انقسام في إيران بشأن دعوة عراقجي لمفاوضات نووية جديدة

عراقجي ينتظر وصول وفد قطري في مقر الخارجية الإيرانية اليوم (أ.ف.ب)
عراقجي ينتظر وصول وفد قطري في مقر الخارجية الإيرانية اليوم (أ.ف.ب)
TT

انقسام في إيران بشأن دعوة عراقجي لمفاوضات نووية جديدة

عراقجي ينتظر وصول وفد قطري في مقر الخارجية الإيرانية اليوم (أ.ف.ب)
عراقجي ينتظر وصول وفد قطري في مقر الخارجية الإيرانية اليوم (أ.ف.ب)

انقسمت الصحف الإيرانية حول أول مواقف وزير الخارجية الإيراني الجديد عباس عراقجي بشأن الاتفاق النووي لعام 2015، وإمكانية إحيائه، بهدف رفع العقوبات الأميركية.

ونفى عراقجي الأحد، «موت» الاتفاق النووي بين إيران والدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، بالإضافة إلى ألمانيا، حول برنامج طهران النووي المثير للجدل. وتراجع عراقجي بذلك، عن الإشارة إلى موت الاتفاق النووي، والحاجة إلى مفاوضات جديدة، في أول حديث للتلفزيون الرسمي، بعد توليه مهامه الوزارية الأربعاء الماضي.

وانهار الاتفاق النووي بعدما انسحب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب من الاتفاق في 2018، لعدم معالجته أنشطة «الحرس الثوري» في المنطقة، خصوصاً توسع برنامج إيران للصواريخ الباليستية، والطائرات المسيرة. وردت إيران على الخطوة الأميركية بسلسلة من الإجراءات للتحلل من التزامات الاتفاق، وكانت أهم الإجراءات بدأت مع تولي الرئيس جو بايدن مهامه في البيت الأبيض، عندما رفعت طهران نسبة تخصيب اليورانيوم بنسب تتراوح بين 20 إلى 60 في المائة، وخفضت مستوى التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وأخفقت محاولات إدارة بايدن لإحياء الاتفاق بعد ست جولات من التفاوض في فيينا أشرف عليها عراقجي من الجانب الإيراني، بين أبريل (نيسان) ويونيو (حزيران) 2021، وأسابيع من التفاوض مع الحكومة الإيرانية السابقة برئاسة إبراهيم رئيسي. وتأثر المسار الدبلوماسي بشكل كبير مع اندلاع الحرب في أوكرانيا، وتجدد عزلة طهران في أعقاب احتجاجات شعبية حاشدة في سبتمبر (أيلول) 2022، قبل عام من هجوم طوفان الأقصى الذي أشعل فتيل الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس».

وخلال حملة الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وعد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، برفع العقوبات وتحسين الوضع المعيشي، وذلك بعدما انتقد مع حليفه وزير الخارجية الأسبق، محمد جواد ظريف قانون أقره البرلمان في ديسمبر 2020، وصعدت إيران بموجبه مسار الابتعاد من التزامات الاتفاق النووي.

ولكن بعد الانتخابات تراجع كل من بزشكيان وظريف من انتقاداتهما للقانون والبرلمان وتعهدا بخوض أي مفاوضات مع الامتثال للقوانين الداخلية. وبعد مثوله أمام البرلمان لشرح برامجه، أكد عراقجي بدوره التزامه بالقانون.

وقال عراقجي للتلفزيون الرسمي: «الآن، إحياء المفاوضات ليس سهلاً كما كان في الماضي، ويجب على الجميع أن يدرك ذلك، الظروف الدولية تغيّرت، وقد حدثت الحرب في أوكرانيا التي أثّرت بعمق في النظرة الأمنية للأوروبيين، وما يُعرف بالترتيبات الأمنية الدولية، كما أن الحرب في غزة، والهجوم الذي شنّه النظام الصهيوني، والقتل الذي وقع هناك، كل ذلك قد غيّر الظروف الإقليمية بشكل كامل».

