وثق تقرير لجنة الأمم المتحدة التي تحقق في هجوم حركة «حماس» على إسرائيل وحرب غزة «مؤشرات قوية» على أن الجيش الإسرائيلي استخدم «بروتوكول هانيبال» في عدة حالات في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، «مما ألحق الضرر بالإسرائيليين في الوقت الذي ضرب فيه المسلحين الفلسطينيين»، بحسب صحيفة «تلغراف» البريطانية.
من المحتمل أن يكون الجيش الإسرائيلي قد قتل أكثر من عشرة من مواطنيه خلال هجمات 7 أكتوبر، بحسب تحقيق الأمم المتحدة.
ووضع «بروتوكول هانيبال»، الذي تم إلغاؤه رسمياً في عام 2016، لمنع أسر جنود إسرائيليين واستخدامهم ورقة مساومة، مما يسمح للقوات بفتح النار حتى لو تسبب ذلك في مقتل أحد رفاقهم.
وخلص محققو الأمم المتحدة، بقيادة نافي بيلاي، المفوضة السامية السابقة لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، إلى أن ما لا يقل عن 14 مدنياً إسرائيلياً، من بينهم توأمان يبلغان من العمر 12 عاماً وجدة تبلغ من العمر 68 عاماً، «قُتلوا على الأرجح نتيجة لهجوم قوات الأمن الإسرائيلية».
ولم تتعامل إسرائيل بعد مع هذه الاتهامات المحددة، لكن الحكومة الإسرائيلية رفضت تقرير الأمم المتحدة الذي اتهم الجماعات الفلسطينية وإسرائيل بارتكاب جرائم حرب.
وكانت لجنة الأمم المتحدة قد أكدت في تقريرها أيضاً أن إسرائيل ارتكبت جرائم ضد الإنسانية في حرب غزة.
وقالت الحكومة الإسرائيلية إن التقرير «يعكس التمييز المنهجي ضد إسرائيل الذي تمارسه لجنة التحقيق هذه»، مشيرة إلى أنها تجاهلت استخدام «حماس» للمدنيين «دروعاً بشرية».
ومُنعت لجنة الأمم المتحدة من الوصول إلى إسرائيل وغزة والضفة الغربية، وقالت إن إسرائيل لم تستجب لستة طلبات للحصول على معلومات.
واستندت في استنتاجاتها إلى مقابلات عن بعد مع ناجين وشهود، وصور الأقمار الاصطناعية، وسجلات الطب الشرعي، وبيانات مفتوحة المصدر.
وفي التفاصيل، هناك عدة أمثلة على احتمال استهداف المدنيين الإسرائيليين عمداً من قبل قواتهم المسلحة في اليوم الذي هاجمت فيه «حماس» مهرجان «نوفا» الموسيقي ومستوطنات بالقرب من حدود غزة.
«بروتوكول هانيبال»
وأشارت استنتاجات التحقيق حول هذه المسألة، والتي تم استخلاص الكثير منها من وسائل الإعلام المحلية، إلى بيان فيديو صادر عن طاقم دبابة تابع للجيش الإسرائيلي «يؤكد أن فريق دبابة واحداً على الأقل قام بتطبيق (بروتوكول هانيبال) عن علم في ذلك اليوم».
وأضافت: «في تصريح لقناة إخبارية إسرائيلية، ذكر سائق دبابة وقائد أنهما استهدفا سيارتي تويوتا مع مسلحين وإسرائيليين. وحدث ذلك عند النقطة 179، بالقرب من مستوطنة نير عوز».
ونُقل عن القائد، الذي كان يعتقد أن قواته قد تكون على متن المركبات، قوله: «أفضل وقف الاختطاف حتى لا يتم أخذهم»، رغم أنه أضاف أنه، على حد علمه، لم يقتل أي جندي.
والكثير من المعلومات التي تشكل محور اتهام «بروتوكول هانيبال» تنبع من وفاة أفرات كاتس، 68 عاماً، على بعد نحو 150 متراً من حدود غزة، و13 إسرائيلياً آخرين قُتلوا «على الأرجح» إما بقصف دبابة وإما وقعوا في مرمى النيران المتبادلة، بعد أن حاصرهم الإرهابيون في منزل بيسي كوهين في مستوطنة بئيري.
في روايتهم لحادثة بئيري، قال المحققون إن نحو 40 من «حماس» أحضروا 15 مدنياً، من بينهم التوأم ليئيل وياناي هتزروني، البالغان من العمر 12 عاماً، إلى منزل أحد السكان المحليين بيسي كوهين، مما أدى إلى مواجهة مع الشرطة الإسرائيلية في يمام.
