إسرائيل تباشر تخفيف قواتها في غزة تمهيداً لـ«المرحلة الثالثة»

ستبقي على انتشار جيشها في محور فيلادلفيا وفي «ممر نتساريم»

فلسطينيون ينزحون من خان يونس الثلاثاء (أ.ف.ب)
فلسطينيون ينزحون من خان يونس الثلاثاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تباشر تخفيف قواتها في غزة تمهيداً لـ«المرحلة الثالثة»

فلسطينيون ينزحون من خان يونس الثلاثاء (أ.ف.ب)
فلسطينيون ينزحون من خان يونس الثلاثاء (أ.ف.ب)

في وقت كشفت فيه صحيفة «نيويورك تايمز»، الثلاثاء، أن كبار الجنرالات الإسرائيليين الأعضاء في هيئة الأركان العامة يؤيدون وقف الحرب على غزة، حتى لو أدى ذلك إلى بقاء حركة «حماس» في السلطة في الوقت الحالي، ذكرت مصادر سياسية في تل أبيب أن الجيش بدأ عملية تخفيف لوجود قواته في غالبية المناطق في قطاع غزة تمهيداً للانتقال إلى المرحلة الثالثة من الحرب، وهي التي يجري خلالها القيام بعمليات صغيرة نسبياً.

ومع أن بعض الأوساط لا تستبعد أن يكون هذا النشر جزءاً من خدعة عسكرية هدفها طمأنة قادة «حماس» الميدانيين حتى يغادروا الأنفاق، إلا أن أوساطاً في الأجهزة الأمنية تحدثت عن اتجاه جديد في الحرب. وقالت إن القيادة السياسية في إسرائيل تؤيد هي أيضاً هذا التوجه، وأعطت القيادة العسكرية «ضوءاً أخضر» لما سمته «إنهاء المرحلة الحالية من الحرب»، التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذ 269 يوماً، والانتقال بشكل تدريجي، خلال الشهر الحالي، إلى المرحلة الثالثة للحرب.

نازحون من خان يونس بجنوب قطاع غزة الثلاثاء (رويترز)

وذكرت «هيئة البث الإسرائيلية» (كان 11)، أن الجيش الإسرائيلي يعتزم الإبقاء على قواته منتشرة في محور فيلادلفيا الواقع على طول المنطقة الحدودية الفلسطينية المصرية، جنوب قطاع غزة، وكذلك في «ممر نتساريم» الذي يفصل الاحتلال من خلاله المناطق الشمالية من قطاع غزة عن المناطق الجنوبية. وسيستخدمهما نقطة انطلاق لعمليات حربية عينية سيقوم بها لمواجهة خلايا مسلحة أو اغتيال قادة وغير ذلك من العمليات.

وكان رئيس أركان الجيش، هيرتسي هليفي، قد صرح في الأسبوع الماضي، بأن عملية اجتياح رفح التي تهدف إلى القضاء على قدرات «حماس» العسكرية، تقترب من نهايتها. وإنه بعد انتهاء المرحلة المكثفة من الحرب ستركز القوات على عمليات أصغر نطاقاً تهدف إلى منع «حماس» من إعادة ترتيب صفوفها، وذلك عبر شن عمليات اقتحام ومداهمة وانتشار مركزة مصحوبة بهجمات جوية.

فلسطيني يحمل ما أمكن من أغراضه خلال النزوح من مناطق طلب إسرائيل إخلاءها شرق خان يونس الثلاثاء (أ.ف.ب)

