الاتحاد الأوروبي يتلقى إشارات إيرانية لإحياء المفاوضات النووية

طهران لم تزود «الذرية الدولية» بأي أجوبة حول نشاطاتها السرية

صورة نشرها موقع الوكالة الذرية الدولية من مؤتمر صحافي لمديرها العام رافاييل غروسي في فيينا الاثنين
صورة نشرها موقع الوكالة الذرية الدولية من مؤتمر صحافي لمديرها العام رافاييل غروسي في فيينا الاثنين
TT

الاتحاد الأوروبي يتلقى إشارات إيرانية لإحياء المفاوضات النووية

صورة نشرها موقع الوكالة الذرية الدولية من مؤتمر صحافي لمديرها العام رافاييل غروسي في فيينا الاثنين
صورة نشرها موقع الوكالة الذرية الدولية من مؤتمر صحافي لمديرها العام رافاييل غروسي في فيينا الاثنين

أرسلت إيران في الأسابيع الماضية إشارات إلى الاتحاد الأوروبي، الوسيط في المفاوضات النووية، تؤكد فيها حرصها على إعادة إحياء المفاوضات المتوقفة منذ عامين، حسبما علمت «الشرق الأوسط» من مصادر دبلوماسية أوروبية.

وأثار تعيين عباس عراقجي، الدبلوماسي الإيراني الذي كان يرأس وفد بلاده في المفاوضات النووية، وزيراً للخارجية الإيرانية، تساؤلات حول إمكانية إعادة إحياء الاتفاق النووي، وخاصة أن حكومة الرئيس مسعود بزشكيان وضعت «احتمالية إحياء الاتفاق ضمن أولوياتنا في السياسة الخارجية». ولكن حتى الآن ما زالت التعيينات في الخارجية الإيرانية لم تكتمل، ولم يعين عراقجي بعدُ نائباً له يمكنه التنسيق مع الطرف الأوروبي، وهو الدور الذي كان يؤديه هو في منصبه السابق في الخارجية خلال الجولات الأولى للمفاوضات عام 2021 قبل أن يتم استبدال به علي باقري كني.

وينتهي الاتفاق الذي انسحبت منه الولايات المتحدة عام 2018، العام المقبل، بعد توقيعه عام 2015 لمدة 10 سنوات.

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن أي مفاوضات جديدة ستكون «مبنية على أساس الاتفاق النووي الحالي بشكله المعدل»، ما يعني «إدخال تعديلات تتعلق بالمهل الزمنية المنتهية أو التي تنتهي في الأشهر المقبلة».

وأضافت المصادر: «يمكن أن نسميها ما شئنا؛ مفاوضات على اتفاق جديد أو الاتفاق المعدل نفسه، الواقع أنه ليس هناك حل إلا في رفع العقوبات مقابل التزامات نووية».

«مسار مختلف»

وأكدت المصادر كذلك أن التوترات الحالية بين إسرائيل وإيران لا تؤثر على المفاوضات النووية؛ لأنها مصنفة في «مسار مختلف». ولكن إضافة إلى هذه التوترات، برز في الساعات الماضية تصعيد جديد من جانب إيران قد يعقد العلاقات أكثر بينها وبين الدول الأوروبية، يتمثل بإرسالها صواريخ بعيدة المدى لروسيا، حسب ما أكد المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي بيتر ستانو. وكشف ستانو عن معلومات «استخباراتية تفيد بأن إيران زودت روسيا بصواريخ باليستية». وأضاف ملوحاً بعقوبات إضافية على إيران، أن الشركاء الأوروبيين يتشاورون في الخطوات المقبلة في حال التأكد من نقل تلك الأسلحة، ووصف الخطوة لو صحت بأنها «ستكون تصعيداً كبيراً».

ومن المستبعد أيضاً حصول أي تقدم على صعيد المفاوضات النووية قبل الانتخابات الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، رغم تقارير سابقة عن مفاوضات سرية بين الأميركيين والإيرانيين مطلع العام لتخفيض التصعيد النووي الإيراني، لم يكن الاتحاد الأوروبي وسيطاً فيها.

ومع ذلك أبدت إيران استعدادها لإجراء مفاوضات حول برنامجها النووي على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك نهاية الشهر الجاري. وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني الاثنين إن هناك «فرصة دبلوماسية» لإنعاش الاتفاق. وأشار إلى احتمال عقد مفاوضات ثنائية على هامش اجتماعات الجمعية العامة بين عراقجي ومفوض السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل.

يأتي هذا في وقت ما زال برنامج إيران النووي يتقدم، وتعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية يتراجع. وهناك العديد من القضايا العالقة تلقي بظلالها على العلاقة بين إيران والوكالة التابعة للأمم المتحدة، منها منع طهران دخول خبراء تخصيب ضمن فريق التفتيش وتقاعسها لسنوات عن تقديم تفسير لآثار يورانيوم عُثر عليها في مواقع غير معلنة.

