اقتصاديون إسرائيليون يحذرون من استمرار الحرب

سموتريتش يدعو لتوسيع المواجهات ويتهم الجيش بـ«التبذير»

مبنى بنك إسرائيل في القدس (رويترز)
مبنى بنك إسرائيل في القدس (رويترز)
TT

اقتصاديون إسرائيليون يحذرون من استمرار الحرب

مبنى بنك إسرائيل في القدس (رويترز)
مبنى بنك إسرائيل في القدس (رويترز)

حذّر رجال أعمال وخبراء اقتصاد بارزون إسرائيليون حكومتهم من أن الوضع الاقتصادي للدولة، والذي تكبد خسائر هائلة بسبب الحرب على غزة، قد يشهد «كارثة» حال استمرار الحرب أو توسيعها مع لبنان.

التحذير جاء في ظل مطالبة وزراء من اليمين المتطرف باستمرار الحرب وتوسيعها، بمن في ذلك وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش المفترض أنه صاحب المسؤولية الأول عن حماية الاقتصاد.

وسموتريتش من جهة يحاول ممارسة ضغوط على الجيش، كي يصعد الحرب، ومن ناحية ثانية يتهمه بـ«التبذير، ويرفض إقرار ميزانيات مفتوحة له»، وشكّل لجنة خاصة لفحص احتياجات الجيش، وهو في الوقت نفسه يغدق الأموال على المستوطنات، والمدارس الدينية التابعة للأحزاب الحريدية (التابعة للمتدينين اليهود).

وأكد الاقتصاديون، وفق ما نقلت عنهم صحيفة «ذي ماركر» العبرية، أن الحرب كلفت الخزينة الإسرائيلية حتى الآن نحو 250 مليار شيقل (الدولار الأميركي يساوي 3.6 شيقل إسرائيلي تقريباً)، والإنفاق الأساسي من هذا المبلغ كان على شراء الأسلحة والذخيرة، وأجور قوات الاحتياط، ومصاريف إخلاء سكان من البلدات في جنوب وشمال إسرائيل.

وقدر المتخصصون الإسرائيليون أن تلك النفقات تسببت في وصول العجز بموازنة الدولة إلى 7.2 في المائة، في شهر مايو (أيار) الفائت، ولكنهم يتوقعون أن ترتفع النسبة إلى 8 في المائة خلال العام الحالي، بالإضافة إلى زيادة العجز المالي أكثر في العام المقبل، خاصة أن نهاية الحرب لا تظهر في الأفق، حسب تصريحات رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ووزرائه.

شبح الإفلاس

لكن في حال قررت إسرائيل توسيع القتال مع حزب الله إلى حرب، تشمل اجتياحاً للبنان، فإن الوضع الاقتصادي في إسرائيل سيصبح كارثياً، لدرجة احتمال الإعلان عنها أنها «دولة ليست قادرة على تسديد ديونها» وفق ما أشارت صحيفة «ذي ماركر».

وكان محافظ بنك إسرائيل، أمير يارون، قد أكد أن تكلفة الحرب على غزة حتى العام 2025 ستصل إلى 250 مليار شيقل، وحذر من أنه «لا يمكن إعطاء شيك مفتوح للإنفاق الأمني». وأفاد، خلال مؤتمر اقتصادي، الأسبوع الماضي، بأن «التكاليف الأمنية والمدنية بلغت مئات مليارات الشواقل، وهذا عبء ثقيل». ورأى أن إسرائيل قادرة على تحمل أعباء الحرب بشكل أو بآخر، حيث إنها لا تزال تمتلك أرصدة تحمي عملتها (الشيقل) بمبلغ 200 مليار دولار، لكنه وضع شرطاً لذلك يتمثل في ضبط المصروف الأمني، وليس انفلاتاً حربياً بلا أفق.

أوراق نقدية وعملات معدنية جديدة من الشيقل الإسرائيلي (رويترز)

بدورها طرحت صحيفة «ذي ماركر»، سؤالاً مركباً عن: كيف تفكر الحكومة الإسرائيلية إزاء تمويل حرب مستمرة، يتم توسيعها ضد حزب الله مع احتمال جدي أن تتسع إلى حرب إقليمية، في ظل أن المخازن تفرغ من الأسلحة، والتصنيف الائتماني لإسرائيل بالعالم يتراجع، والاقتصاد يراوح مكانه، في ركود قاسٍ ويواجه صعوبات في الحلبة الدولية؟... وتضيف: «هل يعقل أن نفكر في توسيع الحرب ليكون وضعنا أصعب وأكثر قسوة؟».

وشرحت الصحيفة في تحليلها أن «ثمن الحرب سيلحق ضرراً شديداً بمستوى حياة أي إسرائيلي، وسيقود الاقتصاد إلى سنوات ضائعة طويلة بمراوحة مكانه أو انتعاش بطيء؛ واتساع فجوات كبيرة مجدداً بين إسرائيل وبين اقتصادات الغرب».

نمو سلبي

ووفقاً لتقديرات «معهد أهارون» في كلية الاقتصاد في جامعة رايخمان في هرتسليا، فإن النمو الاقتصادي الإسرائيلي للعام الحالي سيسجل نسبة سلبية تقدر بـ2 في المائة، ما يعني خسارة بعشرات مليارات الشواقل في الدخل من الضرائب.