وذكرت «كان 11» نقلاً عن مصادر مطلعة على المداولات بين المستويين السياسي والعسكري، أن القيادة السياسية في إسرائيل صادقت على «الانتقال تدريجياً إلى المرحلة الثالثة من الحرب خلال الشهر الحالي»، واستدركت بالإشارة إلى أن «العملية الانتقالية نفسها ستكون مرتبطة بالمفاوضات لإطلاق سراح الرهائن والمفاوضات (مع حزب الله) في لبنان». وأوضحت أن الجيش الإسرائيلي يعتزم «إبقاء قواته في محور فيلادلفيا وفي الممر الذي يفصل شمال قطاع غزة عن جنوبه في هذه المرحلة أيضاً، وفي الوقت نفسه تنفيذ مهام وعمليات محددة في القطاع»، في محاولة لمواصلة الضغط العسكري على حركة «حماس» في ظل تعطل جهود الوسطاء للتوصل إلى وقف لإطلاق النار وصفقة تبادل أسرى.

الدخان يتصاعد من بيت حانون في شمال قطاع غزة الثلاثاء (إ.ب.أ)

وأكدت مصادر سياسية في تصريحات إلى «القناة 12» للتلفزيون الإسرائيلي أن هذه القرارات اتخذت في المداولات الأمنية التي عقدها رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في القيادة الجنوبية وفرقة غزة، مساء الأحد الماضي، بمشاركة وزير الدفاع، يوآف غالانت، وكبار قادة الجيش الإسرائيلي و«الشاباك»، والتي استعرض جهاز الأمن خلالها «تطور العمليات في غزة، والاستعداد للمراحل المقبلة». وخلال الاجتماع، طلب الجيش من القيادة السياسية «4 أسابيع إضافية لاستكمال العملية في رفح»، أي حتى نهاية الشهر الحالي. وذكرت القناة أن الجيش بحاجة لهذه «النافذة الزمنية للتعامل مع الأنفاق المتبقية في رفح ومحور فيلادلفيا»، الذي يحتله الجيش الإسرائيلي منذ نهاية مايو (أيار) الماضي، لكن مصادر أخرى تحدثت عن 10 أيام لإنهاء العملية في رفح.

واستعرض كبار المسؤولين في الجيش و«الشاباك» «التقدم الذي جرى إحرازه» في العمليات البرية في قطاع غزة، ورأوا أن «الإنجاز العسكري» الذي تحقق في غزة «كبير بما فيه الكفاية، بحيث إنه في حالة اضطرار إسرائيل إلى وقف القتال، سواء بسبب التوصل إلى صفقة تبادل أو بسبب احتمال التوصل إلى تسوية في الشمال، فإن الجيش سيكون قادراً على القيام بذلك».

نزوح من خان يونس الثلاثاء (أ.ف.ب)

وشدد الجيش خلال الاجتماع، بحسب «القناة 12»، على أنه «رغم التقدم الذي جرى إحرازه، فإنه لا ينبغي أن يكون هناك أي إعلان عن انتهاء الحرب»، وذلك حتى «إعادة جميع الرهائن المحتجزين في قطاع غزة، الأحياء والأموات على حد سواء»؛ وأكدت أن الجيش يعتزم الإبقاء على قواته منتشرة في «مركزين تكتيكيين مهمين داخل القطاع: محور فيلادلفيا وكذلك في ممر نتساريم».


مقالات ذات صلة

«من الحياة المريحة إلى الخراب»... قصة أسرة فلسطينية وعام من النزوح

المشرق العربي الفلسطيني نعمان أبو جراد وأسرته (أ.ب)

«من الحياة المريحة إلى الخراب»... قصة أسرة فلسطينية وعام من النزوح

قضى الفلسطيني نعمان أبو جراد وزوجته ماجدة وبناتهما الست العام الماضي بأكمله في نزوح على طول قطاع غزة، محاولين البقاء على قيد الحياة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيون يفحصون أنقاض مسجد شهداء الأقصى في دير البلح بعدما تعرض للتدمير في غارة إسرائيلية (إ.ب.أ)

الجيش الإسرائيلي يعلن «تطويق» جباليا في شمال قطاع غزة

أعلن الجيش الإسرائيلي، الأحد، أن قواته «تطوق» منطقة جباليا في شمال قطاع غزة بعد تقييم يفيد بأن حركة «حماس» تعيد بناء قدراتها هناك بعد أشهر من القتال.