وأبلغ رافائيل غروسي، أمين عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مجلس محافظي الوكالة الذي يضم 35 دولة الاثنين في بداية اجتماعه الدوري، بأن إيران مستمرة بتخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة و60 في المائة، وهي نسب أعلى بكثير من المسموح لها به ضمن الاتفاق النووي الذي يحدد سقفاً بـ3.67 في المائة للتخصيب.

كما أكد غروسي أن إيران لم تزود الوكالة بعدُ بأي أجوبة حول نشاطاتها النووية السرية التي فتحت فيها الوكالة تحقيقاً قبل سنوات.

«مرحلة مناسبة»

ورغم إعلان إيران بعد الانتخابات الرئاسية أنها ستُعدّ لاجتماع مع غروسي، فقد نفى الأمين العام تحديد موعد لذلك، وقال إنه يأمل أن يحصل اللقاء قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر المقبل.

ونفى غروسي كذلك أن تكون هناك أي خطط للقاء الرئيس الإيراني الجديد في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة.

وقال غروسي: «وافق (بزشكيان) على لقائي في مرحلة مناسبة». وتابع: «أشجع إيران على ترتيب هذا الاجتماع في المستقبل غير البعيد حتى نتمكن من إجراء حوار بناء يؤدي بسرعة إلى نتائج حقيقية».

وتتهم الدول الأوروبية الغربية التي كانت مشاركة في المفاوضات النووية الأخيرة في فيينا، إيران برفض العرض الذي قُدم لها، وبعرقلة العودة للاتفاق.

وانتهت في مارس (آذار) عام 2022 المفاوضات التي استمرت عامين في فيينا بين إيران من جهة، والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وبريطانيا وروسيا والصين، بوساطة الاتحاد الأوروبي، من دون إحياء الاتفاق. ويكرر مسؤولون غربيون أن إيران رفضت الاتفاق الذي طُرح أمامها، وأنها بقيت تصر على طرح مطالب خارج الاتفاق النووي، مما عرقل إعادة إحيائه.

ومنذ ذلك الحين، تخفض إيران تدريجياً من تعاونها مع الوكالة الذرية، وزادت من تخصيب اليورانيوم بنسب تزيد بكثير على المسموح لها به ضمن الاتفاق. وباتت تخصب يورانيوم بنسبة 60 في المائة، علماً أن الاتفاق لا يسمح لها بالتخصيب إلى مستويات أعلى من سقف الاتفاق النووي.

وفي يونيو (حزيران) الماضي، تبنى مجلس المحافظين التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية قراراً ضد إيران حثها فيه على التعاون مع الوكالة وخفض التصعيد النووي. وتكرر الدول الغربية أنه «لا سبب مدنياً مقنعاً» لإيران لتخصيب اليورانيوم بالمستويات التي تجري حالياً.

وردَّت إيران على القرار بإعلان توسيع نطاق قدرتها على التخصيب وتركيب مزيد من أجهزة الطرد المركزي في منشأتي نطنز وفوردو النوويتين.

قيود جديدة

وفي موقع فوردو المحفور داخل جبل، حيث يجري التخصيب حتى درجة نقاء تبلغ 60 في المائة، وهو ما يقترب من درجة 90 في المائة اللازمة لتصنيع الأسلحة، ركّبت طهران مجموعتين من ثماني مجموعات جديدة من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة من طراز (آي.آر-6)، وذلك في غضون أيام من إبلاغ الوكالة الدولية بعزمها على ذلك. وبعد أسبوعين ركّبت مجموعتين إضافيتين. وبحلول نهاية الربع أظهرت أحدث تقارير الوكالة الدولية أن إيران أكملت تركيب جميع المجموعات الثماني الجديدة ولكنها لم تبدأ العمل بعد.

وفي منشأة نطنز الأكبر حجماً والواقعة تحت الأرض، حيث يجري أيضاً تخصيب اليورانيوم بدرجة نقاء تبلغ 5 في المائة، شغلت طهران 15 جهازاً متقدماً من أجهزة الطرد المركزي من طرازات أخرى. وقال غروسي: «ما نراه هو أن هناك بعض العمل، ولكن لا شيء يشير إلى الإسراع في تنفيذ زيادة كبيرة في التخصيب».

وكثفت إيران أنشطتها النووية منذ 2019 بعد انسحاب الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترمب، من اتفاق جرى التوصل إليه في عهد سلفه باراك أوباما، ووافقت طهران بموجبه على وضع قيود على أنشطتها النووية مقابل رفع عقوبات دولية مفروضة عليها. ويقول دبلوماسيون غربيون إن هناك نية لإجراء محادثات حول قيود جديدة في حالة فوز مرشحة الحزب الديمقراطي في انتخابات الرئاسة الأمريكية كامالا هاريس.


