«غياب» رئيسي يخيّم على افتتاح البرلمان الإيراني

خامنئي: على النواب تجنب الإغراق في المشاريع العمرانية

جلسة افتتاح البرلمان الإيراني الجديد في طهران اليوم (إ.ب.أ)
جلسة افتتاح البرلمان الإيراني الجديد في طهران اليوم (إ.ب.أ)
TT

«غياب» رئيسي يخيّم على افتتاح البرلمان الإيراني

جلسة افتتاح البرلمان الإيراني الجديد في طهران اليوم (إ.ب.أ)
جلسة افتتاح البرلمان الإيراني الجديد في طهران اليوم (إ.ب.أ)

أدى نواب البرلمان الإيراني القسم الدستوري، في افتتاح الدورة الثانية عشرة تحت تدابير أمنية شديدة في العاصمة طهران وسط أجواء من «الحزن» بين المسؤولين على فقدان الرئيس إبراهيم رئيسي، وأوصى المرشد الإيراني علي خامنئي المشرعين بالتآزر مع السلطات الأخرى، والابتعاد عن «المنافسات غير المجدية» و«الخلافات السياسية»، بالإضافة إلى «تجنب الإغراق في إقرار المشاريع العمرانية خارج نطاق قدرة استيعاب الميزانية».

وشارك كبار المسؤولين ودبلوماسيون وسفراء أجانب، في مراسم افتتاح البرلمان، التي تأتي بعد أيام قليلة من انتهاء الحداد الرسمي على الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي وسبعة من مرافقيه بينهم وزير الخارجية، الذين لقوا حتفهم في حادث تحطم مروحية، خلال جولة بشمال غربي البلاد.

وقال الرئيس المؤقت محمد مخبر بعد قراءة بيان خامنئي: «أواجه صعوبة في إلقاء الكلمة بدلاً من الرئيس الراحل»، ودافع عن سجل الحكومة في مختلف المجالات. ووُضع علمان أسودان إلى جانب العلم الإيراني والعلم الذي يرفع شعار البرلمان. كما تُرك مقعدان خاليين في مكان الضيوف، عليهما صورة رئيسي وعبداللهيان، حسبما أوردت وكالة «إيسنا» الحكومية. وبث التلفزيون الإيراني لقطات من بكاء بعض المسؤولين أثناء بث لقطات تذكارية للرئيس السابق.

كرسي يحمل صورة الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي (إ.ب.أ)

وأشارت وكالة «إرنا» الرسمية إلى اتخاذ «تدابير أمنية وعسكرية» في محيط مقر البرلمان، الواقع في منطقة بهارستان وسط طهران.

وترأس جلسة افتتاح البرلمان، النائب الأكبر سناً في البرلمان، علاء الدين بروجردي، 74 عاماً، وحسين علي شهرياري، 73 عاماً. ونشرت وكالة «إيسنا» الحكومية صورة تظهر حضور رؤساء البرلمانات السابقة: علي أكبر ناطق نوري، وغلام علي حداد عادل، وعلي لاريجاني، في غياب مهدي كروبي الذي تفرض عليه السلطات الإقامة الجبرية منذ فبراير (شباط) 2011.

وسيبدأ نواب البرلمان في الأيام المتبقية من هذا الأسبوع مناقشة الانتخابات الداخلية في البرلمان لانتخاب هيئة الرئاسة المكونة من 12 نائباً، بالإضافة إلى رؤساء اللجان الداخلية.

ولا تختلف تشكيلة البرلمان الحالي على صعيد التوجهات، كثيراً عن البرلمان السابق؛ إذ تمكن المحافظون من تعزيز قبضتهم على الأغلبية، وذلك في غياب منافسين بارزين من التيار الإصلاحي والمحافظ عن الانتخابات التشريعية التي شهدت حملة باهتة، في مطلع مارس (آذار) الماضي، وهو الاستحقاق الانتخابي الأول، بعدما هزت الاحتجاجات الشعبية الحاشدة في أعقاب وفاة الشابة مهسا أميني، في سبتمبر (أيلول) 2021، مختلف أنحاء البلاد.

نواب البرلمان الإيراني يرددون القسم الدستوري في جلسة افتتاح الدورة الجديدة اليوم (أ.ف.ب)

وبدأت جلسة الافتتاح، كالعادة، بقراءة بيان المرشد الإيراني صاحب كلمة الفصل في النظام، إلى المشرعين، وقرأ البيان رئيس مكتبه، محمد غلبايغاني. وأعرب خامنئي في البيان عن ارتياحه لبدء البرلمان في «الموعد المحدد ودون تأخير»، وأشاد بما سماها «السيادة الشعبية الدينية»، حسب التعبير الذي أورده موقعه الرسمي باللغة العربية.