وفي الساعة الثالثة بعد الظهر، اتصل حسن حمدونة، أحد زعماء الفصائل الفلسطينية، باليمام عبر إحدى الرهائن، مهدداً بإعدام جميع المختطفين ما لم يتم منحهم ممراً آمناً إلى غزة.
وفي الساعة الرابعة بعد الظهر، وصلت أول قوة طوارئ كبيرة من الجيش الإسرائيلي بقيادة العميد باراك حيرام إلى الموقع.
ووفقاً لشهادة أحد الرهائن الناجين، فتح كوماندوز اليمام النار على الإرهابيين بينما كان سبعة رهائن في الفناء محاصرين بينهم، حسبما ذكر التقرير.
واستسلم حمدونة عند الساعة 4.30 مساءً، واقترب من الإسرائيليين بينما كان يستخدم الرهينة درعاً بشرياً. تم اعتقاله وأخبر الرهينة قوى الأمن الداخلي بوجود 14 رهينة و40 مسلحاً ما زالوا داخل المنزل.
ووافق حمدونة على استخدام مكبر الصوت ليطلب من المسلحين الاستسلام، لكن تبادل إطلاق النار من الأسلحة الصغيرة والقذائف الصاروخية استمر، مما أسفر عن مقتل رهينتين في الفناء.
«المفاوضات انتهت»
وفي نحو الساعة 5.30 مساءً، أطلق المسلحون قذيفة «آر بي جي» على القوات الإسرائيلية، ووفقاً لشهادة الناجي، في نحو الساعة 7 مساءً، زُعم أن الجنرال حيرام أعطى أمراً بإطلاق قذائف الدبابات على المنزل.
ووفق صحيفة «نيويورك تايمز»، في ديسمبر (كانون الأول)، حصلت مشادة بين الجنرال حيرام وقائد القوات الخاصة الذي اعتقد أن المزيد من الخاطفين قد يستسلمون.
وبحسب ما ورد، قال حيرام بعد أن أطلق المسلحون القذيفة: «لقد انتهت المفاوضات. سنقتحم حتى لو كان ذلك على حساب سقوط قتلى مدنيين».
وذكر تقرير «نيويورك تايمز» والأمم المتحدة أن دبابة أطلقت قذيفتين خفيفتين على المنزل.
وبعد أن انتهت الدبابة من إطلاق النار، أبلغ الناجي أنه سمع القوات الإسرائيلية تقول: «هناك رهينة مصابة، وقاموا بإحضار امرأة أخرى من المنزل»، كما كتب محققو الأمم المتحدة.
وقالت الناجية الثانية التي نجت من القصف لمصادر إعلامية، إن زوجها توفي جراء القصف، فيما أصيبت هي بشظايا.
وقُتل الثلاثة عشر الآخرون، رغم أن بعضهم مات في تبادل لإطلاق النار في الفناء.
في حالة أفرات كاتس، قال المحققون إنهم حصلوا على «معلومات مؤكدة تشير إلى أن واحدة على الأقل من سكان مستوطنة نير عوز قُتلت نتيجة إطلاق نار مروحي إسرائيلي في أثناء اختطافها في غزة» في عربة جرار.
وبحسب شهادة ابنتها لوسائل الإعلام، فقد وقع تبادل لإطلاق النار بين المسلحين والجيش الإسرائيلي الذي كان يحاول إيقافهم، مما أدى إلى مقتل كاتس.
التحقيق العسكري
وشهدت على الحادثة رهينة أخرى تم تحريرها من المستوطنة نفسها، وقالت إنها سمعت أصوات طائرة هليكوبتر في الهواء وإطلاق نار.
وأدركت أنها أصيبت بالرصاص، وأن أفرات أصيب أيضاً، وأكدت أن أفرات لقي حتفه على الفور نتيجة نيران المروحية.
وفي شهر يناير (كانون الثاني)، طالبت عائلات الضحايا بإجراء تحقيق عسكري بشأن تصرفات الجنود في مستوطنة بئيري في ذلك اليوم، للاشتباه في مقتل بعض المدنيين على يد الجيش، بما في ذلك بنيران الدبابات.
وكتبت العائلات في رسالة مفتوحة أنها «تطالب الجيش الإسرائيلي بإجراء تحقيق متعمق وشفاف في القرارات والإجراءات التي أدت إلى هذه النتيجة المأساوية».
وذكرت تقارير إعلامية محلية أن فريقاً من هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي بدأ تحقيقاً في الحادث وبشأن الجنرال حيرام في فبراير (شباط).