إردوغان أكد لبوتين تمسكه بوحدة سوريا ورفض «دولة إرهابية» على الحدود

جدّد استعداده للقاء الأسد وعدم القبول بالانتخابات الكردية

إردوغان وبوتين على هامش قمة منظمة شنغهاي في أستانا الخميس (الرئاسة التركية)
إردوغان وبوتين على هامش قمة منظمة شنغهاي في أستانا الخميس (الرئاسة التركية)
TT

إردوغان أكد لبوتين تمسكه بوحدة سوريا ورفض «دولة إرهابية» على الحدود

إردوغان وبوتين على هامش قمة منظمة شنغهاي في أستانا الخميس (الرئاسة التركية)
إردوغان وبوتين على هامش قمة منظمة شنغهاي في أستانا الخميس (الرئاسة التركية)

أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مجدداً، أن بلاده لن تقبل بقيام «دولة إرهابية» على حدودها الجنوبية، وأن لا أطماع لديها في الأراضي السورية، وإنما تعمل من أجل إيجاد حل سياسي للصراع والحفاظ على أمنها القومي في الوقت ذاته.

وقال إردوغان، خلال لقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على هامش القمة الـ24 لرؤساء دول منظمة شنغهاي للتنمية في أستانا، الأربعاء، إن تركيا لن تسمح بإقامة دولة إرهابية خارج حدودها المباشرة.

وأشار إلى أهمية اتخاذ خطوات ملموسة لإنهاء حالة عدم الاستقرار التي تخلق أرضاً خصبة للتنظيمات الإرهابية وخاصة الحرب في سوريا، مؤكداً استعداد تركيا للتعاون من أجل التوصل إلى حل، بحسب وكالة «الأناضول» الرسمية.

ونقلت وسائل إعلام تركية عن مصادر دبلوماسية، أن المباحثات بين إردوغان وبوتين تناولت العديد من الملفات الثنائية والإقليمية الدولية، في مقدمتها الملف السوري والتطورات الأخيرة والانتخابات المحلية التي تخطط الإدارة الذاتية الكردية لشمال شرقي سوريا لإجرائها في أغسطس (آب) المقبل وتطالب تركيا بمنعها.

وقالت المصادر، إن المباحثات تطرقت أيضاً إلى تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق، حيث أكد إردوغان ترحيبه بالخطوات التي تقوم بها روسيا في هذا الشأن.

وسبقت مباحثات إردوغان وبوتين مباحثات لوزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، مع الرئيس الروسي في موسكو في 11 يونيو (حزيران) الماضي، تناولت الملف السوري بالتركيز على الانتخابات الكردية. وصرح إردوغان عقب المباحثات، بأن المسألة تم بحثها خلال لقاء فيدان مع بوتين، معرباً عن ثقته بأن «الإدارة السورية» لن تسمح بإجراء الانتخابات، ولن تترك الفرصة للتنظيمات الانفصالية لتهديد وحدة سوريا.

الاتجاه للتطبيع

وعشية لقائه بوتين، أكد إردوغان أن «تركيا عملت بجد لإيجاد حل سياسي للصراع في سوريا، المستمر منذ أكثر من 13 عاماً والذي أودى بحياة مليون شخص»، لافتاً إلى أن مسار أستانا وفّر الأرضية للقاء الحكومة والمعارضة في سوريا.

سوريون ينتظرون العبور إلى سوريا من تركيا عند بوابة بالقرب من مدينة أنطاكيا فبراير 2023 (أ.ب)

وأضاف إردوغان في تصريحات عقب اجتماع الحكومة التركية برئاسته، ليل الثلاثاء - الأربعاء: «نعمل على منع المزيد من إراقة الدماء والمزيد من الصراعات من خلال قنوات مختلفة، وحققنا نتائج إيجابية في بعض القضايا، ومن الممكن اتخاذ خطوات إضافية من شأنها أن تخدم السلام والهدوء».

وتابع: «نحن، أكثر من يريد أن تصبح سوريا مكاناً آمناً ومأموناً للملايين الذين اضطروا إلى الفرار من منازلهم، وكلما تحقق هذا المناخ بشكل أسرع، كان ذلك أفضل للجميع، خاصة الشعب السوري».

وعن تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق، قال أردوغان: «نحن مهتمون بتنمية القاسم المشترك بدلاً من تعميق الخلافات، نعتقد أنه من المفيد في السياسة الخارجية بسط اليد؛ لذلك لا نمتنع عن اللقاء مع أي كان، نحن في حاجة إلى أن نجتمع من أجل هذا، كما كان الحال في الماضي، وعند القيام بذلك، سنضع في الحسبان مصالح تركيا في المقام الأول، كما أن تركيا لن تضحي بأي شخص وثق بها أو لجأ إليها أو عمل معها. تركيا ليست ولن تكون دولة تتخلى عن أصدقائها وسط الطريق».

