتقد الناس، سيكون كل شيء مختلفاً».

وقال المنتقدون إن الخطاب باللغة الإنجليزية ربما كان موجهاً إلى الدول الغربية والمعارضة الإيرانية التي تتخذ من الخارج مقراً لها.

ويأمل نتنياهو أن تساعد الغارات الجوية الإسرائيلية المستقبلية في إضعاف «الحرس الثوري» وقوات «الباسيج»، وهما دعامتان للنظام كانتا فعالتين في إخماد الاحتجاجات ضده.

وقال مسؤول غربي، هذا الأسبوع، عن خطة إسرائيل: «إنهم يخططون لضربهم بقوة»، مضيفاً أن هذا من شأنه أن يشجع المعارضة الإيرانية.

ووفقاً للصحيفة، لن يصدق نتنياهو، وهو شخص واقعي، أن موجة واحدة من الغارات الجوية، أو حتى موجات عدة، من شأنها أن تطيح بالنظام من خلال تشجيع انتفاضة شعبية.

لكن البعض في قيادة إسرائيل، بمن في ذلك وزراء الائتلاف اليميني المتطرف الذين يؤيدون اتخاذ إجراءات قاسية ضد إيران، يعتقدون أن هذه لحظة حاسمة يمكن أن تغير توازن القوى في منطقة تشعر بأنها محاصرة بين الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة، وإيران و«محور المقاومة» من جهة أخرى.

وقد تعزز هذا الرأي بالإطاحة برأس «حزب الله» حسن نصر الله، أقوى وكلاء إيران الذين زرعتهم لعقود لمواجهة إسرائيل.

وقال فراس مقصد، زميل بارز في مركز أبحاث معهد الشرق الأوسط: «توصلت إدارة جو بايدن والإسرائيليون إلى تفاهم عام مفاده أن المرحلة الأولى من الرد الإسرائيلي ستقتصر على الجيش و(الحرس الثوري) و(الباسيج)، وسيبتعدون عن المنشآت النووية والنفطية، واستهداف (الباسيج) و(الحرس الثوري) الإيراني من شأنه، كما يأمل البعض، أن يزيد من الضغوط على العلاقة بينهما وبين الشعب».

وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة قد لا تعتقد أيضاً أن النظام في إيران قد يتعرض للتهديد الفوري من قبل ثورة شعبية، فإنها ربما تكون قد تغاضت عن الفكرة لإقناع إسرائيل بعدم ضرب المنشآت النووية والنفطية.

وتريد الولايات المتحدة تجنُّب الهجمات على هذه المنشآت خوفاً من التصعيد: إما أن تسرع طهران من تخصيب اليورانيوم لتصنيع قنبلة نووية، وإما أن تهاجم حقول النفط في المنطقة؛ ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار قبل الانتخابات الرئاسية، الشهر المقبل، وإعطاء دونالد ترمب، المرشح الجمهوري، مزيداً من الوقود لحملته.

ومن المرجح أيضاً أن يؤدي أي هجوم من قِبل إسرائيل إلى إثارة مزيد من ردود الفعل من جانب إيران.

وقال مقصد: «يجب أن نفكر في ذلك بوصفه الطلقة الأولى. سيكون هناك رد إيراني، وهذا سيجعلنا نتجاوز الانتخابات في الولايات المتحدة. عند هذه النقطة، سيكون لدى نتنياهو مزيد من المرونة للرد بطريقة أكثر اتساعاً».

إن النجاحات التي حققتها إسرائيل مؤخراً ضد «حزب الله» في لبنان، بما في ذلك الهجمات التي قللت من القوة القتالية له والضربات الجوية التي قتلت شخصيات رئيسية، مثل نصر الله قد تشجع المتشددين في الائتلاف الحاكم الذي يرأسه نتنياهو على توسيع الحرب ضد عدوهم اللدود.

وقد لا تكون أجهزة الأمن والاستخبارات الإسرائيلية، التي درست إيران لعقود، مقتنعة أيضاً بأن الهجمات العسكرية أو السرية يمكن أن تطيح بالمرشد على خامنئي.

وقالت سنام فاكيل، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد تشاتام هاوس: «سأكون مندهشة إذا كانت الأجهزة الأمنية على استعداد لذلك، فمن المستحيل أن تحقق إسرائيل هذا المستوى من النجاح».

ويتفوق معارضو النظام القمعي في إيران على مؤيديه المحافظين؛ فقد سجلت نسبة المشاركة في الانتخابات البرلمانية والانتخابات الرئاسية هذا العام أدنى مستوياتها على الإطلاق، ودعوات المقاطعة، بعد عامين من قمع الاحتجاجات ضد معاملة النساء.

وقد يشير هذا الاتجاه إلى اقتناع كبير بين الإيرانيين بأن تغيير النظام، وليس الإصلاح، هو المطلوب، لكن قِلة من الناس قد يرحبون بذلك بناءً على طلب قوة أجنبية، كما يقول المحللون.

وقد تتخذ إيران، التي تشعر بالتهديد، إجراءات صارمة استباقية ضد أي علامات على المعارضة.