وأضاف: «الصورة الحالية تختلف عن الصورة السابقة، حتى في الاتفاق النووي نفسه، فإن بعض التواريخ التي كانت موجودة قد انقضت، وبالتالي فإن الاتفاق النووي بالشكل الحالي لا يمكن إحياؤه، وبمعنى آخر، يجب إعادة فتح هذه الوثيقة وتعديل بعض أجزائها، وهذا ليس بالأمر السهل، فكما تعلمون عندما يتم فتح وثيقة فإن جمعها مرة أخرى يكون عملاً شاقاً».

وتابع: «يجب أن تبدأ مفاوضات جديدة، ومع ذلك، كما ذكرت، الظروف في أوروبا صعبة، وفي الولايات المتحدة هم مشغولون بالانتخابات؛ لذا لن تكون المهمة سهلة».

في وقت لاحق، قال عراقجي للصحافيين إن تصريحاته المتلفزة لا تعني موت الاتفاق النووي. وقال: «سنواصل التفاوض... لن نتعجّل أو نتأخّر دون داعٍ في هذا المجال، سنتشاور مع الأطراف المختلفة؛ لكي نتمكّن من تحقيق مصالح الشعب الإيراني».

وكان لافتاً أن تصريحات عراقجي جاءت بعد ساعات من أول محادثات هاتفية مع نظرائه في فرنسا وألمانيا وبريطانيا، وكذلك مع مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الذي يُنسق فريقه المفاوضات المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني.

وعنونت صحيفة «سازندكي» الإصلاحية «إعادة إعمار الاتفاق النووي»، وذكرت أن عراقجي أبلغ نظراءه الأوروبيين أن «الاتفاق بشكله الحالي لا يمكن إحياؤه ويجب أن تحدث فيه تغييرات».

أما صحيفة «خراسان» المتشددة فقد اعتبرت القرار 2231 الخاص بالاتفاق النووي الذي ينتهي في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وكذلك الحرب في قطاع غزة، ودور إيران في النظام الدولي، «من التحديات التي تواجه عراقجي».

من جانبها، تساءلت صحيفة «فرهيختغان» التي يترأس مجلس إدارتها علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الإيراني في الشؤون الدولية: «أي مفاوضات، وأي اتفاق نووي؟». وأشارت الصحيفة إلى تساؤلات حول إطار التفاوض الجديد الذي يقصده عراقجي. وقال محلل الشؤون الدولية، حسين بهشتي بور، إن تصريحات عراقجي أظهرت أن «السياسة الخارجية الإيرانية لا تتغير بتغيير الحكومات، وأنها تعود لنظام الجمهورية الإسلامية، تشارك الحكومات في صناعة القرارات، لكن تنفيذها بحاجة إلى مصادقة المرشد علي خامنئي».

وتحت عنوان «سلام آخر للاتفاق النووي»، اتهمت صحيفة «آرمان ملي» الإصلاحية خصوم الاتفاق النووي بإثارة القضايا الهامشية حول تصريحات عراقجي. ورأت الصحيفة أن «الحكومة الجديدة بتوجهها الوسطي ستتخذ القرار على أساس مصالحها الوطنية، إذا لم تعرقل الأطراف الأخرى مسار المفاوضات».

وأشارت الصحيفة إلى دعم مشرعين سبق أن عارضوا المفاوضات بشدة لإحياء المسار التفاوضي. وقال النائب مجتبى ذو النوري الذي أحرق مسودة الاتفاق النووي على منصة البرلمان بعد انسحاب ترمب من الاتفاق إن «قرار إحياء الاتفاق من عدمه يتطلب إجماع السلطات الثلاث (الحكومة، البرلمان، والقضاء) بالإضافة إلى المجلس الأعلى للأمن القومي». وقال «إذا كان هناك إجماع وطني، بالتأكيد سندعم أي قرار يتخذه نظام الحكم، بما في ذلك إحياء الاتفاق». ومع ذلك، قال المحلل السياسي مهدي مطهرنيا للصحيفة إن «الاتفاق النووي ميت ولا يمكن إحياؤه».


