عراقجي يتعهد بسياسة خارجية تتسق مع توجيهات خامنئي

أولوياته الصين وروسيا... و«إدارة العداء» مع واشنطن ومنتفح على أوروبا لمنع الإجماع ضد إيران

عراقجي يشرح برنامجه لنواب البرلمان قبل التصويت على منح الثقة (تسنيم)
عراقجي يشرح برنامجه لنواب البرلمان قبل التصويت على منح الثقة (تسنيم)
TT

عراقجي يتعهد بسياسة خارجية تتسق مع توجيهات خامنئي

عراقجي يشرح برنامجه لنواب البرلمان قبل التصويت على منح الثقة (تسنيم)
عراقجي يشرح برنامجه لنواب البرلمان قبل التصويت على منح الثقة (تسنيم)

دافع مرشح وزير الخارجية في الحكومة الجديدة، الدبلوماسي المخضرم عباس عراقجي، عن سجله وبرامجه، وسط انقسام النواب بين انتقادات حادة لدوره في مفاوضات الاتفاق النووي لعام 2015، وارتياح من التزامه بتوصيات المرشد، وخلق التفاعل بين الدبلوماسية و«الميدان»، في إشارة إلى دور «الحرس الثوري» في السياسة الخارجية الإقليمية.

وواصل البرلمان الإيراني جلساته الماراثونية لمناقشة مؤهلات الوزراء المرشحين من الرئيس مسعود بزشكيان، وناقش النواب في الجلستين الثالثة والرابعة ملفات المرشحين لوزارات الاستخبارات، والاقتصاد، والصحة، فضلاً عن الخارجية.

وتعهد عراقجي بسياسة خارجية «شاملة وفعالة ومؤثرة» في مواجهة التحديات الإقليمية والعالمية، وعدم الانحياز إلى أي تيار أو فصيل سياسي، كما تعهّد بمتابعة 3 مهام رئيسية؛ «تأمين المصالح الوطنية» و«تعزيز الأمن القومي»، و«الحفاظ على تعزيز كرامة ومكانة البلاد».

وقال عراقجي إن «المواقف الثابتة للنظام، وقوانين البرلمان وتوجيهات المرشد ستكون (فصل الخطاب) في كل مرحلة». وأضاف: «سأكون جندياً للولاية (الفقيه)، مسؤولاً أمام البرلمان، وسأحافظ عن مصالح أمتي»، مبدياً تمسكه بسياسة «إجهاض العقوبات»، مضيفاً أن فريقه «لن يقع في فخ المفاوضات المرهقة»، لكنه قال «يجب أن نستقبل التغيرات في النظام الدولي بوعي».

عراقجي المرشح لمنصب وزير الخارجية يحضر الجلسة الأولى لفحص وزراء حكومة بزشكيان في البرلمان أمس (رويترز)

«إدارة الصراع»

وبذلك، حدد عراقجي أولويات سياسته الخارجية، قائلاً: «الصين وروسيا وكذلك القوى الصاعدة في أفريقيا وأميركا اللاتينية وشرق آسيا التي وقفت معنا خلال فترة العقوبات ستكون على رأس أولويات السياسة الخارجية». وأشار إلى أن «حسن الجوار» سيكون محوراً من محاور عمله، مؤكداً: «ستستمر سياسة حسن الجوار بقوة، وسنسعى لجعل الفرص السياسية والاقتصادية العظيمة في مجال الجيران مثمرة».

وفيما يخص العلاقات مع أوروبا، قال: «إذا أصلحت أوروبا سلوكها الخاطئ والعدائي تجاه الجمهورية الإسلامية، فستكون ضمن أولوياتنا. وأخيراً، ستكون سياستنا تجاه أميركا سياسة (إدارة الصراع) وليس (إزالة الصراع)».

وتحدث عن برنامجه بشأن المفاوضات النووية، قائلاً: «في أبريل (نيسان) 2021، عندما بدأت مفاوضات إحياء الاتفاق النووي، كانت وفقاً لمواقف النظام الثابتة وبناءً على قانون الخطوة الاستراتيجية. أظهرت التزامي بهذه المواقف منذ ذلك الحين، واستمر النقاش حول هذا الموضوع في الحكومة الحالية». وأشار إلى أن «المفاوضات لم تكتمل لسبب ما».

