خبراء قانون: خطة إضعاف القضاء أضعفت إسرائيل

بوريل يطلب من تل أبيب عدم «ترهيب» قضاة المحكمة الجنائية الدولية

متظاهر يحمل العَلم الفلسطيني أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي الجمعة (أ.ب)
متظاهر يحمل العَلم الفلسطيني أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي الجمعة (أ.ب)
TT

خبراء قانون: خطة إضعاف القضاء أضعفت إسرائيل

متظاهر يحمل العَلم الفلسطيني أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي الجمعة (أ.ب)
متظاهر يحمل العَلم الفلسطيني أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي الجمعة (أ.ب)

في الوقت الذي تتصرف الحكومة الإسرائيلية فيه بعصبية بالغة إزاء قرار المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، إصدار أمر اعتقال بحق رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه، يوىف غالانت، حذّر وزير خارجية الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، تل أبيب من مغبة «ترهيب وتهديد» الادعاء وقضاة المحكمة. وجاء ذلك في وقت اعترفت فيه مجموعة من خبراء القانون الإسرائيلي بأن خطة إضعاف القضاء التي حاول نتنياهو تمريرها، وتراجع جهاز القضاء أمام سطوة الحكومة، انعكسا سلباً على تل أبيب.

وقال خبراء إسرائيليون في القانون الدولي في تصريحات صحافية، الجمعة، إن قضاة المحكمة العليا وجهاز إنفاذ القانون، وبشكل خاص المستشارة القضائية للحكومة، غالي بهاراف ميارا، والمدعي العام، عَميت إيسمان، لم يمنعوا محاكمة إسرائيل في لاهاي جراء اتهامها بانتهاك القانون الدولي. وأضافوا أنه نتيجة أدائهم التعيس تمكن المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، كريم خان، من طلب إصدار مذكرات الاعتقال الدولية ضد نتنياهو وغالانت، والأمر ذاته ينطبق على القرارات الصادرة عن محكمة العدل الدولية في لاهاي.

وأشار الخبراء إلى أن جهاز القضاء لم يحقق بنفسه وبشكل جدي في انتهاكات إسرائيل قوانين الحرب وحقوق الإنسان؛ كي يمنع تحقيقات وقرارات محاكم دولية، واعتبروا أن الوقت ليس متأخراً لتنفيذ خطوات تمنع إجراءات ضد إسرائيل في لاهاي.

وقال الخبير القانوني في جامعة تل أبيب، البروفيسور إلياف ليفليخ، إن أحد جوانب فشل جهاز إنفاذ القانون هو عدم التحقيق مع مسؤولين إسرائيليين حرّضوا على استهداف فلسطينيين، وأن «هذا التحريض لا يزال يُسمع من جانب وزراء وفي وسائل إعلام، ولم نرَ أي عمل أو أقوال ضدهم». وأشار ليفليخ إلى أقوال رئيس لجنة القانون والدستور في الكنيست، سيمحا روتمان، وآخرين ممن اعتبروا أن الإجراءات في لاهاي ضد إسرائيل تؤكد أن جهاز القضاء الإسرائيلي لا يحميها من القضاء الدولي. وقال ليفليخ إن «ثمة حاجة إلى جهاز قضاء مستقل، لكن يتعين عليه أن يعمل».

ولفتت الخبيرة القانونية، البروفيسورة تمار هوستوفسكي، إلى أن «هذا موضوع مركزي في قرارات محكمتي لاهاي وموقف المستشارة القضائية للحكومة ليس واضحاً». وأكد المحامي الحقوقي، ميخائيل سفراد، أن جهاز القضاء لا يحقق ضد محرّضين على إبادة جماعية في قطاع غزة، رغم أن هذه مهمة سهلة. وقال القاضي المتقاعد من المحكمة العليا، ميني مزوز، والذي تولى في الماضي منصب المستشار القضائي للحكومة، إنه خائب الأمل من التعامل الضعيف ضد التحريض من جانب المسؤولين الحاليين في جهاز القضاء.

