ظل ترمب على الانتخابات الرئاسية الإيرانية

يتوقف كثير على «الشيطان الأكبر» بغضّ النظر عمن يكون خليفة رئيسي

مدخل السفارة الأميركية السابقة التي تحوّلت إلى متحف مناهض للولايات المتحدة يديره «الحرس الثوري» في طهران (أ.ب)
مدخل السفارة الأميركية السابقة التي تحوّلت إلى متحف مناهض للولايات المتحدة يديره «الحرس الثوري» في طهران (أ.ب)
TT

ظل ترمب على الانتخابات الرئاسية الإيرانية

مدخل السفارة الأميركية السابقة التي تحوّلت إلى متحف مناهض للولايات المتحدة يديره «الحرس الثوري» في طهران (أ.ب)
مدخل السفارة الأميركية السابقة التي تحوّلت إلى متحف مناهض للولايات المتحدة يديره «الحرس الثوري» في طهران (أ.ب)

في اللحظات الحساسة من المناظرات الرئاسية الإيرانية المتلفزة، استحضر المرشحون لخلافة الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي اسم الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، الشخص الذي ربما فعل أكثر من أي شخص آخر لتغيير مسار علاقة حكام إيران مع العالم في السنوات الأخيرة.

وحذّر رئيس البرلمان والمرشح المحافظ، محمد باقر قاليباف، من أن الرئيس المقبل قد «يضطر إما إلى بيع إيران لترمب أو إشعال توتر خطير في البلاد»، إذا لم تحلّ المشاكل الاقتصادية. ولكن قاليباف أبدى استعداده للتفاوض مع أميركا، رغم أنه وجّه انتقادات للاتفاق النووي.

وأدى قرار الرئيس دونالد ترمب في عام 2018 بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني إلى إعادة فرض العقوبات الساحقة، وعزل طهران إلى حد كبير عن اقتصاد العالم. وقد زاد ذلك من حدة المناخ السياسي داخل إيران، الذي كان بالفعل يعاني من احتجاجات جماهيرية بسبب المشاكل الاقتصادية وحقوق المرأة. تلت ذلك سلسلة متصاعدة من الهجمات على سفن تجارية وناقلات نفط في أعالي البحار، بينما باشرت طهران أيضاً تخصيب اليورانيوم بمستويات قريبة من الدرجة العسكرية.

وصبّ هجوم «حماس» على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة فقط الزيت على نار تهدد الآن بحرق كل ركن تقريباً من الشرق الأوسط الأوسع. وأصبحت إيران طرفاً مباشراً في النزاع، بدعم الميليشيات، بما في ذلك «حماس»، و«حزب الله» في لبنان، وجماعة الحوثي في اليمن. وهجومها المباشر غير المسبوق على إسرائيل خلال الحرب جعلها طرفاً محارباً مباشراً في النزاع.

ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)

ووفقاً لتحليل نشرته وكالة «أسوشييتد برس»، فإن ما يحدث في كل من الحرب ومستقبل إيران قد يعتمد بشكل مباشر على الولايات المتحدة، التي يصفها زعماء الحكم الثيوقراطي في إيران بـ«الشيطان الأكبر»، بناء على التسمية التي تبناها المرشد الأول (الخميني) بعد ثورة 1979، ولا تزال تلعن في الأحداث الكبرى، مثل خطاب هذا الأسبوع للمرشد الإيراني علي خامنئي، البالغ من العمر 85 عاماً.

رغم المرارة، ظهر اسم الولايات المتحدة مراراً وتكراراً في الحملة. وحذّر خامنئي هذا الأسبوع من دعم المرشحين الذين «يعتقدون أن جميع طرق التقدم تمر عبر أميركا»، في انتقاد مبطن للمرشح الإصلاحي الوحيد في السباق، مسعود بزشكيان، الذي تبنى بشكل كامل العودة إلى الاتفاقية النووية لعام 2015.

ومن بين المرشحين الستة للرئاسة في البداية، الذين انسحب اثنان منهم بحلول الخميس، ظهر ترمب مراراً وتكراراً كموضوع في المناظرات التلفزيونية. أحدهم المرشح المتشدد السابق أمير حسين قاضي زاده هاشمي، الذي زعم أنه إذا فاز ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية «يمكننا التفاوض معه، وفرض مطالبنا عليه».

