غضب كبير في تل أبيب... واكتراث أقل لدى «حماس» بعد طلبات «الجنائية»

التقديرات في إسرائيل تؤكد أن أوامر اعتقال نتنياهو والسنوار ستصدر

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يصل لاجتماع حزب «الليكود» بعد طلب المدعي العام للجنائية الدولية إصدار مذكرة اعتقال بحقه ووزير دفاعه (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يصل لاجتماع حزب «الليكود» بعد طلب المدعي العام للجنائية الدولية إصدار مذكرة اعتقال بحقه ووزير دفاعه (أ.ف.ب)
TT

غضب كبير في تل أبيب... واكتراث أقل لدى «حماس» بعد طلبات «الجنائية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يصل لاجتماع حزب «الليكود» بعد طلب المدعي العام للجنائية الدولية إصدار مذكرة اعتقال بحقه ووزير دفاعه (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يصل لاجتماع حزب «الليكود» بعد طلب المدعي العام للجنائية الدولية إصدار مذكرة اعتقال بحقه ووزير دفاعه (أ.ف.ب)

هاجمت إسرائيل و«حماس» قرار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، بتقديم طلبات إلى الدائرة التمهيدية بالمحكمة لإصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ورئيس حركة «حماس» في قطاع غزة يحيى السنوار، ومسؤولين آخرين.

وقال نتنياهو في اجتماع لحزب «الليكود»، إن هذه الفضيحة والمؤامرة لن توقفه (عن الحرب في قطاع غزة)، بينما قال مسؤولون في «حماس» إنه كان يجب أن يشمل القرار المتأخر مسؤولين آخرين في إسرائيل، لا أن يساوي بين الضحية والجلاد.

وكان خان قد أعلن، الاثنين، أنه قدم طلبات للدائرة التمهيدية الأولى بالمحكمة الجنائية الدولية لإصدار أوامر اعتقال بحق زعيم «حماس» في غزة، يحيى السنوار، وقائد «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس»، محمد الضيف، ورئيس المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنية؛ لأن لديه أسباباً معقولة لاعتقاد أنهم يتحملون المسؤولية الجنائية عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، بداية من السابع من أكتوبر (تشرين الأوّل) 2023.

مظاهرة لأنصار عائلات الرهائن لدى حركة «حماس» أمام مقر الكنيست في القدس يوم الاثنين (رويترز)

واتهمهم خان بالمسؤولية عن الإبادة والقتل العمد، وأخذ الرهائن والاغتصاب، وغيره من أشكال العنف الجنسي والتعذيب وأفعال لا إنسانية أخرى والمعاملة القاسية والاعتداء على كرامة الشخص، بوصفها جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية. وقال المدعي العام: «إن بعض هذه الجرائم مستمرة».

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت (وسائل إعلام إسرائيلية)

كما أعلن خان أنه قدم طلبات لاعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت؛ لأن لديه أسباباً معقولة لاعتقاد أنهما يتحملان المسؤولية الجنائية عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التالية التي ارتُكبت على أراضي دولة فلسطين (في قطاع غزة)، بداية من الثامن من أكتوبر 2023.

إسرائيل تستخدم التجويع سلاح حرب في غزة (د.ب.أ)

واتهم خان كلاً من نتنياهو وغالانت بتجويع المدنيين بوصفه أسلوباً من أساليب الحرب، وتعمد إحداث معاناة شديدة، أو إلحاق أذى خطير بالجسم أو بالصحة والمعاملة القاسية والقتل العمد، وتعمُّد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين والإبادة و/أو القتل العمد بما في ذلك ما كان في سياق الموت الناجم عن التجويع، والاضطهاد وأفعال لا إنسانية أخرى بوصفها جرائم وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

فلسطينيون يرفعون جثة شخص قُتل في غارة إسرائيلية على منزل شمال قطاع غزة (رويترز)

وقال خان: «إن الجرائم ضد الإنسانية التي وُجِّه الاتهام بها قد ارتُكِبت في إطار هجوم واسع النطاق ومنهجي ضد السكان المدنيين الفلسطينيين عملاً بسياسة الدولة. وهذه الجرائم مستمرة، في تقديرنا، إلى يومنا هذا».

وأضاف: «إن مكتبي بتقديمه هذه الطلبات لإصدار أوامر قبض يتصرف عملاً بولايته بموجب نظام روما الأساسي».

وأكد خان أنه لن يتردد في تقديم مزيد من طلبات إصدار أوامر الاعتقال إذا ارتأى استيفاء الحد الأدنى لإمكانية الإدانة استيفاءً واقعياً.

وفوراً، رفضت إسرائيل و«حماس» البيان بسبب «المساواة» بينهما.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يصل لاجتماع حزب «الليكود» بعد طلب المدعي العام للجنائية الدولية إصدار مذكرة اعتقال بحقه ووزير دفاعه (أ.ف.ب)

وافتتح نتنياهو جلسة كتلة «الليكود» بعد نحو ساعتين من إعلان خان جمع تواقيع أعضاء الحزب على عريضة ضد قرار المدعي العام، قائلاً لهم: «هذه فضيحة، ولن يوقفونا».