مقالات ذات صلة

«البنتاغون»: التهديد بشن إيران أو وكلائها هجوماً على إسرائيل ما زال قائماً

الولايات المتحدة​ مبنى البنتاغون في واشنطن بالولايات المتحدة في 3 مارس 2022 (رويترز)

«البنتاغون»: التهديد بشن إيران أو وكلائها هجوماً على إسرائيل ما زال قائماً

قالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، اليوم (الاثنين)، إن الولايات المتحدة ترى أن التهديد بشن إيران أو وكلائها هجوماً على إسرائيل لا يزال قائماً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية عراقجي يستقبل نظيره القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في طهران اليوم (الخارجية الإيرانية)

وزيرا خارجية قطر وإيران يبحثان وقف إطلاق النار في غزة

أجرى وزير الخارجية الإيراني الجديد، عباس عراقجي، مباحثات مع نظيره القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني تناولت وقف إطلاق النار بقطاع غزة، وتعزيز العلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية أفراد أمن إيرانيون يجهزون الحبال للمشنقة (متداولة)

إيران تنفّذ إعداما علنيا نادرا بحق رجل أدين بقتل محامٍ

نفّذت إيران، الاثنين، عملية إعدام علنية نادرة لرجل أدين بقتل محامٍ قبل عامين، وفق ما ذكرت وسائل إعلام رسمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية وزیر الدفاع الإيراني الجنرال عزيز نصيرزاده يتسلم مرسوم منصبه من رئيس الأركان محمد باقري الذي يتوسط قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي وقائد الجيش عبد الرحيم موسوي في طهران اليوم (إرنا)

إيران: ردنا سيكون منفصلاً ومستقلاً عن «محور المقاومة»

قال وزير خارجية إيران عباس عراقجي إن طهران لا تسعى لزيادة التوتر في الشرق الأوسط، فيما دعاه نظيره الإيطالي أنطونيو تاياني لتهدئة الوضع في لبنان والبحر الأحمر.

«الشرق الأوسط» (روما - طهران)
تحليل إخباري عراقجي في مقابلة مع التلفزيون الرسمي مساء الجمعة

تحليل إخباري هل مات الاتفاق النووي لعام 2015؟

شكّك وزير الخارجية الإيراني الجديد في إمكانية العودة للاتفاق النووي لعام 2015.

عادل السالمي (لندن)

تركيا تسقط مسيّرات تابعة لـ«العمال الكردستاني» شمال العراق

جنود أتراك مشاركون في عملية «المخلب - القفل» شمال العراق (وزارة الدفاع التركية)
جنود أتراك مشاركون في عملية «المخلب - القفل» شمال العراق (وزارة الدفاع التركية)
TT

تركيا تسقط مسيّرات تابعة لـ«العمال الكردستاني» شمال العراق

جنود أتراك مشاركون في عملية «المخلب - القفل» شمال العراق (وزارة الدفاع التركية)
جنود أتراك مشاركون في عملية «المخلب - القفل» شمال العراق (وزارة الدفاع التركية)

قالت وزارة الدفاع التركية إن القوات المشاركة في عملية «المخلب - القفل» العسكرية في شمال العراق أسقطت مسيّرات تابعة لحزب العمال الكردستاني (المحظور) وقتلت 11 من عناصره. وأضافت الوزارة، في بيان، الأحد، أنه تم إسقاط المسيّرات التابعة لـ«التنظيم الإرهابي» (العمال الكردستاني) قبل أن تتمكن من إلحاق أي ضرر بالوحدات العسكرية التركية.

وفي بيان آخر، ذكرت الوزارة أن القوات التركية قتلت 11 من مسلحي الحزب في منطقة أسوس، ومناطق عملية «المخلب - القفل»، وأن القوات تواصل مكافحتها للإرهاب «بحزم وإصرار»، وتطارد العناصر الإرهابية بلا هوادة. وصعدت تركيا من ضرباتها على مواقع «العمال الكردستاني» خلال الفترة الأخيرة، في إطار عملية «المخلب - القفل»، المستمرة منذ 17 أبريل (نيسان) 2022.