مقالات ذات صلة

«سناب‌ باك» يعمق التوتر بين طهران والغرب

شؤون إقليمية إيرانيون يسيرون قرب جدارية دعائية في طهران تستلهم شخصية من الأساطير الفارسية وهي تطلق صواريخ الأربعاء (إ.ب.أ) play-circle

«سناب‌ باك» يعمق التوتر بين طهران والغرب

حذر نائب إيراني بارز من لجوء طهران إلى خيارات «غير متوقعة» للأوروبيين، إذا أقدمت فرنسا وألمانيا وبريطانيا على تفعيل آلية «سناب باك» لإعادة العقوبات الأممية.

«الشرق الأوسط» (لندن-طهران)
شؤون إقليمية جنود إسرائيليون يسيرون في مستوطنة غوش عتصيون بالضفة الغربية 10 يوليو 2025 (أ.ب)

إسرائيل تتهم جندياً بالتجسس لصالح إيران

قالت الشرطة وجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي «شين بيت»، في بيان، الخميس، إن السلطات الإسرائيلية وجّهت لجندي إسرائيلي تهمة التجسس لصالح إيران مقابل المال.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يتوسط نظيره الإيراني عباس عراقجي ومدير «الذرية الدولية» رافائيل غروسي في القاهرة مطلع يونيو الماضي (إ.ب.أ)

مصر تؤكد أهمية استئناف المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني

شددت القاهرة على «ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل بشكل كامل»، مؤكدة أهمية استئناف المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
خاص العلاقات بين مصر وإيران شهدت انفراجة ملحوظة مع زيارة عراقجي إلى القاهرة (الرئاسة المصرية)

خاص مصر ترى تغيير اسم شارع «الإسلامبولي» نقلة في علاقاتها مع إيران

المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير تميم خلاف، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «تغيير اسم الشارع خطوة جيدة في العلاقات المصرية-الإيرانية».

هشام المياني (القاهرة)
شؤون إقليمية ملصق لمنشأة تخصيب اليورانيوم في «فوردو» يُعرض خلال مؤتمر صحافي في البنتاغون يوم 26 يونيو الماضي (أ.ف.ب) play-circle

الضربة الأميركية دمّرت منشأة نووية واحدة فقط في إيران

أفاد تقرير استخباراتي أميركي بأن غارات الشهر الماضي ضد منشآت نووية إيرانية أسفرت في الغالب عن تدمير موقع واحد فقط من أصل 3.

«الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن)

إسرائيل تطالب الأمم المتحدة بإلغاء لجنة معنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية

تنتقد إسرائيل بانتظام نتائج اللجنة المفوضة من الأمم المتحدة التي تندد بتصرفات الجيش الإسرائيلي في غزة (أ.ف.ب)
تنتقد إسرائيل بانتظام نتائج اللجنة المفوضة من الأمم المتحدة التي تندد بتصرفات الجيش الإسرائيلي في غزة (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تطالب الأمم المتحدة بإلغاء لجنة معنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية

تنتقد إسرائيل بانتظام نتائج اللجنة المفوضة من الأمم المتحدة التي تندد بتصرفات الجيش الإسرائيلي في غزة (أ.ف.ب)
تنتقد إسرائيل بانتظام نتائج اللجنة المفوضة من الأمم المتحدة التي تندد بتصرفات الجيش الإسرائيلي في غزة (أ.ف.ب)

ورد في رسالة اطلعت عليها «رويترز» أن إسرائيل طالبت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بإلغاء لجنة تحقق في انتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية وإسرائيل، متهمة إياها بالتحيز.

ووفقاً لـ«رويترز»، قال دانيال ميرون سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة في الرسالة التي بعث بها، أمس الأربعاء، إن لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية وإسرائيل تمارس التمييز ضد بلاده.

وتنتقد إسرائيل بانتظام نتائج اللجنة المفوضة من الأمم المتحدة، التي تندد بتصرفات الجيش الإسرائيلي منذ هجومه على قطاع غزة بعد الهجوم الذي شنته حركة «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

ويمكن للجنة تقديم أدلة تستخدم في التحقيقات التمهيدية قبل المحاكمة في محاكم مثل المحكمة الجنائية الدولية. وكان مجلس حقوق الإنسان أنشأ اللجنة في مايو (أيار) 2021 خلال أعمال قتالية سابقة بين إسرائيل و«حماس».

وجاء في الرسالة: «لا تشكل لجنة التحقيق، سواء في اختصاصها أو في عمل أعضائها، سوى مظهر من مظاهر التمييز المؤسسي ضد إسرائيل في مجلس حقوق الإنسان».

وقال المتحدث باسم المجلس باسكال سيم إن رئيس المجلس يورغ لاوبر تلقى الرسالة، لكنه لا يملك سلطة إلغاء اللجنة. وأضاف سيم أن الأمر متروك لأعضاء المجلس البالغ عددهم 47 عضواً.

وفي مارس (آذار)، ذكرت اللجنة في تقرير أن إسرائيل ارتكبت «أعمال إبادة جماعية» ضد الفلسطينيين.

ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نتائج التقرير بأنها منحازة ومعادية للسامية.

وانسحبت إسرائيل من مجلس حقوق الإنسان في فبراير (شباط).