اتصالات «التطبيع» بين أنقرة ودمشق لم توقف التصعيد

اجتماع تركي - روسي جديد وأوامر بالرد على القوات السورية في إدلب

تركيا ورسيا تسعيان لإعادة الدوريات المشتركة على طريق «إم 4» كخطوة رمزية لنجاح جهود التطبيع مع دمشق (أرشيفية)
تركيا ورسيا تسعيان لإعادة الدوريات المشتركة على طريق «إم 4» كخطوة رمزية لنجاح جهود التطبيع مع دمشق (أرشيفية)
TT

اتصالات «التطبيع» بين أنقرة ودمشق لم توقف التصعيد

تركيا ورسيا تسعيان لإعادة الدوريات المشتركة على طريق «إم 4» كخطوة رمزية لنجاح جهود التطبيع مع دمشق (أرشيفية)
تركيا ورسيا تسعيان لإعادة الدوريات المشتركة على طريق «إم 4» كخطوة رمزية لنجاح جهود التطبيع مع دمشق (أرشيفية)

تشهد مناطق خفض التصعيد في شمال غربي سوريا تصعيداً شديداً وهجمات متواصلة للجيش السوري، في الوقت الذي أكدت فيه أنقرة استمرار الاتصالات مع دمشق وموسكو بشأن تطبيع العلاقات بين تركيا وسوريا، وتحديد موعد للقاء الرئيسين رجب طيب إردوغان وبشار الأسد.

وبعد سلسلة من التعزيزات العسكرية التركية في إدلب عقب اجتماع لمسؤولين عسكريين وأمنيين أتراك وروس بسراقب شرق إدلب في 17 يوليو (تموز) الماضي، أمرت قيادة عملية «درع الربيع» التركية في إدلب، المسؤولين عن نقاط المراقبة العسكرية المنتشرة بمنطقة خفض التصعيد بالمحافظة بالرد المباشر على أي استهداف من جانب القوات السورية من دون الرجوع إلى غرفة العمليات وانتظار الأوامر منها.

مفاوضات وصدامات

وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن الأوامر صدرت بعد تكرار استهداف القوات السورية والميليشيات المتعاونة معها للنقاط التركية ودورياتها على الطرق العسكرية.

استمرار القصف التركي على تل تمر (إكس)

ودفعت القوات التركية بنظام مدفعي حديث إلى نقاطها في المنطقة، إضافة إلى منح عدد من المدافع الثقيلة لفصائل الجبهة الوطنية للتحرير، بالإضافة إلى كمية من الذخائر المناسبة.

وجاءت هذه التطورات بالتزامن مع الاستعدادات لعقد اجتماع تركي - روسي ثانٍ في سراقب، لمناقشة استكمال افتتاح المعابر والطرق التجارية وإيقاف الاستهدافات العسكرية المتبادلة وإعادة الهدوء إلى منطقة خفض التصعيد في شمال غربي سوريا، لحين التوصل إلى تفاهمات جديدة.

وأفادت تقارير بأن الجانبين التركي والروسي يسعيان إلى فتح طريق «حلب - اللاذقية» الدولية (إم 4) وإعادة تسيير الدوريات المشتركة على جانبيه بموجب الاتفاق الذي تم التوصل إليه بينهما بموسكو في 5 مارس (آذار) 2020، والذي بموجبه أوقفت تركيا عملية «درع الربيع» التي نفذتها عقب مقتل 33 من قواتها في هجوم للجيش السوري في إدلب، كخطوة رمزية أولى تسير إلى التقدم في جهود إعادة العلاقات بين أنقرة ودمشق إلى طبيعتها.

وأكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، الخميس، أن الاتصالات مستمرة من أجل الاتفاق على موعد ومكان لقاء إردوغان والأسد، الذي قد يعقد في دولة ثالثة حال الاتفاق على عقده.

توتر بمنطقة «خفض التصعيد»

وبالتوازي مع الاتصالات التركية - الروسية - السورية، تشهد منطقة «خفض التصعيد»، المعروفة باسم منطقة «بوتين - إردوغان» الممتدة من جبال اللاذقية الشمالية الشرقية، وصولاً إلى الضواحي الشمالية الغربية لمدينة حلب مروراً بريفي حماة وإدلب، توتراً شديداً واشتباكات متصاعدة مستمرة منذ أسابيع وحتى الآن.

