أنقرة تكرر مطالبتها لواشنطن بوقف دعم «الوحدات الكردية»

شددت على أنها لن تسمح بالانتخابات بمناطق «قسد»

زيارة وزير الدفاع التركي يشار غولر لقيادة الجيش الثاني في هكاري جنوب البلاد (حساب الوزارة)
زيارة وزير الدفاع التركي يشار غولر لقيادة الجيش الثاني في هكاري جنوب البلاد (حساب الوزارة)
TT

أنقرة تكرر مطالبتها لواشنطن بوقف دعم «الوحدات الكردية»

زيارة وزير الدفاع التركي يشار غولر لقيادة الجيش الثاني في هكاري جنوب البلاد (حساب الوزارة)
زيارة وزير الدفاع التركي يشار غولر لقيادة الجيش الثاني في هكاري جنوب البلاد (حساب الوزارة)

عبّرت تركيا عن تطلعها لتعاون إيجابي من جانب الولايات المتحدة، وقطع الدعم الذي تقدمه لوحدات حماية الشعب الكردية، التي تقود «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)»، وشددت على أنها لن تقبل بإجراء انتخابات في مناطق «قسد».

وقال وزير الدفاع التركي، يشار غولر، إن استمرار تعاون الولايات المتحدة ودعمها للوحدات الكردية يهدد أمن تركيا رغم علاقة التحالف في حلف شمال الأطلسي (ناتو).

وأضاف، خلال لقاء مع قادة وجنود الجيش الثاني في تشكورجا بولابة هكاري جنوب شرقي البلاد بمناسبة عيد الأضحى، أن تركيا تتطلع لتعاون إيجابي مع الولايات المتحدة في سوريا، وقطعها الدعم عن وحدات حماية الشعب الكردية.

ولفت غولر إلى أن «العلاقات مع الولايات المتحدة تستند إلى تاريخ طويل ومتين في إطار الناتو، وعلى الرغم من التقدم في عملية شراء مقاتلات (إف 16) في الفترة الأخيرة، فإن الدعم المقدم للوحدات الكردية، التي تشكّل امتداداً لحزب العمال الكردستاني، المصنف في تركيا والولايات المتحدة منظمةً إرهابيةً، لا يزال مستمراً، وهو ما يهدد أمننا القومي، ويتعارض مع التحالف بين البلدين».

وقال إن تركيا تتوقع من الولايات المتحدة الوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاق الموقع في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، لوقف عملية «نبع السلام» العسكرية التركية في شرق الفرات، وأن تقطع جميع أشكال الدعم سواء التدريب أو التسليح أو التمويل عن الوحدات الكردية، بزعم التعاون في محارية تنظيم «داعش» الإرهابي، لأنه لا يمكن محاربة تنظيم إرهابي بالتعاون مع تنظيم إرهابي آخر.

وأضاف أن هذا النهج تسبب في نشوء «ممر إرهابي» على الحدود الجنوبية لحلف الناتو.

وعن الانتخابات المحلية التي تعتزم الإدارة الذاتية (الكردية) لشمال شرقي سوريا، إجراءها في 7 مناطق تسيطر عليها «قسد» في شمال وشمال شرقي سوريا، شدد غولر على أن تركيا لن تسمح بإقامة «دولة إرهابية» على حدودها الجنوبية مباشرة.

وقال: «هدفنا هو القضاء على الإرهابيين في المنطقة، وضمان أمن حدودنا، والمساهمة في تحقيق السلام والأمن للشعب السوري، وإن (الانتخابات المزعومة) التي تم تأجيلها إلى موعد لاحق، ليس لها أي أساس قانوني، وتتنافى مع قرار الأمم المتحدة رقم 2254، الذي يتضمن حماية سلامة الأراضي السورية».

تعتقد أنقرة بأن واشنطن ماضية في خططها لإقامة دولة كردية «إرهابية» على حدودها الجنوبية، وأن تأجيل الانتخابات في مناطق «قسد»، من 11 يونيو (حزيران) الحالي إلى أغسطس (آب) المقبل، لا يعني أنها أُلغيت.

ويرى مراقبون أن تركيا سعت من خلال تنشيط الاتصالات مجدداً مع روسيا، لتأييد موقفها في منع الانتخابات ودفع حكومة دمشق للتحرك لمنع إجرائها، وأن تظهر للولايات المتحدة أن لديها خيارات أخرى حيال عدم استجابتها لمطالبها بإلغاء الانتخابات ووقف دعم «قسد».