وأضاف: «تحدثت عن مقاومة ترمب، التي أثبتت أنها صحيحة عندما انسحب من الاتفاق. وكما كان متوقعاً، فشلت محاولات أميركا في مجلس الأمن لتدمير الاتفاق، ما يؤكد صحة سياستنا».

سيصوت البرلمان على منح الثقة لوزراء بزشكيان بعد الانتهاء من مناقشة برامجهم (د.ب.أ)

قانون «الخطوة الاستراتيجية»

وأكد التزامه بقانون الخطوة الاستراتيجية للبرلمان المتعلق بالبرنامج النووي. وأشار إلى أنه عندما أعربت الولايات المتحدة في أبريل 2021 عن رغبتها في العودة إلى الاتفاق النووي، تم تنفيذ سياسة «المواقف الحاسمة للنظام» التي حددها المرشد الإيراني علي خامنئي.

وقال إن «سياستنا بخصوص العقوبات، بناءً على توجيهات المرشد (...)، تُركز على تحييد العقوبات، وفي الوقت نفسه السعي لإزالتها. ستكون السياسة الخارجية في هذا المجال خادمة للحكومة». وأضاف: «وزارة الخارجية لن تتجاهل مسؤوليتها الأخرى في إزالة العقوبات، وستعمل على أساس التجارب السابقة، دون تسريع أو الوقوع في فخ المفاوضات المرهقة».

وقال في جزء من خطابه إن دعم «محور المقاومة» وفلسطين جزء أساسي من السياسة الخارجية الإيرانية، وأنه سيواصل هذا النهج، مضيفاً أنه «بفضل عناصر القوة في مختلف المجالات، فقد ارتفع التوازن الاستراتيجي لإيران في المنطقة». وأضاف «يجب على الجهاز الدبلوماسي أن يحافظ على هذه الإنجازات».

وأردف: «في حال نلنا ثقة البرلمان، فإن (دبلوماسية المقاومة)... ستكون في قلب اهتمام السياسة الخارجية للحكومة الرابعة عشرة». وأشاد بالجنرال الإيراني، قاسم سليماني، في «تصميم (محور المقاومة)».

كما تعهّد بتنشيط الدبلوماسية الاقتصادية، بما يتماشى مع السياسات العامة للبلاد. وقال: «سيجري استخدام جميع القدرات الدبلوماسية، للحصول على حصة عادلة من الأسواق العالمية». وشدد على أهمية «الدبلوماسية الحدودية» مع التركيز على الأقاليم الحدودية وفي الوقت نفسه تعزيز العلاقات مع الدول المجاورة.

«الدبلوماسية والميدان»

وقبل أن يصعد عراقجي للمنصة، أعلنت لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية، المصادقة على برامج وأهلية عراقجي لتولي حقيبة الخارجية.

وقال المتحدث باسم اللجنة، إبراهيم رضايي، إن «من أبرز أسباب موافقتها هو الدبلوماسية الشاملة والفعالة والمؤثرة، مع التوازن والتنسيق الكامل الدبلوماسية والميدان»، في إشارة ضمنية إلى التسمية التي يعرف بها «الحرس الثوري» الإيراني، خصوصاً أنشطته الإقليمية.

وأضاف رضايي أن برامج عراقجي تشمل التفاعل «بشكل مهيب وعملي ومبني على الفرص» مع أوروبا، ومنع إعادة بناء إجماع أمني ضد إيران في مجلس الأمن، إضافة إلى رفع العقوبات «بشكل مشرف، من خلال مفاوضات موجهة وغير مفرطة في المدة».

وصرح رضايي لموقع «البرلمان الإيراني» بأن «من وجهة نظر عراقجي فإن (محور المقاومة) من عناصر قوتنا، وهو ملتزم بدعم هذا المحور في المنطقة والعالم».

النائب منوشهر متكي خلال الدفاع عن ترشيح عراقجي (تسنيم)

مؤيدون ومعارضون

ودعا وزير الخارجية الأسبق، والنائب الحالي منوشهر متكي، إلى التصويت بكثافة لصالح عراقجي، مشدداً على أن التصويت «له أهمية دولية»، وقال في دفاعه عن عراقجي إنه «لا يعرف شخصاً أكثر إلماماً وإطلاعاً وحداثة من عراقجي في الوزارة الخارجية»، معرباً عن اعتقاده بأنه «أفضل خيار ممكن لهذه الوزارة».