استهداف السوريين

وتطرق إردوغان إلى أحداث العنف واستهداف اللاجئين السوريين في ولاية قيصري وسط البلاد، قائلاً إنه من العجز اللجوء للكراهية لتحقيق مكاسب سياسية من خلال تأجيج معاداة الأجانب وكراهية اللاجئين في المجتمع، في إشارة إلى محاولة المعارضة تغذية حالة الغضب في المجتمع التركي من استمرار اللاجئين.

صور تُظهر جانباً من آثار حريق محال السوريين في قيصري (متداولة)

وشدد الرئيس التركي على أن النظام العام «خط أحمر» بالنسبة للدولة، وأنه لا تسامح مع من يتجاوز هذا الخط أو ينتهكه تحت أي ذريعة.

ولفت إلى أن تركيا «دولة محصّنة ضد مخططات الفوضى التي يتم تنفيذها في الشوارع». وعد «خطة الفوضى، أنه تمت حياكتها في قيصري، بناءً على قضية تحرش مثيرة للاشمئزاز ومخزية للغاية».

وقال إردوغان إن الفصل الثاني من هذه المسرحية تم تنظيمه ضد المصالح التركية والوجود التركي في شمال سوريا، مضيفاً: «نعرف جيداً من حاك المؤامرة التي تم ترتيبها مع فلول التنظيم الإرهابي الانفصالي (حزب العمال الكردستاني وامتداده في سوريا وحدات حماية الشعب الكردية)، لا نحن ولا شعبنا ولا أشقاؤنا السوريون سيقعون في هذا الفخ الخبيث».

الحرائق التي أشعلها أتراك غاضبون في قيصري (إكس)

وأضاف: «أود أن أؤكد هنا مرة أخرى أننا لن نخضع أمام خطاب الكراهية والفاشية والتخريب العنصري والاستفزازات، نعلم كيف نكسر الأيادي القذرة التي تطال عَلمنا، ونعرف أيضاً كيف نكسر تلك التي تمتد إلى المظلومين اللاجئين في بلادنا»، مشيراً إلى توقيف 474 من المحرضين عقب الأحداث في قيصري.

وتابع إردوغان: «سنحلّ قضية اللاجئين في إطار عقلاني ووجداني يستند إلى حقائق بلدنا واقتصادنا، وليس بناءً على الأحكام المسبقة والمخاوف»، مشيراً إلى أن 670 ألف شخص عادوا إلى الشمال السوري عقب تطهيره من الإرهاب الانفصالي (في إشارة إلى مناطق عمليات درع الفرات وغصن الزيتون ونبع السلام).

وشدد على «مواصلة أنقرة ضمان أمنها وأمن شعبها، ما دام أن هناك في سوريا مجرمين متعطشين للدماء يوجّهون أسلحتهم نحو تركيا. لا نطمع في أرض أحد ولا نستهدف سيادة أي كان، نحمي وطننا من النوايا الانفصالية فحسب».

مقاتلون أكراد في بلدة تل أبيض السورية (أرشيفية - رويترز)

وحملت تصريحات إردوغان إشارة إلى أن القوات التركية لن تنسحب من شمال سوريا حتى ضمان أمن حدودها وزوال خطر قيام دولة كردية على حدودها الجنوبية، بينما يمثل هذا الانسحاب الشرط الأساسي لدمشق من أجل مواصلة محادثات التطبيع مع تركيا التي أطلقتها روسيا عام 2021 وتوقفت قبل عام.

وأعطى الرئيس السوري بشار الأسد وإردوغان مؤشرات، الأسبوع الماضي، على إمكانية عقد لقاء بينهما لبحث عودة العلاقات إلى سابق عهدها بعدما جددت روسيا مساعيها من أجل تطبيع العلاقات.

تراشق مع المعارضة

وتحولت سياسية تركيا تجاه سوريا إلى محور تراشق بين الحكومة والمعارضة على خلفية الأحداث الأخيرة عقب حادثة قيصري.

متظاهرون من التيار القومي في إسطنبول طالبوا برحيل السوريين (إكس)

وذكرت الخارجية التركية، في بيان، الأربعاء، رداً على الادعاءات المتعلقة بسياستها تجاه سوريا والشرق الأوسط عقب احتجاجات شهدتها ولاية قيصري التركية وأعمال عنف واعتداءات على مبانٍ إدارية والعَلم التركي في شمال سوريا، أن السياسة الخارجية التركية تقوم على مصالح الدولة والشعب، وتهدف إلى إحلال السلام والاستقرار والازدهار في منطقة الشرق الأوسط التي ترتبط معها بعلاقات تاريخية وثقافية متينة.