أرشيفية لتدريبات مشتركة بين «قسد» و«التحالف الدولي» ضد «داعش» في ريف الحسكة (أ.ف.ب)

بالتوازي، واصل الجيش السوري تصعيده في حلب، لليوم الثاني على التوالي، (الثلاثاء)، وقصفت قواته بالمدفعية الثقيلة محيط قرى كفرعمة، وكفر تعال، والقصر بريف حلب الغربي. كما قصفت قريتَي القاهرة والعنكاوي بريف حماة.


مقالات ذات صلة

الشرع يتعهد حل الفصائل المسلحة وإنشاء جيش سوري موحد

المشرق العربي القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع (أ.ف.ب) play-circle 00:49

الشرع يتعهد حل الفصائل المسلحة وإنشاء جيش سوري موحد

أكد القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع، اليوم (الأحد)، أن كل الأسلحة في البلاد ستخضع لسيطرة الدولة بما فيها سلاح القوات التي يقودها الأكراد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي القائد العام للإدارة السورية أحمد الشرع مستقبلاً فيدان في مستهل زيارته لدمشق (رويترز) play-circle 00:32

تركيا تدعم دمشق سياسياً... وتتأهب عسكرياً ضد «الوحدات الكردية»

زار وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، دمشق، والتقى قائد الإدارة الجديدة في سوريا، أحمد الشرع، وبالتزامن أجرى وزير الدفاع التركي جولة تفقدية على الحدود.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي لقطة من فيديو لعناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» تطلق طائرة مسيّرة تحمل قذيفة مضادة للدبابات

الجماعات الكردية السورية في موقف دفاعي مع تغير ميزان القوى

مع حشد جماعات معادية مدعومة من تركيا ضدها في شمال سوريا، وسيطرة جماعة صديقة لأنقرة على دمشق، تقف الفصائل الكردية الرئيسية في سوريا في موقف دفاعي.

«الشرق الأوسط» (القامشلي - بيروت - أنقرة )
المشرق العربي مسلحان من «قسد» عند مدخل مدينة الحسكة شمال شرقي سوريا (رويترز)

تركيا: «تحرير الشام» لعبت دوراً في مكافحة «داعش» و«القاعدة»

أبدت تركيا تمسكاً بتصفية «الوحدات» الكردية، في وقت تواجه فيه احتمالات التعرض لعقوبات أميركية نتيجة هجماتها على مواقع «قسد» في شمال سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي مظاهرة دعم لـ«قسد» في القامشلي بمحافظة الحسكة ضد التصعيد التركي (أ.ف.ب)

صدام أميركي تركي حول دعم «الوحدات الكردية»... وإردوغان يتعهد بتصفيتها

تصاعدت الخلافات التركية الأميركية حول التعامل مع «وحدات حماية الشعب الكردية»، في حين أكد الرئيس إردوغان أن التنظيمات الإرهابية لن تجد من يدعمها في سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

28 قتيلاً فلسطينياً في غزة... وجباليا مدينة أشباح

TT

28 قتيلاً فلسطينياً في غزة... وجباليا مدينة أشباح

فلسطينيون يحاولون إسعاف مواطن أصيب بغارة إسرائيلية على مخيم البريج وسط قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب)
فلسطينيون يحاولون إسعاف مواطن أصيب بغارة إسرائيلية على مخيم البريج وسط قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب)

قُتل 28 فلسطينياً على الأقل، بينهم أطفال ونساء، في غارات عدة شنّها الطيران الحربي الإسرائيلي ليل السبت - الأحد في قطاع غزة، استهدفت إحداها منزل عائلة واحدة، ومدرسة تؤوي نازحين قال الجيش الإسرائيلي إن «حماس» تستخدمها.

وكثّف الطيران الحربي غاراته على جباليا في شمال قطاع غزة، ما حولها إلى مدينة أشباح. وجاء هذا وسط انتقادات إسرائيلية لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بشن سياسة متناقضة تشمل تصعيداً ميدانياً، وفي الوقت ذاته إدارة مفاوضات لإبرام صفقة تشمل إطلاق سراح الأسرى المحتجزين في غزة. وينتقد أهالي الأسرى نتنياهو بالتخلي عنهم.

مسعفون ينقلون فلسطينياً أصيب بغارة إسرائيلية على سيارة بعد وصوله لتلقي الرعاية في المستشفى الأهلي العربي بمدينة غزة الأحد (أ.ف.ب)

وقال الناطق باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل إن الدفاع المدني أحصى «28 شهيداً وعشرات المصابين، إثر مواصلة الاحتلال للعدوان والقصف الجوي والمدفعي على قطاع غزة الليلة الماضية وصباح الأحد»؛ حسبما نقلت عنه «وكالة الصحافة الفرنسية».

نساء وأطفال ضمن الضحايا

وأوضح أنه «تم نقل 4 شهداء وعدد من المصابين إثر استهداف طائرة مسيّرة إسرائيلية سيارة مدنية في شارع الجلاء في مدينة غزة، ونقلوا إلى مستشفى المعمداني» في المدينة. وأضاف أن «13 شهيداً سقطوا في استهداف الطيران الحربي الليلة الماضية منزلاً مكوّناً من ثلاثة طوابق في دير البلح وسط القطاع»، مشيراً إلى أن غالبية القتلى من عائلة «أبو سمرة، وبينهم ثلاث نساء وأطفال». وتابع: «8 شهداء على الأقل، وعدد من المصابين سقطوا في مدرسة موسى بن نصير التي تؤوي آلاف النازحين في حي الدرج» في شمال شرقي مدينة غزة. وأضاف: «تم انتشال جثث 3 شهداء جميعهم في العشرينات من العمر، نتيجة قصف إسرائيلي استهدف منزلاً في شرق مدينة رفح» بجنوب قطاع غزة.

طفل فلسطيني يجري بين أنقاض منزل مدمر وسيارات متضررة في أعقاب غارات إسرائيلية على دير البلح وسط قطاع غزة الأحد (إ.ب.أ)

«ضربة دقيقة»

من جانبه، أكد الجيش الإسرائيلي تنفيذ «ضربة دقيقة» خلال الليل استهدفت مسلحين من (حماس) يعملون هناك. وأفاد بيان عسكري بأن «مركز قيادة وسيطرة لـ(حماس)... كان داخل» مجمع المدرسة في شرق المدينة، مضيفاً أنه استخدم «للتخطيط وتنفيذ هجمات إرهابية» ضد القوات الإسرائيلية.

وتتصاعد في إسرائيل الانتقادات لسياسة رئيس الوزراء، على أساس أن حكومته تدير عمليات حربية في قطاع غزة تلائم «خطة الجنرالات»، وتشمل تسوية المباني بالأرض في المناطق الشمالية، وترحيل آخر من تبقى ممن يعيش فيها، وهو ما يشجع على عودة الاستيطان اليهودي إليها. كما تدعم الحكومة مشاريع اليمين لتوسيع الاستيطان في الضفة الغربية، عبر إجراءات «قانونية» لمصادرة الأرض، وهدم البيوت الفلسطينية حتى في المناطق الخاضعة رسمياً للسلطة الفلسطينية، وتنفيذ عمليات ترحيل جماعي في عدة مناطق بشكل عام وفي مخيمات اللاجئين بشكل خاص، وتضع برامج تفصيلية تمهيداً لضم المستوطنات، ووضعها تحت السيادة الإسرائيلية.

فلسطينيون ينظرون إلى موقع غارة إسرائيلية على منزل في دير البلح بوسط قطاع غزة الأحد (رويترز)

«مدينة أشباح»

وحتى بحسب بيانات الجيش، تجري هذه العمليات بطريقة جذرية ومثابرة، كما لو أنه لا توجد مفاوضات. فمثلاً، يكشف الجيش الإسرائيلي أنه تمكن من تدمير مخيم جباليا شمال غزة، وخلال عملياته التي بدأت في 6 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، هدم بالكامل 70 في المائة من مباني المخيم، وتم إجلاء نحو 96 ألف شخص فلسطيني بالقوة من المخيم، وقتل أكثر من 2000 فلسطيني، معظمهم، حسب الجيش، من المسلحين، وتم اعتقال نحو 1500 شخص. ولم يبق في المخيم المدمر سوى 100 عنصر من «حماس»، والعدد نفسه من المدنيين، يختبئون بين الأنقاض. وأصبحت جباليا مدينة أشباح، تُشاهد فيها فقط قطعان الكلاب التائهة التي تبحث عن بقايا جثث آدمية للطعام.

