استياء تركي من جمود مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي

اتفاق على إنشاء «أجندة إيجابية» وتسهيل التأشيرة

جانب من لقاء نائب الرئيس التركي جودت يلماظ وفارهيلي (الخارجية التركية)
جانب من لقاء نائب الرئيس التركي جودت يلماظ وفارهيلي (الخارجية التركية)
TT

استياء تركي من جمود مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي

جانب من لقاء نائب الرئيس التركي جودت يلماظ وفارهيلي (الخارجية التركية)
جانب من لقاء نائب الرئيس التركي جودت يلماظ وفارهيلي (الخارجية التركية)

تحفّظ المفوض الأوروبي لشؤون الجوار والتوسع بالاتحاد الأوروبي، أوليفر فارهيلي، عن إعطاء مؤشرات حول استئناف مفاوضات عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي، مكتفياً بالحديث عن التقدم الكبير في العلاقات التجارية بين الجانبين، وعن «أجندة إيجابية» في الفترة المقبلة.

وأجرى فارهيلي، في زيارته الثانية لتركيا خلال 5 أشهر، حيث زارها في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سلسلة اجتماعات مع نائب الرئيس التركي، جودت يلماظ، ووزير التجارة، عمر بولاط، قبل لقائه وزير الخارجية التركي هاكان فيدان.

التمسك بالعضوية

وشدّد فيدان، خلال المؤتمر الصحافي، على التزام تركيا بالعلاقات مع الاتحاد الأوروبي والحفاظ عليها، منتقداً في الوقت ذاته تصرفات «دول معينة» لم يحدّدها بالاسم، تعارض انضمام تركيا إلى التكتل. وقال فيدان: «لن نتخلى عن رحلتنا التاريخية واستراتيجيتنا المتمثلة في أن نصبح دولة مركزية في أوروبا، لمجرد أنهم لا يختارون انضمامنا».

وتواجه مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد، التي بدأت فعلياً منذ عام 2005 وتعد أطول مفاوضات في تاريخ التكتل الأوروبي، طريقاً مسدودة، في ظل دعوات للاستعاضة عنها بنوع من العلاقات والحوار حول القضايا المشتركة، وهو ما يثير غضب أنقرة.

ورأت المفوضية الأوروبية، في تقريرها السنوي حول التقدم في المفاوضات مع تركيا لعام 2023، الصادر في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أن مساعي تركيا للانضمام للاتحاد الأوروبي وصلت إلى طريق مسدودة في ظل إخفاقات شديدة على صعيد الديمقراطية، وعدم الجدية في القيام بالإصلاحات التي يدعمها الاتحاد.

وقال فيدان: «تاريخياً، كنا دائماً نفضل الاتحاد الأوروبي، ولن نتردد في المضي قدماً في تعاوننا الاقتصادي والسياسي مع مؤسساته»، لافتاً إلى «سياسات الهوية» التي ينتهجها بعض أعضاء التكتل لتحقيق «أهداف سياستهم الداخلية الرخيصة التي تتكون من خطاب مناهض لتركيا ومعادٍ للإسلام، إلى جانب بطاقة المهاجرين».

وذكر أن تركيا تعلق أهمية على مسألة تحرير التأشيرات مع الاتحاد الأوروبي، لافتاً إلى الاتفاق بينهما على تحديث اتفاقية الاتحاد الجمركي الموقعة عام 1995، والمضي قدماً في المفاوضات بطريقة عملية. وأضاف فيدان: «في الآونة الأخيرة، كانت هناك مشكلة خطيرة في قضايا التأشيرات في الاتحاد الأوروبي، ونتفاوض بشأن هذا الأمر مع زملائنا الأوروبيين لفترة طويلة، نتحدث مباشرة مع دول الاتحاد ومؤسساته لضمان سهولة الحصول على التأشيرة، خاصة رجال الأعمال والطلاب».

واتفقت تركيا والاتحاد الأوروبي، خلال زيارة فارهيلي في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، على استئناف مفاوضات تحديث اتفاقية الاتحاد الجمركي، التي دخلت حيز التنفيذ مطلع عام 1996، والتي مثّل تحديثها مطلباً متكرراً لتركيا في السنوات الماضية، بسبب اقتصارها على السلع الصناعية والمنتجات الزراعية المعالجة.

أجندة إيجابية

وقال فارهيلي، خلال المؤتمر الصحافي، إن الجانبين بحاجة إلى تعزيز علاقاتهما الاقتصادية، وسيكون ذلك ممكناً من خلال سفر «أسهل» للجميع، من رجال الأعمال إلى الطلاب.

ولفت إلى أن الاتحاد الأوروبي وتركيا حطّما رقماً قياسياً للتبادل التجاري العام الماضي، تجاوز 200 مليار يورو، و«نهدف لتفعيل استثمار مباشر بقيمة 2.4 مليار دولار في إطار صندوق الاستثمار الأوروبي التركي». وأضاف أن الجانبين يحتاج بعضهما إلى بعض، وسيطلقان قريباً محادثات حوار رفيعة المستوى لتحديد موعد مزيد من الاجتماعات المنتظمة لتعزيز العلاقات.