وشدد البيان، على أن تركيا، التي تقوم بمواكبة سياستها الخارجية وفق مصالحها الوطنية، لا تتردد في اتخاذ التدابير اللازمة ضد التهديدات التي يتعرض لها أمنها القومي، واتخذت موقفاً مبدئياً تجاه المأساة الإنسانية في سوريا منذ البداية.

وأكد أن الادعاءات المتعلقة بسياسة أنقرة حول الشرق الأوسط وسوريا «لا تحمل أي نوعية تحليلية وتفتقر حتى إلى المعرفة التاريخية الأساسية، وأن تركيا تمكنت منذ سنوات من أن تغدو جزيرة سلام واستقرار في المنطقة التي تحولت حلقةً من النار، فظلت بعيدة عن الحروب؛ ما عزز من أمن الشعب ورفاهيته وازدهاره».

وأشار إلى أن تركيا «تمكنت أيضاً من تحسين قدراتها الدفاعية، وباتت قادرة على مكافحة الإرهاب خارج حدودها، ولا ينبغي التغاضي عن أولئك الذين يتجاهلون كل هذه الحقائق ويطلقون اتهامات لا أساس لها من الصحة لتحقيق مكاسب سياسية فقط وأصبحوا وكلاء للقوى الكبرى التي تحاول اختراق منطقتنا».

زعيم المعارضة التركية أوزغور أوزيل (من حسابه في إكس)

وجاء بيان الخارجية التركية، على خلفية التصريحات الأخيرة لزعيم المعارضة التركية رئيس حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزيل التي كرر فيها انتقاده للسياسة التي اتبعتها الحكومة تجاه الأزمة السورية من البداية وتسببت في قطع العلاقات مع دمشق وخلقت أزمة داخلية بسبب ملايين اللاجئين الذين وفدوا على البلاد، وأن الحزب سيشرع في مباحثات مع الأسد من أجل حل مشكلة اللاجئين.

كما أصدر الحزب بياناً، الثلاثاء، تحدث فيه عن فشل تام للحكومة في التعامل مع الأزمة السورية، مطالباً بالإسراع بعقد مباحثات مع الأسد.


مقالات ذات صلة

بارزاني في بغداد لـ«تسوية حاسمة» بعد «استقبال استثنائي»

المشرق العربي بغداد تُبدي اهتماماً كبيراً بزيارة بارزاني وتصفه بـ«الثقل السياسي» (إعلام حكومي)

بارزاني في بغداد لـ«تسوية حاسمة» بعد «استقبال استثنائي»

خصَّت الحكومة العراقية وأحزاب الإطار التنسيقي رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود بارزاني، باستقبال استثنائي، كما أظهرت بيانات وصور بثتها مواقع رسمية.

فاضل النشمي (بغداد)
شؤون إقليمية وزير الدفاع التركي يشار غولر (أرشيفية - رويترز)

وزير الدفاع التركي يحذّر من محاولات الإخلال بالنظام العام

قال غولر: نراقب من كثب «التصورات السلبية» والتوترات المتزايدة التي جرت مؤخراً، «فيما يتعلق باللاجئين السوريين» في تركيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي السوداني مستقبلاً إردوغان في بغداد أبريل 2024 (أ.ف.ب)

تأكيد عراقي لاجتماع سوري - تركي في بغداد... ولا موعد للتطبيع

أكدت مصادر عراقية أن حكومة محمد شياع السوداني تلعب دوراً وسيطاً بين تركيا وسوريا، تمهيداً لعقد لقاء للتطبيع بينهما في بغداد، دون أن تحدد موعده.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي مقاتلون يعاينون آثار القصف الإيراني على السليمانية بكردستان العراق في سبتمبر العام الماضي (إ.ب.أ)

إصابة عضوين بحزب العمال الكردستاني في انفجار سيارة بالسليمانية

قالت الشرطة ومصادر أمنية في العراق، إن اثنين من أعضاء حزب العمال الكردستاني المحظور أُصيبا بجراح خطيرة، الثلاثاء؛ جراء انفجار في سيارة بمدينة السليمانية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي وزارة الداخلية العراقية أعلنت في مؤتمر صحافي ببغداد الاثنين اعتقال ثلاثة من عناصر حزب العمال الكردستاني (وكالة الأنباء العراقية - واع)

العراق يتهم «العمال الكردستاني» بالتخطيط لعمليات في بغداد

وجّهت الحكومة العراقية رسمياً إلى عناصر في حزب العمال الكردستاني تهمة الوقوف وراء حرائق في محافظات أربيل ودهوك وكركوك، والتخطيط لعمليات في بغداد.

