«الديمقراطيّ الكردستاني»: زيارة بارزاني لطهران «انعطافة مهمّة» في العلاقات الثنائية

تعهّد للإيرانيين بإنهاء وجود المنظّمات المعادية لهم في كردستان العراق

خامنئي يستقبل رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني (موقع المرشد الإيراني)
خامنئي يستقبل رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني (موقع المرشد الإيراني)
TT

«الديمقراطيّ الكردستاني»: زيارة بارزاني لطهران «انعطافة مهمّة» في العلاقات الثنائية

خامنئي يستقبل رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني (موقع المرشد الإيراني)
خامنئي يستقبل رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني (موقع المرشد الإيراني)

قال مصدر في الحزب «الديمقراطي الكردستاني» إن زيارة رئيس إقليم كردستان العراق، نيجيرفان بارزاني، لطهران «ستُمثّل انعطافة مهمّة في علاقة الإقليم بإيران بعد سنوات من البرود».

كان بارزاني قد وصل إلى طهران، يوم الأحد الماضي، في زيارة هي الخامسة له في أقل من عام. وذكرت وسائل إعلام إيرانية أن الرئيس إبراهيم رئيسي أكد، خلال اجتماعه معه، الاثنين، أن بلاده «تتوقع من الإقليم منع استغلال أراضيه» ضدها.

الرئيس الإيراني يستقبل نيجيرفان بارزاني والوفد المرافق له (الرئاسة الإيرانية)

وقال المصدر، في تصريح خاص لـ«وكالة أنباء العالم العربي»: «قناعات طهران بوجود مكاتب لجهات مُعادية لها في إقليم كردستان العراق تقف وراء حوادث أمنيّة في بعض المدن الإيرانية، كانت عامل توتر مستمر، ونتج عنها أن قامت إيران بقصف عدّة مواقع في محافظة أربيل».

واستهلّ بارزاني زيارته إلى طهران بتصريحات قال فيها إن «دعم إيران للأكراد، سواء في عهد نظام صدّام (الرئيس العراقي السابق صدّام حسين)، أم في مجزرة حلبجة أم هجوم داعـش، تُثبت أن إيران هي سند وصديق كبير في الأيّام الصعبة التي يمرّ بها العراق وكردستان».

وقال المصدر إن لقاءات بارزاني مع المسؤولين الإيرانيين «كانت عبارة عن جلسات مصارحة عن التداخلات الدولية المعقّدة على ساحة الإقليم، يمتدّ أغلبها إلى عشرات السنين، وساهم النظام السابق بشكل كبير فيها... أبلغهم (بارزاني) أنّ عمليّة تصفية هذه التعقيدات تحتاج إلى وقت ودعم من دول جوار العراق».

رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني (أرشيفية - أ.ب)

ووفق المصدر، فإنّ رئيس الإقليم «تعهّد للإيرانيين بإنهاء وجود المنظّمات المعادية لهم في كردستان العراق، من خلال تشكيل لجان أمنيّة مشتركة لتحديد مصادر التهديدات الأمنيّة داخل مُدن الإقليم، وأخرى لمنع أيّ عمليات تسلّل عبر الحدود المشتركة».

وكان رئيس «ديوان رئاسة إقليم كردستان العراق» فوزي حريري، قد قال، في تصريح صحافيّ، عند مغادرة بارزاني أربيل إلى طهران، يوم الأحد الماضي: «نحن لن نسمح بأن يكون هناك تهديد من إقليم كردستان، لإيران أو تركيا أو سوريا».

وقال كفاح محمود، المستشار الإعلامي لرئيس الحزب «الديمقراطي الكردستاني»، في تصريح سابق لـ«وكالة أنباء العالم العربي»، إن الاتفاقيّة الأمنيّة، التي وُقّعت في الآونة الأخيرة بين طهران وبغداد، بوجود ممثّلي إقليم كردستان، أكدت للجانب الإيراني أنّه «جرى إبعاد تلك العناصر التي يُفترض أنّها كانت تقوم بتلك العمليّات عن المناطق الحدوديّة إلى عمق كردستان».