ونظراً لأن شركات التصنيف الائتماني الثلاث خفّضت تدريج إسرائيل بدرجة واحدة، فإن الاستعداد لحرب كبيرة ضد لبنان «سيؤدي إلى تخفيض آخر، والأخطر من ذلك، أن فوائد سندات الدين تظهر أن تدريج إسرائيل انخفض فعلياً إلى مستوى BBB+، الذي يعني دفع فوائد مرتفعة جداً على أي دَين آخر تحصل عليه الدولة»، وفق المعهد.

وأشارت الصحيفة إلى 3 إمكانيات متاحة أمام الحكومة كمصادر تمويل استمرار الحرب على غزة، وتوسيع الحرب في لبنان، وهي: رفع الضرائب، وتقليص ميزانيات الإنفاق المدني، والحصول على قروض من مستثمرين أجانب ومواطني الدولة، من خلال إصدار سندات دين خارجية وداخلية، مثلما فعلت إسرائيل ودول أخرى خلال الأزمة الاقتصادية التي سببتها جائحة «فيروس كورونا».

من جهة ثانية، حذر البروفسور في الاقتصاد، يوسي زعيرا، المحاضر في الجامعة العبرية في القدس، من أن إسرائيل باتت منهكة من الركود الاقتصادي.

وشرح أن إسرائيل التي عانت مرتين فقط من الركود في أول 40 سنة من عمرها، تشهد 5 حالات ركود في الـ35 سنة الأخيرة، ويحل عليها ركود سادس بسبب الحرب. ودعا إلى أخذ الموضوع بالاعتبار في القرارات السياسية والعسكرية والكف عن التصرف بلا مسؤولية.


مقالات ذات صلة

تقرير: فريق التفاوض يعود إلى إسرائيل بعد توقيع اتفاق غزة

شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)

تقرير: فريق التفاوض يعود إلى إسرائيل بعد توقيع اتفاق غزة

أفادت صحيفة «جيروزاليم بوست»، اليوم (الجمعة)، بأن وفد التفاوض الإسرائيلي عاد من الدوحة إلى إسرائيل بعد التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية بنيامين نتنياهو في حديث مع إيتمار بن غفير (أرشيفية - وسائل إعلام إسرائيلية)

صفقة غزة: بن غفير يهدد نتنياهو بالاستقالة... ولابيد «يمنحه الأمان»

أعلن وزير الأمن القومي الإسرائيلي، الخميس، أنه سيستقيل من الائتلاف الحكومي بزعامة بنيامين نتنياهو في حال تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية جنود إسرائيليون يقومون بدورية بالقرب من الحدود بين إسرائيل وغزة في 16 يناير 2025 قبل بدء وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» المقرر أن يدخل حيز التنفيذ يوم الأحد (رويترز)

وزارة الدفاع الإسرائيلية والجيش يستعدان ميدانياً لتنفيذ اتفاق وقف النار في غزة

التقى وزير الدفاع الإسرائيلي مع مسؤولين من الوزارة والجيش للبدء في الاستعدادات الميدانية لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وإطلاق سراح المحتجزين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
تحليل إخباري إسرائيليون يقطعون طريقاً في القدس مطالبين بتنفيذ الاتفاق واستعادة الرهائن (أ.ف.ب)

تحليل إخباري الاتفاق بين إسرائيل و«حماس» كالجبنة السويسرية مليء بالثقوب

«الشرق الأوسط» تستعرض بنود الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»؛ إذ يبدو كالجبنة السويسرية، مليئا بالثغرات، ولكل من الطرفين تفسيره لها؛ ما يهدد بـ«تفجيره قبل تنفيذه».

نظير مجلي (تل أبيب)
شؤون إقليمية الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أرشيفية - أ.ب)

مقربون من ترمب يرفضون أي تسوية تفضي إلى دولة فلسطينية

أعرب عدد من المسؤولين الكبار في محيط الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، عن رفضهم فكرة إقامة دولة فلسطينية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

تقرير: فريق التفاوض يعود إلى إسرائيل بعد توقيع اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)
TT

تقرير: فريق التفاوض يعود إلى إسرائيل بعد توقيع اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)

أفادت صحيفة «جيروزاليم بوست»، اليوم (الجمعة)، بأن وفد التفاوض الإسرائيلي عاد من الدوحة إلى إسرائيل بعد التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بالساعات الأولى من الصباح.

وذكر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن وفد التفاوض أبلغه بالتوصل إلى اتفاقات مع «حماس» بشأن أمور كانت عالقة، وبالتالي سيجتمع مجلس الوزراء الأمني المصغَّر في وقت لاحق من اليوم للتصديق على الاتفاق.

وتوصلت إسرائيل وحركة «حماس» إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة وتبادل المحتجزين أُعلن عنه يوم الأربعاء الماضي، بعد مفاوضات شاقة توسطت فيها مصر وقطر والولايات المتحدة، ومن المقرَّر أن يدخل حيز التنفيذ يوم الأحد المقبل.

وكانت الدولة العبرية اتهمت في وقت سابق «حماس» بـ«التراجع» عن بنود من اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بعد أكثر من 15 شهراً من حرب خلّفت عشرات آلاف القتلى، ودماراً واسعاً، وكارثة إنسانية في القطاع الفلسطيني؛ الأمر الذي نفته الحركة.