لكن هذا لم يكن رأي رجل الدين مصطفى بورمحمدي، الذي حذّر من أن إيران يجب أن تشارك في محادثات الآن مع الولايات المتحدة قبل ولاية محتملة ثانية لترمب. ومع ذلك، قامت حملته بطباعة ملصق يظهر بورمحمدي وترمب أحدهما بجانب الآخر، معلناً: «أنا الشخص الذي يمكن أن يقف ضد ترمب!». وقال في المناظرة التلفزيونية الأولى: «من الممكن أن يعود ترمب، يجب أن ندخل الساحة ونصطاد الفرص».

ملصق انتخابي نشره المرشح المحافظ مصطفى بورمحمدي ويحمل قوله أنا من يمكنه الوقوف بوجه ترمب

واستعرض بورمحمدي قدراته في التفاوض، عندما أشار عدة مرات إلى لقائه الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، بعد توقف الحرب الإيرانية - العراقية في نهاية الثمانينات من القرن الماضي.

وسخر المرشح المتشدد سعيد جليلي أيضاً من منافسيه باعتبارهم «خائفين» من ترمب، متعهداً بمواجهته. وقال إن الحكومة السابقة استلمت ملف المفاوضات بـ800 عقوبة أميركية على إيران، ووصلت إلى 1500 عقوبة في نهايتها.

وبدوره، اتهم عمدة طهران، علي رضا زاكاني، الإصلاحيين بـ«الترهيب من ترمب».

من جهته، ذكر ترمب إيران أثناء حملته في الأيام الأخيرة. متحدثاً إلى بودكاست «أول إن». وقال إنه أراد «إبرام صفقة عادلة مع إيران»، بينما حاول أيضاً الادعاء بأن حكومة إيران الثيوقراطية التي طالما دعت إلى تدمير إسرائيل كانت ستبرم صفقة دبلوماسية مع إسرائيل خلال رئاسته.

وأكد ترمب: «يمكن لطفل أن يبرم صفقة معهم، لكن بايدن لم يفعل شيئاً».

من المثير للاهتمام أن اسم الرئيس جو بايدن لم يُذكر خلال المناظرات الانتخابية الإيرانية. قبل وفاة رئيسي في حادث تحطم مروحية في مايو (أيار)، أجرت الولايات المتحدة تحت إدارة بايدن عدة جولات من المحادثات غير المباشرة مع المسؤولين الإيرانيين.

بينما ينتقد بايدن إيران بشدة، خصوصاً عقب وفاة مهسا أميني عام 2022، والاحتجاجات التي تلت ذلك حول حقوق المرأة، فتحت إدارته الباب أمام إيران للوصول إلى بعض الأصول المجمدة في الخارج. ويشمل ذلك صفقة شهدت تبادل الأسرى بين البلدين في سبتمبر، أي أقل من شهر قبل بدء الحرب بين إسرائيل و«حماس».

مدخل السفارة الأميركية السابقة التي تحوّلت إلى متحف مناهض للولايات المتحدة يديره «الحرس الثوري» في طهران (أ.ب)

ثم هناك مبيعات النفط الإيرانية. في حين أنها تخضع للعقوبات تقنياً، فقد أفادت إيران مؤخراً ببيع 2.5 مليون برميل يومياً، مع الحصة الكبرى التي تذهب على الأرجح إلى الصين، ربما بخصم.

ونسب وزير الخارجية الإيراني الأسبق، محمد جواد ظريف، الذي أبرم الاتفاق النووي في عهد الرئيس المعتدل نسبياً حسن روحاني، ويدعم الآن المرشح الإصلاحي بزشكيان، تلك المبيعات مباشرة إلى سياسات إدارة بايدن.

وقال ظريف، في إشارة غير مباشرة إلى المتشددين: «إن ارتفاع مبيعات النفط الخام لم يكن عملاً من قبل أصدقائنا، ولكن عندما جاء بايدن إلى السلطة، كانت لديهم سياسة لتخفيف حدة العقوبات. دع ترمب يأتي ويكتشف ما سيفعله أصدقاؤنا». وقال ظريف إن 1000 عقوبة أميركية أضيفت على العقوبات الإيرانية بعد تولي إبراهيم رئيسي قبل 3 سنوات.

