يحتل التعاون الدفاعي بين مصر وتركيا جانباً مهماً من المباحثات خلال الزيارة المرتقبة للرئيس عبد الفتاح السيسي لأنقرة في 4 سبتمبر (أيلول) المقبل.
ويرافق السيسي خلال الزيارة، التي تعد الأولى له لتركيا ويعقد خلالها اجتماع المجلس الاستراتيجي رفيع المستوى للعلاقات بين البلدين، وفد كبير يضم وزراء ومسؤولين ورجال أعمال، بحسب ما ذكرت وسائل إعلام تركية.
وذكر تقرير لموقع «صنايع غازيته» التركي، الاثنين، أن مصر قد تفكر في تزويد قواتها الجوية بمقاتلات الجيل الخامس التركية «كآن» التي تم اختبارها بنجاح مؤخراً.
تعاون متزايد
ووقع السيسي وإردوغان خلال زيارة الرئيس التركي للقاهرة، التي كانت الأولى بعد 12 عاماً، عدداً من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين البلدين، كما وقعا على إعلان مشترك حول «إعادة تشكيل اجتماعات مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى بين البلدين».
وشهدت الأشهر الماضية، التي أعقبت زيارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى مصر في 14 فبراير (شباط) الماضي، نشاطاً مكثفاً لتعزيز مجالات التعاون بين البلدين، بعد انتهاء فترة توتر استمرت لأكثر من 10 سنوات بسبب موقف أنقرة من الثورة على حكم جماعة «الإخوان المسلمين» المحظورة.
ونقل الموقع التركي عن كبير محللي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في شركة «مخاطر الاستخبارات» الأميركية (رين)، ريان بول، أن الجيش المصري لا يزال يريد، بشدة، الحصول على طائرات مقاتلة من الجيل الرابع أو الخامس، لافتاً إلى أنه بعد تعذر الحصول على 20 مقاتلة من طراز «إف35» الشبحية الأميركية
ورد أن المسؤولين المصريين ناقشوا شراء طائرات مقاتلة من الجيل الرابع أو الخامس من الصين، وقد يكون هذا علامة على أن القاهرة إما تسعى بجدية للحصول على طائرات متقدمة من منافس لأميركا أو الضغط عليها للحصول على مقاتلات «إف35»، التي وعد بها الرئيس السابق، دونالد ترمب، شفهياً، بالحصول عليها.
اهتمام مصري بمقاتلات الجيل الخامس
وقال إن قائمة الرغبات المصرية تتضمن مقاتلة الجيل الرابع «جي - 10 سي فيغروس دراغون» العاملة في القوات الجوية الصينية والباكستانية، وطائرة «إف سي - 31 غيرفالكون» من الجيل الخامس، والتي لا تزال نموذجاً أولياً، حتى أن أحد التقارير في أغسطس (آب) الحالي زعم أن المسؤولين المصريين يسعون للحصول على مقاتلة الجيل الخامس الرائدة في الصين، «جي - 20 مايتي دراغون»، التي تتردد الصين في بيعها لدول أخرى.
وذهب إلى أنه من المرجح أن تكون مصر حذرة بشأن إزعاج الولايات المتحدة بشراء طائرات حربية صينية الصنع ومتقدمة، كما سيتعين عليها أيضاً التعامل مع المخاوف الإسرائيلية بشأن ما قد يشير إليه هذا النوع من الشراء بشأن نوايا مصر المستقبلية تجاه إسرائيل.
ولفت إلى أن هناك قانونين أميركيين يجعلان من الصعب على مصر شراء مقاتلات «إف35»، الأول أقر عام 2008 ويتعلق بالتزام الولايات المتحدة بدعم ما يسمى بالتفوق العسكري النوعي لإسرائيل على الدول العربية، والثاني قانون مكافحة أعداء أميركا بالعقوبات (كاتسا) للعام 2017، والذي يفرض عقوبات على الدول التي تشتري أسلحة ومعدات عسكرية من خصوم أميركا.
