إردوغان يهاجم المعارضة ويتّهمها بـ«الغمز» لخصوم تركيا

أزمة «الوطن الأزرق» تتسع... وتهدّد «التطبيع السياسي» الذي انتهى سريعاً

إردوغان هاجم المعارضة بسبب موقفها من عقيدة «الوطن الأزرق» في اجتماع لرؤساء فروع حزبه (الرئاسة التركية)
إردوغان هاجم المعارضة بسبب موقفها من عقيدة «الوطن الأزرق» في اجتماع لرؤساء فروع حزبه (الرئاسة التركية)
TT

إردوغان يهاجم المعارضة ويتّهمها بـ«الغمز» لخصوم تركيا

إردوغان هاجم المعارضة بسبب موقفها من عقيدة «الوطن الأزرق» في اجتماع لرؤساء فروع حزبه (الرئاسة التركية)
إردوغان هاجم المعارضة بسبب موقفها من عقيدة «الوطن الأزرق» في اجتماع لرؤساء فروع حزبه (الرئاسة التركية)

انتقد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان موقف المعارضة في بلاده من القضايا الوطنية بسبب الجدل حول استراتيجية «عقيدة الوطن الأزرق» التي تُطبّقها حكومته في السياسة الخارجية والتي تقوم على فرض أنقرة سيطرتها العسكرية في البحرين المتوسط والأسود وبحر إيجة ومناطق النفوذ السابقة.

في الوقت ذاته، أظهرت استطلاعات الرأي في شهر يوليو (تموز) استمرار تراجع شعبية إردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم لصالح حزب الشعب الجمهوري.

نهاية «التطبيع السياسي»

وبعد ما يقرب من 3 أشهر من التهدئة في إطار «التطبيع السياسي» مع حزب المعارضة الرئيسي (الشعب الجمهوري)، بدا أن هناك عودة إلى التراشق بالتصريحات الحادّة في ظل استمرار رئيس الحزب زعيم المعارضة، أوزغور أوزيل، في الضغط بورقة الأزمة الاقتصادية ومعاشات المتقاعدين والحد الأدنى للأجور.

وبعد سجال حول ديون البلديات التي يديرها حزب الشعب الجمهوري الذي فاز بالأغلبية في الانتخابات المحلية في مارس (آذار)، والتي قدّرها إردوغان بـ21 مليار ليرة تركية، أعلن أوزيل أن هذه الديون هي تركة ورثها حزبه من حزب العدالة والتنمية الذي كان يدير تلك البلديات من قبل. وتفجّرت أزمة ثانية، أكثر حدّة، خلال مناقشة البرلمان الأسبوع الماضي المذكرة الرئاسية بطلب إرسال قوات إلى الصومال لمدة عامين، وبعد الاتفاق مؤخراً على بدء سفينة تركية عمليات للتنقيب عن النفط والغاز في 3 مناطق قبالة سواحل الصومال في سبتمبر (أيلول) المقبل.

ووجّه نائب «الشعب الجمهوري» عن مدينة إسطنبول، نامق تان، وهو دبلوماسي تركي بارز سابق، انتقادات حادة لاستراتيجية السياسة الخارجية المعروفة باسم «عقيدة الوطن الأزرق»، ووصفها بأنها «حكاية خيالية». وقال تان إن «حزب العدالة والتنمية الحاكم كان يحلم بإحياء الإمبراطورية العثمانية، ولم يكن راضياً عن العمليات عبر الحدود، وحاول القيام بمغامرات في الخارج. ولحسن الحظ، سرعان ما تخلى عن حكاية الوطن الأزرق الخيالية، التي كان يتابعها منذ فترة، بسبب ضغط الظروف، عندما بدأ يلوح في الأفق إفلاس الاقتصاد».

وشدّد إردوغان، في كلمة أمام رؤساء فروع حزب العدالة والتنمية في الولايات التركية خلال اجتماع بمقر الحزب في أنقرة، ليل الثلاثاء إلى الأربعاء، على أن حكومته ستدافع دائماً عن أطروحة «الوطن الأزرق» وحقوق القبارصة الأتراك.

