إسرائيل تعاقب الأردن بـ«المياه» لمواقفه من حربها على غزة

رفضت تمديد الاتفاقية 5 سنوات وحددتها بـ6 شهور

توقيع الاتفاقية بجناح الإمارات في معرض «إكسبو 2020 دبي» (وام)
توقيع الاتفاقية بجناح الإمارات في معرض «إكسبو 2020 دبي» (وام)
TT

إسرائيل تعاقب الأردن بـ«المياه» لمواقفه من حربها على غزة

توقيع الاتفاقية بجناح الإمارات في معرض «إكسبو 2020 دبي» (وام)
توقيع الاتفاقية بجناح الإمارات في معرض «إكسبو 2020 دبي» (وام)

بعد مماطلات دامت أكثر من خمسة أشهر، وعلى خلفية الموقف الأردني الصارم ضد الحرب على قطاع غزة، رفضت الحكومة الإسرائيلية طلب عمان تمديد اتفاقية المياه لخمس سنوات، واكتفت بتمديدها ستة شهور حتى شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

وقد جاء هذا القرار بعد نقاشات طويلة داخل الحكومة الإسرائيلية، ساد فيها الإجماع على رفض التمديد خمس سنوات. ولكن هناك في الحكومة من طالب بتمديدها لسنة، مثل وزير الطاقة، إيلي كوهين، وهناك من طالب بعدم تمديدها بتاتاً؛ عقاباً للأردن على موقفه الرسمي والشعبي ضد الحرب الإسرائيلية والمظاهرات الصاخبة أمام مقر السفارة الإسرائيلية في العاصمة الأردنية (الفارغة من الدبلوماسيين والموظفين الإسرائيليين).

كما أن هناك سبباً آخر استخدمه المسؤولون الإسرائيليون لتبرير رفض التمديد، هو قرار الأردن في نوفمبر الماضي، تجميد الاتفاق الذي وقعه مع إسرائيل نهاية عام 2021 في دبي برعاية أميركية وتمويل من الإمارات، والذي يتم بموجبه التعاون في إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية في الأردن لصالح البلدين، مقابل إنشاء إسرائيل محطة لتحلية المياه لصالح الأردن.

وزير الطاقة الإسرائيلي، إيلي كوهين إيلي كوهين (د.ب.أ)

المعروف أن دول حوض الأردن ومنابعه تعاني من نقص في المياه؛ من سوريا شمالاً إلى الأردن وفلسطين ولبنان وإسرائيل. وقد كان هذا النقص من أسباب التوتر السياسي بينها. وفي عام 1953، بدأت إسرائيل تنفذ مشروعاً لحل مشكلتها في المياه عن طريق ما عرف باسم «المشروع القطري»، وفيه تحوّل قسطاً وافراً من منابع نهر الأردن وبحيرة طبريا إلى النقب الجنوبي بشكل أحادي الجانب. وخوفاً من التدهور إلى حرب مع الأطراف الأخرى، طرحت الولايات المتحدة في عام 1955 مشروعاً عرف باسم «خطة جونستون» لتوزيع المياه بين الدول الأربع.

تدشين محطة الرامة في الأغوار الجنوبية بالضفة صيف 2023 لرفع حجم الكهرباء المحوّلة من الأردن إلى الضفة (وفا)

لكن الخطة لم تلق قبولاً، وبدأت كل دولة تتصرف على حدة؛ فأقامت سوريا ولبنان سدوداً، وعادت إسرائيل إلى المشروع القطري، ثم شنت حرباً على سوريا (حرب الأيام الستة سنة 1967)، وسيطرت على الجولان الذي يحتوي على أهم مصادر مياه نهر الأردن (بانياس ومئات الجداول والينابيع ونهر اليرموك).