حمزة مصطفى (بغداد)

الإصلاحي بيزشكيان يفوز برئاسة إيران... ويؤكد «مد يد الصداقة للجميع»

مسعود بيزشكيان يتحدث خلال حملة انتخابية في طهران (إ.ب.أ)
مسعود بيزشكيان يتحدث خلال حملة انتخابية في طهران (إ.ب.أ)
TT

الإصلاحي بيزشكيان يفوز برئاسة إيران... ويؤكد «مد يد الصداقة للجميع»

مسعود بيزشكيان يتحدث خلال حملة انتخابية في طهران (إ.ب.أ)
مسعود بيزشكيان يتحدث خلال حملة انتخابية في طهران (إ.ب.أ)

فاز المرشّح الإصلاحي مسعود بيزشكيان اليوم (السبت) في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسيّة الإيرانيّة أمام المرشّح المحافظ المتشدّد سعيد جليلي، حسبما أفادت وسائل الإعلام الرسميّة.

وأحصى مسؤولو الانتخابات حتّى الآن أكثر من 30 مليون صوت، حصل بيزشكيان منها على ما يزيد عن 16 مليون صوت، وجليلي على أكثر من 13 مليون صوت، وفق نتائج نشرتها وزارة الداخليّة، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.

المرشح الرئاسي الإصلاحي الإيراني مسعود بيزشكيان (وسط) بعد الإدلاء بصوته في مركز اقتراع (إ.ب.أ)

وفي أول تصريح له منذ إعلان فوزه أكد بيزشكيان اليوم أنه «سيمد يد الصداقة للجميع».

وقال للتلفزيون الرسمي «سنمد يد الصداقة للجميع، نحن جميعنا شعب هذا البلد. علينا الاستعانة بالجميع من أجل تقدّم البلد».

وأدلى الإيرانيّون بأصواتهم الجمعة في الدورة الثانية من انتخابات رئاسيّة تواجه فيها بيزشكيان الذي يدعو للانفتاح على الغرب، والمفاوض السابق في الملفّ النووي المحافظ المتشدّد جليلي المعروف بمواقفه المتصلّبة إزاء الغرب.

المرشح الرئاسي الإيراني سعيد جليلي (وسط) محاطاً بمؤيديه (د.ب.أ)

ولقيت هذه الدورة الثانية متابعة دقيقة في الخارج، إذ إنّ إيران هي في قلب كثير من الأزمات الجيوسياسيّة، من الحرب في غزة إلى الملفّ النووي الذي يُشكّل منذ سنوات عدّة مصدر خلاف بين البلاد والغرب ولا سيما الولايات المتحدة.

ودُعي نحو 61 مليون ناخب في إيران الجمعة للإدلاء بأصواتهم في 58 ألف و638 مركزا في أنحاء البلاد الشاسعة، من بحر قزوين شمالا إلى الخليج جنوبا.

وأغلقت مراكز الاقتراع أبوابها عند منتصف الليل (20:30 ت غ) بعد تمديد التصويت ستّ ساعات.

في الدورة الأولى، نال بيزشكيان الذي يدعو إلى الانفتاح على الغرب، 42.4 في المائة من الأصوات في مقابل 38.6 في المائة لجليلي المعروف بمواقفه المتصلّبة في مواجهة القوى الغربيّة، بينما حلّ ثالثاً مرشحّ محافظ آخر هو محمد باقر قاليباف، رئيس مجلس الشورى.

وحظي بيزشكيان البالغ 69 عاما بتأييد الرئيسَين الأسبقَين الإصلاحيّ محمد خاتمي وحسن روحاني.

ناخبون يملأون بطاقات اقتراعهم للانتخابات الرئاسية في أحد مراكز الاقتراع بطهران (أ.ب)

أمّا خصمه البالغ 58 عاما فحظي خصوصا بتأييد محمّد باقر قاليباف الذي حصد في الدورة الأولى 13.8 بالمئة من الأصوات.

وهذه الانتخابات التي جرت دورتها الأولى في 28 يونيو (حزيران) نُظّمت على عجَل لاختيار خلف لابراهيم رئيسي الذي قُتل في حادث مروحيّة في 19 مايو (أيار).

وجرت هذه الانتخابات وسط حالة استياء شعبي ناجم خصوصا من تردّي الأوضاع الاقتصاديّة بسبب العقوبات الدوليّة المفروضة على البلاد.