وكرر خامنئي الأوصاف التي يستخدمها عادة في افتتاح البرلمانات الجديدة، قائلاً إن «الجمع بين النواب الجدد مع المنتخبين ذوي الخبرة والتجربة يبعث برسالة مفادها أنه بيت الشعب، باستخدام صلاحياته الدستورية، وبالالتزام بمسؤوليته الجسيمة تجاه أركان البلاد». وتوقع أن التشكيلة الجديدة: «ستتمكن من جمع الحداثة والابتكار مع النضج والتجربة، وإبعاد التشريع والرقابة عن الاضطراب والفوضى، وعن الركود والسكون أيضاً».

وحض خامنئي النواب على «التفاعل المنضبط والمتآزر مع السلطات الأخرى، وكذلك السلوك الجماعي الصحيح والصبور داخل السلطة التشريعية». وقال: «النقطة التي أؤكّدها دائماً هي ضرورة أن يكون البرلمان مبعثاً للسكينة، وصانعاً للأمل، ومحفّزاً للهمم، وداعياً للوئام والأخوّة في البيئة العامة للبلاد».

كما حذر خامنئي النواب من «الخسارة الكبيرة» بسبب الخلافات السياسية، قائلاً: «يجب ألا تشغل المنافسات الإعلامية غير المجدية والخلافات السياسية الضارة وقت المسؤولية وعمرها القصير، وإلا فإن القدرات القيّمة لوجود النواب في هذا المنصب الرفيع ستذهب سُدى، وهذه خسارة كبيرة».

رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف مع سلفه علي لاريجاني في افتتاح البرلمان الجديد (أ.ف.ب)

ودعا خامنئي إلى «توفير المصالح الوطنية»، ووصفها في رسالته بأنها «المهمة الرئيسية للنائب». وقال: «لا بدّ من تجنّب الإغراق في إقرار المشاريع العمرانيّة خارج نطاق قدرة استيعاب الميزانيّة».

وقدم خامنئي في ختام بيانه الشكر للنواب في البرلمان السابق، «خاصة رئيسهم الدؤوب ولجنتهم الرئاسية النشيطة». ومن شأن هذه النقطة أن تعزز حظوظ محمد باقر قاليباف في التنافس مع حلفائه المحافظين، سواء في الاحتفاظ بمقعد رئاسة البرلمان، أو الترشح المحتمل للحصول على كرسي الرئاسة.

ونشرت وسائل إعلام إيرانية في وقت لاحق، بياناً مقتضباً من قاليباف يشيد بدعم المرشد للبرلمان «الثوري».

الرئيس المؤقت محمد مخبر في جلسة افتتاح البرلمان (إ.ب.أ)

بدوره، قدم وزير الداخلية، أحمد وحيدي، وهو جنرال بارز في «الحرس الثوري»، تقريراً عن مسار الانتخابات في 31 محافظة و208 دوائر انتخابية. ونقلت مواقع عن وحيدي قوله إن «الوزارة كجهة تنفيذية للانتخابات، وبمراعاة أصل الحياد، حولت الدورة الثانية عشرة للانتخابات البرلمانية إلى ساحة من الفرص».

وأشار وحيدي إلى تلقي 48.8 ألف طلب للمشاركة في الانتخابات، والموافقة على 15.2 ألف. وقال إن نسبة المشاركة في الجولة الأولى من الانتخابات بلغت 41 في المائة، بعدما أدلى 26 مليوناً من أصل 61.9 مليون إيراني يحق لهم التصويت.

وأفاد وحيدي بأن الجولة الأولى حسمت تأهل 245 نائباً، في حين حددت جولة حاسمة هوية الفائزين بـ45 مقعداً، 16 منها في طهران. وتضم تشكيلة البرلمان الحالية 14 امرأة.

مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري» الجنرال إسماعيل قاآني في جلسة افتتاح البرلمان (رويترز)

وتعد هذه أدنى مشاركة في الاستحقاقات الانتخابية الإيرانية بعد ثورة 1979. وهي المرة الثالثة على التوالي التي تشهد انتخابات في إيران عزوفاً قياسياً عن صناديق الاقتراع، نتيجة الاستياء الشعبي من تدهور الوضع المعيشي، وقمع الاحتجاجات الشعبية.

