«الدبلوماسية الغامضة» تقرّب إيران أكثر من السلاح النووي

«نيويورك تايمز»: إنتاج القنبلة فعلياً يشكل تهديداً مميتاً لإسرائيل

مدير «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» رافائيل غروسي ورئيس «الطاقة الذرية» الإيرانية محمد إسلامي في أصفهان (أ.ف.ب)
مدير «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» رافائيل غروسي ورئيس «الطاقة الذرية» الإيرانية محمد إسلامي في أصفهان (أ.ف.ب)
TT

«الدبلوماسية الغامضة» تقرّب إيران أكثر من السلاح النووي

مدير «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» رافائيل غروسي ورئيس «الطاقة الذرية» الإيرانية محمد إسلامي في أصفهان (أ.ف.ب)
مدير «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» رافائيل غروسي ورئيس «الطاقة الذرية» الإيرانية محمد إسلامي في أصفهان (أ.ف.ب)

حذر مقال نشرته صحيفة أميركية من أن إيران صارت قادرة على تخصيب كمية كافية من اليورانيوم لصنع سلاح نووي في غضون «أسبوع أو أسبوعين»، وامتلاكه فعلياً في غضون «ستة أشهر فقط»، ما يمكن عدّه «تهديداً مميتاً» لإسرائيل، رغم «الدبلوماسية الغامضة» التي تمارسها طهران بشأن «العقيدة النووية».

ويعكس مقال نشرته صحيفة «نيويورك تايمز»، الجمعة، المخاوف المتزايدة في الأوساط الأميركية والدولية من احتمال توجه إيران نحو إنتاج قنبلة ذريّة في ظل تقلبات يشهدها الشرق الأوسط، خصوصاً بعد الهجمات المتبادلة بين إسرائيل وإيران الشهر الماضي.

وكان المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي قد سافر إلى إيران، الأسبوع الماضي، للاجتماع مع كبار المسؤولين هناك، من دون أن يدخل إلى محطة «نطنز» لأجهزة الطرد المركزي قيد الإنشاء تحت الأرض في أصفهان، وسط البلاد.

إجراءات ملموسة

وبعد الرحلة، أبلغ غروسي الصحافيين أن المسؤولين الإيرانيين مستعدون للمشاركة في «إجراءات ملموسة» يبدو أنها تستند إلى اتفاق جرى التوصل إليه العام الماضي لتوسيع التعاون والمراقبة، من دون أن يفصح عن التفاصيل.

وفي إشارة إلى القلق المتنامي من تخصيب اليورانيوم في إيران بدرجة 60 في المائة القريبة من درجة صنع الأسلحة النووية وغيره من الجهود لتطوير البرنامج النووي الإيراني بسرعة في ظل تراجع الرقابة من الهيئات المعنية في المجتمع الدولي، قال غروسي لصحيفة «الغارديان»، هذا الأسبوع: «إننا نقترب من وضع توجد فيه علامة استفهام كبيرة وهائلة حول ما يفعلونه ولماذا يفعلون ذلك».

المدير العام لـ«الوكالة الدولية للطاقة الذرية» رافائيل غروسي خلال مؤتمر صحافي في طهران (أ.ف.ب)

وجاء ذلك بعد تصعيد كبير بين إسرائيل وإيران تمثل في غارة جوية إسرائيلية دمرت مبنى قنصلياً إيرانياً في دمشق، وفي هجوم إيراني انتقامي بصواريخ باليستية ومسيرات ضد إسرائيل، ومن ثم في رد إسرائيلي بغارة جويّة دمرت «نظام إس 300» تستخدمه إيران لحماية مواقعها النووية.

وأشارت «نيويورك تايمز» إلى أن «إيران لا تعمل حالياً على صنع سلاح نووي»، لكنّ تقييماً استخبارياً أميركياً حديثاً تحدث عن «هناك علامات مثيرة للقلق» تمثل أبرزها في إعلان مسؤولين إيرانيين بارزين أن بلادهم «قد تجد نفسها مضطرة إلى تغيير عقيدتها النووية إذا أصبح وجودها مهدداً من إسرائيل»، طبقاً لتصريحات مستشار المرشد الإيراني كمال خرازي، التي نقلتها «وكالة أنباء الطلبة الإيرانية».

وخرازي كان يردد بالضبط ما نقلته وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني، في أبريل (نيسان) الماضي عن قائد كبير في «الحرس الثوري»، أن طهران «قد تراجع عقيدتها النووية» في ظل التهديدات الإسرائيلية، قبل أن تتراجع «الخارجية» الإيرانية عن تصريحات مماثلة.