وأجاب المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، علي بهادري جهرمي، على ظريف، قائلاً: «لا تقولوا إن ترمب لم يسمح ببيع النفط، وبايدن سمح بذلك، لم تتمكنوا من بيع النفط خلال 9 أشهر من حكومة بايدن».

ووصف ظريف ترمب بأنه «الرئيس الأكثر خبثاً في الولايات المتحدة». وقال: «السادة (المحافظون) كانوا يرددون الأدعية لكي يصبح رئيساً مرة أخرى!». ورفض ظريف الانتقادات إليه من المرشحين قاليباف وجليلي، وأشار إلى أنه مدرج على قائمة العقوبات الأميركية، وليس قاليباف أو جليلي.

على خلاف مستشار، قال بزشكيان في إحدى خطاباته الانتخابية أمام مهرجان للمنتجين والمديرين الشباب: «بكل تأكيد، كان ترمب نعمة لإيران. نهجه في فرض العقوبات جعلنا ننتبه إلى الإنتاج المحلي، وندرك أهميته. لدينا النفط والغاز، وكنا نغطي على جميع ما نهمله من خلال بيعهما. هذه العقوبات أيقظتنا».

أعضاء «الباسيج» يحرقون علم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة أمام السفارة البريطانية بطهران في يناير الماضي (أ.ب)

في حين أن المحادثات الأوسع في فيينا مع القوى العالمية لإعادة تشغيل الاتفاق النووي انهارت، فقد يكون بايدن يحاول تكرار استراتيجية منذ فترة وجوده نائباً للرئيس في عهد باراك أوباما، وهي العمل بهدوء بشكل غير مباشر مع الإيرانيين نحو صفقة يمكن تقديمها لاحقاً على الطاولة. لكن كثيراً من السياسة الأميركية في الشرق الأوسط قد تم تقويضها بسبب حرب إسرائيل و«حماس».

وفي الوقت نفسه، الورقة الجامحة الحقيقية بالنسبة لإيران تأتي في 5 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما تجري الولايات المتحدة انتخاباتها الرئاسية. ومن المحتمل أن يشهد إعادة انتخاب بايدن استمراراً لنهج العصا والجزرة الذي تم استخدامه حتى الآن خلال فترته.

لكن إذا أعيد انتخاب ترمب، فقد يحمل ذلك مزيداً من المناقشات حول صفقة، بينما يحمل أيضاً مخاطر. وفي عام 2020، أمر ترمب بتوجيه ضربة بطائرة مسيرة، أسفرت عن مقتل العقل المدبر للعمليات الخارجية في «الحرس الثوري» قاسم سليماني، بينما أصرّ على أنه يريد صفقة مع طهران. وصنّفت إدارة ترمب قوات «الحرس الثوري» على قائمة المنظمات الإرهابية في أبريل (نيسان) 2015.

ويمكن أن تقلب أي حرب بين إسرائيل ولبنان، أو ربما هجوم الحوثيين على سفينة حربية أميركية، الحسابات بشكل جذري في كل من طهران وواشنطن. لكن في الوقت الحالي، تظل إيران والولايات المتحدة متشابكتين في التوتر، تماماً كما كانت الدولتان منذ عقود.


مقالات ذات صلة

إيران وأوروبا تجتمعان لمحادثات نووية في جنيف الجمعة

شؤون إقليمية صورة نشرتها «الخارجية الإيرانية» من لقاء الوزير عباس عراقجي وعلى يمينه المتحدث إسماعيل بقائي مع رؤساء التحرير الأسبوع الماضي

إيران وأوروبا تجتمعان لمحادثات نووية في جنيف الجمعة

تعتزم إيران إجراء محادثات نووية مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي يوم 29 نوفمبر (تشرين الثاني) في جنيف.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية رجل شرطة روسي يقف حارساً عند قبر الجندي المجهول في حديقة ألكسندر خارج الكرملين بموسكو (إ.ب.أ)

طهران تحتج بعد توقيف «عنيف» لطالبَين إيرانيَين في روسيا

احتجت إيران، الحليف الوثيق لموسكو، لدى السلطات الروسية بعد عملية توقيف «عنيفة» لطالبَين إيرانيين في مدينة قازان الروسية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري وعلي لاريجاني كبير مستشاري المرشد الإيراني في بيروت (أ.ب)

لاريجاني: رسالة خامنئي إلى الأسد وبري ستغيّر المعادلة

توقع مسؤول إيراني بارز تغيّر المعادلة في الشرق الأوسط بعد رسالة المرشد علي خامنئي الأخيرة إلى لبنان وسوريا.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

إيران ستستخدم أجهزة طرد مركزي متقدمة رداً على قرار «الطاقة الذرية» ضدها

قالت إيران إنها ستتخذ إجراءات عدة من بينها استخدام أجهزة طرد مركزي متقدمة، رداً على القرار الذي اتخذته «الوكالة الدولية للطاقة» الذرية مساء الخميس ضدها.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)

مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يصدر قراراً ضد إيران

اعتمد مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية مساء الخميس قراراً ينتقد رسمياً إيران بسبب عدم تعاونها بما يكفي فيما يتعلق ببرنامجها النووي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

نتنياهو يمهد لإقالة رئيس أركان الجيش بموجة انتقادات

نتنياهو متوسطاً وزير الدفاع المُقال يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي في أكتوبر 2023 (د.ب.أ)
نتنياهو متوسطاً وزير الدفاع المُقال يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي في أكتوبر 2023 (د.ب.أ)
TT

نتنياهو يمهد لإقالة رئيس أركان الجيش بموجة انتقادات

نتنياهو متوسطاً وزير الدفاع المُقال يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي في أكتوبر 2023 (د.ب.أ)
نتنياهو متوسطاً وزير الدفاع المُقال يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي في أكتوبر 2023 (د.ب.أ)

بعد أن نجح في التخلص من وزير دفاعه، يوآف غالانت، من دون خسائر فادحة، يتجه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لإزاحة رئيس أركان الجيش، هيرتسي هاليفي، وإقالته.

ودلت سلسلة إجراءات تمهيدية، على نيات نتنياهو، وبلغت أوجها بالبيان الذي بثه بالصوت والصورة، مساء السبت، وتحدث فيه إلى الإسرائيليين بشأن قضية تسريب الوثائق الأمنية من مكتبه، مؤكداً أنه يتعرض لحملة «ملاحقة وتشويه» تستهدف معسكره السياسي.

وزعم نتنياهو أن أجهزة الأمن الإسرائيلية امتنعت في أكثر من مناسبة عن تزويده بوثائق مهمة، ومنعته من الاطلاع على معلومات سرية حساسة أيضاً بدعوى (دوافع سياسية)، بعدما اتهم رئيس الوزراء الأجهزة الأمنية بالانتقاء في التحقيق في كثير من التسريبات الخطيرة، دافع نتنياهو عن الناطق باسمه، إليعزر فيلدشتاين، المتورط في إحدى قضايا التسريب، لارتباطه بوثيقة السنوار المزيفة (التي ادعت أن قائد حماس خطط للهرب من البلاد مع مجموعة من المحتجزين الإسرائيليين، وتبين أنها مزيفة) والمتهم بـ«تسريب معلومات سرية بهدف المس بأمن الدولة».

إيلي فيلدشتاين الناطق باسم نتنياهو والمتهم الرئيسي بقضية تسريب وثائق من مكتب رئيس الوزراء (القناة 12 الإسرائيلية)

ورأى نتنياهو لائحة الاتهام ضد فيلدشتاين، إلى جانب التحقيقات الأخرى المرتبطة بمكتبه، «حملة صيد» موجهة ضده وضد معسكره وأنصاره.

وقال مخاطباً الإسرائيليين إن «هذه الحملة ليست موجهة ضده شخصياً فقط، بل ضدكم الجمهور الكبير الذي انتخبني وضد طريقتي في مواجهة أعدائنا».

ماكينة اليمين

كانت ماكينة الدعاية لليمين الإسرائيلي، قد بدأت حملة تحريض واسعة ضد الأجهزة الأمنية منذ 14 عاماً، لكنها في السنة الأخيرة زادت الهجوم وبشكل خاص ضد رئيس أركان الجيش هاليفي، على خلفية الموقف الذي يتبناه مع رئاسة الأركان، ويقضي بضرورة وقف الحرب والتوجه إلى صفقة مع «حماس»، وعدوه موقفاً تخريبياً ضد إسرائيل.

