رئيسا حكومة سابقان بين 6 شخصيات إسرائيلية طالبت الكونغرس بإلغاء دعوة نتنياهو

أولمرت: يسعى بشكل متعمد لتدمير التحالف بين إسرائيل والولايات المتحدة

أرشيفية لرئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته إيهود أولمرت (يمين) مع رئيس الوزراء الجديد بنيامين نتنياهو خلال اليمين الدستورية للحكومة الجديدة في الكنيست 31 مارس 2009 (غيتي)
أرشيفية لرئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته إيهود أولمرت (يمين) مع رئيس الوزراء الجديد بنيامين نتنياهو خلال اليمين الدستورية للحكومة الجديدة في الكنيست 31 مارس 2009 (غيتي)
TT

رئيسا حكومة سابقان بين 6 شخصيات إسرائيلية طالبت الكونغرس بإلغاء دعوة نتنياهو

أرشيفية لرئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته إيهود أولمرت (يمين) مع رئيس الوزراء الجديد بنيامين نتنياهو خلال اليمين الدستورية للحكومة الجديدة في الكنيست 31 مارس 2009 (غيتي)
أرشيفية لرئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته إيهود أولمرت (يمين) مع رئيس الوزراء الجديد بنيامين نتنياهو خلال اليمين الدستورية للحكومة الجديدة في الكنيست 31 مارس 2009 (غيتي)

بعد فشل الاتصالات السرية لإقناع رئاسة الكونغرس الأميركي، توجهت 6 شخصيات إسرائيلية بارزة برسالة علنية تطالب بإلغاء الدعوة التي وجّهت إلى رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، لإلقاء خطاب في جلسة مشتركة لمجلسي الشيوخ والنواب الأميركيين، الشهر المقبل.

وفي الوقت نفسه، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، إيهود أولمرت، أن نتنياهو يسعى بشكل متعمد ومخطط له، لتدمير التحالف السياسي، الأمني والعسكري، بين إسرائيل والولايات المتحدة، ومن بين خطواته إلقاء ذلك الخطاب.

الشخصيات الست المذكورة تضم كلاً من رئيس الوزراء الأسبق، إيهود باراك، ورئيس الأكاديمية الوطنية للعلوم، العالم في الحاسوب ديفيد هارئيل، ورئيس الموساد الأسبق تمير باردو، ورئيسة المجلس العام لـ«صندوق إسرائيل الجديد» المحامية تاليا ساسون، والحائز على جائزة نوبل في الكيمياء أهارون تشيشنوفر، والأديب العالمي والأب الذي فقد ابنه في حروب سابقة دافيد غروسمان. وقالوا إن «الكونغرس ارتكب خطأ فادحاً في توجيه دعوة لنتنياهو».

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي قد أدار حملة ضغوط كبيرة في واشنطن لكي يحصل على دعوة لإلقاء خطاب أمام مجلسي الكونغرس، حيث من المفترض أن يصل إلى واشنطن في الثلث الأول من الشهر المقبل. وقد أكد مطلع الأسبوع أنه سيسافر بشكل مؤكد لإلقاء هذا الخطاب، مشيراً إلى احترامه الدعوى التي تلقاها، مذكراً أنها المرة الرابعة التي تتم دعوته لإلقاء كلمة في الكونغرس، «وهذا يحدث لأول مرة في التاريخ الأميركي».

احتجاجات مناهضة للحكومة الإسرائيلية تدعو إلى إجراء انتخابات مبكرة خارج الكنيست في 18 يونيو (أ.ف.ب)

وثانياً، بحسب نتنياهو، «سأذهب حتى أتكلم عن أن هذه حرب نقوم بها باسمنا وباسم العالم المتحضر ضد البرابرة الإرهابيين». مضيفاً: «سوف أمثلكم هناك بشكل مشرف، وأطلب أن يساعدونا ويقفوا إلى جانبنا».

الشخصيات الست توجهت بإعلان، اليوم (الأربعاء)، نشر على صفحات «نيويورك تايمز» إلى رئاسة الكونغرس يطلب إلغاء الخطاب.

قالت الرسالة: «ليس هناك شك في أن نتنياهو سينسق ويخطط للخطاب بعناية من أجل تعزيز قبضته المهتزة على السلطة والسماح له بالتفاخر أمام ناخبيه بالدعم المزعوم للولايات المتحدة لسياسته الفاشلة. وإن ظهور نتنياهو في واشنطن لن يمثل دولة إسرائيل ومواطنيها، وسيكون بمثابة مكافأة لسلوكه الفاضح والمدمر تجاه بلدنا».

رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك (د.ب.أ)

وأعربت الشخصيات الإسرائيلية عن قلقها بشأن حكم نتنياهو، قائلة: «نحن نأتي من مجالات متنوعة في المجتمع الإسرائيلي؛ العلوم والتكنولوجيا والسياسة والأمن والقانون والثقافة. لذلك، نحن في وضع جيد لتقييم التأثير الإجمالي لحكومة السيد نتنياهو، مثل كثيرين آخرين، ونعتقد أنه يدمر إسرائيل بسرعة مقلقة، لدرجة أنه قد ينتهي بنا الأمر إلى فقدان الدولة التي نحبها». مضيفين أنه «حتى الآن، لم يتمكن السيد نتنياهو من صياغة خطة لإنهاء الحرب في غزة، ولم يتمكن من التوصل للإفراج عن عشرات الرهائن. وعلى أقل تقدير، كان ينبغي أن تكون الدعوة لإلقاء الخطاب في الكونغرس مشروطة بحلّ هاتين القضيتين، بالإضافة إلى الدعوة إلى انتخابات جديدة في إسرائيل».

كوفية فلسطينية تقليدية مطرزة باسم فلسطين وخريطة المنطقة التاريخية خلال احتجاج في رام الله الثلاثاء لدعم المعتقلين في السجون الإسرائيلية وتضامناً مع سكان قطاع غزة (أ.ف.ب)

وأعاد الموقعون الستة تذكير الكونغرس بالأزمة السياسية التي اندلعت مؤخراً بين نتنياهو وإدارة الرئيس جو بايدن، بقولهم «إن دعوة نتنياهو هي مكافأة على ازدرائه الجهود الأميركية لصياغة خطة سلام، والسماح بمزيد من المساعدات لسكان غزة المحاصرين، والقيام بعمل أفضل في إنقاذ المواطنين هناك. فهو يرفض مراراً وتكراراً خطة الرئيس الأميركي الرامية إلى إزاحة (حماس) عن السلطة في غزة من خلال إنشاء قوة حفظ السلام. ومن المحتمل جداً أن تؤدي مثل هذه الخطوة إلى تحالف إقليمي أوسع بكثير، يتضمن رؤية لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وهو لا يصبّ في مصلحة إسرائيل فحسب، بل في مصلحة كلا الحزبين في الولايات المتحدة أيضاً. السيد نتنياهو هو العائق الرئيسي أمام هذه النتائج».

تدريب على السلاح في مستوطنة أرييل الإسرائيلية بالضفة الغربية المحتلة الأحد (أ.ف.ب)

وأوضحت الشخصيات البارزة الستّ للأميركيين أن نتنياهو ما زال يتقدم في خطة الانقلاب على منظومة الحكم وإضعاف جهاز القضاء، ويدير سياسة عنف الشرطة ضد المتظاهرين. مشددة: «على الرغم من القتال العنيف في غزة والخسائر اليومية في كلا الجانبين، في أعقاب الهجمات المروعة التي شنّتها (حماس) في 7 أكتوبر، يواصل السيد نتنياهو المضي قدماً في إعادة تشكيل إسرائيل الاستبدادية، وكأن شيئاً لم يتغير. والشرطة الإسرائيلية، بقيادة وزير الأمن القومي واليميني المتطرف إيتمار بن غفير، تبطش بصورة شديدة بالمتظاهرين».

الرسالة أشارت إلى أن «تعيينات قضاة المحكمة ورئيس المحكمة العليا لا تزال مجمدة. ولا تزال المؤسسات تعاني من محاولات حكومية للتضييق السياسي، حيث تم تحويل مبالغ كبيرة من الأموال بشكل سريع إلى مجتمع الحريديم، الذي لا يتحمل في معظمه العبء الاقتصادي والأمني الذي يتحمله مواطنو إسرائيل، خاصة أنهم يبقون معفيين من الخدمة العسكرية».

بن غفير يوزع السلاح على متطوعين بعسقلان في 27 أكتوبر الماضي (رويترز)

وذكر الموقعون على الرسالة المفتوحة للكونغرس أنه «قبل كل شيء، فإن كثيراً من الإسرائيليين مقتنعون بأن السيد نتنياهو أحبط صفقات مقترحة مع (حماس)، كان من شأنها أن تؤدي إلى الإفراج عن الرهائن، من أجل مواصلة الحرب، وبالتالي تجنب المحاسبة السياسية الحتمية الذي سيواجهها عندما تنتهي الحرب».

واختتموا الرسالة بقولهم: «إن منح نتنياهو منصة في واشنطن سيقضي بشكل شبه كامل على غضب شعبه وألمه، الذي تم التعبير عنه في المظاهرات في جميع أنحاء البلاد. يجب على المشرعين الأميركيين ألا يسمحوا بحدوث ذلك. وليطلبوا من نتنياهو البقاء في البيت».

أما داخل إسرائيل، فقد نشر أولمرت مقالاً في صحيفة «هآرتس»، أكد فيه على هذه المواقف، متهماً نتنياهو بالتعمد في توسيع الحرب وفتح مواجهة عسكرية مباشرة وشاملة مع «حزب الله» في الشمال، بدلاً من التوصل بوساطة أميركية وفرنسية إلى اتفاق مع الحكومة اللبنانية، يؤدي إلى إنهاء المواجهة العنيفة الجارية الآن، ويمكّن من إعادة عشرات الآلاف من سكان الشمال إلى بيوتهم.

فلسطيني في مخيم جنين بالضفة الغربية 14 يونيو الحالي (أ.ف.ب)

كما اتهم نتنياهو بالقيام بعملية متعمدة تستهدف التسبب في اشتعال عنيف وواسع للعنف في الضفة الغربية، من خلال معرفته المسبقة أن هذه المواجهة ستؤدي إلى توسيع جرائم الحرب التي تجري ضد الفلسطينيين غير المشاركين في الإرهاب. لافتاً إلى أن هذه الجرائم ترتكب الآن على يد إسرائيليين كثيرين ليسوا جنوداً، بل ميليشيات خاصة تحمل السلاح الذي أعطي لهم في إجراء مشكوك فيه، يحتاج إلى فحص قانوني، بمبادرة من وزير الأمن الوطني إيتمار بن غفير. هذا السلاح يستخدم من قبل معظمهم في عمليات الشغب، ويحميهم في الوقت الذي ينكلون فيه بالفلسطينيين، ويحرقون ممتلكاتهم، ويدمرون حقولهم التي هي مصدر الدخل والحياة لهم، ويقتلون بشكل مباشر أشخاصاً أبرياء.


مقالات ذات صلة

مجلس الشيوخ الأميركي لتجميد الأسلحة الهجومية لإسرائيل

الولايات المتحدة​ يصوّت مجلس الشيوخ الأربعاء على تجميد الأسلحة الهجومية لإسرائيل (رويترز)

مجلس الشيوخ الأميركي لتجميد الأسلحة الهجومية لإسرائيل

يصوّت مجلس الشيوخ الأميركي، الأربعاء، على مشاريع تهدف إلى صدّ تسليم الأسلحة الهجومية لإسرائيل بسبب ممارساتها خلال الحرب في غزة.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب خلال لقائه مع الجمهوريين في مجلس النواب 13 نوفمبر 2024 (رويترز) play-circle 03:13

تعيينات ترمب المثيرة للجدل تهيمن على إدارته الجديدة

شهد أول أسبوع منذ فوز ترمب بالانتخابات الرئاسية، سلسلة تعيينات تماشى بعضها مع التوقعات، وهزّ بعضها الآخر التقاليد السياسية المتّبعة في واشنطن.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ زعيم الأغلبية الجمهورية الجديد جون ثون في مجلس الشيوخ في 13 نوفمبر 2024 (رويترز)

جون ثون زعيماً جديداً للجمهوريين في «الشيوخ»

انتخب الحزب الجمهوري في جلسة تصويت مغلقة السيناتور عن ساوث داكوتا جون ثون ليصبح زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ بسط الجمهوريون سيطرتهم على الكونغرس الأميركي (أ.ب)

«جمهوريو أميركا» يبسطون سيطرتهم على المرافق الفيدرالية

وقع مجلس النواب في قبضة الجمهوريين، ليلوّن المرافق الفيدرالية باللون الأحمر، ويمهد الطريق أمام الرئيس المنتخب دونالد ترمب لبسط سيطرته وتمرير أجنداته.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ستيفانيك وترمب في نيوهامشير 19 يناير 2024 (أ.ف.ب)

ترمب يختار داعمة شرسة لإسرائيل مندوبة في الأمم المتحدة

بدأ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب تشكيل فريقه الذي سيحيط به في البيت الأبيض، فطلب من النائبة الجمهورية إليز ستيفانيك أن تتسلّم منصب مندوبة بالأمم المتحدة.