وهاجمت إسرائيل القرار بشدة، وقررت تشكيل غرفة عمليات لمتابعته.

وقال الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هيرتسوغ: «إن إعلان المدعي العام قد تجاوز الحد المشين، ويمثل إجراءً سياسياً أحادي الجانب يشجع الإرهابيين في جميع أنحاء العالم، وإن أي محاولة للمقارنة بين هؤلاء الإرهابيين وحكومة إسرائيل المنتخبة ديمقراطياً هي أمر مشين».

وأدان الوزير في مجلس الحرب، بيني غانتس، هذه الخطوة قائلاً: «إن وضع قادة الدولة التي خاضت معركة للدفاع عن مواطنيها في نفس صف الإرهابيين المتعطشين للدماء هو عمى أخلاقي، وإن الاستجابة لمطلب المدعي العام سيكون جريمة تاريخية لن تزول». وقال غانتس إن القرار «جريمة ذات أبعاد تاريخية».

وأكد وزير الخارجية يسرائيل كاتس، أنه أمر بتشكيل لجنة خاصة للتصدي للقرار، واصفاً القرار بأنه «فاضح وعار تاريخي، ويشكل جريمة». ورأى وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، مذكرات الاعتقال «المسمار الأخير في تفكيك المحكمة المعادية للسامية».

وقال زعيم المعارضة يائير لبيد إن القرار يمثل «كارثة»، وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق نفتالي بنيت، إن ما حدث «هو لحظة عار للمحكمة الجنائية الدولية والمجتمع الدولي».

وجاء كل هذا الهجوم بينما لم يصدر قرار الاعتقال بعد، لكن التقييم في إسرائيل، هو أن اللجنة التمهيدية ستستجيب لطلب المدعي العام كريم خان، وتصدر مذكرات الاعتقال.

وقالت وسائل إعلام إسرائيلية، إنه حتى مع افتراض صدور مذكرات اعتقال، كما هو مقدر في إسرائيل أيضاً، فمن غير المتوقع أن يجري اعتقال نتنياهو وغالانت.

لكنهم في إسرائيل لا يستهينون بالقرار، ويخشون من أن يؤدي إلى زيادة عزلة إسرائيل دولياً، وزيادة الضغط على إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن للضغط على نتنياهو لإنهاء الحرب في غزة.

وهذه هي المرة الأولى التي تسعى فيها المحكمة الجنائية الدولية إلى إصدار أوامر اعتقال ضد حليف رئيسي للولايات المتحدة.

وهددت إسرائيل، وهي ليست عضواً في المحكمة الجنائية الدولية، باتخاذ إجراءات عقابية ضد السلطة الفلسطينية إذا أصدرت المحكمة أوامر اعتقال.

ولم يعرف كيف يمكن أن يؤثر القرار في سير الحرب، لكن لا يبدو أن إسرائيل تنوي التراجع.

وبعد أن قال نتنياهو إنه لن يوقفه شيء، دعا وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، إلى تجاهل خان «المعادي للسامية»، وتصعيد الهجوم على «حماس».

وبدت «حماس» أقل اكتراثاً لأوامر اعتقال قادتها، وقالت الحركة إن «المساواة بين الضحية والجلاد تمثل تشجيعاً للاحتلال للاستمرار في حرب الإبادة».

وعدَّت الحركة مذكرات التوقيف والاعتقال بحقّ قادة الاحتلال «متأخرة 7 أشهر»، وقالت إنه كان يتوجَّب على المدّعي العام إصدار أوامر توقيف واعتقال ضدّ كل المسؤولين من قادة الاحتلال الذين أعطوا الأوامر، والجنود الذين شاركوا في ارتكاب الجرائم طبقاً للمواد 25 و27 و28 من نظام روما الأساسي.

واستنكرت الحركة بشدَّة محاولات المدّعي العام للمحكمة الجنائية الدولية مساواة الضحيَّة بالجلاد، عبر إصداره أوامر توقيف بحقّ عدد من قادة المقاومة الفلسطينية، دون أساس قانوني، وطالبت بإلغاء كل مذكرات التوقيف التي صدرت بحقّ قادة المقاومة الفلسطينية؛ لمخالفتها المواثيق والقرارات الأممية.

رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية (رويترز)

عملياً، يمكن أن يؤثر قرار الاعتقال إذا ما صدر على هنية فقط، لأنه يقيم في قطر، ويتنقل بين الدول، لكنه لن يشكل أي تهديد على السنوار والضيف الملاحَقين من قِبل إسرائيل، واللذين لا يخرجان من غزة، ويُعتقد أنهما إذا ما نَجَوَا من الحرب، فسيواصلان البقاء متخفيين حتى بعد انتهائها.


مقالات ذات صلة

نتنياهو يلتقي ترمب بأمل الحصول على تأييد أكبر لإسرائيل

الولايات المتحدة​ صورة آخر لقاء جمع الرئيس دونالد ترمب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في المكتب البيضاوي في 15 سبتمبر 2020 (أ.ب)

نتنياهو يلتقي ترمب بأمل الحصول على تأييد أكبر لإسرائيل

يراهن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في لقائه بالرئيس الأميركي السابق والمرشح الجمهوري، دونالد ترمب، على نيل تأييد أكبر لأمن إسرائيل.