ومن خلال السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية وقطاع غزة، بعد احتلالهما، فرضت قيوداً مشددة على الموارد المائية الفلسطينية، وحوّلت ضفاف نهر الأردن إلى منطقة عسكرية مغلقة، وحرمت الفلسطينيين من المصدر الوحيد للمياه السطحية في الضفة الغربية.

حوض ماء جاف في قرية بردلة الفلسطينية في وادي الأردن شمالي الضفة الغربية (متداولة)

كما سنّ الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) عدداً من القوانين التي تقيّد وصول الفلسطينيين إلى المياه، وانتزعت السيطرة من الفلسطينيين على مصدر المياه الجوفية الوحيد في المنطقة، وهو الخزان الجوفي الجبلي. وقد منحت اتفاقيتا أوسلو لعامي 1993 و1995 الأمل للفلسطينيين باستعادة السيادة على مواردهم المائية، ومع ذلك، فإن الخطوط العريضة للاتفاقيتين لم يُصدّق عليها بالكامل بعد، ولا تزال إسرائيل تسيطر على غالبية موارد المياه الفلسطينية حتى اليوم.

وما يثير الاستهجان أن إسرائيل وجدت حلولاً جذرية لمشكلة النقص في المياه فيها، ومع ذلك تواصل استخدام المياه سلاحاً في حربها السياسية، فقد أقامت خمس محطات ضخمة لتحلية مياه البحر المتوسط. وهي تنتج نحو 750 مليون متر مكعب، تعادل 50 في المائة من احتياجاتها لمياه الشرب، وأقامت 87 محطة كبيرة لمعالجة المياه العادمة، تتمكن من تحويلها إلى مياه ري بحجم 503.3 مليون متر مكعب سنوياً.

ألواح لتوليد الطاقة الشمسية بالعاصمة الأردنية عام 2018 (أ.ف.ب)

وبموجب اتفاقية السلام الموقعة بين الجانبين في عام 1994، تزوّد إسرائيل الأردن بـ50 مليون متر مكعب سنوياً من مياه بحيرة طبريا، يتم نقلها عبر قناة الملك عبد الله إلى المملكة، مقابل سنت واحد لكل متر مكعب. وتم زيادة هذه الكمية إلى 105 ملايين متر مكعب في اتفاقية أخرى عام 2010.

ورغم كل ما سبق، تحاول إسرائيل استخدام هذه الاتفاقية سوطاً بمواجهة السياسة الأردنية؛ ففي كل مرة يصدر عن عمان موقف سياسي لا يعجب حكومة نتنياهو، تهدد به. وفي ظل حكومة نفتالي بنيت في 2021، تم التوقيع على اتفاقية ثابتة في الموضوع، كما تم توقيع اتفاق أكبر في دبي، لكن حكومة نتنياهو أعادت نبرة التهديد بسبب المواقف الأردنية الرافضة للحرب على غزة. ومنذ شهور وهي تهدد أنها «تدرس عدم تمديد اتفاقية المياه».

مظاهرات ضد حرب غزة في محيط السفارة الإسرائيلية بعمان مارس الماضي (رويترز)

إذاعة «كان 11»، قالت إن الحكومة الإسرائيلية منزعجة بشكل خاص من تصريحات المسؤولين الأردنيين البارزين، وفي مقدمتهم الملكة رانيا ووزير الخارجية أيمن الصفدي.

وقد أبقت إسرائيل التهديد مفتوحاً حتى اللحظة الأخيرة؛ إذ إن موعد انتهاء الاتفاقية لمضاعفة إمدادات المياه للأردن، ينتهي في مايو (أيار) الجاري. ورغم أن الأردن طالب بتمديد الاتفاقية لخمس سنوات، فإن إسرائيل وافقت على تمديدها نصف سنة فقط.