نازحون فلسطينيون في شارع بخان يونس المُدمَّرة الجمعة (أ.ف.ب)

وأشار الخبراء إلى أنه في إسرائيل لا توجد أي تحقيقات تقريباً ضد انتهاكات إسرائيل لقوانين الحرب في غزة. ومع أن نائب المستشارة القضائية للحكومة، غيل – عاد نوعام، ظهر أمام محكمة العدل في لاهاي وادعى بأنه يجري التحقيق في عشرات الانتهاكات، إلا أن معظم الخبراء أكدوا أنه «ليس واضحاً عما يتحدث». وقالت هوستوفسكي إن «الوضع يجب أن يكون واضحاً وشفافاً أكثر بكثير». في حين قال المحامي سفراد: «في إسرائيل لا يحققون، ولا يحاكمون، ويشرعنون أساليب قتال تدمر مناطق مدنية هائلة ويستخدمون تجويع السكان المدنيين كورقة مساومة لتحقيق أهداف، وهذا أمر محظور، من دون علاقة بمدى أهمية الهدف ومبرراته». وأضاف: «المستشارة القضائية للحكومة والمدعي العام العسكري لا يفتحون تحقيقات إثر شبهات باتباع سياسة وأنماط لانتهاك القانون الدولي؛ وذلك لأنهما ضالعان في المصادقة على سياسة القتال؛ ولذلك هما ضالعان في انتهاكات القانون الدولي. وما يسمونه لدينا (عجز) الجهاز ليس مفاجئاً. فطوال عقود ترسخت هنا سياسة تمنح حصانة مطلقة تقريباً للجنود الذين يستهدفون الفلسطينيين، وبموجبها تكاد لا توجد تحقيقات حول جرائم جنود والتحقيقات القليلة الموجودة هي طُرفة». وأضاف سفراد: «النيابة تقدم منذ سنين المساعدة في عمليات الضم والأبرتهايد، والدفاع عن أي أسلوب قتال يستبيح (الفلسطينيين). والمحكمة العليا تشوّه القانون الدولي وفق ما يفهمونه في معظم أنحاء العالم. ولم يعد بإمكان هذا الجهاز أن يخفي عورته».

وقال ليفليخ إن «لدي شكاً كبيراً إذا كان جهاز القضاء يحقق في سياسة المساعدات الإنسانية التي تتبعها إسرائيل في قطاع غزة، رغم أن في مركز انتقادات المدعي (كريم خان) في لاهاي. فهذه القرارات (بمنع المساعدات) اتُخذت في أعلى المستويات، ومن الجائز أنها اتخذت بموجب وجهة نظر دائرة الاستشارة القانونية نفسها».

وتطرق ليفليخ إلى المعتقلين الغزيين منذ بداية الحرب واحتجازهم في معسكرات بظروف غير إنسانية، في حين ادعى قرار صادر عن المحكمة العليا أن احتجازهم يتم وفق القانون. وقال إنه «لا يوجد أي سبب يبرر التنكيل المتواصل بالمعتقلين ويبرر حقيقة أنه لا توجد تحقيقات جنائية في الموضوع. هذا فشل ذريع، وإخفاق هائل للجهاز. فحماية المعتقلين هو الأمر الأكثر أهمية في جهاز قضاء طبيعي. والمحكمة العليا أسهمت كثيراً في هذا الإخفاق، عندما أصدرت قراراً بأن إسرائيل ليست ملزمة بتزويد معلومات حول المعتقلين. وعندما لا تكون هناك معلومات، يوجد تنكيل وحتى أخطر من ذلك». وشدد سفاراد على أن المحكمة العليا اليوم «لا تعدّ مدافعة عن حقوق الإنسان، وإنما عمن يسمح لدولة إسرائيل بأي سياسة لصالح المستوطنين وتعمّق الأبرتهابيد».

من جهة ثانية، دعا وزير خارجية الاتحاد الأوروبي، بوريل، إسرائيل إلى عدم «ترهيب» أو «تهديد» قضاة المحكمة الجنائية الدولية، التي طلب المدعي العام فيها إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت، بتهم ارتكاب جرائم حرب. وفي مقابلة مع التلفزيون الإسباني العام (تي في إي)، قال: «أطلب من الجميع، بدءاً من حكومة إسرائيل، لكن أيضاً بعض الحكومات الأوروبية عدم ترهيب القضاة وعدم تهديدهم»، داعياً إلى «احترام المحكمة الجنائية الدولية».


مقالات ذات صلة

القضاء الفرنسي يثبت مذكرة التوقيف بحق الرئيس السوري

أوروبا رئيس «المركز السوري للإعلام وحرية التعبير» مازن درويش يتحدث إلى الإعلاميين بعد قرار محكمة الاستئناف في باريس حيال محاكمة الرئيس السوري على جرائم حرب (إ.ب.أ)

القضاء الفرنسي يثبت مذكرة التوقيف بحق الرئيس السوري

صادقت محكمة الاستئناف في باريس على مذكرة التوقيف التي أصدرها قضاة تحقيق بحق الرئيس السوري و3 من نظامه بالمسؤولية عن هجمات كيماوية استهدفت الغوطة الشرقية 2013

ميشال أبونجم (باريس)
أوروبا قائد الجيش الروسي الجنرال فاليري غيراسيموف بمعية وزير الدفاع الروسي السابق سيرغي شويغو في 15 مارس 2024 (أ.ف.ب)

من هما شويغو وغيراسيموف الروسيان المتهمان بجرائم حرب؟

أصدرت المحكمة الجنائية الدولية، الثلاثاء، مذكرتي اعتقال بحق مسؤولين روسيين بتهمة ارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا قائد الجيش الروسي الجنرال فاليري غيراسيموف بمعية وزير الدفاع الروسي السابق سيرغي شويغو في 19 ديسمبر 2023 (أ.ب)

«الجنائية الدولية» تصدر مذكرات اعتقال بحق رئيس الأركان الروسي ووزير الدفاع السابق

أعلنت المحكمة الجنائية الدولية، الثلاثاء، إصدار مذكرتي توقيف بحق قائد الجيش الروسي الجنرال فاليري غيراسيموف ووزير الدفاع السابق سيرغي شويغو.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
شمال افريقيا سودانيون يفرون من العنف في غرب دارفور (رويترز)

«الجنائية الدولية» تدعو لتقديم المعلومات فيما يتعلق بمزاعم ارتكاب جرائم بدارفور

أطلق المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية حملة تدعو لتقديم المعلومات والتعاون فيما يتعلق بمزاعم ارتكاب جرائم في دارفور بالسودان.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ أعلن رئيس مجلس النواب أن الكونغرس سينظر في فرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية هذا الأسبوع (أ.ف.ب)

الكونغرس لفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية

ينظر مجلس النواب الأميركي هذا الأسبوع في فرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية بسبب طلب الادعاء فيها إصدار مذكرات توقيف بحق مسؤولين إسرائيليين.

رنا أبتر (واشنطن)

الانتخابات الرئاسية الإيرانية... مير حسين موسوي يقاطع وكروبي يشارك

صورة نشرتها مواقع إصلاحية للحظة إدلاء کروبي بصوته في صندوق متنقل بمقر إقامته الجبرية في طهران
صورة نشرتها مواقع إصلاحية للحظة إدلاء کروبي بصوته في صندوق متنقل بمقر إقامته الجبرية في طهران
TT

الانتخابات الرئاسية الإيرانية... مير حسين موسوي يقاطع وكروبي يشارك

صورة نشرتها مواقع إصلاحية للحظة إدلاء کروبي بصوته في صندوق متنقل بمقر إقامته الجبرية في طهران
صورة نشرتها مواقع إصلاحية للحظة إدلاء کروبي بصوته في صندوق متنقل بمقر إقامته الجبرية في طهران

أعلن زعيم التيار الإصلاحي، مير حسين موسوي، مقاطعة الانتخابات الرئاسية، فيما نَشرت مواقع صوراً لحليفه مهدي كروبي أثناء الإدلاء بصوته في صندوق نُقل إلى مقر إقامته الجبرية.