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس تلتقي برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في واشنطن (رويترز)

هاريس تطالب نتنياهو بوقفٍ للنار وتقول إنها «لن تصمت» إزاء المعاناة في غزة

ضغطت نائبة الرئيس الأميركي بشدة على رئيس الوزراء الإسرائيلي، الخميس، بشأن الوضع الإنساني في قطاع غزة خلال محادثات جمعتهما ووصفتها هاريس بأنها كانت «صريحة».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​  المرشّح الجمهوري للرئاسة الأميركية دونالد ترمب (أ.ف.ب)

ترمب يتطرّق في منشور إلى «محو إيران عن وجه الأرض»

تطرّق المرشّح الجمهوري للرئاسة الأميركية دونالد ترمب إلى القضاء على إيران، وذلك في منشور على شبكة للتواصل الاجتماعي استعاد فيه أسلوبه الناري.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن يصافح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال لقاء في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض بالعاصمة الأميركية واشنطن 25 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

بايدن يضغط لهدنة في غزة خلال محادثات مع نتنياهو

قال نتنياهو خلال لقائه بايدن للمرة الأولى في البيت الأبيض: «أودّ أن أشكرك على خمسين عاماً في الخدمة العامة وخمسين عاماً من دعم دولة إسرائيل».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ كامالا هاريس نائبة الرئيس الأميركي (د.ب.أ)

كامالا هاريس تندد بحرق عَلم أميركا خلال احتجاج مؤيد للفلسطينيين في واشنطن

نددت كامالا هاريس اليوم بما وصفتها بأنها أعمال حقيرة حيث أحرق بعض المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين الأعلام الأميركية احتجاجاً على زيارة نتنياهو للولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

إيطاليا تعين سفيراً لدى سوريا

وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني (أرشيفية - إ.ب.أ)
وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

إيطاليا تعين سفيراً لدى سوريا

وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني (أرشيفية - إ.ب.أ)
وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني (أرشيفية - إ.ب.أ)

أعلن وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني، الجمعة، أن بلاده قررت تعيين سفير لدى سوريا «لتسليط الضوء» عليها، ما يجعل إيطاليا أول دولة من مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى التي تستأنف عمل بعثتها الدبلوماسية في دمشق منذ أن عصفت حرب أهلية بالبلاد.

استدعت إيطاليا جميع الموظفين من سفارتها بدمشق عام 2012، وعلقت النشاط الدبلوماسي في سوريا احتجاجاً على «العنف غير المقبول» من حكومة الرئيس بشار الأسد ضد المواطنين.

واستعاد الأسد السيطرة على معظم سوريا بعد أن ساعدته إيران وروسيا على هزيمة جماعات من المعارضة المسلحة، تحركت ضده قبل 13 عاماً، مما أدى إلى حرب راح ضحيتها مئات الآلاف ودفعت ملايين من اللاجئين صوب أوروبا.

وتم الإعلان عن تعيين المبعوث الخاص حالياً لوزارة الخارجية إلى سوريا، ستيفانو رافاجنان، سفيراً. وقال تاياني لوكالة «رويترز» إنه من المقرر أن يتولى منصبه قريباً.

أرسلت إيطاليا و7 دول أخرى في الاتحاد الأوروبي، الأسبوع الماضي، رسالة إلى مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد، جوزيب بوريل، تطلب أن يلعب التكتل دوراً أكثر فاعلية في سوريا.

وجاء في الرسالة التي اطلعت عليها «رويترز»: «لا يزال السوريون يغادرون بأعداد كبيرة، مما يزيد من الضغوط على الدول المجاورة، في فترة يتصاعد فيها التوتر في المنطقة، ما ينذر بخطر موجات جديدة من اللاجئين».

وإلى جانب إيطاليا، وقّعت النمسا وقبرص وجمهورية التشيك واليونان وكرواتيا وسلوفينيا وسلوفاكيا على الرسالة. وعبّرت عن أسفها إزاء «الوضع الإنساني» في البلاد الذي «زاد تدهوراً» في ظل بلوغ اقتصادها «حالة يرثى لها».

وقال تاياني، الجمعة: «كلف بوريل دائرة العمل الخارجي الأوروبي بدراسة ما يمكن القيام به»، مضيفاً أن تعيين سفير جديد «يتماشى مع الرسالة التي أرسلناها إلى بوريل... لتسليط الضوء على سوريا».

هناك 6 سفارات لدول في الاتحاد الأوروبي مفتوحة في الوقت الحالي بدمشق، وهي سفارات رومانيا وبلغاريا واليونان وقبرص وجمهورية التشيك والمجر. ولم تُقْدم باقي دول مجموعة السبع بعد، وهي الولايات المتحدة واليابان وبريطانيا وكندا وفرنسا وألمانيا، على خطوة إعادة تعيين سفراء لها لدى سوريا.