وأبدى النواب المؤيدون لعراقجي ارتياحهم من التزامه بقانون البرلمان حول البرنامج النووي، وكذلك التزامه بدعم الأنشطة الإقليمية لـ«الحرس الثوري»، وعدم التفاوض بشأن البرنامج الصاروخي.

ومع ذلك، ركّز النواب المعارضون لعراقجي على مفاوضات الاتفاق النووي لعام 2015، وعمله مع وزير الخارجية الأسبق محمد جواد ظريف. وقال النائب المحافظ، أمير حسين ثابتي منفرد، إن «هناك لعبة خطيرة بدأت، لقد قال شخص ما يجب أن يصبح عراقجي وزيراً، وطلب منا المتحدث باسم لجنة الأمن القومي، التصويت لجميع الوزراء. ما هذا المنطق؟ إذا كان الأمر كذلك فلتغلقوا البرلمان». وأضاف: «هل تريدون من البداية أن تجعلوا البرلمان بلا سلاح؟ هل هذا هو البرلمان الذي قال عنه الإمام (الخميني) إنه رأس الأمور؟».

ووصف ثابتي الاتفاق النووي بأنه «ضار للغاية»، وقال: «لماذا يعلن عراقجي الآن أنه يريد الابتعاد عن ظريف؟». وقال إن «عراقجي ليس دبلوماسياً واقعياً»، وأوضح: «من قال إن (توقيع كيري هو ضمانة؟) من قال إن ترمب لا يمكنه الانسحاب من الاتفاق النووي لأننا تفاوضنا بطريقة تمنعهم من الانسحاب؟ هذا هو الشخص الذي يسعى الآن للحصول على ثقة البرلمان».

ويعد ثابتي من حلفاء مرشح الرئاسة، سعيد جليلي أبرز خصوم الاتفاق النووي في إيران.

وتساءل النائب ميثم ظهوريان عما إذا كان عراقجي «لا يزال يرغب في أن يكون جزءاً من النظام الذي يربط حياة الناس بإرادة الأجانب، أم أن نهجه قد تغير؟».

وأضاف: «لقد أشار عراقجي إلى أنه ليس ظريف. أعتقد أن هذا شيء جيد، ولكن من الأفضل أن يتم توضيح هذا الاختلاف بشكل صريح وأين توجد الاختلافات، لأن في الفترة من 2013 إلى 2021، كان يعتبر الصورة المكملة للسيد ظريف».

وبدوره، قال النائب محمد رضا أحمدي إن «أميركا انسحبت من الاتفاق النووي، في حين بقيت إيران ملتزمة بكل تعهداتها... وزير الخارجية يجب أن يكون له تاريخ حافل بالقدرة والقوة، لكن عندما كان عراقجي مسؤولاً عن فريق المفاوضات، لم يُراعِ كثيراً من الأمور».

واتهم أحمدي، عراقجي وحكومة حسن روحاني، بمحاولة التنصل من قانون «الخطوة الاستراتيجية»، قائلاً: «قدمتم أعذاراً كثيرة، ولم تنفذوه، ولم تكن لديكم الدقة اللازمة في نص الاتفاق النووي».

وتابع: «لماذا كتبتم الاتفاق النووي بطريقة تسمح لترمب بإلغائه عندما انسحب منه دون أن نفعل شيئاً؟ يمكن القول إن الاتفاق كانت له تأثيرات سلبية كبيرة علينا». وتساءل: «ما الجرأة التي تدفعنا للتصويت لعراقجي كي لا يستمر في دبلوماسية الابتسامة؟ عراقجي لا يمتلك سجلاً إيجابياً خلال فترة المفاوضات، ويجب أن تُحل المشاكل الداخلية دون ربطها بالخارج».

من جهته، انتقد النائب محمد رضا صباغيان، الاتفاق النووي قائلاً: «لماذا وقّعتم وطبقتم الاتفاق النووي الأحادي الجانب، في حين الطرف الآخر انسحب منه ولم ينفذه؟»، وتابع: «القول بأن ترمب انسحب من الاتفاق ليس مبرراً».