وبدأ الإيرانيون التصويت اليوم الجمعة لاختيار بديل للرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، الذي قتل في حادث تحطم مروحية في مايو (أيار) الماضي في شمال غرب البلاد، إلى جانب وزير الخارجية وعدد من المسؤولين الآخرين.

وقالت زهرا موسوي، ابنة زعيم المعارضة الإصلاحية وآخر رئيس وزراء لإيران، مير حسين موسوي، على حسابها على «إنستغرام»، إن والديها قالا إنهما لن يصوتا بعد أن سألهم المسؤولون الأمنيون إذا كانوا بحاجة إلى صندوق اقتراع ينقل إلى محل إقامتهم الجبرية.

وتتيح إيران صناديق اقتراع متنقلة لأولئك الذين لا يستطيعون الذهاب إلى مراكز الاقتراع. وتفرض السلطات الإقامة الجبرية على موسوي وزوجته زهرا رهنورد في منزلهما بالقرب من مقر خامنئي الرسمي في طهران منذ فبراير (شباط) 2011.

وكان موسوي (82 عاماً) رئيساً لوزراء إيران في عهد رئاسة خامنئي، قبل أن يتولى منصب المرشد في 1989، وهو العام الذي ألغي فيه منصب رئيس الوزراء بإيران.

وقاد موسوي وحليفه مهدي كروبي احتجاجات «الحركة الإصلاحية الخضراء»، التي ضربت إيران على نطاق واسع، بعدما رفضا الاعتراف بخسارتهما في الانتخابات الرئاسية لعام 2009 أمام المرشح المدعوم من المرشد الإيراني حينذاك، المتشدد محمود أحمدي نجاد.

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، دعا كروبي إلى دعم المرشح الإصلاحي مسعود بزشكيان.

وبعد مشاركته في الانتخابات، قال كروبي: «الإصلاحات ليست مسألة شخصية وفردية، بل هي مرتبطة بمصير الأمة»، حسبما أوردت مواقع إصلاحية عن مكتبه.

وقال كروبي: «أناشد الشعب المشاركة في الانتخابات من أجل التغيير وإنصاف حقوقهم، وإذا كان النائب المنتخب للشعب لديه السلطة، فيمكنه بنفس الدستور الناقص أن يتخذ خطوات كبيرة نحو رفاهية الشعب».

وقبل ساعات، قال محمد تقي كروبي، نجل كروبي، إنه تحدث إلى والده، مشيراً إلى أنه ينتظر وصول صندوق الاقتراع إلى مقر إقامته الجبرية. ونقل عن والده قوله: «أناشد الشعب الثقة بمسعود بزشكيان، أعلم أنه في حالة الفوز هناك طريق صعب أمامنا، لكني متأكد من جدية محاربتنا للفقر والفساد والتمييز. ابتداءً من غد، سأكون ملتزماً بمتابعة مطالب حقوق الشعب».

وفي حدث نادر، نشرت وکالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» صورة كروبي من لحظة الإدلاء بصوته.

وكان الرئيس الإصلاحي الاسبق، محمد خاتمي، والمعتدل نسبياً حسن روحاني، قد أعلنا عن تأييدهما حملة بزشكيان.

وتوجه خاتمي اليوم إلى حسينية جماران، مقر فصيل المرشد الإيراني الأول (الخميني) وأدلى بصوته هناك. ونشرت وکالات رسمیة إيرانية فيديو من لحظة تصويت خاتمي، وذلك على خلاف الحظر الذي فرض على نشر صورته خلال السنوات الماضية.