وخلال استقباله فارهيلي، في مستهل محادثاته في أنقرة، الخميس، قال نائب الرئيس التركي جودت يلماظ: «إننا نمرّ بفترة فوضى في جميع أنحاء العالم، وإن توسيع الاتحاد أصبح على جدول الأعمال مرة أخرى بسبب التطورات الجيوسياسية. وفي نطاق التوسع، يجب على الاتحاد إظهار الإرادة السياسية الواضحة والحازمة للدول المرشحة الأخرى، في ظل ظروف متساوية ودون تمييز بالنسبة لتركيا».

وأضاف أنه بعد قمة الاتحاد الأوروبي الخاصة، التي عقدت في 17 و18 أبريل (نيسان)، تتوقع تركيا دفع الحوار الذي يؤدي إلى نتائج ملموسة، واتخاذ إجراءات في مجالات بارزة، مثل زيادة التجارة وتحديث اتفاقية الاتحاد الجمركي، وتسهيل التأشيرات، ومن المهم أن نضع أجندة ملموسة أكثر إيجابية.

بدوره، أكد فارهيلي رغبة الاتحاد في إنشاء أجندة إيجابية مع تركيا، مشيراً إلى أن زيادة الاتحاد التجاري والجمركي تعدّ من القضايا البارزة بشكل خاص ضمن هذه الأجندة. وأجرى فارهيلي مباحثات مع وزير التجارة التركي عمر بولاط، وصفها على حسابه في «إكس» بـ«المثمرة».


مقالات ذات صلة

وزراء خارجية تركيا وروسيا وإيران حذروا من دوامة عنف جديدة في سوريا

شؤون إقليمية جانب من اجتماع وزراء خارجية تركيا وروسيا وإيران على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك (الخارجية التركية)

وزراء خارجية تركيا وروسيا وإيران حذروا من دوامة عنف جديدة في سوريا

ناقش وزراء خارجية تركيا وروسيا وإيران، وهي الدول الثلاث الضامة لمسار أستانا، الأوضاع في سوريا على هامش أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي إردوغان خلال مؤتمر صحافي في إسطنبول قبل توجهه إلى نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة (الرئاسة التركية)

إردوغان يتّهم إسرائيل بارتكاب «إبادة جماعية» في لبنان

اتّهم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، السبت، إسرائيل بارتكاب «إبادة جماعية» في لبنان، وندد بـ«الهجمات الوحشية» التي استهدفت «حزب الله»

«الشرق الأوسط» (إسطنبول)
شؤون إقليمية تعزيزات عسكرية في الطريق إلى معبر باب الهوى الحدودي بين تركيا وسوريا (وسائل إعلام تركية)

تركيا تدفع بتعزيزات عسكرية ضخمة إلى إدلب وحلب

دفع الجيش التركي بتعزيزات عسكرية ضخمة إلى نقاطه العسكرية المنتشرة في شرق إدلب وريف حلب الغربي الواقعة ضمن مناطق خفض التصعيد في شمال غربي سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متحدثاً أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الثلاثاء الماضي (الرئاسة التركية)

إردوغان: تركيا ستعيد تقييم علاقاتها بأميركا بعد انتخاب رئيسها الجديد

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن بلاده ستعيد تقييم علاقاتها مع الولايات المتحدة عقب الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (رويترز)

إردوغان: هجمات إسرائيل على لبنان ستستمر ما دام الغرب صامتاً

نقلت وسائل إعلام، الخميس، عن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قوله إن هجمات إسرائيل على لبنان التي تستهدف جماعة «حزب الله» ستستمر ما دام الغرب صامتاً.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)

وزراء خارجية تركيا وروسيا وإيران حذروا من دوامة عنف جديدة في سوريا

جانب من اجتماع وزراء خارجية تركيا وروسيا وإيران على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك (الخارجية التركية)
جانب من اجتماع وزراء خارجية تركيا وروسيا وإيران على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك (الخارجية التركية)
TT

وزراء خارجية تركيا وروسيا وإيران حذروا من دوامة عنف جديدة في سوريا

جانب من اجتماع وزراء خارجية تركيا وروسيا وإيران على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك (الخارجية التركية)
جانب من اجتماع وزراء خارجية تركيا وروسيا وإيران على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك (الخارجية التركية)

عقد وزراء خارجية تركيا وروسيا وإيران، وهي الدول الثلاث الضامة لمسار أستانا للحل السياسي في سوريا، اجتماعاً على هامش أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

في الوقت ذاته، دعا رئيس البرلمان التركي، نعمان كورتولموش، عقب لقاء مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلى ضرورة الإسراع بحل المشكلات بين أنقرة ودمشق، وإقامة حوار وثيق بعد تطبيع علاقاتهما بسبب الخطر الإسرائيلي.