وقصفت القوات السورية، في ساعة متأخرة ليل الخميس - الجمعة، بقذائف الهاون قرية العنكاوي بسهل الغاب غرب حماة، كما قصفت بالمدفعية الثقيلة، قرى وبلدات كفرعمة والقصر والأتارب وبحفيس غرب حلب، والرويحة وبينين ومحيط شنان والفطيرة ومحيط كنصفرة في ريف إدلب، الواقعة جميعاً ضمن منطقة «بوتين - إردوغان».

القوات السورية تواصل قصفها في إدلب رغم جهود التهدئة (المرصد السوري)

وإجمالاً، ارتفع عدد القتلى من العسكريين والمدنيين إلى 275 قتيلاً باستهدافات برية خلال 251 عملية تنوعت ما بين هجمات وعمليات قنص واشتباكات واستهدافات وقصف بالمسيرات، أصيب خلالها أيضاً أكثر من 114 من العسكريين بينهم جندي تركي، و111 من المدنيين بينهم 3 نساء و18 طفلاً بجروح متفاوتة، منذ بداية العام.

وبحسب «المرصد السوري»، بلغت حصيلة القتلى من العسكريين والمدنيين في يوليو (تموز) الماضي، وحده، 22 شخصاً.

وتتواصل في الوقت ذاته، الاحتجاجات بمناطق سيطرة القوات التركية و«الجيش الوطني السوري»، الموالي لأنقرة، على التقارب بين تركيا ودمشق.

وشهدت مدينة عفرين بريف حلب الشمالي ضمن منطقة «غصن الزيتون»، مظاهرات مناهضة لتركيا جابت شوارع المدينة، تطالب باستعادة القرار العسكري ورفع الوصاية التركية عن المنطقة.

وشهدت منطقة «درع الفرات» و«غصن الزيتون» خلال الشهر الماضي، مظاهرات واعتصامات رافضة للوجود العسكري والأمني التركي، بسبب التقارب مع دمشق.

الاشتباكات مع «قسد»

على صعيد آخر، تواصلت الاشتباكات بين القوات التركية وفصائل «الجيش الوطني السوري» و«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) على محاور التماس في منطقة «درع الفرات» في حلب.

وعززت القوات التركية نقاطها العسكرية على خطوط التماس مع قوات «جبهة الأكراد» و«مجلس منبج العسكري» التابعة لـ«قسد»، وزودت محاور القتال بالكاميرات الحرارية والليلية لرصد أي تحركات من الجهة المقابلة ومنع عمليات التسلل.

كما جددت القوات التركية والفصائل الموالية المتمركزة في منطقة «نبع السلام»، شمال شرقي سوريا، قصفها بالمدفعية الثقيلة على ريف تل تمر شمال الحسكة، في إطار الاستهدافات المتبادلة المتصاعدة في الأيام الأخيرة بين قوات «مجلس تل تمر العسكري» والقوات التركية وفصائل الجيش الوطني على خطوط التماس الفاصلة بينها.


مقالات ذات صلة

«المرصد السوري»: 11 قتيلاً في هجوم شنته «قسد» على مقاتلين موالين لأنقرة

المشرق العربي قصف تركي على مواقع لـ«قسد» شمال شرقي سوريا (أرشيفية - إكس)

«المرصد السوري»: 11 قتيلاً في هجوم شنته «قسد» على مقاتلين موالين لأنقرة

أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن 11 شخصاً، بينهم مدنيون، قتلوا الاثنين في هجمات شنتها قوة يقودها الأكراد على مواقع مقاتلين مدعومين من تركيا شمال سوريا.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي صورة التُقطت من الجانب السوري للحدود مع لبنان تُظهر آثار غارة إسرائيلية على معبر جوسية الحدودي مع القصير بمحافظة حمص 25 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

ضربات إسرائيلية تستهدف جسوراً عدة بحمص السورية

أفادت وسائل إعلام رسمية سورية بأن هجوماً إسرائيلياً، اليوم (الاثنين)، أدى إلى إصابة شخصين وألحق أضراراً بجسور عدة في القصير بريف حمص.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

تركيا تعيد للواجهة المبادرة العراقية للتطبيع مع سوريا بعد موقف روسيا

أعادت تركيا إلى الواجهة مبادرة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني للوساطة مع سوريا بعد التصريحات الأخيرة لروسيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)