وقالت وزارة الدفاع التركية، الجمعة، إن القوات المشاركة في العملية قتلت 16 من عناصر العمال الكردستاني في مناطق هاكورك، وأسوس، وكاره، ومتينا في شمال العراق. وقال جهاز مكافحة الإرهاب في إقليم كردستان العراق، في اليوم ذاته، إن ضربة بطائرات مسيّرة شنتها تركيا، أسفرت عن مقتل 3 من أعضاء «العمال الكردستاني» كانوا داخل سيارة قرب مدينة السليمانية في شمال العراق. وأضاف الجهاز، في بيان، أن عضواً بارزاً في الحزب وسائقه وحارساً قتلوا في الهجوم.

جانب من اجتماع الآلية الأمنية رفيعة المستوى بين تركيا والعراق في أنقرة في 15 أغسطس (وزارة الدفاع التركية)

وبدأ حزب العمال الكردستاني حملة مسلحة ضد الدولة التركية في 1984، في مسعى لتأسيس منطقة حكم ذاتي في جنوب شرقي البلاد وفي بعض مناطق العراق وسوريا وإيران. وأدت المواجهات منذ ذلك الحين إلى مقتل أكثر من 40 ألف شخص، ما بين عسكريين ومدنيين وعناصر من الحزب، الذي يتخذ من جبال قنديل، شمال العراق، معقلاً له، وينشط في عدد كبير من المدن والمناطق والأودية، يشن منها هجمات على الداخل التركي.

ووقعت تركيا والعراق، خلال الاجتماع الرابع لآلية التعاون الأمني رفيع المستوى، الذي عُقد في أنقرة في 15 أغسطس (آب) الحالي، مذكرة تفاهم سيوفر الطرفان، بموجبها، التدريب العسكري وإنفاذ القانون ومكافحة المنظمات الإرهابية، وضمان الأمن المشترك للحدود، ومكافحة الهجرة غير الشرعية والتسلل عبر الحدود المشتركة.

وقال مسؤول عسكري تركي، الخميس الماضي، إنه سيتم إنشاء «مركز تنسيق أمني ​​مشترك في بغداد، وسيديره بشكل مشترك قائد برتبة جنرال يعيّنه العراق وتركيا، ولن يعمل في المركز عسكريون فقط، بل سيعمل فيه أيضاً موظفون مدنيون، كما سيتم إنشاء مركز مشترك للتدريب والتعاون في قاعدة (بعشيقة) التابعة للجيش العراقي، وتنفيذ أنشطة في مجال التدريب وتبادل المعلومات والخبرات لهدف رئيسي، هو القضاء على التهديدات التي تشكلها المنظمات الإرهابية على المنطقة، وحماية أمن وسيادة كل من تركيا والعراق». وأكد المصدر أن مذكرة التفاهم لا تتضمن أي نص يتعلق بانسحاب القوات التركية من شمال العراق.

تركيا والعراق وقّعا مذكرة تفاهم للتعاون العسكري والأمني تستهدف «العمال الكردستاني» (وزارة الخارجية التركية)

في سياق متصل، كشفت المخابرات التركية عن مقتل القيادي في العمال الكردستاني، عبد الحميد كابار، الذي كان يُعرف بالاسم الحركي «تكين غوي» في عملية نفذتها في القامشلي بمحافظة الحسكة شمال شرقي سوريا، بعد ملاحقته لفترة طويلة.

وقالت مصادر أمنية تركية، الأحد، إن كابار كان يُعَد من مسؤولي العمال الكردستاني في المجال اللوجيستي والتمويل، والتحق بالحزب عام 1992، وانتقل ضمن صفوفه من العراق إلى سوريا عام 2018. وسبق أن أدرجت وزارة الداخلية التركية كابار على اللائحة الخضراء للمطلوبين، بعد تنفيذه عملية ضد مخفر لقوات الدرك في ولاية شرناق (جنوب شرقي تركيا) عام 1992، ما أسفر عن مقتل 26 من عناصر الدرك، وتم اختطاف اثنين.