وقال النائب هادي قوامي، إن «التصويت الكبير من البرلمان لصالح عراقجي يبعث برسالة مهمة إلى العالم»، مشيراً إلى خطط عراقجي لـ«إدارة العداء مع أميركا والتصدي لسياساتها العدائية».

وقال النائب أحد آزادي خواه، إن «عراقجي لديه برامج جيدة لـ15 دولة جارة ومتسقة مع إيران». وأشار إلى خلفية عراقجي في «الحرس الثوري»، قائلاً «كان ضابطاً خلال حرب الثمانينات، إنه يسعى وراء إجهاض العقوبات، وخلق تفاعل بين الحكومة والميدان».


مقالات ذات صلة

مرشح «الدفاع» الإيرانية يعد بإنتاج السلاح لبلوغ «الردع الفعال»

شؤون إقليمية نصیرزاده قبل إلقائه خطابه أمام النواب اليوم (البرلمان الإيراني)

مرشح «الدفاع» الإيرانية يعد بإنتاج السلاح لبلوغ «الردع الفعال»

تعهد مرشح وزارة الدفاع الإيرانية بصناعة الأسلحة في زمن السلم لبلوغ الردع الفعال، مؤكداً أن طهران ستمضي قدماً في تعزيز جماعات «محور المقاومة».

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية لافتة تحمل صورة الرئيس الجديد لحركة «حماس» يحيى السنوار على مقر «جمعية الدفاع عن فلسطين» الخاضعة لمكتب المرشد الإيراني وسط طهران (إ.ب.أ)

إيران ترفض الربط بين «مفاوضات الهدنة» و«حق الرد» على إسرائيل

رفضت طهران مجدداً الربط بين المفاوضات الرامية إلى التوصل لهدنة في حرب غزة، والرد على إسرائيل بعد اغتيال رئيس حركة «حماس» في طهران.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية صورة من فيديو نشرته «يديعوت أحرونوت» لتزود مقاتلات إسرائيلية بالوقود جواً

في رسالة لإيران... سلاح الجو الإسرائيلي يتدرب على التزود بالوقود

أجرت مقاتلات سلاح الجو الإسرائيلي تدريبات على تزويد الطائرات الحربية بالوقود في الجو، لغرض تمكينها من القيام بمهمات قتالية بعيدة، في رسالة إلى إيران.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية النائب إسماعيل كوثري مسؤول الشؤون العسكرية في لجنة الأمن القومي البرلمانية (أرشيفية - إرنا)

نائب إيراني بارز: سنرد على إسرائيل حتى لو تم التوصل لهدنة

قال عضو بازر في برلمان إيران إن بلاده سترد على إسرائيل، نافياً أي تراجع "تكتيكي"، حتى لو تم التوصل لهدنة في غزة.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية بزشكيان خلال جلسة البرلمان لدراسة أهلية وزراء الحكومة الجديدة (إ.ب.أ)

بزشكيان يبرئ واشنطن من استياء الإيرانيين... ويحث على الإصلاح بـ«رؤية خامنئي»

قبل أن يباشر البرلمان الإيراني دراسة أهلية الوزراء المرشحين في حكومته الجديدة، ألقى الرئيس الإصلاحي مسعود بزشكيان خطاباً مغايراً لرواية التيار المحافظ.

«الشرق الأوسط» (لندن)

المخابرات الإسرائيلية تحذر وزراء وجنرالات من اغتيالات يعدّها «حزب الله»

عناصر أمنية وإسعاف في مكان وقوع الحادث بتل أبيب مساء الأحد (رويترز)
عناصر أمنية وإسعاف في مكان وقوع الحادث بتل أبيب مساء الأحد (رويترز)
TT

المخابرات الإسرائيلية تحذر وزراء وجنرالات من اغتيالات يعدّها «حزب الله»

عناصر أمنية وإسعاف في مكان وقوع الحادث بتل أبيب مساء الأحد (رويترز)
عناصر أمنية وإسعاف في مكان وقوع الحادث بتل أبيب مساء الأحد (رويترز)

كشفت مصادر سياسية وأمنية في تل أبيب، أن المخابرات الإسرائيلية كثفت جهودها لمواجهة احتمال تنفيذ «حزب الله» اللبناني عمليات اغتيال لشخصيات سياسية وعسكرية بارزة، فاعلة حالياً أو في السابق، انتقاماً لعمليات الاغتيال الكثيرة التي تنفذها إسرائيل منذ اندلاع الحرب على غزة.