بيدرسن: من الضروري عدم جر سوريا إلى النزاع

اعتبر المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، بعد لقائه وزير الخارجية السوري بسام الصباغ في دمشق، أمس، أنه «من الضروري للغاية ضمان أن يكون هناك وقف.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)

بيدرسن: من الضروري عدم جر سوريا إلى النزاع في المنطقة

لم تصدر أي تفاصيل حول نتائج لقاء الموفد الأممي إلى سوريا، غير بيدرسن، الأحد، مع وزير الخارجية السوري بسام الصباغ في دمشق.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

«وقف النار» في لبنان ينتظر موافقة «الكابينت»... وحلفاء نتنياهو

هوكستين في زيارته الأخيرة لبيروت (رويترز)
هوكستين في زيارته الأخيرة لبيروت (رويترز)
TT

«وقف النار» في لبنان ينتظر موافقة «الكابينت»... وحلفاء نتنياهو

هوكستين في زيارته الأخيرة لبيروت (رويترز)
هوكستين في زيارته الأخيرة لبيروت (رويترز)

صادق مسؤول إسرائيلي، الاثنين، على الأنباء التي نشرت في واشنطن، ونقلت عن مسؤول رفيع في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، قوله إن واشنطن تعتقد أنها حققت اختراقًا في المفاوضات بين إسرائيل ولبنان ونجحت في التوصل إلى اتفاق على وقف إطلاق النار بين الجيش الإسرائيلي و«حزب الله». وقال المسؤول الإسرائيلي لموقع «واللا» في تل أبيب، إنه تم التوصل إلى اتفاق على تفاصيل الصفقة ومكونات الاتفاق.

ولكن، لكي يصبح الاتفاق نافذاً، حسب القانون الإسرائيلي يجب إقراره في المجلس الوزاري المصغر في الحكومة الإسرائيلية للشؤون السياسية والأمنية (الكابنيت). وبحسب موقع «واللا»، فإن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قرر دعوة «الكابنيت» للانعقاد الثلاثاء، للمصادقة النهائية على الاتفاق.

ومن المتوقع أن يتم إقراره بأغلبية ساحقة، إذ أن الوحيد الذي ينوي التصويت ضد الاتفاق هو فقط إيتمار بن غفير. وسيكون بذلك وحيداً بين 12 وزيراً. ولكن، قبل انعقاد «الكابنيت»، ينوي نتنياهو التقاء رؤساء الأحزاب في الائتلاف ليقنعهم بدفع الاتفاق الى الأمام.

أنباء متفائلة

وقبل الإعلان الأميركي، ظهرت في تل أبيب أنباء متفائلة تفيد بأن المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط آموس هوكستين توصل فعلاً إلى صيغة اتفاق لوقف النار بين إسرائيل ولبنان، وكذلك انطلقت في تل أبيب حملة محمومة لثني رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن المضي قدماً لتوقيعه.

وأكدت الإذاعة الإسرائيلية الرسمية «كان - ريشت بيت»، الاثنين، أن الضوء الأخضر أُعطي للمضي قدماً نحو إمكانية التوصل إلى اتفاق تسوية مع لبنان. ونقلت عن مصادر إسرائيلية قولها: «نأمل الإعلان عنه في غضون يومين»، مؤكدة أن «الاتفاق مع لبنان جاهز، والآن يدرس رئيس الحكومة نتنياهو كيفية شرحه وترويجه للجمهور الإسرائيلي ولرفاقه في اليمين».

موافقة الكبار

وأشارت إلى أنه تم إعطاء هوكستين الضوء الأخضر للمضي قدماً نحو الاتفاق، وأن نتنياهو حظي بموافقة عدد من كبار الوزراء ورؤساء المخابرات الذين شاركوا في اجتماع مساء الأحد. وبقي أن يمرر الاتفاق في المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والخارجية في الحكومة (الكابينت)، الذي أعلن أنه دعي للاجتماع الثلاثاء، وهو الجسم المخول بإقرار اتفاقيات بهذا المستوى. وبناء على ذلك اتخاذ القرار بالتحرك نحو الاتفاق، وأن الإعلان قد يأتي هذا الأسبوع.