وقال إن حزب الشعب الجمهوري، وباستثناءات قليلة في السنوات الـ22 الماضية، لم يتماشَ مع الأجندة الحقيقية للأمة. وتابع: «شهدت المعارضة انحرافات كبيرة في جميع القضايا الوطنية، من مكافحة الإرهاب إلى الدفاع عن حقوق وطننا ومصالحه، من رفض التدخل في سوريا والتنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط وأزمة ناغورنو قره باغ بين أذربيجان وأرمينيا، وأخيراً تصويت نوابه بالرفض على مذكرة إرسال قوات إلى الصومال التي أقرها البرلمان السبت الماضي». وأضاف: «الآن نرى افتقاراً مماثلاً إلى البصيرة فيما يتعلق بـ(الوطن الأزرق)، وبدلاً من الدفاع عن مصالح تركيا، ترى أنهم يغمزون لخصوم تركيا بدلاً من الدفاع عن مصالحها».

تفوّق المعارضة

بالتوازي، أظهرت استطلاعات الرأي التي أجريت في تركيا خلال يوليو استمرار تقدم حزب الشعب الجمهوري على العدالة والتنمية، واتساع الفارق عن شهر يونيو (حزيران).

وأظهر استطلاع «نبض تركيا»، الذي أجرته شركة «متروبول» أن الفجوة بين الحزبين اتسعت في يوليو. ووفقاً لنتائج الاستطلاع المنشورة، الأربعاء، سيحصل الشعب الجمهوري على 33.8 في المائة من الأصوات، والعدالة والتنمية على 26.1 في المائة إذا توجهت البلاد إلى الانتخابات في الوقت الحالي.

من جانبه، وجد استطلاع رأي لشركة «آسال» أن الفارق يقترب من نقطتين بحصول الشعب الجمهوري على 33.2 والعدالة والتنمية على 31.5 في المائة. وأرجع محللون، ومنهم الصحافي مراد يتكين، ارتفاع نسبة شعبية حزب الشعب الجمهوري في يوليو إلى الوضع الاقتصادي والظروف المعيشية للمواطنين.

وأظهرت دراسات أن المشكلة الكبرى التي يواجهها الأتراك هي الاقتصاد، ففي دراسة لشركة «أوبتيمار» عد 65 في المائة من المشاركين في دراستها أن المشكلة الأساسية للبلاد هي الاقتصاد، فيما ارتفعت النسبة إلى 85 في المائة في دراسة لشركة «إبسوس».


مقالات ذات صلة

حليف إردوغان يؤكد دعوة أوجلان للبرلمان ويتخلى عن إطلاق سراحه

شؤون إقليمية رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي الحليف الأقرب لإردوغان متحدثاً أمام نواب حزبه بالبرلمان الثلاثاء (حزب الحركة القومية)

حليف إردوغان يؤكد دعوة أوجلان للبرلمان ويتخلى عن إطلاق سراحه

زاد رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي الجدل المثار حول دعوته زعيم حزب العمال الكردستاني السجين عبد الله أوجلان للحديث بالبرلمان وإعلان حل الحزب وانتهاء الإرهاب

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الدفاع التركي يشار غولر خلال اجتماع لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان الثلاثاء (وزارة الدفاع التركية)

وزير دفاع تركيا يستبعد عملية عسكرية جديدة ضد «قسد» شمال سوريا

استبعد وزير الدفاع التركي يشار غولر شن عملية عسكرية تستهدف مواقع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال سوريا سبق أن لوح بها الرئيس رجب طيب إردوغان مراراً.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

تركيا تعيد للواجهة المبادرة العراقية للتطبيع مع سوريا بعد موقف روسيا

أعادت تركيا إلى الواجهة مبادرة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني للوساطة مع سوريا بعد التصريحات الأخيرة لروسيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان خلال استقباله الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته بالقصر الرئاسي في أنقرة الاثنين (الرئاسة التركية)

إردوغان بحث مع روته القضايا الأمنية والإقليمية المهمة لـ«الناتو»

بحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مارك روته عدداً من الملفات الأمنية والقضايا التي تهم الحلف.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)

كليتشدار أوغلو يهاجم إردوغان بشدة في أولى جلسات محاكمته بتهمة إهانته

قدم رئيس «الشعب الجمهوري» المرشح السابق لرئاسة تركيا كمال كليتشدار أوغلو دفاعه في قضية «إهانة رئيس الجمهورية» المرفوعة من الرئيس رجب طيب إردوغان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

تركيا تعلن «تطهير» مناطق عراقية من «العمال الكردستاني»

مروحيتان حربيتان تركيتان تشاركان في قصف مواقع لـ«العمال الكردستاني» شمال العراق (أرشيفية - وزارة الدفاع التركية)
مروحيتان حربيتان تركيتان تشاركان في قصف مواقع لـ«العمال الكردستاني» شمال العراق (أرشيفية - وزارة الدفاع التركية)
TT

تركيا تعلن «تطهير» مناطق عراقية من «العمال الكردستاني»

مروحيتان حربيتان تركيتان تشاركان في قصف مواقع لـ«العمال الكردستاني» شمال العراق (أرشيفية - وزارة الدفاع التركية)
مروحيتان حربيتان تركيتان تشاركان في قصف مواقع لـ«العمال الكردستاني» شمال العراق (أرشيفية - وزارة الدفاع التركية)

أعلنت تركيا تطهير مناطق في شمال العراق من مسلحي «حزب العمال الكردستاني» المحظور، وأكدت أنقرة أن علاقاتها بالعراق تحسنت في الآونة الأخيرة.