«الشرق الأوسط» (غزة)
أوروبا فلسطينيون يحملون أعلاماً ولافتات في سيدني بأستراليا خلال مظاهرة تطالب بوقف إطلاق النار في غزة (أ.ف.ب)

الآلاف يتظاهرون في أوروبا دعماً لغزة بعد عام على اندلاع الحرب

تظاهر آلاف الأشخاص دعما لغزة في أوروبا وجنوب أفريقيا ومئات في فنزويلا في الذكرى السنوية الأولى لبدء الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس».

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال اجتماع لمجلس الأمن الأربعاء (أ.ب)

غوتيريش يدعو للإفراج الفوري وغير المشروط عن الرهائن الإسرائيليين

دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش السبت، إلى إنهاء «أعمال العنف المروعة» و«سفك الدماء» في غزة ولبنان، بعد عام من الحرب الإسرائيلية على غزة.

«الشرق الأوسط» (الأمم المتحدة (الولايات المتحدة))
المشرق العربي فلسطينيون بجوار جثث أقاربهم الذين قتلوا في غارة إسرائيلية بمستشفى شهداء الأقصى بدير البلح (أرشيفية - رويترز)

24 قتيلاً في قصف إسرائيلي على دير البلح وسط غزة

قال مكتب الإعلام الحكومي في غزة إن 24 شخصاً على الأقل لقوا حتفهم وأصيب 93 آخرون في ضربات جوية إسرائيلية على مسجد ومدرسة يؤويان مئات النازحين.

«الشرق الأوسط» (غزة)

بالتفاصيل... مخطط منسوب لإيران لضرب هدف يهودي في اليونان

مدخل مبنى تابع لمنظمة يهودية في أثينا (رويترز)
مدخل مبنى تابع لمنظمة يهودية في أثينا (رويترز)
TT

بالتفاصيل... مخطط منسوب لإيران لضرب هدف يهودي في اليونان

مدخل مبنى تابع لمنظمة يهودية في أثينا (رويترز)
مدخل مبنى تابع لمنظمة يهودية في أثينا (رويترز)

في الوقت الذي تتصاعد فيه حدة الصراع بين إيران وإسرائيل، يساور الغرب قلق من أن تعمد طهران إلى تنفيذ موجة من محاولات القتل والخطف في أوروبا والولايات المتحدة.

فقد أعلنت واشنطن وحلفاء لها تسجيل ارتفاع حاد في مثل هذه المخططات التي ارتبطت باسم إيران في السنوات القليلة الماضية. وخلصت وكالة «رويترز» للأنباء، من خلال فحص وثائق قضائية وتتبع تصريحات مسؤولين حكوميين، إلى أنه منذ 2020 هناك ما لا يقل عن 33 محاولة اغتيال أو خطف في الغرب تزعم سلطات الدول التي وقعت بها أو السلطات الإسرائيلية ارتباطها بإيران.

ومن بين الأهداف المزعومة في الآونة الأخيرة مبنى يضم مركزاً يهودياً ومطعماً يقدم وجبات تتوافق مع القواعد اليهودية الخاصة بالغذاء (كوشر) في وسط أثينا.

وزعم محققون في وثائق قُدمت إلى السلطات القضائية بهذا الخصوص واطلعت عليها «رويترز» أن باكستانياً في إيران يدعى سيد فخر عباس جنّد أحد معارفه القدامى الذين يعيشون في اليونان وأصدر له توجيهات بمهاجمة الموقع. وأبلغه عباس بأنه يعمل لصالح مجموعة ستدفع نحو 15 ألف يورو (نحو 16.5 ألف دولار) عن كل قتيل يسقط.

