تركيا: انطلاق محاكمة قتلة الرئيس السابق لحركة «الذئاب الرمادية»

سبقها جدل سياسي حاد منذ اغتياله عام 2022 والمعارضة انتقدت لائحة الاتهام

سنان أتيش الرئيس السابق لحركة «الذئاب الرمادية» القومية التركية فجر اغتياله جدلاً سياسياً حاداً واتهامات من جانب المعارضة (أرشيفية)
سنان أتيش الرئيس السابق لحركة «الذئاب الرمادية» القومية التركية فجر اغتياله جدلاً سياسياً حاداً واتهامات من جانب المعارضة (أرشيفية)
TT

تركيا: انطلاق محاكمة قتلة الرئيس السابق لحركة «الذئاب الرمادية»

سنان أتيش الرئيس السابق لحركة «الذئاب الرمادية» القومية التركية فجر اغتياله جدلاً سياسياً حاداً واتهامات من جانب المعارضة (أرشيفية)
سنان أتيش الرئيس السابق لحركة «الذئاب الرمادية» القومية التركية فجر اغتياله جدلاً سياسياً حاداً واتهامات من جانب المعارضة (أرشيفية)

انطلقت في أنقرة، الاثنين، محاكمة 22 متهما في قضية اغتيال الرئيس السابق لحركة «الذئاب الرمادية» (أولكو أوجاكلاري) القومية، سنان أتيش، الذي قتل واثنان من مرافقيه لدى خروجه من صلاة الجمعة في 30 ديسمبر (كانون الأول) 2022 أمام أحد المساجد في العاصمة التركية.

وعقدت جلسة الاستماع الأولى في إطار المحاكمة، التي تسبب تأخر انطلاقها لأكثر من عام ونصف العام في تراشق سياسي واتهامات متبادلة بين المعارضة وحزبي «العدالة والتنمية» وشريكه في «تحالف الشعب»، حزب «الحركة القومية» بالتغاضي عن جريمة القتل السياسي التي تعرض لها أتيش في وضح النهار.

وتعد «الذئاب الرمادية» بمثابة الذراع المسلحة غير الرسمية لحزب «الحركة القومية» الذي واجه ورئيسه دولت بهشلي اتهامات من جانب أحزاب المعارضة وفي مقدمتهم حزب «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة، وعائشة أتيش، زوجة سنان أتيش، بالضلوع في منع محاكمة قتلة أتيش، وترك دمائه تضيع هدراً.

وقاد «الشعب الجمهوري»، سواء في عهد رئيسه السابق، كمال كليتشدار أوغلو أو الحالي أوزغور أوزيل، حملة ضغط مكثفة من أجل بدء محاكمة المتهمين، الذين تم القبض عليهم عقب اغتيال سنان أتيش.

والتقى أوزيل زوجة أتيش مرتين خلال الأسابيع الأخيرة، كما طالب الرئيس رجب طيب إردوغان بلقائها والعمل على دفع إجراء محاكمة عادلة للمتهمين، والتقاها إردوغان في 11 يونيو (حزيران) الماضي، بعد ساعات قليلة من زيارته لأوزيل بمقر حزب «الشعب الجمهوري»، في إطار تبادل الزيارات ضمن ما عرف بـ«التطبيع السياسي» في تركيا، والذي انطلق عقب الانتخابات المحلية في 31 مارس (آذار) الماضي، والتي حقق فيها حزب «الشعب الجمهوري» فوزاً كبيراً على حساب حزب «العدالة والتنمية» الحاكم.

عائشة أتيش زوجة سنان أتيش إلى جانب رئيسي حزب الشعب الجمهوري الحالي أوزغور أوزيل والسابق كمال كليتشدار أوغلو في أولى جلسات محاكمة قتلة زوجها (موقع حزب الشعب الجمهوري)

وعقدت أولى جلسات المحاكمة وسط إجراءات أمنية مشددة، وأحضرت عائشة أتيش إلى المحكمة بحراسة عناصر من القوات الخاصة بالشرطة وهي ترتدي قميصاً واقياً من الرصاص.