وقال وزير الدفاع التركي، يشار غولر، الثلاثاء، إن «العلاقة بالجار العراق تحسنت بشكل كبير في المدة الأخيرة؛ مما جعل مهمة مكافحة الإرهاب أكثر فاعلية».

وأضاف غولر، في كلمة خلال مناقشة موازنة وزارة الدفاع لعام 2025 بلجنة الخطة والموازنة في البرلمان التركي، إن تركيا بدأت اتخاذ خطوات ملموسة مع العراق في إطار مذكرة التفاهم الخاصة بالتعاون الأمني والعسكري ومكافحة الإرهاب، الموقعة بين البلدين في أغسطس (آب) الماضي.

وتابع: «وبالمثل نتعاون، بشكل وثيق، مع حكومة إقليم كردستان في شمال العراق لضمان السلام في المنطقة، ولإنهاء وجود التنظيم الإرهابي (حزب العمال الكردستاني)».

وذكر غولر أن القوات التركية أغلقت جبهة زاب في شمال العراق بعد تطهيرها من مسلحي «العمال الكردستاني» ضمن عملية «المخلب - القفل»، المستمرة منذ أبريل (نيسان) 2022، وأضاف الوزير التركي: «أنشطتنا في المنطقة مستمرة بالوتيرة والتصميم نفسيهما (...) حرب تركيا ضد الإرهاب ستستمر دون هوادة حتى يختفي الإرهابيون الدمويون من هذه الجغرافيا».

وتسبب الصراع المسلح بين «حزب العمال الكردستاني» (التركي) والجيش التركي، طيلة العقود الأربعة الماضية، في تهجير سكان 800 قرية، وسقوط مئات الضحايا من المدنيين بإقليم كردستان العراق شمال البلاد.

غولر خلال اجتماع لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان التركي (وزارة الدفاع التركية)

كذلك، تسببت العمليات العسكرية التركية في خلافات بين بغداد وأنقرة على مدى سنوات، حيث عدّها العراق «انتهاكاً لسيادته»، بينما تمسكت تركيا بأنها ضرورية لحماية أمنها وشعبها، وبأنها تنفذها في إطار القانون الدولي وحق الدفاع المشروع عن النفس.

وشهدت العلاقات بين البلدين الجارين تحسناً منذ العام الماضي، وأجريا جولات من المحادثات رفيعة المستوى بشأن القضايا الأمنية والتنموية وقضايا المياه والطاقة والتعاون في مشروع «طريق التنمية».

وأعلن الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، خلال زيارته بغداد في أبريل الماضي، أن العلاقات بين البلدين دخلت مرحلة جديدة.

وصنف العراق، قبيل زيارة إردوغان، «حزب العمال الكردستاني» تنظيماً محظوراً، لكن تركيا ترغب في إعلانه «منظمة إرهابية» من جانب بغداد.

ولفت غولر إلى أن «البيئة الأمنية في المنطقة باتت أكثر تعقيداً من أي وقت مضى، والعالم يمر بفترة حساسة يهتز فيها ميزان القوى الدولي، وتزداد الصراعات على النفوذ، وتتصاعد فيها التوترات الجيوسياسية».

وأكد الحاجة الماسة إلى «هيكل دفاعي قوي من أجل التعامل بفاعلية مع جميع التهديدات التي تحيط بتركيا»، مشدداً على أن القوات التركية «ستواصل مكافحة التنظيمات الإرهابية داخل وخارج البلاد».

في السياق ذاته، أعلنت وزارة الدفاع التركية مقتل 10 من مسلحي «حزب العمال الكردستاني» في مناطق بشمال العراق.

وقالت الوزارة، في بيان، إنه قُضي على هذه العناصر في عمليات للقوات التركية بمناطق كارة وهاكورك ومتينا في شمال العراق.

وشددت على أن «مكافحة التنظيمات الإرهابية ستستمر أينما وُجدت، حتى القضاء على آخر إرهابي».