يبدو أن آمال التوصل إلى اتفاق ينهي حرب غزة المستمرة منذ أكثر من 9 أشهر تتلاشى تدريجياً، في ظل إصرار نتنياهو على تحقيق كل أهداف الحرب.
يبدو أن آمال التوصل إلى اتفاق ينهي حرب غزة المستمرة منذ أكثر من 9 أشهر تتلاشى تدريجياً، في ظل حديث أعاد الأمور إلى المربع رقم صفر، بحسب مراقبين بعدما تواترت تقارير عن إمكانية إتمام الاتفاق هذه المرة.
فإصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس الخميس على تحقيق أهدافه المعلنة منذ بداية الحرب ألقى ظلالاً من الشك على إمكانية نجاح الجهود الدولية المبذولة لإنهاء تلك الحرب قريباً، حسب «وكالة الأنباء الألمانية».
وخلال كلمة له في حفل تخريج الضباط العسكريين، أكد نتنياهو إصراره على استكمال الحرب، وأنها لن تتوقف حتى تحقيق النصر وتصفية حكم حركة «حماس» في القطاع وإعادة جميع المحتجزين لبيوتهم، حتى لو استغرق ذلك وقتاً.
وتحدث نتنياهو في الوقت نفسه عن التزامه بإطار وقف إطلاق النار في غزة الذي يجري التفاوض عليه، متهماً حركة «حماس» بتقديم مطالب تتعارض معه، «وتعرض إسرائيل للخطر».
واعتبر نتنياهو أن إعادة المحتجزين الأحياء والأموات «مهمة مقدسة»، وأن السبيل الوحيد لإعادتهم استمرار الضغط العسكري.
وقال إن الجيش الإسرائيلي يلحق بـ«العدو ضربات قاصمة في البر والبحر والجو، وسيواصل المعركة بكل حزم».
وخلال الحفل نفسه، وفي حضور نتنياهو، دعا وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، إلى إجراء تحقيق رسمي في الإخفاقات الإسرائيلية بالتعامل مع هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) الذي نفذته حركة «حماس»، وقال إن التحقيق يجب أن يشمله هو نفسه ورئيس الوزراء وقائد الجيش ورئيس جهاز الأمن الداخلي (الشاباك).
وأقر غالانت بالفشل في الدفاع عن المواطنين الإسرائيليين وحمايتهم من هذا الهجوم، مضيفاً: «علينا استخلاص العبر مما حدث في 7 أكتوبر ولجنة التحقيق يجب أن تكون محايدة».
وفي غضون ذلك، اعتبر موقع «واللا» الإسرائيلي أن ثمة تقديرات إسرائيلية تشير إلى أن «حركة (حماس) في حالة ضعف»، ومعنية بالتوصل سريعاً إلى صفقة؛ ما يجعل إسرائيل تتصلب في مواقفها ومطالبها.
من جهتها، اتهمت «حماس»، في بيان، إسرائيل، بأنها تواصل «سياسة المماطلة لكسب الوقت بهدف إفشال هذه الجولة من المفاوضات، مثلما فعلت في جولات سابقة، وهذا لا ينطلي على شعبنا ومقاومته».
جاءت هذه التطورات بعد تواتر تقارير عن إحراز تقدم في أحدث جولات التفاوض بالعاصمة القطرية، الدوحة.
ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية عن مصدر أميركي رفيع المستوى، أن ثمة توافقاً على الإطار العام لصفقة تبادل إطلاق سراح المحتجزين، مشيراً إلى أن «الأطراف تفاوض الآن على تفاصيل تطبيق الصفقة».
وقال المسؤول الأميركي إنه «بعد 9 أشهر (من الحرب) الأطراف مرهقة وإسرائيل تريد أن تريح قواتها».
وأشار بحسب الصحيفة إلى أن إسرائيل و«حماس» وافقتا على حكم مؤقت في قطاع غزة مع تطبيق المرحلة الثانية من الاتفاق.
إلا أن مراقبين يرون أن آمال التوصل إلى اتفاق اصطدمت برغبة صقور الحكومة الإسرائيلية الراغبين في استمرار الحرب حتى القضاء على «حماس»، مستشهدين في ذلك بتصريحات وزير المالية بتسلئيل سموتريتش لإذاعة الجيش الإسرائيلي التي قال فيها: «هذه صفقة سيئة... نريد صفقة استسلام لـ(حماس)، وليس لنا».
وفي ظل هذه الأجواء، خرج الرئيس الأميركي جو بايدن بحديث مكرَّر عن العمل على التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة وزيادة المساعدات المقدَّمة إلى القطاع.
ورأى بايدن أن «لدينا حالياً فرصة لإنهاء الحرب في غزة»، وإن أقر في الوقت نفسه بأن «القضايا التي يتم التفاوض بشأنها من أجل وقف إطلاق النار صعبة ومعقدة».
وأضاف: «أرسلتُ فريقي إلى المنطقة لسد الفجوات فيما يتعلق بالمفاوضات لوقف الحرب».
وتابع الرئيس الأميركي: «أبلغت حكومة إسرائيل ونتنياهو بأنه لا حاجة لاحتلال أي مكان... الحكم في غزة بعد الحرب يجب ألا يكون فيه احتلال للقطاع».
وبعدما ظن كثيرون أن هذه الجولة من المفاوضات ربما تتمخض عن جديد، على عكس سابقاتها، صرح مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، للصحافيين، بأنه لا تزال هناك «أميال يتعين قطعها»، قبل التوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن في غزة ووقف إطلاق النار.
وقال سوليفان: «هذه مفاوضات معقدة تتضمن الكثير من الأجزاء المتحركة والكثير من التفاصيل التي يتعين العمل عليها».
وفي إطار مسلسل الضغوط المستمرة على رئيس الوزراء الإسرائيلي من اتجاهات مختلفة، تتواصل مظاهرات أهالي الرهائن المحتجزين لدى «حماس»، ومعها دعوات المعارضة للمضي قدماً في صفقة التبادل لإنقاذ حياة هؤلاء.
وكتبت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، في افتتاحية لها، إنه يتعين على إسرائيل قبول اتفاق الهدنة في غزة، وأن توقف «تخريب» نتنياهو لهذا الاتفاق.
وأعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، أمس (الخميس)، أن المفاوضين الإسرائيليين عادوا إلى البلاد من الدوحة، بعد اجتماع رباعي مع الوسطاء.
وأضاف البيان: «ناقش الاجتماع بنود الاتفاق بشأن إعادة الرهائن، وسبل تنفيذ خطوطه العريضة، مع ضمان تحقيق كافة أهداف الحرب».
ومع تواصل الجولات المكوكية بين الدوحة والقاهرة، لا تقدُّم يُذكر، ما دفع بعض المحللين إلى القول إن نتنياهو يسعى هو وحكومته الأكثر تطرفاً في تاريخ إسرائيل لإطالة أمد الحرب حتى موعد إجراء الانتخابات الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) على أمل عودة دونالد ترمب إلى سدة الحكم، والحصول على دعم أكبر من الحليف الأوثق لإسرائيل.