وجلست أتيش داخل المحكمة إلى يسار أوزغور أوزيل بينما جلس على يمينه رئيس الحزب السابق، كمال كليتشدار أوغلو، وحضر أيضاً قادة أحزاب أخرى مثل حزب «الجيد» و«النصر» وتابعها أيضاً رئيس حزب «الديمقراطية والتقدم»، علي باباجان، و«المستقبل» أحمد داود أوغلو، ونواب برلمانيون، وحظيت بتغطية إعلامية مكثفة.

وفي تصريحات للصحافيين من أمام محكمة «سنجان» التي شهدت أولى جلسات المحاكمة، تعهد أوزيل بعدم الوقوف مكتوفي الأيدي أمام محاولة التستر على جريمة اغتيال سنان أتيش وكأنها جريمة قتل عادية.

وقال أوزيل: «إذا لم يقل أحد إن الملك عارٍ، لقد جئنا إلى هنا اليوم للقيام بذلك، جئنا لنقف مع عائشة أتيش وابنتيها ومع عائلة سنان أتيش الذين يبحثون عن العدالة، لقد تم القبض على القاتل، ومن الواضح أن الأقل شهرة هم المحرضون. أولئك الذين ساهموا في القتل، أولئك الذين ساعدوا وحرضوا واضحون، لكن لائحة الاتهام تتوقف حيث يجب أن تذهب».

وأضاف: «نواجه قضية معلقة مع لائحة اتهام غير كاملة، سنواصل الوقوف إلى جانب عائشة أتيش وأطفالها حتى يقولوا إنهم حققوا العدالة، وسنتابع العملية القانونية برمتها».

تاريخ «الذئاب الرمادية»

وتأسست حركة «الذئاب الرمادية» في نهاية الستينات من القرن الماضي على يد الضابط السابق بالجيش التركي ألب أرسلان توركش، الذي أسس «الحركة القومية»، وتجمع شباب يؤمنون بنظرية «تفوق العرق التركي»، ويطمحون إلى توحيد المنتمين إلى القومية التركية حول العالم في بلد واحد.

ويعود اسم «الذئاب الرمادية» إلى أسطورة قديمة تتحدث عن حرب إبادة تعرض لها الأتراك، ونجا منها طفل واحد فقط، اضطر إلى الزواج بذئبة وأنجب منها 12 شخصاً أعادوا بناء القبائل التركية.

رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل تعهد من أمام المحكمة بمتابعة قضية اغتيال سنان أتيش حتى تحقيق العدالة (حزب الشعب الجمهوري)

ويميز أعضاء الحركة رفعهم إيماءة مميزة باليد، ترفع خلالها السبابة والخنصر بينما تضم بقية الأصابع إلى بعضها مشكلة ما يشبه «رأس ذئب». ونفذت 694 هجوماً بين عامي 1974 و1980، راح ضحيتها الآلاف، كما يعتقد أن المنظمة قاتلت في أذربيجان ضد أرمينيا، قبل أن تشارك في محاولة انقلاب انتهت بحظرها هناك، كما حظرت في كازاخستان في العام 2005.

وشاركت الحركة في الصراع بين القبارصة الأتراك واليونانيين في قبرص، ودعمت الأويغور في إقليم شينغيانغ الصيني، وقاتلت في حربي الشيشان الأولى والثانية ضد الروس، وفي السنوات الأخيرة ظهرت تقارير تتحدث عن تنسيقها مع تتار شبه جزيرة القرم وتركمان سوريا.

وتنتشر الذئاب الرمادية بشكل كبير في أوروبا، وتتحدث تقارير غير مؤكدة عن أن عناصرها في ألمانيا يقدرون بـ18 ألف شخص.