وقد خرج موقع «ميدا» اليميني بتقرير تحت عنوان «التخريب السياسي الذي يقوم به هرتسي هاليفي»، وفيه يشير إلى تاريخ مما يصفه بـ«التمرد على القيادة السياسية».

ويقول التقرير: «لم يبدأ سلوك هاليفي التخريبي مع بداية الحرب، بل كان قائماً منذ البداية، لقد وقع الانفجار الأول بينه وبين نتنياهو، بالفعل، في الأسابيع الأولى من الحرب... في حينه أعلن الجيش الإسرائيلي أنه (مستعد لهجوم بري)، لكن نتنياهو هو الذي يؤخر الموافقة».

خلفية هذا التوتر هي عدم الرضا في مكتب نتنياهو عن الخطط التي طرحها المستوى العسكري، ويشير الموقع اليميني أنه «حينها خطط الجيش الإسرائيلي في هذه المرحلة لمناورة محدودة بمشاركة عدد قليل من القوات بهدف تنفيذ سلسلة من الغارات محدودة النطاق وليس احتلالاً كاملاً وواسعاً للقطاع، وكان على الجيش الإسرائيلي أن يعد خططاً جديدة، وهذا جزء من سبب تأخير المناورة البرية».

مؤيدون لليمين الإسرائيلي خلال مظاهرة لدعم نتنياهو في القدس سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)

ثم يعدد الموقع حالات كثيرة أخرى ادعى فيها أن نتنياهو «كان القائد القوي الذي يطلب ضربات قوية وعمليات عسكرية عميقة، لكن الجيش كان يسعى للتخاذل، ويمتنع عن الإقدام والالتحام».

قضية المحتجزين

يذهب التقرير إلى أن قضية «تحرير المحتجزين» هي القشة التي قصمت ظهر البعير، حيث إن تيار اليمين الإسرائيلي يعد موقف الجيش تمرداً على القيادة السياسية.

وبينما دعا هاليفي، في خطاب ألقاه في أبريل (نيسان) 2024 بمناسبة مرور 6 أشهر على اندلاع الحرب، إلى «تنفيذ صفقة الرهائن فعلياً»، عبر نتنياهو عن مواقف متشددة، ورفض التنازل عما وصفه بـ«الخطوط الحمراء».

وفي وقت لاحق من ذلك الشهر، تم نشر إحاطة صحفية أخرى، اتهم هرتسي هاليفي خلالها، نتنياهو بالمسؤولية عن حقيقة أن الجيش الإسرائيلي مُطالب بالعمل مرة أخرى في جباليا، ما يؤدي إلى سقوط ضحايا في صفوف الجيش الإسرائيلي.

ويختتم الموقع اليميني مستنكراً إحاطة هاليفي: «من الصعب تصديق أن هذه الكلمات تقال، لكنه في الواقع (رئيس الأركان) يلوم الحكومة على مقتل الجنود».

غريب في الحكومة

المعروف أن رئيس الأركان هاليفي كان قد عُين في منصبه في سبتمبر (أيلول) 2022، في زمن حكومة نفتالي بينت ويائير لبيد السابقة، وذلك في خضم الحملة الانتخابية، وخلال فترة وجودها كحكومة انتقالية.

ويقدر أنصار نتنياهو أن هاليفي شعر منذ اللحظة الأولى، وكأنه «زرع غريب في الحكومة الجديدة التي أقامها نتنياهو بعد الانتخابات».

وكال موقع «ميدا» اليميني الاتهامات لهاليفي وبعدما وصفه بأنه «رئيس أركان متمرد لا يفهم مكانته في الهرم الإداري وتبعيته للرتبة المنتخبة»، اتهمه بأنه «واحد من رؤساء الأجهزة الأمنية الذين أعلنوا أنهم يتنازلون فعلياً عن النصر في الحرب، وأنه (لا يوجد خيار) سوى قبول شروط (حماس) للصفقة».

ويصل التقرير إلى مبتغاه بالقول: «لقد كان ينبغي طرد هاليفي فور تشكيل الحكومة (حكومة نتنياهو)، وهذا هو فشل نتنياهو، لكن لم يفت الأوان لإصلاحه. لا يمكن كسب الحروب مع رؤساء الأركان المتمردين».