صورة وزعتها «وكالة فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» لإطلاق صاروخ إيراني باتجاه كردستان في سبتمبر 2022 (أ.ف.ب)

وذكر بيان عن «رئاسة إقليم كردستان»، تناقلته وسائل إعلام كرديّة، أن بارزاني اجتمع، الثلاثاء، مع القائد العام لـ«الحرس الثوري» الإيراني، حسين سلامي، في طهران، حيث بحثا «علاقات إيران مع العراق والإقليم، خصوصاً في المجال الأمني».

وأوضح البيان أن الجانبين شدّدا على أهميّة مواصلة تعزيز التعاون والتنسيق بين الجهات المعنيّة في إيران مع العراق والإقليم للحفاظ على الأمن والاستقرار على الحدود، ومكافحة التهديدات الأمنيّة من أيّ جانب، وناقشا أيضاً تأثير وعواقب الصراع في الشرق الأوسط على الوضع في المنطقة.

وحول ما ستُقدّمه طهران للإقليم، تحدّث المصدر، الذي طلب عدم نشر اسمه، أن «من القادة الإيرانيّين من قام بالتوسّط لدى بغداد لإيجاد حلول بشأن المشكلات العالقة بين الإقليم والحكومة والبرلمان الاتحاديين، وأيضاً لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء الأكراد».

وكان جبار ياور، عضو المجلس القياديّ في حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني»، قد أفاد، قبل الزيارة، بأن الخلافات السياسية في الإقليم والقضايا الاقتصادية وأمن الحدود ستكون ضمن أجندة بارزاني. وقال: «هذا أمر مهمّ جداً لإيران... الإيرانيّون كثيراً ما لعبوا دوراً في حلّ الخلافات بين الأحزاب الكرديّة، وأيضاً بين الإقليم والحكومة الاتحادية».

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني متوسطاً مسعود بارزاني (يسار) ونيجيرفان بارزاني (أرشيفية - أ.ف.ب)

ويرى المستشار الإعلامي لرئيس «الحزب الديمقراطي»، «أنّ الإيرانيّين يدركون جيّداً أن مصالحهم كبيرة جداً في إقليم كردستان، خصوصاً أنها سوق استراتيجية لبضائعهم؛ وهناك أكثر من عشرة مليارات من الدولارات سنويّاً من صادراتها واستثماراتها فيه، وهو يُعدّ بوّابتها إلى العراق وإلى الخليج».

وتوقّع كفاح محمود أن تنتقل العلاقات بين إيران وإقليم كردستان إلى «مرحلة استراتيجية»، قائلاً إن زيارة بارزاني ربما سيتمخض عنها «صفحة جديدة في العلاقات تُنهي التشنجات، وتنتقل إلى مرحلة استراتيجية في التعامل أو التعاون بين طهران وأربيل».

وأشار إلى وجود أربعة منافذ تجاريّة واقتصاديّة على الحدود بين إيران وإقليم كردستان، قائلاً إنّ «من مصلحة الطرفين أن تكون العلاقات إيجابيّة، وأنا أعتقد أن الزيارة فتحت آفاقاً جديدة لعلاقات متميزة بين إيران وإقليم كردستان».

وسط أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق (رويترز)

ووصف رئيس إقليم كردستان علاقات الإقليم مع طهران بـ«التاريخية»، وأكد، في مؤتمر صحافيّ بطهران، الثلاثاء، أنه جرى الاتفاق مع المسؤولين الإيرانيين على «آلية لحل المشاكل».

وذكرت شبكة «رووداو» الكرديّة أن بارزاني شدد على أن «سياسة الإقليم الثابتة هي البقاء عامل استقرار في المنطقة».

وحول ما إذا كان قد جرى التوصل إلى اتفاقيات أو تفاهمات مهمة خلال الزيارة، قال محمود: «نحن نقع ضمن الدولة الاتحادية العراقية، وهذه الاتفاقيات تُوقّع عادة في بغداد، ولكن بالتأكيد يحصل الإقليم على حصة الأسد فيها».