وبعد نهاية جلسة الافتتاح توجه نواب البرلمان إلى ضريح المرشد الإيراني، لـ«تجديد البيعة مع مبادئه». واستقبلهم حسن خميني، الذي يترأس مؤسسة جده.


مقالات ذات صلة

«المرصد»: القوات الأميركية في ريف دير الزور تسقط مُسيرة تابعة لفصائل موالية لإيران

المشرق العربي دورية مشتركة بقيادة أميركية في ريف القامشلي شمال شرقي سوريا (أرشيفية-رويترز)

«المرصد»: القوات الأميركية في ريف دير الزور تسقط مُسيرة تابعة لفصائل موالية لإيران

أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن القوات الأميركية في قاعدة كونيكو للغاز في ريف دير الزور أسقطت طائرة مسيرة تابعة لفصائل موالية لإيران.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مؤتمر صحافي في قاعدة كرياه العسكرية في تل أبيب بإسرائيل في 28 أكتوبر 2023 (رويترز)

نتنياهو للإيرانيين: نظام خامنئي يخشاكم أكثر من إسرائيل

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الثلاثاء، في رسالة مباشرة للإيرانيين، إن نظام المرشد الإيراني علي خامنئي يخشى الشعب الإيراني أكثر من إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية صورة نشرتها الرئاسة الإيرانية اليوم من اجتماع ترأسه بزشكيان وبجواره نائبه للشؤون الاستراتيجية محمد جواد ظريف

الرئيس الإيراني: علينا أن ندير العلاقة والمواجهة مع أميركا بأنفسنا

دعا الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى «إدارة» العلاقات المتوترة بين إيران والولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
المشرق العربي الأعرجي مع قائد «الحرس الثوري» الإيراني حسين سلامي (صفحة الأعرجي على إكس)

مستشار الأمن القومي العراقي يكرر رفض بلده استهداف دول الجوار عبر أراضيه وأجوائه

أعاد مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، الثلاثاء، التذكير بموقف بلده الثابت برفض استخدام أراضيه وأجوائه لاستهداف دول الجوار.

فاضل النشمي (بغداد)
شؤون إقليمية المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي

مدير «الذرية الدولية» يحذر: «هامش المناورة» بشأن النووي الإيراني يتقلص

حذَّر مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، من أن «هامش المناورة» بشأن البرنامج النووي الإيراني «بدأ بالتقلص»، وذلك عشية زيارته لطهران.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)

مقتل عنصر سابق ﺑ«جيش لبنان الجنوبي» في قصف على شمال إسرائيل

صورة من موقع الاستهداف المباشر بصواريخ أطلقها «حزب الله» على نهاريا، شمال إسرائيل، 12 نوفمبر 2024 (رويترز)
صورة من موقع الاستهداف المباشر بصواريخ أطلقها «حزب الله» على نهاريا، شمال إسرائيل، 12 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

مقتل عنصر سابق ﺑ«جيش لبنان الجنوبي» في قصف على شمال إسرائيل

صورة من موقع الاستهداف المباشر بصواريخ أطلقها «حزب الله» على نهاريا، شمال إسرائيل، 12 نوفمبر 2024 (رويترز)
صورة من موقع الاستهداف المباشر بصواريخ أطلقها «حزب الله» على نهاريا، شمال إسرائيل، 12 نوفمبر 2024 (رويترز)

أعلنت بلدية نهاريا في شمال إسرائيل عن اسمي الرجلين اللذين قُتلا في وقت سابق، اليوم (الثلاثاء)، بصاروخ من لبنان سقط في المدينة، وهما زيف بيلفر (52 عاماً) وشمعون نجم (54 عاماً)، وكلاهما من سكان المدينة الساحلية الشمالية. أعلن عن وفاتهما في مكان الحادث، بجوار المستودع الذي تعرض لإصابة مباشرة من صاروخ أُطلق من لبنان.

وكان شمعون نجم عضواً في «جيش لبنان الجنوبي»، وانتقل إلى إسرائيل في عام 2000 بعد الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان، وفق ما نقلته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» الإسرائيلية.

تشكّل «جيش لبنان الجنوبي» في جنوب لبنان برعاية إسرائيلية في بداية الحرب في لبنان في سبعينات القرن الماضي.

في عام 1978، نفّذت إسرائيل ما بات يعرف بـ«عملية الليطاني»، وهي الحملة العسكرية التي قام بها الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان وتوغل خلالها في أراضي البلاد حتى نهر الليطاني.

وإثر العملية توسع نطاق عمل «جيش لبنان الجنوبي»، الذي استمر حتى عام 2000 حين انهار مع انسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان.