إيران تهدد كندا برد على تصنيف «الحرس الثوري» منظمة إرهابية

الخطوة قد تؤدي إلى فتح تحقيق بحق مسؤولين إيرانيين

صورة نشرها وزير الأمن العام دومينيك لوبلان من مؤتمره الصحافي مشترك مع وزيري الخارجية والعدل الكنديين لإعلان «الحرس الثوري» منظمة إرهابية
صورة نشرها وزير الأمن العام دومينيك لوبلان من مؤتمره الصحافي مشترك مع وزيري الخارجية والعدل الكنديين لإعلان «الحرس الثوري» منظمة إرهابية
TT

إيران تهدد كندا برد على تصنيف «الحرس الثوري» منظمة إرهابية

صورة نشرها وزير الأمن العام دومينيك لوبلان من مؤتمره الصحافي مشترك مع وزيري الخارجية والعدل الكنديين لإعلان «الحرس الثوري» منظمة إرهابية
صورة نشرها وزير الأمن العام دومينيك لوبلان من مؤتمره الصحافي مشترك مع وزيري الخارجية والعدل الكنديين لإعلان «الحرس الثوري» منظمة إرهابية

هددت إيران، الخميس، بالرد على قرار «غير مسؤول» للحكومة الكندية؛ بإدراج «الحرس الثوري» على قائمة المنظمات الإرهابية، وحمَّلت حكومة جاستن ترودو مسؤولية التبعات. وقد تؤدي الخطوة إلى فتح تحقيق بحق مسؤولين إيرانيين سابقين كبار يعيشون حالياً في كندا.

وأعلنت كندا، الأربعاء، إدراج «الحرس الثوري» الجهاز الموازي للجيش النظامي الإيراني، على قائمتها السوداء، متهمة طهران بـ«دعم الإرهاب» و«إظهار الاستخفاف المستمر بحقوق الإنسان داخل إيران وخارجها، فضلاً عن الاستعداد لزعزعة استقرار النظام الدولي القائم على القانون».

وكتب رئيس وزراء كندا، جاستن ترودو، على وسائل التواصل الاجتماعي: «(الحرس الثوري) أصبح الآن مدرجاً في قائمة المنظمات الإرهابية في كندا».

وأعلن وزير الأمن العام، دومينيك لوبلان، في مؤتمر صحافي مشترك مع وزيرَي الخارجية والعدل الكنديين، أن الحكومة الليبرالية الكندية «اتخذت قراراً بإدراج (الحرس الثوري) الإيراني على قائمة الكيانات الإرهابية بموجب القوانين الجنائية».

جاءت الخطوة بعد شهور طويلة من ضغوط مارسَها المشرِّعون الممثلون للمعارضة بتصنيف «الحرس الثوري» الإيراني منظمة إرهابية. وكان مجلس العموم الكندي قد صوَّت، في 19 مايو (أيار)، بالإجماع، على مشروع قانون غير ملزم للحكومة، وقدمته لجنة العدل، يقضي بإدراج «الحرس الثوري» في قائمة المنظمات الإرهابية.

ورفضت حكومة ترودو سابقاً تنفيذ هذا الإجراء، مشيرة إلى أنه قد يترتب عليه «عواقب غير مقصودة». وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2022، ذكرت أوتاوا أن الخطوة قد تهدد بشكل جائر الإيرانيين في كندا الذين فروا من بلدهم، ولكن تم تجنيدهم في «الحرس الثوري»، وهم لا يزالون هناك.

لكن لوبلان أجاب عن سؤال بشأن أسباب تأخر القرار، موضحاً أن الخطوة «اتُّخذت بناء على القانون، وبعد استشارة أجهزة الأمن، وليس نتيجة لضغوط سياسية»، متهماً النظام الإيراني بـ«دعم الإرهاب» و«إظهار الاستخفاف المستمر بحقوق الإنسان داخل إيران وخارجها، فضلاً عن الاستعداد لزعزعة استقرار النظام الدولي القائم على القانون». وأضاف: «قد يجري التحقيق مع كبار المسؤولين الحكوميين الإيرانيين الحاليين والسابقين الموجودين في كندا وإبعادهم».

من جانبها، أشارت وزيرة الخارجية الكندية ميلاني جولي إلى أن أوتاوا قطعت العلاقات الدبلوماسية مع طهران عام 2012، وحضَّت الكنديين على عدم السفر إلى إيران. وقالت: «بالنسبة لأولئك الموجودين في إيران الآن، حان وقت العودة إلى الوطن».

في طهران، وصف وزير الخارجية بالإنابة، محمد باقري كني، الإجراء ضد «الحرس الثوري» بأنه «غير قانوني»، وقال: «ستكون الحكومة الكندية مسؤولة عن عواقب هذا القرار الاستفزازي وغير المسؤول».

وكتب باقري كني على منصة «إكس»: «(الحرس الثوري) جزء لا يتجزأ من القوة العسكرية الرسمية للجمهورية الإسلامية»، وتابع: «لا نظير له في الدفاع عن الأمن القومي وسلامة أراضي إيران، وحماية الأمن والاستقرار في المنطقة (...)».

وأضاف باقري كني أنها «خطوة خبيثة، وتنتهك المبادئ والقواعد الدولية، وهدية للنظام الذي يرتكب الإبادة، والإرهابيين وأعداء السلم والاستقرار الإقليمي».

أتى ذلك بعدما ندَّد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، بالخطوة الكندية، واصفاً إياها بأنها «تحرك غير حكيم وغير تقليدي وله دوافع سياسية»، حسب «رويترز».

وقال كنعاني: «لن يكون لخطوة كندا أي تأثير على شرعية (الحرس الثوري) وقوته الرادعة»، مضيفاً أن طهران تحتفظ بحق الرد على ذلك التصنيف.

بدوره، قال نائب شؤون القضاء الدولي أمين لجنة حقوق الإنسان، كاظم غريب آبادي، في بيان: «ندين بشدة الإجراء العدائي والمخالف لمبادئ القانون الدولي الذي اتخذته كندا».

ضباط في «الحرس الثوري» يرددون شعارات خلال لقاء المرشد الإيراني (موقع خامنئي)

وأضاف: «من السخرية أن يضع بلد يُعتبر منتهكاً رئيسياً لحقوق الإنسان ومؤيداً للإرهاب، اسم (الحرس الثوري)، الذي يتولى مسؤولية حماية الأمن الوطني ومكافحة الإرهاب في المنطقة، في قائمته للمنظمات الإرهابية».

وقال كنعاني في بيان، إن هذا «إجراء عدائي». وأضاف أن «هذا العمل غير المسؤول والاستفزازي يدخل في إطار المسار الخاطئ الذي سلكته الحكومة الكندية منذ أكثر من عقد»، موضحاً أن طهران تحتفظ بالحق في تقديم «رد... متناسب».

وبِناء على هذا القرار، تستطيع كندا تجميد أصول أفراد التنظيم وملاحقتهم أمام القضاء، إضافة إلى حظر كل التعاملات المالية. يحق للشرطة توجيه الاتهام إلى أي شخص يدعمها مالياً، أو على نحو ملموس.

وتتضمن القائمة الكندية السوداء نحو 80 كياناً، بينها حركة «حماس» وتنظيم القاعدة و«حزب الله» اللبناني و«طالبان» وتنظيم «داعش» وجماعة «بوكو حرام». وكان «فيلق القدس» ذراع العمليات الخارجية لـ«الحرس الثوري» مدرجاً على هذه القائمة.

وبذلك، تتبع كندا الولايات المتحدة التي وضعت «الحرس الثوري» على القائمة السوداء في عام 2019، وتتهم دول غربية «الحرس الثوري» بشن حملة إرهاب عالمية.

ودعا سياسيون أوروبيون دولهم إلى القيام بالمثل. وقال النائبة الألمانية في البرلمان الأوروبي هانا نويمن: «لننضم إلى كندا وبعض الدول الأخرى وندرج (الحرس الثوري الإيراني) في قائمة المنظمات الإرهابية».

ومنذ الاحتجاجات التي شهدتها إيران إثر وفاة الشابة مهسا أميني، في عام 2022، فرضت أوتاوا سلسلة من العقوبات على منظمات ومسؤولين إيرانيين. ومنعت كندا 10 آلاف مسؤول إيراني من دخول أراضيها، بينهم ضباط في «الحرس الثوري».

ولطالما ضغط إيرانيون في الخارج وعائلات ضحايا رحلة الطائرة الأوكرانية «PS752»التي أسقطتها إيران بعيد إقلاعها من طهران في يناير (كانون الثاني) 2020، ما أسفر عن مقتل جميع ركابها البالغ عددهم 176 شخصاً، وبينهم 85 مواطناً كندياً ومقيماً دائماً، على أوتاوا لتصنيف الحرس الثوري «كياناً إرهابياً».

ورحب كوروش دوست شناس المتحدث باسم أسر ضحايا الطائرة بإدراج «الحرس الثوري» الإيراني على قائمة الإرهاب، ووصفه بأنه «خطوة كبيرة إلى الأمام في البحث عن العدالة لكل من كان ضحية لهذه المنظمة»، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

رحَّبت جمعية عائلات ضحايا الطائرة الأوكرانية بقرار الحكومة الكندية. وأشارت في بيان إلى دور «الحرس الثوري» في إسقاط الرحلة «بي إس 752»، وقال في بيان: «منذ تأسيس (الحرس الثوري) في 1979، كان يعمل على قمع المعارضين والمحتجين ليس فقط في إيران، بل في جميع أنحاء العالم. كما لعب دوراً كبيراً في قمع احتجاجات نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 وحركة (المرأة، الحياة، الحرية)».

وقال حامد إسماعيليون، الناشط السياسي الذي فقد زوجته وابنته في الرحلة «بي إس 752»: «لن ننسى ولن نسامح أبداً قتلة أحبابنا وقتلة أحباب إيران».

وشكر إسماعيليون في مقطع فيديو الحكومة الكندية والنشطاء السياسيين، وكذلك «الشعب الإيراني الشجاع الذي يقف في وجه هذه المنظمة الجهنمية».


مقالات ذات صلة

إيران تكشف تفاصيل محاولة إسرائيلية لاغتيال رؤساء السلطات الثلاث

شؤون إقليمية بزشكيان يجتمع مع رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف ورئيس القضاء غلام حسين محسني إجئي مساء السبت (الرئاسة الإيرانية)

إيران تكشف تفاصيل محاولة إسرائيلية لاغتيال رؤساء السلطات الثلاث

كشفت وكالة «فارس»، التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني، عن تفاصيل جديدة بشأن ما وصفتها بمحاولة اغتيال إسرائيلية استهدفت اجتماعاً للمجلس الأعلى للأمن القومي.

«الشرق الأوسط» (لندن-طهران)
شؤون إقليمية مشرّعون إيرانيون يردّدون هتافات منددة بإسرائيل في جلسة عامة الأسبوع الماضي (موقع البرلمان)

نواب إيرانيون يحذرون بزشكيان من «تشجيع التصعيد الأميركي»

وجه 26 مشرعاً إيرانياً رسالة حادة إلى رئيس الجمهورية مسعود بزشكيان، على خلفية حواره الأخير مع المذيع الأميركي تاكر كارلسون.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
تحليل إخباري رئيس الحكومة محمد السوداني يتوسط رئيس «الحشد» فالح الفياض ورئيس أركانه «أبو فدك» (أرشيفية - إعلام حكومي)

تحليل إخباري «نبيه بري العراق» تذكرة السوداني إلى ولاية ثانية

يحاول رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني الحصول على غطاء من المرجع الديني علي السيستاني، إذ يواجه فصائل مسلحة تمانع حصر السلاح بيد الدولة.

علي السراي (لندن)
شؤون إقليمية عقوبات أميركية تستهدف مصادر تمويل الحرس الثوري الإيراني (أ.ف.ب)

عقوبات أميركية جديدة تستهدف مصادر تمويل «الحرس الثوري» الإيراني

أعلنت الإدارة الأميركية عن فرض عقوبات جديدة تهدف إلى قطع مصدر إيرادات رئيسي عن الوحدة الخارجية لـ«الحرس الثوري» الإيراني

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية صورة نشرها موقع الرئاسة الإيرانية لبزشكيان خلال مقابلة مع تاكر كارلسون

بزشكيان: إسرائيل حاولت اغتيالي والمفاوضات مشروطة بالثقة

قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إن بلاده ليست لديها مشكلة مع المفاوضات، لكن «المآسي التي أوجدها الكيان الصهيوني في المنطقة، وإيران، جعلت الوضع حرجاً».

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)

إعلام إسرائيلي: نتنياهو ينتقد الجيش لتكلفة ومدة بناء مدينة خيام للفلسطينيين برفح

 رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)
TT

إعلام إسرائيلي: نتنياهو ينتقد الجيش لتكلفة ومدة بناء مدينة خيام للفلسطينيين برفح

 رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)

أفاد موقع «واي نت» الإخباري الإسرائيلي اليوم الاثنين بأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو انتقد تقديرات الجيش بشأن تكلفة بناء مدينة خيام للفلسطينيين في رفح بجنوب قطاع غزة ومداه الزمني، مطالباً بخطة «أسرع وأرخص».

وأشار الموقع التابع لصحيفة «يديعوت أحرونوت» إلى أن الجيش أبلغ مجلس الوزراء الأمني المصغر أمس (الأحد) بأن بناء ما تصفها إسرائيل بأنها «مدينة إنسانية» في غزة لإيواء مئات الآلاف من الفلسطينيين قد تصل تكلفته إلى 15 مليار شيقل، وربما يستغرق عاماً، وهو ما يفوق الجدول الزمني المتوقع سابقاً والبالغ ستة أشهر.

ونقل الموقع عن مصادر لم يسمها القول إن التقديرات الجديدة أثارت غضب رئيس الوزراء، الذي طالب القادة العسكريين بخطة «أكثر واقعية»، ووجَّه كبار الضباط بوضع خطة لكيفية بناء المدينة بسرعة أكبر وتكلفة أقل.

كانت وزارة الخارجية الفلسطينية حذَّرت أمس الأحد من مغبة إقدام الجانب الإسرائيلي على «تهجير أبناء شعبنا بالقوة تحت شعار ما سماه بالمدينة الإنسانية في رفح»، قائلة إنها «لا تمت للإنسانية بصلة».

وشددت الوزارة في بيان على أن «تمكين دولة فلسطين ومؤسساتها الشرعية من ممارسة ولايتها السياسية والقانونية على قطاع غزة باعتباره جزءاً أصيلاً من أرض دولة فلسطين هو المدخل الوحيد لحماية شعبنا وتحقيق العدالة له».