قبل أن يباشر البرلمان الإيراني دراسة أهلية الوزراء المرشحين في حكومته الجديدة، ألقى الرئيس الإصلاحي مسعود بزشكيان خطاباً مغايراً لرواية التيار المحافظ التي غالباً ما تُحمّل الغرب والولايات المتحدة مسؤولية سوء الأوضاع في إيران، حاول فيه مراعاة توازنات حذرة مع المرشد الإيراني علي خامنئي.
وقال بزشكيان، (السبت)، أمام أعضاء البرلمان الإيراني، «الإيرانيون مستاؤون منّا، وأميركا والغرب ليسا السبب في هذا الاستياء».
ويعتقد كثيرون، خصوصاً في المعارضة الإيرانية، بأن ما يقوله بزشكيان محاولة لتخفيف الضغط الناجم عن انتقادات الإصلاحيين جراء تقديمه تنازلات للتيار المحافظ.
وتابع الرئيس الجديد: «إنه خطأنا وليس خطأ أميركا (...) لو كنا تعاملنا بنزاهة مع الناس فإنهم سيقفون بقوة خلف هذه الحكومة، لكننا لم نفعل ذلك».
خيبات أمل
ورأى بزشكيان أن «التدابير والإجراءات الحالية غير قادرة على حل المشكلات». وحذّر من «حدوث خيبات أمل تؤدي إلى تدمير الثقة، إذا لم يُسمع صوت الناس في الوقت المناسب».
وجزء من كلام بزشكيان مكرر من خطابه خلال حفل تنصيبه قبل نحو أسبوعين. وقال حينها إن «تقارير الخبراء تشير إلى أن الوضع الحالي للبلاد معقد وصعب».
وخلال خطاب السبت، قال بزشكيان: «الفرصة متاحة الآن للتحول والتغيير، ولإصلاح سلوكيات القوى العالمية غير اللائقة تجاه الشعب الإيراني».
ووصف بزشكيان الحكومة التي قدمها إلى البرلمان بأنها «حكومة وفاق وطني لكل الشعب الإيراني».
وقال، إن هدفها «تحسين نظام الحكم في إيران، وتعزيز قدرة الحكومة على حل المشكلات والأزمات المتعددة الأبعاد والمعقدة المقبلة من خلال طرق مختلفة، بما في ذلك الحكم المبني على الأدلة، وحوكمة الشبكات، والجدارة، والتعلم من التجارب العالمية».
على مستوى السياسة الخارجية، أشار بزشكيان إلى ضرورة تعزيز العلاقات مع دول الجوار، قائلاً: «أميركا تتصدر قائمة التهديدات التي نواجهها، لكن إذا كنا متحدين، يمكننا تقليل تأثير هذه التهديدات». وأضاف: «إننا نشهد اليوم توترات وحروباً في المنطقة، ويجب علينا تعزيز علاقاتنا مع الدول المجاورة».
وعاد مسعود بزشكيان للدفاع عن برامج حكومته في الجلسة المسائية، وقال للنواب: «تواجه البلاد مشكلات، وجميعكم تعرفون ذلك... علينا الالتزام بالسياسات العامة والتحرك في هذا الاتجاه، بغض النظر عن آرائنا الشخصية، يجب أن نلتزم بالسياسات المعلنة من قبل المرشد».
أخطاء بزشكيان
نقلت محطات تلفزة محلية كلمة بزشكيان في بث مباشر، لكن وكالات الأنباء أعادت نشر مقتطفات منها دون الإشارة إلى كلماته عن استياء الإيرانيين، وعدم تحميله واشنطن مسؤولية ذلك، كما فعلت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» التي ركزت على حديث الرئيس عن «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، لكن وكالة «مهر» الحكومية نشرت نص الخطاب بالكامل.
واقتبست «تسنيم» عن بزشكيان قوله أيضاً، إن «المرشد الإيراني علي خامنئي أعلن بوضوح أن نجاح الحكومة هو نجاح النظام (...) ليس هناك نجاح أعظم من الحد من التهديدات، ومواجهة المخاطر التي تواجهها البلاد، والتخفيف من معاناة شعبنا، وحماية الأمل الذي خُلق بين مختلف شرائح الشعب».