مقالات ذات صلة

انطلاق الحملات الانتخابية لبرلمان كردستان العراق

المشرق العربي مسؤولون في مفوضية الانتخابات خلال إعلان انطلاق الحملات الانتخابية في كردستان (موقع المفوضية)

انطلاق الحملات الانتخابية لبرلمان كردستان العراق

انطلقت، الأربعاء، الحملات الدعائية لانتخابات برلمان إقليم كردستان العراق المقرر إجراؤها في 20 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي محمد الحلبوسي مترئساً إحدى جلسات البرلمان العراقي (رويترز)

سجال بين الحلبوسي وكردستان على مدافع أميركية لـ«البيشمركة»

أعاد رئيس البرلمان السابق وحزب «تقدم» محمد الحلبوسي، التذكير بموقفه الرافض لتسليح قوات «البيشمركة» الكردية بمدافع قصيرة المدى.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي نظام «تشيونغونغ-2» الكوري الجنوبي للدفاع الجوي (موقع مدونة الدفاع)

العراق يتعاقد على منظومة للدفاع الجوي من كوريا الجنوبية

تعاقد العراق مع شركة كورية جنوبية لشراء نظام الدفاع الجوي والصاروخي الباليستي، بينما دافعت وزارة الدفاع عن قرار تزويد قوات «البيشمركة» الكردية بمدافع أميركية.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي قوات من «البيشمركة» الكردية خلال احتفال في أربيل عاصمة إقليم كردستان 22 يونيو 2023 (أ.ف.ب)

«مدافع البيشمركة» تثير جدلاً واسعاً في العراق

أثارت مدافع «هاوتزر» منحتها وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إلى قوات البيشمركة الكردية جدلاً واسعاً في العراق خلال اليومين الأخيرين.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي لقطة من مقطع فيديو يُظهر أنقاض مبنى في سكينية بشمال العراق تعرّض لغارة جوية عام 2021 (رويترز)

تركيا تعلن تحييد 19 عنصراً من حزب العمال الكردستاني شمال العراق

أعلنت وزارة الدفاع التركية، اليوم الجمعة، تحييد 19 عنصراً من تنظيم حزب العمال الكردستاني «بي كيه كيه» الانفصالي، في غارات جوية بشمال العراق.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)

تقرير: الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل يثير تساؤلات حول ترسانة طهران

القبة الحديدية تتصدى للصواريخ الإيرانية التي استهدفت العمق الإسرائيلي (أ.ف.ب)
القبة الحديدية تتصدى للصواريخ الإيرانية التي استهدفت العمق الإسرائيلي (أ.ف.ب)
TT

تقرير: الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل يثير تساؤلات حول ترسانة طهران

القبة الحديدية تتصدى للصواريخ الإيرانية التي استهدفت العمق الإسرائيلي (أ.ف.ب)
القبة الحديدية تتصدى للصواريخ الإيرانية التي استهدفت العمق الإسرائيلي (أ.ف.ب)

سلّطت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية الضوء على الصواريخ المستخدمة في الهجوم الذي شنّته إيران على إسرائيل، الثلاثاء، وقالت إن الهجوم أثار تساؤلات بعض المحللين حول قيمة الترسانة التي تملكها طهران.

وهذا الهجوم الثاني الذي تشنّه إيران ضد إسرائيل بشكل مباشر، وتميز بمداه الواسع وتأثيره المحدود، وأعطت طهران تحذيراً قبل إطلاق ما لا يقل عن 180 صاروخاً «باليستياً» على إسرائيل.

ويُظهر تحليل للصحيفة أن ما لا يقل عن 20 صاروخاً نجحت في اختراق الدفاعات الإسرائيلية، وقال إنه عدد يعد أكبر بكثير من الهجوم السابق في أبريل (نيسان)، حيث تسبب بعضها في أضرار في المواقع العسكرية والاستخباراتية الإسرائيلية أو بالقرب منها، ولكن حتى الآن كانت التقارير عن الأضرار الجسيمة على الأرض محدودة، وفقاً للصحيفة.

وذكرت «واشنطن بوست» أن الأدلة تشير إلى أن إيران استخدمت أسرع صواريخها وعدداً أكبر من منصات الإطلاق مما يعرفه الخبراء أنها تمتلكه، كما ذكرت وسائل الإعلام الرسمية أن إيران استخدمت صاروخاً «باليستياً» متقدماً لم يستخدم من قبل.

ويوفر هجوم هذا الأسبوع والهجوم الذي سبقه معلومات غير مسبوقة للتعرف على مدى قدرات إيران، وقدرة إسرائيل على اعتراضها.

وقال بعض الخبراء إن تحليلات المعلومات تُشكك في قيمة ترسانة طهران الصاروخية، التي قدر المسؤولون الأميركيون أنها الأكبر في الشرق الأوسط.

استعراض للقوة

كان هجوم هذا الأسبوع ملحوظاً في اختلافه عن الهجوم الصاروخي الأول على إسرائيل.

وذكرت وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية أن هذه الخطوة كانت رداً على ضربة إسرائيلية على مجمع دبلوماسي إيراني في سوريا، وقعت قبل أكثر من أسبوعين.

واستخدمت إيران أكثر من 300 صاروخ وطائرة من دون طيار في ذلك الهجوم (نحو 170 طائرة دون طيار)، وفقاً للتقييمات الأميركية، و150 صاروخاً، 30 منها صواريخ «كروز»، وصواريخ «باليستية».

ويقول المحللون إن إيران أمضت أياماً في الإعلان عن نياتها، ما سمح لإسرائيل وحلفائها بالاستعداد، مستخدمةً صواريخ بطيئة يمكن التقاطها، ويبدو أن بعضها قد فشل.

ومع ذلك، قال المحللون إن الهجوم يحمل مخاطر حقيقية، وذكر جون كرزيزانياك، الباحث الذي يدرس برامج الأسلحة الإيرانية في مشروع «ويسكونسن» للحد من الأسلحة النووية: «في كل مرة تطلق فيها 300 ذخيرة على دولة أخرى، فإنك تنوي إحداث بعض الأضرار الحقيقية».

وإذا كانت الضربة الأولى لإيران على إسرائيل لإظهار القوة، فإن هذا الأسبوع بدا أنها كانت تنوي توجيه ضربة أكثر أهمية، كما تظهر الأدلة.

ولقد تضررت مكانة طهران بسبب الهجمات الإسرائيلية على «حزب الله» و«حماس».

وقالت إيران إن ضربة الثلاثاء كانت ردّاً على مقتل حسن نصر الله، زعيم «حزب الله»، في بيروت أواخر الشهر الماضي، وزعيم حماس إسماعيل هنية، في طهران في يوليو (تموز).

وذكر بهنام بن طالبلو، من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات: «أرادوا غسل الدم بالدم».

وقال بعض المحللين إن إيران ربما استخدمت صواريخ أكثر حداثة، ما يعني أنه يمكن إطلاقها بسرعة، دون الحاجة إلى تزويدها بالوقود أولاً.

وأفادت وسائل الإعلام الحكومية الإيرانية بأن إيران استخدمت صواريخ بعيدة المدى، ويعتقد أنها استُخدمت أيضاً لأول مرة صواريخها الأكثر تقدماً «فرط صوتية» من طراز «فاتح»، حسبما ذكرت وكالة «مهر» للأنباء.

وكشفت إيران عن الصاروخ «فاتح» العام الماضي، وقال الخبراء إنه لا يفي بالمعايير نفسها التي توصف بها الأسلحة الغربية بأنها فرط صوتية القدرة على المناورة، لكنه يتمتع ببعض القدرة على المناورة التي يمكن أن تساعد في التهرب من الدفاعات الصاروخية.

وأفادت وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية بأن 90 في المائة من الصواريخ وصلت إلى هدفها، وفي حين قال المحللون إن هذه مبالغة، تشير الأدلة إلى أن عدداً أكبر بكثير وصل إلى إسرائيل مقارنة بشهر أبريل.

منظومة القبة الحديدية الإسرائيلية تعترض الصواريخ كما شوهدت من عسقلان (رويترز)

ووجد تحليل أجرته صحيفة «واشنطن بوست» لصور الأقمار الصناعية أن ما لا يقل عن 20 صاروخاً ضربت أو اقتربت من موقعين عسكريين وموقع استخباراتي.

ومن المتوقع على نطاق واسع أن ترد إسرائيل بضربات من جانبها، وقال المسؤولون الإيرانيون إن بلادهم سترد بالمثل.

لكن أفشون أوستوفار، أستاذ شؤون الأمن القومي في كلية الدراسات العليا البحرية في كاليفورنيا، قال إن التهديدات الإيرانية أصبحت أضعف بسبب ضرباتها «يحاول المسؤولون الإيرانيون وصف نار الجحيم التي سيهطلونها على إسرائيل إذا ردّت إسرائيل، وهذا ليس تهديداً موثوقاً به كما كان من قبل».