الدبلوماسية الغامضة

وتذكّر الدبلوماسية الغامضة المعتمدة حالياً بأن الضمانات التي وضعت بعد اتفاق عام 2015 للحد من البرنامج النووي الإيراني، والمعروف رسمياً باسم «خطة العمل الشاملة المشتركة»، اختفت تقريباً بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق عام 2018، وازدياد حجب المعلومات عن وكالة الطاقة الدولية.

وكانت الوكالة قد أفادت، في أحدث تقرير لها في فبراير (شباط) الماضي، أنها فقدت ما تسميه «استمرارية المعرفة» في المجالات الرئيسية للبرنامج الإيراني، في وقت وسعت فيه طهران مخزونها الإجمالي من اليورانيوم المخصب، ومنعت زيارات مفتشي الوكالة. كما أزالت معدات المراقبة التي أورد التقرير أنها «كانت لها آثار ضارة على قدرة الوكالة على توفير ضمانات بشأن الطبيعة السلمية لبرنامج إيران النووي».

وبعدما قامت إيران بهذه الخطوات، صارت تحتاج على الأرجح إلى أسبوع أو أسبوعين لتخصيب كمية كافية من اليورانيوم لصنع سلاح نووي واحد على الأقل، وقد يستوجب الأمر وقتاً أطول بقليل، 6 أشهر فقط، بحسب أحد التقديرات، حتى تمتلك إيران سلاحاً نووياً أولياً.

ويخلص المقال إلى أن «حصول إيران على سلاح نووي سيشكل تهديداً مميتاً لإسرائيل، وربما يؤدي إلى المزيد من زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط». وحذر من أن ذلك يمكن أن يؤدي إلى دفع المنطقة نحو مزيد من سباق التسلح.


مقالات ذات صلة

غروسي: أود لقاء بزشكيان في أقرب فرصة

شؤون إقليمية إسلامي يتحدّث إلى غروسي على هامش مؤتمر «الاجتماع الدولي للعلوم والتكنولوجيا النووية» في أصفهان مايو الماضي (أ.ب)

غروسي: أود لقاء بزشكيان في أقرب فرصة

أعلن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، رغبته في زيارة طهران، خلال رسالة وجّهها إلى الرئيس الإيراني، مسعود بزشكیان.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية صورة نشرها موقع الرئيس الإيراني المنتخب مسعود بزشكيان على هامش استقباله لرجال دين الأربعاء

بزشكيان: لا يمكن إدارة إيران بالطريقة الحالية

قال الرئيس الإيراني المنتخب مسعود بزشكيان إن إدارة البلاد بالطريقة الحالية «غير ممكنة»، مشدداً على الحاجة إلى اتخاذ «قرارات صعبة».

عادل السالمي (لندن)
شؤون إقليمية صورة من فيديو لخطاب ظريف يدافع عن الاتفاق النووي خلال حملة بزشكيان (شبكات التواصل)

ظريف يتراجع عن انتقادات لقانون «استراتيجي» بعد تأييد خامنئي

قال ظريف إن بزشكيان مستعد لإجراء مفاوضات لإحياء الاتفاق النووي على أساس قانون «الخطوة الاستراتيجية لإلغاء العقوبات الأميركية»، في تراجع عن انتقادات سابقة.

عادل السالمي (لندن)
شؤون إقليمية وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ف.ب)

بلينكن: إيران تستطيع إنتاج مواد لصنع سلاح نووي خلال أسبوع أو اثنين

أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، اليوم (الجمعة)، أن إيران قادرة على إنتاج مواد انشطارية بهدف صنع قنبلة نووية «خلال أسبوع أو اثنين».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية صورة وزعتها «الذرية الإيرانية» لأجهزة طرد مركزي من الجيل السادس في معرض للصناعة النووية أبريل العام الماضي

واشنطن حذّرت طهران سراً بشأن أنشطة نووية مريبة

وجهت واشنطن الشهر الماضي تحذيراً سرياً لإيران تعبر فيه عن مخاوفها إزاء أنشطة بحث وتطوير إيرانية قد تُستخدم في إنتاج سلاح نووي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

غارات تركية على مواقع لـ«العمال» في كردستان العراق

تركيا أكدت استمرار «المخلب القفل» شمال العراق بالتنسيق مع بغداد وأربيل (الدفاع التركية)
تركيا أكدت استمرار «المخلب القفل» شمال العراق بالتنسيق مع بغداد وأربيل (الدفاع التركية)
TT

غارات تركية على مواقع لـ«العمال» في كردستان العراق

تركيا أكدت استمرار «المخلب القفل» شمال العراق بالتنسيق مع بغداد وأربيل (الدفاع التركية)
تركيا أكدت استمرار «المخلب القفل» شمال العراق بالتنسيق مع بغداد وأربيل (الدفاع التركية)

نفذت القوات التركية غارات جوية استهدفت مواقع لحزب «العمال» الكردستاني في مناطق شمال العراق، أسفرت عن تدمير 25 موقعاً، بينها نقاط تضم شخصيات قيادية.