وقررت المحكمة استمرار نظر الدعوى الثلاثاء بعد أن استمعت إلى منفذ الجريمة إراي أوزياغجي الذي غير أقواله الواردة في التحقيقات أمام المحكمة، فيما فسر على أنه محاولة لإبعاد أي تطرق إلى اسم رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي في القضية، وقال إنه من حرضه على ارتكابها هو دوغوكان شيب، الذي اعترف بدوره أمام المحكمة بأنه هو المحرض، مدعياً أن الجريمة نفذت مقابل المال.


مقالات ذات صلة

إردوغان وبهشلي ناقشا الدستور الجديد لتركيا وأوزال يصر على الانتخابات المبكرة

شؤون إقليمية بهشلي يهدي إردوغان نسخة من كتاب أصدره حديثاً خلال زيارته له في منزله في أنقرة الخميس (الرئاسة التركية)

إردوغان وبهشلي ناقشا الدستور الجديد لتركيا وأوزال يصر على الانتخابات المبكرة

بحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع رئيس حزب «الحركة القومية»، دولت بهشلي، في الاستعدادات الجارية لطرح مشروع الدستور الجديد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متحدثاً أمام البرلمان الثلاثاء (الرئاسة التركية)

إردوغان يغلق الباب أمام الانتخابات المبكرة ويتمسك بالدستور الجديد

يسيطر النقاش حول الانتخابات المبكرة والدستور الجديد على الأجندة السياسية لتركيا وسط جدل متصاعد بين الحكومة والمعارضة

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شمال افريقيا محادثات عبد العاطي وفيدان في نيويورك (الخارجية المصرية)

ارتياح مصري - تركي لتقدم العلاقات الثنائية

أكدت محادثات بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، ونظيره التركي هاكان فيدان، في نيويورك، «تطلع القاهرة وأنقرة لمواصلة العمل على دفع العلاقات الاقتصادية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
رياضة عالمية صورة متداولة للمحلل التلفزيوني الكروي سرحات أكين وسط حماية الشرطة (وسائل إعلام تركية)

إصابة سرحات أكين لاعب تركيا السابق بطلق ناري

أدان الاتحاد التركي لكرة القدم الهجوم المسلح الذي تعرض له مهاجم المنتخب الوطني وفناربخشه السابق والمحلل التلفزيوني الحالي سرحات أكين في إسطنبول أمس (الخميس).

«الشرق الأوسط» (إسطنبول)
شؤون إقليمية داود أوغلو خلال استقباله باباجان بمقر حزب «المستقبل» في أنقرة قبل أيام (وسائل إعلام تركية)

تركيا: تعثر جديد لمفاوضات الاندماج بين حزبي باباجان وداود أوغلو

فشلت مفاوضات الاندماج بين حزبي «الديمقراطية والتقدم» برئاسة علي باباجان و«المستقبل» برئاسة أحمد داود أوغلو في التوصل إلى اتفاق على اندماج الحزبين.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

وزير خارجية إيران يزور دمشق... ويأمل نجاح مساعي وقف إطلاق النار في لبنان وغزة

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (يسار) مع نظيره السوري بسام الصباغ (يمين) خلال اجتماع في دمشق (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (يسار) مع نظيره السوري بسام الصباغ (يمين) خلال اجتماع في دمشق (إ.ب.أ)
TT

وزير خارجية إيران يزور دمشق... ويأمل نجاح مساعي وقف إطلاق النار في لبنان وغزة

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (يسار) مع نظيره السوري بسام الصباغ (يمين) خلال اجتماع في دمشق (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (يسار) مع نظيره السوري بسام الصباغ (يمين) خلال اجتماع في دمشق (إ.ب.أ)

جدّد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، اليوم (السبت)، من دمشق، التأكيد على أهمية التوصل إلى وقف لإطلاق النار في لبنان وغزة، آملاً نجاح المساعي الجارية في هذا الصدد.