واحتج بزشكيان في جزء من خطابه على عدم التزام النواب الصمت بينما كان يلقي خطابه، وقال: «يبدو أن النواب ليس لديهم الصبر للاستماع إلى حديث مطول». وطلب رئيس البرلمان من المُشرِّعين التزام الصمت.
وقال بزشكيان للنواب: «شكراً على صبركم، أنا لست جيداً في كثرة الحديث. حتى الأمور التي يجب أن أقرأها من الورق أخطئ فيها بشكل أسوأ». وتابع: «لا أجيد كثيراً من البروتوكول. أنا لا أريد أن أتغير. أريد أن أبقى كما كنت أتحدث وأعيش».
وفي إشارة إلى احتجاج بزشكيان، كتب النائب المتشدد حمید رسایی، على حسابه في منصة التواصل الاجتماعي «إكس»: «بزشكيان نفسه لم يكن لديه صبر لقراءة النص، وقال إن النواب ليس لديهم صبر!». وأضاف: «انتهى خطاب بزشكيان، إلى جانب أخطائه المتكررة، استمعنا مرة أخرى إلى ما قاله في حفل التنصيب».
وبدوره، قال النائب حسين علي حاجي دليغاني: «توقعنا شيئاً آخر من بزشكيان... لقد كان خطابه شبيهاً بالمناظرات التلفزيونية للرئاسة».
وانتقد النائبان المحافظان علي رضا سليمي ومهدي كوتشك زاده، الرئيس الإيراني لعدم تقديم برامج حكومته. وقال سليمي: «بزشكيان لم يقدم برنامجاً منفصلاً، وقال إن برنامجه هو الخطة السابعة. هل يجب علينا الآن أن نتحدث في معارضة أو تأييد البرنامج؟». وأضاف أن «الخطة السابعة قد تم إقرارها بالفعل، لذلك لا معنى لمعارضته أو تأييده الآن».
دراسة الأهلية
وخلال نهار السبت، وبحضور بزشكيان، بدأ البرلمان دراسة أهلية الوزراء المقترحين للحكومة الرابعة عشرة.
ونقلت «تسنيم»، عن رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف: «بناء على المادة 204 من قانون المجلس، ستبدأ دراسة أهلية الوزراء في جلسة علنية، وبناء على الجدول الزمني، ستستمر هذه الدراسة حتى يوم الأربعاء من هذا الأسبوع».
وقدم بزشكيان، الأسبوع الماضي، تشكيلته الوزارية المُقترحة إلى البرلمان للبت فيها، بعد مشاوراته المكثفة منذ تسلمه مسؤوليته الجديدة لتشكيل حكومة الوفاق الوطني.
وجاء في التشكيلة الوزارية المقترحة: وزير التربية والتعليم العالي علي رضا كاظمي، ووزير الاتصالات وتقنية المعلومات ستّار هاشمي، ووزير الأمن إسماعيل خطيب، ووزير الاقتصاد والمالية عبد الناصر همتي، ووزير الخارجية عباس عراقجي.
وضمت أيضاً: وزير الصحة محمد رضا ظفرقندي، ووزير التعاون والعمل والرفاه الاجتماعي أحمد ميدري، ووزير الزراعة غلام رضا نوري، ووزير العدل أمين حسين رحيمي، ووزير الدفاع عزيز نصير زاده.
واقترح بزشكيان، وزيرة الطرق والتنمية فرزانة صادق، ووزير الصناعة والتعدين والتجارة محمد أتابك، ووزير العلوم والتكنولوجيا حسين سيمايي، ووزير الثقافة والإرشاد الإسلامي عباس صالحي، ووزير الداخلية إسكندر مؤمني، ووزير التراث الثقافي والسياحة محمد رضا صالحي أميري. إلى جانب وزير النفط محسن باك نجاد، ووزير الطاقة عباس علي أبادي، ووزير الرياضة أحمدي دنيامالي.
ومن اللافت أن التشكيلة ضمت 3 وزراء من حكومة إبراهيم رئيسي، و5 من حكومة حسن روحاني.
ويتعيّن على الرئيس الإيراني أن يحصل على موافقة مسبقة من المرشد لتسمية الوزراء في الخارجية، والداخلية، والاستخبارات، والدفاع، والثقافة.