مقالات ذات صلة

مصر تستعرض خطتها لتعويض «عجز مائي» يقدَّر بـ54 مليار متر مكعب

شمال افريقيا سويلم خلال فعاليات «اليوم المصري - الألماني للتعاون التنموي» (وزارة الموارد المائية)

مصر تستعرض خطتها لتعويض «عجز مائي» يقدَّر بـ54 مليار متر مكعب

قال وزير الموارد المائية المصري هاني سويلم، الاثنين، إن بلاده تطبق خطة شاملة لتعظيم الاستفادة من مواردها المائية المحدودة.

محمد عبده حسنين (القاهرة)
علوم تعاني مناطق غرب تكساس من جفاف شديد

هل يمكن أن تكون مياه الصرف النفطية الحل للجفاف؟

خطط لاستخدام مياه استخراج النفط للزراعة

الاقتصاد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يقف مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورؤساء الدول الأخرى المشاركين بقمة «مياه واحدة» في الرياض لالتقاط صورة جماعية (أ.ف.ب) play-circle 01:27

ولي العهد: السعودية قدمت 6 مليارات دولار لدعم 200 مشروع إنمائي في 60 دولة

أكد ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، أن السعودية أدرجت موضوعات المياه «للمرة الأولى» ضمن خريطة عمل «مجموعة العشرين» خلال رئاستها في 2020.

الاقتصاد النائب الأول لوزير الموارد المائية والري في كازاخستان بولات بكنياز (الشرق الأوسط)

قمة في الرياض لبحث مستقبل المياه بالعالم

كشف مسؤول كازاخستاني عن ملامح قمة ثلاثية لتنظيم حدث عالمي في إطار «قمة المياه الواحدة»؛ إذ تنعقد برئاسة سعودية - كازاخية - فرنسية، وبدعم من البنك الدولي.

فتح الرحمان یوسف (الرياض)
الاقتصاد جلسات علمية و11 ورقة عمل في اليوم الثاني من مؤتمر الابتكار في استدامة المياه (الشرق الأوسط)

رئيسة «إيرث كابيتال»: السعودية تستثمر في التقنيات لتلبية احتياجاتها المائية

أكدت الرئيسة التنفيذية لـ«إيرث كابيتال» أن السعودية إحدى الدول التي تواجه تحديات مائية ضخمة، إلا أنها تلعب دوراً ريادياً في مواجهة هذه الأزمة.

أسماء الغابري (جدة)

مقتل 4 جراء اصطدام مروحية بمستشفى في تركيا

حطام مروحية اصطدمت بمستشفى في موغلا غرب تركيا (أ.ف.ب)
حطام مروحية اصطدمت بمستشفى في موغلا غرب تركيا (أ.ف.ب)
TT

مقتل 4 جراء اصطدام مروحية بمستشفى في تركيا

حطام مروحية اصطدمت بمستشفى في موغلا غرب تركيا (أ.ف.ب)
حطام مروحية اصطدمت بمستشفى في موغلا غرب تركيا (أ.ف.ب)

لقي 4 أشخاص حتفهم، جنوب غربي تركيا، اليوم (الأحد)، عندما اصطدمت طائرة مروحية للإسعاف بمبنى مستشفى، وتحطَّمت على الأرض.

وقالت وزارة الصحة، في بيان، إن الطائرة المروحية كانت تُقلِع من مستشفى موغلا للتدريب والبحث، وعلى متنها طياران وطبيب وأحد العاملين بالمجال الطبي، وفقاً لوكالة «رويترز».

وقال إدريس أقبيق حاكم إقليم موغلا، للصحافيين، إن الطائرة المروحية اصطدمت أولاً بالطابق الرابع من مبنى المستشفى، ثم تحطمت على الأرض. ولم يُصَب أحد داخل المبنى أو على الأرض. ويجري التحقيق في سبب الحادث الذي وقع وسط ضباب كثيف.

وأظهرت لقطات من موقع الحادث حطاماً متناثراً في المنطقة خارج مبنى المستشفى، مع وجود عدد من سيارات الإسعاف وفرق الطوارئ.