رنا أبتر (واشنطن)

ما المتوقع عراقياً في استراتيجية إيران؟

إيرانية تمرّ أمام لوحة إعلانية مناهضة لإسرائيل كُتب عليها بالعبرية: «في الدم الذي سفكتَه ستغرق» (إ.ب.أ)
إيرانية تمرّ أمام لوحة إعلانية مناهضة لإسرائيل كُتب عليها بالعبرية: «في الدم الذي سفكتَه ستغرق» (إ.ب.أ)
TT

ما المتوقع عراقياً في استراتيجية إيران؟

إيرانية تمرّ أمام لوحة إعلانية مناهضة لإسرائيل كُتب عليها بالعبرية: «في الدم الذي سفكتَه ستغرق» (إ.ب.أ)
إيرانية تمرّ أمام لوحة إعلانية مناهضة لإسرائيل كُتب عليها بالعبرية: «في الدم الذي سفكتَه ستغرق» (إ.ب.أ)

كتب مرّة الصحافي الأميركي توماس فريدمان أن العالم أصبح مسطّحاً (Flat) بسبب الثورة التكنولوجيّة. هي نفسها الثورة التي جعلت العالم معقدّاً جدّاً، خاصة مع هجمة الذكاء الاصطناعي.

في مكان آخر، أراد الكاتب الأميركي فرنسيس فوكوياما إيقاف التطوّر التاريخيّ بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، وبشّر بالليبراليّة الديمقراطيّة بوصفها نموذج أوحد لدول العالم.

يشهد عالم اليوم فوضى في كل المجالات. عادت القوميات والآيديولوجيات، وكثرت الحروب، الأمر الذي يُبشّر بمرحلة خطرة جدّاً قبل تشكّل نظام عالمي جديد، وعودة التوازنات الكونيّة.

باختصار، عاد الصراع الجيوسياسيّ إلى المسرح العالمي لكن مع ديناميكيّة سريعة جدّاً تسببت بها الثورة التكنولوجيّة، وفيها تبدّلت العلاقة العضوية بين الوقت والمسافة، إذ سُرّع الوقت وتقلّصت المسافة في الأذهان.

تسعى الدول عادة إلى تحديد مسلّماتها الجيوسياسيّة. وهي، أي المسلمات، قد تتقاطع مع مسلّمات الدول الأخرى خاصة القريبة جغرافياً. لكنها أيضاً قد تتضارب.

عند التقاطع الإيجابيّ يكون التعاون. وعند التضارب يقع الصراع وصولاً إلى الحرب. يحدّد خبراء الجيوسياسّة أهميّة دولة ما من خلال ثلاثة معايير هي: الموقع، والثروات المؤثرة في الاقتصاد العالمي، كما الدور الذي تلعبه هذه الدولة في النظام العالميّ. إذا توفّرت هذه الشروط كلها في دولة ما، فهي قوّة عظمى أو كبرى بالتأكيد.

إيرانيون يحرقون علماً إسرائيلياً في مظاهرة وسط طهران يوم 18 أكتوبر 2024 (رويترز)

الاستراتيجيّة الإيرانيّة في المنطقة

في عام 1985، وإبان الحرب العراقيّة - الإيرانيّة، وبعد تراجع قدرات العراق العسكريّة، طلب المرشد الإيراني الأول الخميني من الرئيس السوري السابق حافظ الأسد التعاون لإسقاط العراق وفتح الباب إلى القدس.

رفض الأسد الطلب لأن سقوط العراق يعني خسارة دولة عازلة لسوريا مع إيران. وهو، أي الأسد، وإن قبل بإسقاط العراق، فسوف يكون لاعباً ثانوياً (Junior) بسبب التفاوت في القدرات بين سوريا وإيران.

حقّقت الولايات المتحدة الأميركيّة حلم الخميني في عام 2003. سقط العراق، وبدأ المشروع الإيرانيّ الإقليميّ بالتشكّل. تعد إيران أن هذا المشروع من المسلّمات الجيوسياسيّة الأهم. فهو يحميها، ويحقق مردوداً جيوسياسيّاً أكبر بكثير من حجم الاستثمارات فيه.

لكن هذه المسلمات تضاربت مع العديد من مسلّمات القوى الإقليميّة، كما مع مسلمات الولايات المتحدة. وإذا كانت أميركا قادرة على التعويض الجيوسياسيّ في مواجهة المشروع الإيرانيّ، فإن التعويض غير ممكن لكثير من دول المنطقة. فما تربحه إيران قد يكون خسارة لهذه الدول لا يمكن تعويضها.

وبسبب هذا التضارب في المسلّمات، بدأ الصراع وصولاً إلى الحرب الحالية. فمع إسرائيل ضرب المشروع الإيراني الأمن القومي الإسرائيلي في العمق، إن كان في غزّة أو في لبنان. ومع دول المنطقة، تجلى المشروع الإيراني من خلال جماعات مسلحة قوية في العمق العربي، لا سيما في لبنان وسوريا والعراق.

المنطقة جيوسياسيّاً

تعد استراتيجيّة الاتجاه غرباً (Look West Strategy) أمراً ثابتاً بالنسبة لإيران، إن كانت في ظل الإمبراطورية الفارسيّة أو مع الدولة الإسلاميّة. فإيران لم تُّهدد من شرقها إلا مرّة واحدة من قبل أفغانستان عام 1722، وبعدها استعاد السيطرة نادر شاه.

أما من الغرب، فقد أسقط الإسكندر الأكبر، الإمبراطور داريوس الثاني. ومن الغرب أيضاً حاربها صدّام حسين، ومن بعده أتى الأميركيون، ثم تنظيم «داعش» بعد خروج الأميركيين.

ماذا يعني العراق لإيران؟

* يشكّل العراق مركز ثقل في وعي الأمن القومي الإيرانيّ. لا تريد إيران دولة عراقيّة قويّة معادية لها قادرة على تهديدها من الغرب. من هنا دعمها لجماعات مؤيدة لها تحاول توسيع نفوذها داخل الدولة العراقيّة. تلعب هذه الجماعات دوراً هجيناً. هي في الدولة، وهي خارجها في الوقت نفسه. ترتبط مالياً بخزانة الدولة العراقية، لكنها في الحرب والسياسة ترتبط بإيران.

* يعد العراق مركز ثقل لإيران من ضمن ما يُسمّى محور المقاومة. فهو جغرافياً نقطة الانطلاق للتأثير الإيراني في الهلال الخصيب. أما سوريا، فهي المعبر والممر من العراق إلى لبنان. فيها بنى تحتيّة تربط لبنان بالعراق، ثم إلى الداخل الإيرانيّ.

أنظمة صواريخ لـ«الحرس الثوري» خلال عرض جنوب طهران (أ.ب)

طوفان الأقصى بعد سنة ونيّف

على الورق، سقطت حركة «حماس» عسكرياً. تدخّل «حزب الله» للربط معها، فسقط هيكله التنظيمي. مع ذلك، لم يخسر الحزب حتى الآن، ولم تخسر «حماس» أيضاً. وبناء عليه لم تحسم إسرائيل الأمر نهائيّاً.

لكن الأكيد أن «حزب الله» لم يعد قادراً على لعب الدور الأهم الذي أعد له في الاستراتيجيّة الإيرانيّة. بالتالي، ستحاول إسرائيل والولايات المتحدة استغلال هذا الضعف. وإذا لم تعد إيران – على الورق - قادرة على استغلال جبهتها المتقدّمة ضد إسرائيل من خلال «حماس» و«حزب الله»، فإن هناك من يعتقد أنها ستركز اهتمامها السياسي والميداني في محيطها المباشر، حيث مناطق نفوذها في العراق، وهو أمر يسلّط الضوء بلا شك على ما يمكن أن تشهده الساحة العراقية في الفترة المقبلة، خصوصاً في ظل التهديدات الإسرائيلية بشن هجمات على فصائل عراقية تدعمها إيران.