مسألة أيام

من جهته، قال السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة مايكل هرتسوغ إن إسرائيل على بُعد أيام من التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع «حزب الله». وأضاف هرتسوغ، في تصريحات لإذاعة الجيش الإسرائيلي، الاثنين: «نحن قريبون من الاتفاق. يمكن أن يحدث ذلك في غضون أيام». وأكد هذه الأنباء المتفائلة مسؤولون أميركيون أيضاً.

إنجاز نتنياهو

وكذلك باشر مقربون من نتنياهو الترويج لحسنات الاتفاق وإظهاره إنجازاً حققه نتنياهو بإصراره على المصالح الإسرائيلية، رغم معارضة الجيش لذلك.

رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو (د.ب.أ)

وقال يعقوب بردوغو، أبرز المذيعين في القناة 14 اليمينية إن نتنياهو قاتل كالأسد عدة جبهات في الداخل والخارج، في آن واحد، وأصر على الاستمرار في القتال حتى تقدم الجيش إلى الليطاني ودمر البنية التحتية لـ«حزب الله» في الجنوب وفي الضاحية وفي البقاع. وضمن حق العودة للقتال في حال خرق «حزب الله» أو أي تنظيم صغير تابع له الاتفاق، بضمانات أميركية. ودعا إلى قبول الاتفاق ومساندة نتنياهو في جهوده الأخيرة لجعله وفقاً للمطالب الإسرائيلية. وذكر أن الاتفاق سيخضع للتجربة 60 يوماً فإذا لم ينجح، سيسقط. وتعود إسرائيل للقتال.

«حلف مستهجن»

في المقابل، تحرك المعارضون للاتفاق في إسرائيل لمقاومته، أو تحسينه. وتأسس في تل أبيب حلف مستهجن ضده، ضم كلاً من قادة اليمين المتطرف في الائتلاف الحكومي ورؤساء ثلاثة من أحزاب المعارضة وكذلك مجموعة من رؤساء البلديات في مدن وقرى الشمال.

واعتبر هؤلاء الاتفاق الناجز ضعيفاً ولا يحقق ردعاً لـ«حزب الله»، بل يجعله يخرج من الحرب بقوة صالحة للنمو والتطور، كما حصل في اتفاق الهدنة في سنة 2006.

ففي اليمين المتطرف يعتبرون الاتفاق خنوعاً لضغوط إدارة جو بايدن، ويطالبون بصده والانتظار حتى قدوم إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

مسودة هوكستين

وحتى موقع «ميدا» المعدود على نتنياهو، خرج بمقال افتتاحي يرفض فيه الاتفاق وضع له العنوان التالي: «ممنوع قبول مسودة هوكستين». وجاء فيه: «صيغة هوكستين، تتضمن كل الأخطاء المحتملة في صياغة مثل هذا الاتفاق، والتي كانت قد فشلت في الماضي ومن المتوقع أن تفشل هذه المرة أيضاً - لصالح (حزب الله): إشراف دولي، قيود على حرية العمل، التفاوض مع (دولة لبنان) على تعديل الحدود البرية، الاعتماد على الجيش اللبناني الذي سيحمينا من (حزب الله) واستمرار التعامل مع دولة لبنان وكأنها طفل معنف يطالب بإنقاذه من عائلته العنيفة».

رؤساء البلديات

وأما رؤساء البلديات فيطالبون بأن يتضمن الاتفاق حزاماً أمنياً على طول الحدود، بعرض 3 – 4 كيلومترات من الأرض اللبنانية، تبقى جرداء، بعدما أقدمت قوات الجيش الإسرائيلي على تدمير نحو 40 قرية فيها ومسح عشرات ألوف البيوت عن وجه البسيطة. وزرع هذه الأرض بالألغام، حتى لا يجرؤ «حزب الله» على إرسال مقاتليه للهجوم على البلدات الإسرائيلية.

وبحسب رئيس بلدية كريات شمونة، فإنه «يجب أن تبقى أرضهم قاحلة، تقام فيها منطقة يمنع دخولها بقوة النيران. يعلم (حزب الله) أن مصدر قوته في الساحة اللبنانية يكمن في قدرته على إعادة تأهيل الطائفة الشيعية – يجب عدم السماح له بذلك. صورته أنه (المدافع عن لبنان) والمدافع عن الطائفة الشيعية يجب أن تلقى تذكيراً يومياً لسنوات مقبلة بأنه ارتكب خطأ فادحاً عندما دخل الحرب».