وقال عراقجي للصحافيين فور وصوله إلى دمشق، غداة زيارة إلى بيروت: «القضية الأكثر أهمية اليوم هي وقف إطلاق النار، خصوصاً في لبنان وغزة». وتابع: «هناك مبادرات في هذا الصدد، وكانت هناك مشاورات نأمل أن تكون ناجحة»، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية».

واستهل عراقجي اجتماعاته في دمشق بلقاء نظيره السوري بسام صباغ. وكان عراقجي أكد من بيروت، أمس (الجمعة)، دعم بلاده لمساعي وقف إطلاق النار في لبنان وغزة بشكل «متزامن». وقال: «تحدثت مع السلطات اللبنانية، ونحن على اتصال مع دول أخرى للتوصل إلى وقف لإطلاق النار».

وبعدما غادر بيروت مساء أمس (الجمعة)، وصل عراقجي إلى دمشق عبر مطارها الدولي لتعذر انتقاله منها براً إلى سوريا، جراء غارات إسرائيلية استهدفت منطقة المصنع الحدودية، وأدت إلى قطع الطريق الدولية بين البلدين.

وقال الجيش الإسرائيلي إنه أغار على نفق أرضي عابر للحدود اللبنانية - السورية، كان «حزب الله» الذي تمده إيران بالمال والسلاح وتسهّل سوريا نقل أسلحته، يستخدمه «لنقل الكثير من الوسائل القتالية».

وهذه أول زيارة لعراقجي إلى دمشق منذ توليه منصبه.

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (وسط) مع نظيره السوري بسام الصباغ خلال اجتماعهما في دمشق (إ.ب.أ)

ومنذ اندلاع النزاع في سوريا عام 2011، شكّلت طهران أحد أبرز داعمي دمشق سياسياً واقتصادياً وعسكرياً. وأرسلت مستشارين عسكريين ومجموعات موالية لها قاتلت إلى جانب القوات الحكومية.

وقال عراقجي: «تعاوننا الثنائي هو محل نقاش واسع للغاية. لدينا علاقات جيدة مع سوريا في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية، ومن الطبيعي أن تكون هناك مراجعة لها». وتابع: «نحاول إزالة العقبات القائمة وإيجاد مجالات (تعاون) جديدة، ومواصلة العلاقات بشكل أفضل مما كانت عليه في الماضي».

في الأشهر القليلة الماضية، تحدّث محللون سوريون استضافتهم وسائل إعلام محلية عن «اختلاف في وجهات النظر» بين إيران وسوريا حول قضايا عدة، أبرزها محدودية دعم طهران لدمشق في الجانب الاقتصادي وقطاع الطاقة والمحروقات، في خضم أزمة اقتصادية مزمنة تشهدها البلاد، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

ويطال التباعد في وجهات النظر كذلك، وفق محللين، وجود إيران العسكري، بعد تقارير عن تقليصها قواتها تحت وطأة الغارات الإسرائيلية التي استهدفت مواقعها وقادتها منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس» الفلسطينية في غزة. وكانت أبرزها غارة في أبريل (نيسان) الماضي نُسبت إلى إسرائيل، واستهدفت مبنى ملحقاً بالسفارة الإيرانية في دمشق، ما أسفر عن مقتل 7 عناصر من «الحرس الثوري الإيراني».

ومنذ بدء النزاع في سوريا عام 2011، شنّت إسرائيل مئات الضربات الجوية، واستهدفت مواقع لقوات النظام وأهدافاً إيرانية، وأخرى لـ«حزب الله». ونادراً ما تؤكّد إسرائيل تنفيذ الضربات، لكنّها تكرّر تصدّيها لما تصفه بمحاولات إيران ترسيخ وجودها العسكري في سوريا.

وطالب عراقجي المجتمع الدولي ببذل جهده في وجه العمليات الإسرائيلية بالمنطقة، وقال: «الأعمال العدائية وجرائم النظام الصهيوني مستمرة، وهذا يتطلب جهداً جماعياً من المجتمع الدولي لوقف هذه الجرائم».