وناقش الوزراء الثلاثة، التركي هاكان فيدان، والروسي سيرغي لافروف، والإيراني عباس عراقجي، خلال الاجتماع، الوضع الأمني ​​والسياسي والإنساني في سوريا، بحسب بيان لوزارة الخارجية التركية.

وزير خارجية روسيا يتوسط وزيري خارجية تركيا وإيران قبل اجتماعهم في نيويورك في إطار مسار أستانا على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة (الخارجية التركية)

وقالت مصادر دبلوماسية تركية، السبت، إن الوزراء الثلاثة أكدوا أهمية ضبط النفس بالمنطقة، حتى لا تتسبب الهجمات الإسرائيلية على لبنان في دوامة إضافية من العنف بسوريا.

وأضافت المصادر أن الوزراء أكدوا أهمية الحفاظ على الهدوء الميداني في سوريا بما في ذلك إدلب، وضرورة منع محاولات وحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تعدها أنقرة ذراع حزب العمال الكردستاني في سوريا، من استغلال الأوضاع الراهنة.

ولفتت إلى أن فيدان جدد، خلال الاجتماع، دعم تركيا لتنشيط العملية السياسية في سوريا، وشدد على أهمية عملية أستانا في ضمان السلام والاستقرار في سوريا، وضرورة أن تلعب الأمم المتحدة دوراً رائداً في حل الأزمة السورية.

في الوقت ذاته، تواصل القوات التركية إرسال تعزيزات إلى نقاطها العسكرية المنتشرة في مناطق خفض التصعيد في شمال غربي سوريا، المعروفة باسم مناطق «بوتين - إردوغان».

ودخلت 163 آلية عسكرية تركية محملة بجنود ومعدات عسكرية ولوجيستية إلى منطقة خفض التصعيد في إدلب، إضافة إلى مناطق سيطرة القوات التركية في منطقتي «درع الفرات» و«غصن الزيتون» في حلب، من المعابر الحدودية الرئيسية مثل باب الهوى والحمام وباب السلامة، خلال شهر سبتمبر (أيلول) الحالي.

ودفعت تركيا بتعزيزات على مدى اليومين الماضيين إلى نقاطها العسكرية في ريفي إدلب الشرقي والغربي، وسهل الغاب بمحافظة حماة، ضمن منطقة «بوتين - إردوغان» في رتلين أحدهما مؤلف من 75 آلية، والثاني من 20 آلية، تضم ناقلات جند ومدرعات تحمل جنوداً وشاحنات محملة بمواد لوجيستية وعسكرية، وسط تصعيد بين القوات السورية وفصائل المعارضة في إدلب وحلب والاستهدافات المتبادلة مع القوات السورية و«قسد» و«الجيش الوطني السوري»، الموالي لتركيا.

تركيا زادت من تعزيزاتها العسكرية في شمال غربي سوريا في سبتمبر الحالي (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

وأحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان استهداف 42 طائرة مسيّرة، تابعة للجيش السوري، مواقع مدنية وعسكرية في منطقة «بوتين - إردوغان» خلال شهر سبتمبر، خلفت قتلى وجرحى وألحقت أضراراً مادية بالممتلكات الخاصة.

في غضون ذلك، أكد رئيس البرلمان التركي، نعمان كورتولموش، أن المشكلات بين تركيا وسوريا تحتاج إلى حل عاجل، وإقامة حوار وثيق بعد تطبيع العلاقات بين البلدين لمواجهة الخطر الإسرائيلي على المنطقة.

وقال كورتولموش، في تصريحات عقب زيارة لروسيا التقى خلالها الرئيس فلاديمير بوتين، وألقى كلمة أمام البرلمان الروسي تناولت التطورات في الشرق الأوسط، في ضوء توسيع إسرائيل عدوانها من غزة إلى لبنان، ومخاطر توسعه إلى دول أخرى بالمنطقة: «يجب على تركيا أن تصل إلى النقطة التي يمكن عندها وضع الخلافات السياسية مع دول المنطقة جانباً، والعمل معاً».

جانب من لقاء رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو (من حساب كورتولموش في «إكس»)

وأضاف: «علينا الحذر من الخطر الإسرائيلي، وعلينا حل المشكلات بين تركيا وسوريا بسرعة، وإقامة حوار وثيق عقب تطبيع العلاقات».

في السياق ذاته، عد الكاتب في صحيفة «صباح»، القريبة من الحكومة التركية، أويتون أورهان، العفو الذي أصدره الرئيس السوري بشار الأسد، عن الهاربين من الخدمة العسكرية في داخل البلاد وخارجها، بشرط تسليم أنفسهم، وكذلك عن مرتكبي بعض الجنح، بمثابة «تليين ضروري» في الموقف السوري، عندما يُنظر إليه مع خطوات مثل تخلي دمشق عن شروطها المسبقة في عملية التطبيع مع أنقرة ورغبتها في تعزيز العلاقات مع الدول العربية.