ويرى المراسل العسكري لصحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، أن الثمن الذي دفعه الجيش الإسرائيلي في هذه المنطقة خلال الشهرين الماضيين هو مقتل 35 جندياً وإصابة المئات، وهو ما جعل الجيش يتبع طريقة عمل مختلفة، أكثر بطئاً وحذراً، وأضخم دماراً وأقل إصابات. وما دام تجري مفاوضات لوقف النار، فإن الجيش الإسرائيلي يواصل عملياته بشراسة، على أساس أن هذه العمليات تشكل ضغطاً على قيادة «حماس»، حتى تقدم مزيداً من التنازلات. وفي هذه الأثناء، يرتفع الثمن الذي يُدفع من الطرفين.

وقال النائب الإسرائيلي بيني غانتس، وزير الدفاع الأسبق في حكومتين سابقتين تحت قيادة نتنياهو، إنه يلمس بشكل واضح أن الحكومة لا تنوي إعادة كل المخطوفين. وأضاف، في بيان مصور، أن نتنياهو لا يكترث لحقيقة أن 80 في المائة من الشعب يؤيد صفقة شاملة توقف الحرب، وتنهي ملف الأسرى، ويسعى الآن إلى إجهاض الصفقة، كما فعل عدة مرات خلال الشهور الأخيرة. فبعدما تتقدم المفاوضات وتقترب من نهايتها الإيجابية نراه يخربها في اللحظة الأخيرة، لأغراضه الحزبية.

ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، الأحد، عن مسؤول سياسي إسرائيلي رفيع أبلغ عائلات المحتجزين بأن «الأيام المقبلة بالغة الأهمية من حيث تأثيرها على مصير الرهائن، فهناك صفقة تبادل أسرى جزئية، ولا تشمل التزاماً إسرائيلياً واضحاً بمواصلة المفاوضات مع (حماس) لاحقاً، ووقف الحرب على غزة، وهي أيضاً ليست قريبة كما يوهمونكم، ولن تُنفذ حتى نهاية العام، وثمة احتمال كبير ألا تنفذ حتى نهاية ولاية الإدارة الأميركية الحالية، في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل. وإذا نفذت فسوف تشمل في أحسن الأحوال 50 شخصاً من المخطوفين، فإذا كان هناك احتمال ما لتغييرها إلى صفقة واحدة، فإن هذا سيحدث فقط إذا أطلقتم صرخة كبيرة. وإذا لم يحدث هذا الآن، فإن وضع الرهائن قد يبقى عالقاً لأشهر طويلة جداً».

وأشارت الصحيفة إلى أن نتنياهو، يتخوف من أن صفقة كاملة، تشمل تنفيذ مطالب «حماس» بوقف الحرب، ستؤدي إلى نهاية ولاية حكومته، إثر معارضة الوزيرين بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، لوقف الحرب.

وقال رجل الأعمال يونتان زايغن، الذي قتلت والدته المسنة فيفيان سلبر (74 عاماً)، خلال هجوم «حماس» في 7 أكتوبر 2023 إن «الحكومة تفرط العقد المبرم منذ 76 عاماً بين الدولة والمواطنين، فتضع قيمة حياة المواطنين بعد قيمة كرسي رئيس الحكومة».

ووالدة زايغن كانت معروفة بقيادتها نضالات كثيرة في إسرائيل من أجل السلام، ووقفت على رأس حركة «نساء يصنعن السلام»، التي كانت تساعد المرضى من أهل غزة في المستشفيات الإسرائيلية. وبعد أن قتلها رجال «حماس»، قرّر زايغن أن يواصل كفاحها لأجل السلام، مؤكداً أن الشعب الفلسطيني شيء، و«حماس» شيء آخر. ويسعى إلى «إعادة صوت السلام إلى الأجندة الإسرائيلية بعدما أغرقناه في بحر الدماء»، وقال إن «الإسرائيليين يخرجون إلى الحرب من خلال القناعة بأنها السبيل الوحيد لأمنهم. ولكن ما يجري اليوم يبدو مختلفاً». وأضاف: «هناك شيء يقف أمامي كل صباح، هو السؤال الذي يفرض نفسه على أي شخص قتل له عزيز أو أنه هو نفسه اضطر أو اختار أن يقتل. من أجل ماذا؟ على مدى التاريخ، بعد انتهاء المعارك وبعد النتيجة المحتمة لنهاية كل نزاع طويل، فإن القاتل وعائلة المقتول يقومان بالبكاء ويطرحان الأسئلة: لأجل ماذا؟ وبعد التوقيع على الاتفاق يخلق ذلك واقعاً جديداً يصبح السؤال: لماذا الآن بعد الخسارة؟ لماذا ليس قبلها، عندما كان الجميع ما زالوا على قيد الحياة ونفسيتنا لم تفسد؟».