«مجرد كلام وليس أفعالاً»

وشملت الوثائق تفاصيل محادثات عبر تطبيق «واتساب»، في يناير (كانون الثاني) 2023، ناقش فيها الطرفان ما إذا كان الهجوم سيُنفذ بمتفجرات أو إضرام نيران. وشدّد عباس على ضرورة تقديم دليل على كل حالة قتل أو إصابة بعد التنفيذ. وقال إن «هناك أجهزة مخابرات» مشاركة في الأمر، لكنه لم يذكر أسماءها. وأمره بالقول «نفذ المهمة بطريقة لا تدع أي مجال لشكواهم (أجهزة المخابرات)».

وتتضمن الوثائق، التي لم يسبق النشر عنها، أدلة مفصّلة في مئات الصفحات جُمعت في أثناء تحقيق اليونان قبل إحالة الأمر للقضاء، وشملت أقوال شهود وبيانات أصدرتها الشرطة وتفاصيل رسائل «واتساب». والهدف من هذه الأدلة هو إظهار كيفية إعداد عباس للمجند المزعوم، وهو باكستاني أيضاً ممشوق القوام يدعى سيد ارتضاء حيدر، وكانت محادثاتهما تتناول أموراً عن الحياة في باكستان والتخطيط لهجمات.

واعتقلت السلطات اليونانية حيدر وباكستانياً آخر العام الماضي، قائلة إن الشرطة ساعدت في تفكيك شبكة إرهابية تتلقى توجيهات من الخارج تهدف إلى إيقاع «خسائر بشرية». ويواجه المعتقلان اتهامات ترتبط بالإرهاب. وينفي كلاهما ارتكاب أي مخالفات.

ويدفع حيدر ببراءته. وكان قد أُطلق سراحه من الحبس الاحتياطي في ربيع العام الحالي مع فرض قيود عليه. وقال الشاب البالغ من العمر 28 عاماً، لـ«رويترز»، في مقابلة، إنه أرسل لعباس صوراً للمبنى لكنه تعمّد المماطلة في تنفيذ أي هجوم على أمل اقتناص أي أموال دون إيذاء أحد.

وأضاف: «لم يتخطَّ الأمر مجرد الكلام، ولم يكن هناك فعل». وقال محاميه زكريا كيسيس إن حيدر «لم ينخرط بشكل فعلي» في أي نشاط غير قانوني.

نفي إيراني

يواجه زعيم الشبكة المزعوم عباس أيضاً اتهامات تتعلق بالإرهاب. وقال مسؤول في الشرطة الباكستانية إنه مطلوب في باكستان للاشتباه في ارتكابه جريمة قتل. ولا يزال عباس مطلق السراح ولم يتسنَّ التواصل معه للحصول على تعقيب. كما لم يتسنَّ التواصل مع المشتبه به الثالث. وقال إيراكليس ستافاريس، المحامي الذي مثّل عباس عندما وُجّهت إليه التهم، إنه ينفي ارتكاب أي مخالفات.

ورفضت الشرطة اليونانية التعليق. وأفاد محامي حيدر بأن القضية تنتظر قراراً من السلطات القضائية بشأن ما إذا كان ينبغي المُضي قدماً في المحاكمة.

ويقول جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد)، الذي أسهم في التحقيق اليوناني، إن مخطط الهجوم من تدبير طهران في إطار شبكة متعددة الجنسيات تعمل انطلاقاً من إيران. ورفضت الحكومة الإسرائيلية التعليق على القضية أو على أنشطة أخرى للموساد.

وتنفي إيران زعم الموساد. غير أن التفاصيل في مخططات التنفيذ قريبة منها في بعض مخططات أخرى منسوبة لطهران. ومن هذه التفاصيل، نوع الهدف، وهو المدنيون الإسرائيليون أو اليهود، والاستعانة بغير إيرانيين في التنفيذ. وتوصلت «رويترز» إلى أن هناك حالتين أخريين على الأقل يُزعم أنهما شملتا مواطنين باكستانيين أيضاً.