وأكدت هذه المصادر أن كثيراً من الجنرالات والوزراء تلقوا تحذيرات كهذه، وطالبوا بالالتزام بإجراءات الحذر والوقاية التي يفرضها عليهم جهاز «الشاباك» (المخابرات الإسرائيلية العامة)، وتم تعميم تحذيرات مشابهة على وزراء وجنرالات سابقين أيضاً.

وبحسب هذه المعلومات، فإن الوزير اليميني المتطرف، إيتمار بن غفير، الذي يقوم باستفزازات في المسجد الأقصى، تلقى تحذيرات مضاعفة وتكلم في جلسة الحكومة الأخيرة عن مضاعفة الحراسة عليه.

مظاهرة دعت إليها منظمات شبابية فلسطينية ولبنانية في صيدا بجنوب لبنان احتجاجاً على اغتيال زعيم «حماس» إسماعيل هنية والقائد العسكري لـ«حزب الله» فؤاد شكر (أ.ف.ب)

وقالت المصادر إن المخابرات تفرض حراسة مشددة عموماً على قادة الجيش والمخابرات ورؤساء الحكومات والوزراء السابقين والحاليين، ولكن هذه الحراسة زادت خلال الحرب على غزة، خصوصاً بعد تنفيذ عمليات اغتيال كبيرة طالت عدداً من القادة البارزين في «حماس» و«حزب الله»، وحتى الحرس الثوري الإيراني. وفي أعقاب اغتيال فؤاد شكر، قائد الذراع العسكرية لـ«حزب الله»، في قلب الضاحية ببيروت، ثم اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، أجرى «الشاباك» مداولات جديدة قرر فيها إحداث تغييرات في منظومة الحراسة لتصيح أشد حذراً وأقوى حماية.

جنود إسرائيليون قرب موقع سقوط صاروخ أطلقه «حزب الله» باتجاه الجليل الأعلى نهاية يوليو وأسفر عن مقتل إسرائيلي (رويترز)

وذكرت في هذا السياق أن القصف الصاروخي الذي يقوم به «حزب الله»، كاد يصيب مسؤولين بإسرائيل عدة مرات، آخرهم الجنرال اهرون حليفا، الذي سقط صاروخ «حزب الله» على بعد 100 متر منه، نهاية الشهر الماضي. لكنها لم تستطع معرفة إذا كان ذلك القصف مخططاً ومبنياً على معرفة بوجود هؤلاء القادة في المكان المقصوف، أم مجرد صدفة.

غير أن هذه الحوادث كانت كافية لمطالبة جميع المسؤولين بالحذر في تحركاتهم والتقليل من الكلام عن مواعيدهم ولقاءاتهم وزياراتهم. وفي ضوء التهديدات باستهداف إسرائيليين في الخارج، طولب هؤلاء المسؤولون بالتخفيف من زياراتهم إلى الخارج.

لقطة من فيديو لعنصر من «حزب الله» اللبناني يطلق قذيفة صاروخية تجاه موقع إسرائيلي

يذكر أن المخابرات والقيادات العسكرية الإسرائيلية، تتخذ إجراءات استنفار لمواجهة عمليات انتقام من إيران و«حزب الله» و«حماس»، ولا تركن إلى التصريحات الإيرانية بالتروي، وتجميد الانتقام حتى لا يتم التخريب على الصفقة. وهي مصرة على أن التصريحات الإيرانية من جهة وتهديدات «حزب الله» أنه لا يربط الانتقام مع الصفقة، من جهة ثانية، ما هي إلا حرب أعصاب وخدع حربية. ولذلك تسعى لأكبر قدر من الاحتياط.