وبحسب بيان لوزارة الدفاع التركية، فإن الغارات، التي نفذت ليل الجمعة – السبت، استهدفت إحباط هجمات «إرهابية» ولضمان أمن الحدود.

وأضافت الوزارة: «تم خلال تلك الغارات تدمير 25 هدفاً في كاره وقنديل وأسوس، بما في ذلك كهوف وملاجئ ومخازن ومنشآت يستخدمها (قادة إرهابيون)، وأسفرت عن مقتل عدد كبير من مسلحي (العمال) الكردستاني».

وتابعت الوزارة: «الحرب ضد الإرهاب ستستمر من أجل الحفاظ على أمن بلدنا وأمتنا بكل عزيمة وإصرار حتى يتم تحييد آخر إرهابي».

ولفت بيان الدفاع التركية إلى «اتخاذ جميع التدابير اللازمة خلال هذه العملية لضمان عدم تضرر الأبرياء، والعناصر الصديقة، والأصول التاريخية والثقافية، والبيئة».

تصعيد... ونقاط أمنية

وشهدت التحركات العسكرية التركية ضمن عملية «المخلب - القفل» المستمرة لأكثر من عامين في شمال العراق، تصعيداً منذ يونيو (حزيران) الماضي، ولا سيما في دهوك، إذ قامت القوات التركية المشاركة في العملية بنصب نقاط أمنية في مناطق عدة لملاحقة عناصر حزب «العمال»، إلى جانب قيامها بقصف بعض البلدات.

وبعد أن صرح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بأن القوات التركية ستكمل الحزام الأمني في شمال العراق، خلال الصيف، كما حدث في شمال سوريا، قال مسؤول بوزارة الدفاع، الأسبوع الماضي، إن «القفل يغلق»، في إشارة إلى قرب انتهاء عملية «المخلب - القفل» التي انطلقت في أبريل (نيسان) 2022.

وأضاف المسؤول العسكري، في إفادة صحافية، أن القوات التركية تواصل عملياتها الموجهة ضد حزب «العمال» الكردستاني في شمال العراق بنجاح، وأن هذه العمليات تجري بتنسيق مع الحكومة العراقية وإدارة إقليم كردستان العراق.

ولفت إلى أن «الأعمال الفنية الخاصة بإنشاء مركز للعمليات المشتركة مع العراق ضد (العمال) الكردستاني مستمرة دون أي مشكلات».

جنديان تركيان أثناء مسح كهوف تابعة للعمال الكردستاني شمال العراق (الدفاع التركية)

شكاوى من العراق

وتصاعدت الشكاوى، في الفترة الأخيرة، من جانب بغداد من عمليات توغل عسكري تركية واسعة. وكلف رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، بالتنسيق مع سلطات إقليم كردستان لبحث تداعيات التوغل التركي المتكرر في شمال العراق.

وأكد وزير الخارجية، فؤاد حسين، أن بلاده لم تمنح تركيا ضوءاً أخضر للقيام بعمليات في إقليم كردستان، وأن الحكومة بحاجة إلى مزيد من النقاشات الأمنية مع الأتراك مع الإقرار بأن» العمال الكردستاني» مشكلة عراقية أيضاً.

وندد مجلس الأمن الوطني بالتوغل التركي لأكثر من 40 كيلومتراً داخل الأراضي العراقية.

لكن الرئيس، رجب طيب إردوغان، قال، لاحقاً، إن أنقرة ترحب بالخطوات التي تتخذها بغداد وأربيل لمكافحة «تنظيم حزب العمال الكردستاني الإرهابي»، وتعتبرها جيدة لكن «غير كافية».

وأضاف أن وزارتي الدفاع وأجهزة الاستخبارات في كل من تركيا والعراق تتمتع بـ«علاقات تعاون جيدة».

وبشأن عملية «المخلب - القفل»، قال إردوغان: «بعد زيارتنا للعراق في أبريل الماضي، رأينا للمرة الأولى اتخاذ خطوات ملموسة للغاية على أرض الواقع في القتال ضد حزب (العمال) الكردستاني من جانب الإدارة العراقية».

وأضاف أن مجلس الأمن الوطني العراقي أعلن حزب «العمال» الكردستاني منظمة محظورة، والآن نرى انعكاسات ذلك على أرض الواقع، وبعد الزيارة، كان تعاون قواتنا الأمنية وإدارة أربيل أمراً يبعث على الارتياح، كما أننا نتعاون مع كل من وزارة الدفاع وأجهزة الاستخبارات في العراق، ولدينا علاقة جيدة.