قال
كان بارزاني قد وصل إلى طهران، يوم الأحد الماضي، في زيارة هي الخامسة له في أقل من عام. وذكرت وسائل إعلام إيرانية أن الرئيس إبراهيم رئيسي أكد، خلال اجتماعه معه، الاثنين، أن بلاده «تتوقع من الإقليم منع استغلال أراضيه» ضدها.
وقال المصدر، في تصريح خاص لـ«وكالة أنباء العالم العربي»: «قناعات طهران بوجود مكاتب لجهات مُعادية لها في إقليم كردستان العراق تقف وراء حوادث أمنيّة في بعض المدن الإيرانية، كانت عامل توتر مستمر، ونتج عنها أن قامت إيران بقصف عدّة مواقع في محافظة أربيل».
واستهلّ بارزاني زيارته إلى طهران بتصريحات قال فيها إن «دعم إيران للأكراد، سواء في عهد نظام صدّام (الرئيس العراقي السابق صدّام حسين)، أم في مجزرة حلبجة أم هجوم داعـش، تُثبت أن إيران هي سند وصديق كبير في الأيّام الصعبة التي يمرّ بها العراق وكردستان».
وقال المصدر إن لقاءات بارزاني مع المسؤولين الإيرانيين «كانت عبارة عن جلسات مصارحة عن التداخلات الدولية المعقّدة على ساحة الإقليم، يمتدّ أغلبها إلى عشرات السنين، وساهم النظام السابق بشكل كبير فيها... أبلغهم (بارزاني) أنّ عمليّة تصفية هذه التعقيدات تحتاج إلى وقت ودعم من دول جوار العراق».
ووفق المصدر، فإنّ رئيس الإقليم «تعهّد للإيرانيين بإنهاء وجود المنظّمات المعادية لهم في كردستان العراق، من خلال تشكيل لجان أمنيّة مشتركة لتحديد مصادر التهديدات الأمنيّة داخل مُدن الإقليم، وأخرى لمنع أيّ عمليات تسلّل عبر الحدود المشتركة».
وكان رئيس «ديوان رئاسة إقليم كردستان العراق» فوزي حريري، قد قال، في تصريح صحافيّ، عند مغادرة بارزاني أربيل إلى طهران، يوم الأحد الماضي: «نحن لن نسمح بأن يكون هناك تهديد من إقليم كردستان، لإيران أو تركيا أو سوريا».
وقال كفاح محمود، المستشار الإعلامي لرئيس الحزب «الديمقراطي الكردستاني»، في تصريح سابق لـ«وكالة أنباء العالم العربي»، إن الاتفاقيّة الأمنيّة، التي وُقّعت في الآونة الأخيرة بين طهران وبغداد، بوجود ممثّلي إقليم كردستان، أكدت للجانب الإيراني أنّه «جرى إبعاد تلك العناصر التي يُفترض أنّها كانت تقوم بتلك العمليّات عن المناطق الحدوديّة إلى عمق كردستان».
وذكر بيان عن «رئاسة إقليم كردستان»، تناقلته وسائل إعلام كرديّة، أن بارزاني اجتمع، الثلاثاء، مع القائد العام لـ«الحرس الثوري» الإيراني، حسين سلامي، في طهران، حيث بحثا «علاقات إيران مع العراق والإقليم، خصوصاً في المجال الأمني».
وأوضح البيان أن الجانبين شدّدا على أهميّة مواصلة تعزيز التعاون والتنسيق بين الجهات المعنيّة في إيران مع العراق والإقليم للحفاظ على الأمن والاستقرار على الحدود، ومكافحة التهديدات الأمنيّة من أيّ جانب، وناقشا أيضاً تأثير وعواقب الصراع في الشرق الأوسط على الوضع في المنطقة.
وحول ما ستُقدّمه طهران للإقليم، تحدّث المصدر، الذي طلب عدم نشر اسمه، أن «من القادة الإيرانيّين من قام بالتوسّط لدى بغداد لإيجاد حلول بشأن المشكلات العالقة بين الإقليم والحكومة والبرلمان الاتحاديين، وأيضاً لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء الأكراد».
وكان جبار ياور، عضو المجلس القياديّ في حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني»، قد أفاد، قبل الزيارة، بأن الخلافات السياسية في الإقليم والقضايا الاقتصادية وأمن الحدود ستكون ضمن أجندة بارزاني. وقال: «هذا أمر مهمّ جداً لإيران... الإيرانيّون كثيراً ما لعبوا دوراً في حلّ الخلافات بين الأحزاب الكرديّة، وأيضاً بين الإقليم والحكومة الاتحادية».
ويرى المستشار الإعلامي لرئيس «الحزب الديمقراطي»، «أنّ الإيرانيّين يدركون جيّداً أن مصالحهم كبيرة جداً في إقليم كردستان، خصوصاً أنها سوق استراتيجية لبضائعهم؛ وهناك أكثر من عشرة مليارات من الدولارات سنويّاً من صادراتها واستثماراتها فيه، وهو يُعدّ بوّابتها إلى العراق وإلى الخليج».
وتوقّع كفاح محمود أن تنتقل العلاقات بين إيران وإقليم كردستان إلى «مرحلة استراتيجية»، قائلاً إن زيارة بارزاني ربما سيتمخض عنها «صفحة جديدة في العلاقات تُنهي التشنجات، وتنتقل إلى مرحلة استراتيجية في التعامل أو التعاون بين طهران وأربيل».
وأشار إلى وجود أربعة منافذ تجاريّة واقتصاديّة على الحدود بين إيران وإقليم كردستان، قائلاً إنّ «من مصلحة الطرفين أن تكون العلاقات إيجابيّة، وأنا أعتقد أن الزيارة فتحت آفاقاً جديدة لعلاقات متميزة بين إيران وإقليم كردستان».
ووصف رئيس إقليم كردستان علاقات الإقليم مع طهران بـ«التاريخية»، وأكد، في مؤتمر صحافيّ بطهران، الثلاثاء، أنه جرى الاتفاق مع المسؤولين الإيرانيين على «آلية لحل المشاكل».
وذكرت شبكة «رووداو» الكرديّة أن بارزاني شدد على أن «سياسة الإقليم الثابتة هي البقاء عامل استقرار في المنطقة».
وحول ما إذا كان قد جرى التوصل إلى اتفاقيات أو تفاهمات مهمة خلال الزيارة، قال محمود: «نحن نقع ضمن الدولة الاتحادية العراقية، وهذه الاتفاقيات تُوقّع عادة في بغداد، ولكن بالتأكيد يحصل الإقليم على حصة الأسد فيها».