في السياق، ومع إعلان «كتائب القسام» التابعة لحركة «حماس»، و«سرايا القدس» التابعة لـ«الجهاد الإسلامي»، تبنيهما عملية التفجير التي وقعت مساء الأحد، في تل أبيب، تشعر أجهزة الأمن الإسرائيلية بالإحباط.، فهي تدير حرباً شعواء منذ 30 شهراً، تحديداً منذ يوم 9 مارس (آذار) لسنة 2022، ضد كل عناصر المقاومة الشعبية أو المقاومة المسلحة، في الضفة الغربية، بغرض منع هذه العمليات بالذات.

آلية عسكرية إسرائيلية خلال اقتحام مخيم نور شمس في الضفة الغربية (أ.ف.ب)

وفي إطار الحملة، وضعت قوائم بأسماء النشطاء السياسيين والمسلحين، وبدأت في حملة اعتقالات ضدهم. وشملت هذه الحملة جميع البلدات الفلسطينية مع التركيز على مخيمات اللاجئين. ففي كل ليلة تقوم بحملات اعتقال في 5 أو 10 بلدات. ولكي تعتقل شخصاً واحداً، ترسل مئات الجنود وعشرات المجنزرات وتحتل عدة بيوت محيطة به وتروع الأطفال وتخيف النساء ولا ترحم مسناً أو مريضاً.

ويقال إن هذه الحملة كانت من أسباب كثيرة دفعت «حماس» إلى هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على إسرائيل. وخلال الحرب على غزة تضاعفت الحملة وشملت نحو 10 آلاف معتقل، جرى خلالها استخدام وحدات الكوماندوس القتالية والدبابات وقصف مناطق مزدحمة في المدن والمخيمات بالطائرات المقاتلة والمسيرات الانتحارية.

ومع ذلك، فإن العمليات المسلحة وعمليات التفجير مستمرة، وبلغ عددها نحو 40 عملية داخل إسرائيل ومستوطناتها في الضفة الغربية. وبحسب بيان «حماس» و«الجهاد»، فإن «العمليات الاستشهادية بالداخل المحتل ستعود للواجهة، طالما تواصلت مجازر الاحتلال وعمليات تهجير المدنيين واستمرار سياسة الاغتيالات».

فريق طبي إسرائيلي ينقل جريحاً سقط جراء الهجوم الصاروخي الذي نفذه «حزب الله» من جنوب لبنان فبراير الماضي (إ.ب.أ)

وقالت الشرطة الإسرائيلية وجهاز الأمن العام (الشاباك) اليوم (الاثنين)، إن انفجار تل أبيب نجم عن عملية نفذت بواسطة عبوة شديدة الانفجار، وأسفرت عن مقتل منفذها وإصابة إسرائيلي بجراح. وجاء في بيان مشترك: «بعد وقوع العملية وإجراء تقييم خاص للأوضاع بمشاركة كل جهات التحقيق، تم الإيعاز برفع حالة التأهب وأعمال البحث الواسعة في أنحاء غوش دان (منطقة تل أبيب)».

وكان جهاز الأمن الإسرائيلي قد رجح في وقت سابق، أن الانفجار كان «محاولة فاشلة» لتنفيذ عملية تفجيرية. وقال ضابط كبير في الشرطة: «تم منع عملية بنسبة 99 في المائة»، وإن التقديرات هي أن القتيل بالانفجار الذي كان يحمل المتفجرات جاء من مدينة نابلس في الضفة الغربية. وأضاف أنه «بأعجوبة لم يقع الانفجار في كنيس أو في مركز تجاري قريبين، وكان بإمكان هذا الحدث أن ينتهي بعشرات القتلى».

تجدر الإشارة إلى أن آخر مرة وقع فيها انفجار كهذا في تل أبيب، واشتبه حينها بأنه عملية فاشلة، كان في 15 سبتمبر (أيلول) من العام الماضي، ووقع في متنزه اليركون وفرض أمر حظر نشر بشأنه أيضاً. وفي 13 مارس من العام الماضي، وقع انفجار عند مفترق مجدو، أسفر عن إصابة شخص بجروح خطيرة، وأعلنت أجهزة الأمن الإسرائيلية لاحقاً، أن المنفذ ينتمي لـ«حزب الله»، وأنه تسلل من لبنان وتم قتله قرب الحدود عندما حاول العودة إلى لبنان، لكن إسرائيل لم تحمل «حزب الله» أو إيران المسؤولية، وفرضت تعتيماً على الموضوع.