وقال بول، إنه من غير الواضح ما إذا كانت القاهرة قادرة على إقناع واشنطن بإلغاء حظرها على بيعها طائرات «إف35» في أي وقت قريب، لكن مصر قد يكون لديها خيار ثالث للحصول على مقاتلات شبحية تتجاوز الصين والولايات المتحدة، بالاستفادة من دول مثل كوريا الجنوبية وتركيا والهند التي تطور طائرات شبحية، وقد تكون طائرة «تي إف كآن» التركية مناسبة نظراً لأنها الأكثر تقدماً وتطرحها أنقرة كخيار للتصدير.
وأعلنت تركيا، في فبراير الماضي، بعد أسبوع واحد من زيارة إردوغان للقاهرة، نجاح تجربة تحليق أول مقاتلة محلية الصنع من الجيل الخامس (كآن) بعد إجراء تجارب عليها على المدرج في يناير (كانون الثاني)، وبذلك أصبحت تركيا من بين 5 دول في العالم تقوم بتصنيع مقاتلات الجيل الخامس.
ويمكن للمقاتلة التركية أداء مهام قتالية «جو-جو»، وتنفيذ ضربات دقيقة من فتحات الأسلحة الداخلية بسرعة تفوق سرعة الصوت.
بحث الإنتاج المشترك
وفي أواخر أبريل (نيسان) الماضي زار رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصري السابق، الذي عين مؤخراً مستشاراً لرئيس الجمهورية للشؤون العسكرية، الفريق أسامة عسكر، أنقرة، بدعوة من رئيس هيئة الأركان التركي، الفريق أول متين غوراك، كأرفع مسؤول عسكري مصري يزور تركيا منذ ما يزيد على عقد كامل.
وأكد الجانبان، خلال المباحثات، تطلعهما إلى زيادة أوجه التعاون العسكري في العديد من المجالات خلال المرحلة المقبلة، من بينها التعاون في مجال الصناعات الدفاعية والإنتاج المشترك.
وقام عسكر بجولة تفقدية شملت عدداً من الشركات المتخصصة في مجال الصناعات الدفاعية في أنقرة وإسطنبول، منها شركة «بايكار» وشاهد عدداً من الطائرات المسيرة القتالية من طرز مختلفة، منها «حرجيت»، وهي طائرة تدريب متقدم وهجوم خفيف، من تطوير الشركة التركية لصناعات الطيران والفضاء (توساش)، والطائرة المسيرة «كيزيل إلما» المخصصة لأغراض القتال الجوي، وتنتجها شركة «بايكار»، إلى جانب المسيرة «بيرقدار تي بي 2»، والمروحية «تي - 129» التي طورتها «توساش» بالتعاون مع شركة «أوجوستا ويستلاند» الإيطالية.
وكانت شركة «بيكار»، التي يرأسها، سلجوق بيرقدار، صهر الرئيس التركي، عرضت المسيرة القتالية «بيرقدار تي بي 2» في معرض «إيديكس» 2023، في القاهرة، في المرة الأولى التي شاركت فيها شركة تركية بالمعرض الدولي للصناعات الدفاعية والعسكرية.
وتتجه مصر وتركيا إلى تعزيز تعاونهما العسكري وفي مجال الصناعات الدفاعية والإنتاج المشترك، وبحسب ما أكد السفير المصري السابق لدى أنقرة، عبد الرحمن صلاح، لـ«الشرق الأوسط»، فإن هذه المسألة ستبحث خلال زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لتركيا، وهناك اتفاق بين الجانبين على التعاون ليس فقط على المبيعات بل الإنتاج المشترك للطائرات المسيرة وغيرها ولن يكون الإنتاج في تركيا فحسب، بل في مصر أيضاً.
وأضاف أن أوجه التعاون العسكري بين البلدين لا تقتصر على إمكانية حصول مصر على المسيّرات التركية فحسب، لكن تمتد لمجال التصنيع المشترك، خصوصاً مع التوجه المصري نحو تصنيع المعدات العسكرية محلياً.