رؤيتان مختلفتان

في الدورة الأولى التي جرت قبل أسبوع، بلغت نسبة الإقبال على التصويت 39.92 في المائة من أصل 61 مليون ناخب، في أدنى مستوى لها منذ قيام الدولة قبل 45 عاماً.

ودعت شخصيّات معارضة داخل إيران وكذلك في الشتات، إلى مقاطعة الانتخابات، معتبرة أنّ المعسكرين المحافظ والإصلاحي وجهان لعملة واحدة.

لكن بالنسبة إلى وزير الخارجيّة الأسبق علي أكبر صالحي، فإنّ على الناخبين أن «يختاروا»، بالنظر إلى «الرؤيتَين المختلفتين تماما» للمرشّحين، وفق تصريحات أدلى بها لوكالة الصحافة الفرنسية بعد الإدلاء بصوته في شرق العاصمة.

وفي مركز اقتراع في طهران، قال حسين البالغ 40 عاما إنه اختار بيزشكيان لأنه «قادر على إحداث تغيير».

واتخذ فرزاد (52 عاما) الذي طلب عدم كشف كامل هويته على غرار حسين، الخيار نفسه «لمنع المتطرّفين» من الوصول إلى السلطة.

وقرّرت ملكة مقتضائي التصويت لجليلي. فهذه الطالبة البالغة 19 عاما تعوّل عليه في «تحسين اقتصاد البلاد».

وفي مقهى في وسط العاصمة، امتنعت إلميرا وهي طالبة تبلغ 26 عاما عن التصويت وأملت بأن يحذو كثرٌ حذوها «لتوجيه رسالة» إلى العالم.

امرأة إيرانية تدلي بصوتها في مركز اقتراع خلال الانتخابات الرئاسية في طهران (إ.ب.أ)

«الناس غير راضين»

خلال مناظرة متلفزة جرت بينهما مساء الاثنين، ناقش الخصمان خصوصا الصعوبات الاقتصاديّة التي تواجهها البلاد والعلاقات الدولية وانخفاض نسبة المشاركة في الانتخابات والقيود التي تفرضها الحكومة على الإنترنت.

وقال بيزشكيان إنّ «الناس غير راضين عنا»، خصوصا بسبب عدم تمثيل المرأة، وكذلك الأقلّيّات الدينية والعرقية، في السياسة.

وأضاف «حين لا يشارك 60 في المائة من السكّان (في الانتخابات)، فهذا يعني أنّ هناك مشكلة» مع الحكومة.

ودعا المرشح الإصلاحي إلى «علاقات بنّاءة» مع الولايات المتّحدة والدول الأوروبية من أجل «إخراج إيران من عزلتها».

أما جليلي، المفاوض في الملف النووي بين عامي 2007 و2013، فكان معارضا بشدّة للاتفاق الذي أُبرم في نهاية المطاف بين ايران والقوى الكبرى بينها الولايات المتحدة، والذي فرض قيودا على النشاط النووي الإيراني في مقابل تخفيف العقوبات.

وجدّد جليلي تأكيد موقفه المتشدّد تجاه الغرب، معتبراً أنّ طهران لا تحتاج لكي تتقدّم أن تعيد إحياء الاتّفاق النووي الذي فرض قيوداً مشددة على نشاطها النووي مقابل تخفيف العقوبات المفروضة عليها.

وقال إن هذا الاتفاق «انتهك الخطوط الحُمر لطهران» من خلال القبول بـ«عمليات تفتيش غير عادية للمواقع النووية الإيرانية».

والمفاوضات النووية حاليا في طريق مسدود بعد الانسحاب الأحادي للولايات المتحدة في العام 2018 بقرار اتّخذه دونالد ترمب الذي كان رئيسا للبلاد حينها، وإعادة فرض عقوبات اقتصادية مشددة على طهران.

ويدعو بيزشكيان إلى إيجاد حل دائم لقضية إلزامية الحجاب، أحد أسباب حركة الاحتجاج الواسعة التي هزت البلاد في نهاية العام 2022 إثر وفاة الشابة مهسا أميني في سبتمبر (أيلول) 2022 بعد توقيفها لعدم التزامها قواعد اللباس الصارمة.

وسيكون تأثير نتيجة الانتخابات محدوداً على توجّه البلاد لأنّ للرئيس في إيران صلاحيات محدودة. وتقع المسؤولية الأولى في الحكم في البلاد على عاتق المرشد الأعلى الذي يُعتبر رأس الدولة، أما الرئيس فهو مسؤول على رأس حكومته عن تطبيق الخطوط السياسية العريضة التي يضعها المرشد الأعلى علي خامنئي.