تقديرات إسرائيلية أن نتنياهو روّج لأوامر اعتقاله في محكمة الجنايات

بقصد مكاسب سياسية للضغط على بن غفير وسموترتش والتحريض على السلطة الفلسطينية

نتنياهو متوسطاً وزير الدفاع يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هليفي في 23 أكتوبر 2023 (د.ب.أ)
نتنياهو متوسطاً وزير الدفاع يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هليفي في 23 أكتوبر 2023 (د.ب.أ)
TT

تقديرات إسرائيلية أن نتنياهو روّج لأوامر اعتقاله في محكمة الجنايات

نتنياهو متوسطاً وزير الدفاع يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هليفي في 23 أكتوبر 2023 (د.ب.أ)
نتنياهو متوسطاً وزير الدفاع يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هليفي في 23 أكتوبر 2023 (د.ب.أ)

في الوقت الذي أعلن فيه عن أن «الحكومة الإسرائيلية تدرس بقلق شديد احتمال إصدار المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي مذكرات اعتقال دولية ضد قادة من المستويين السياسي والعسكري»، وبدأت وسائل الإعلام العربية والغربية تتناول الموضوع بشكل درامي، كشفت أوساط سياسية في تل أبيب عن أن «المصدر الأول لهذا النبأ هو مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو»، معربة عن اعتقادها أن الهدف منه هو الضغط على حلفائه، أمثال الوزيرين، إيتمار بن غفير وبتسليل سموترتش، وغيرهما من قادة اليمين المتطرف.

وقالت هذه المصادر إن نتنياهو يتعرّض لحملة ضغوط شديدة من الإدارة الأميركية، بلغت أوجها في المكالمة الهاتفية مع الرئيس جو بايدن، والمظاهرات التي تجتاح الجامعات الأميركية وعائلات الأسرى التي تصعّد من خطابها ضده لكي يذهب باتجاه التوصل إلى صفقة لوقف النار وتبادل الأسرى، وفي الوقت نفسه يتعرض لضغوط من مجموعة كبيرة من المتطرفين في حزب الليكود، ومن بن غفير وسموترتش اللذين يهدّدان بالانسحاب من الحكومة. لذا ألقى القنبلة السياسية حول خطر صدور أوامر اعتقال دولية ضده وضد وزرائه ورئيس أركان الجيش كي يحرف النقاش إلى مسار آخر، فيقول: «تهددون بإسقاط الحكومة في وقت يتعرض فيها قادتها إلى خطر الاعتقال».

إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموترتش يحضران تجمعاً مع أنصارهما جنوب إسرائيل في أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)

وفي الوقت نفسه، يستغل الموضوع للتحريض على السلطة الفلسطينية، التي يتهمها بالوقوف وراء رفع قضايا ضد إسرائيل حول ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة والضفة الغربية، حتى قبل الحرب.

وكانت مصادر إعلامية في تل أبيب قد ذكرت نقلاً عن أوساط في الحكومة الإسرائيلية أنها تتوقع إصدار المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال ضد نتنياهو، وكذلك ضد وزير الدفاع، يوآف غالانت، ورئيس هيئة أركان الجيش هرتسي هليفي هذا الأسبوع.

وبحسب «القناة 12»، فإنه من المرجّح أن يتحقق سيناريو صدور أوامر الاعتقال الذي يتحضر له في مكتب رئيس الحكومة خلال الأسبوع المقبل. وقالت إن نتنياهو ووزير الشؤون الاستراتيجية في حكومته، رون دريمر، وكبار المسؤولين في وزارة الخارجية والنيابة العامة، يجرون اتصالات مكثفة خاصة مع واشنطن لمنع صدور مذكرات اعتقال كهذه.

وقالت صحيفة «معاريف»، إن نتنياهو يحاول بشكل غير مباشر الضغط على الرئيس الأميركي جو بايدن للتحرك بهذا الخصوص. ووفقاً للصحيفة، فإن هناك اعتقادا بأن صدور مذكرة الاعتقال مسألة وقت. وإنه «في نقاشات عاجلة جرت مؤخراً في مكتب رئيس الوزراء، برز قلق جدي بشأن مذكرات الاعتقال».

شبح المجاعة الذي يضرب غزة ويهدد بتفاقم المأساة الإنسانية (أ.ف.ب)

وأضافت: «من المرجح أن يتم إصدار مذكرات الاعتقال على خلفية الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، بالإضافة إلى تصريحات دول مختلفة بشأن انتهاك إسرائيل للقانون الدولي، فيما يتعلق بأوضاع السكان المدنيين في غزة وانتهاكات اتفاقية جنيف الرابعة».

وأفادت «القناة 11» للتلفزيون الرسمي، بأن مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، عقد يوم الأربعاء الماضي، جلسة سرية بحث خلالها احتمال صدور مذكرات اعتقال دولية بحق قيادات إسرائيلية سياسية وعسكرية، وتقرر اتخاذ سلسلة من الإجراءات تتمثل بإطلاق حملة ضغط دبلوماسية وتفعيل أدوات إسرائيل الدولية لمنع محكمة الجنائية الدولية من إصدار أوامر اعتقال.

الرئيس الأميركي جو بايدن خلال اجتماع مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب (أرشيفية - رويترز)

ولكن عدداً من كبار الخبراء الإسرائيليين قالوا إن أوامر الاعتقال هذه ليست جدية، وحتى لو صدرت فلن تكون فاعلة؛ إذ إن المسؤولين يتمتعون بحصانة دبلوماسية، ولكنها مؤذية من الناحية المعنوية والإعلامية؛ كونها ستضع إسرائيل في مصاف الدول المنبوذة وستزيد من الاعتداءات على اليهود في العالم وتشوش على الجهود لإقامة سلام إقليمي.

ونشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» تقريراً التقت خلاله مجموعة من الخبراء في القانون الدولي، أكدوا فيه أن المدعي العام في محكمة لاهاي، كريم أحمد خان، لم يتخذ قراراً بإصدار مذكرات اعتقال، وحتى لو قرر ذلك فــلكي يتحول قراره إلى مذكرات رسمية يحتاج إلى أشهر عدة. وإذا اتخذ القرار، فلا شيء يضمن أن ينفذ في الدول الغربية.

وأوضح الخبراء أن الإدارة الأميركية لا يمكن أن توافق على إصدار مذكرات اعتقال ضد قادة الجيش الإسرائيلي؛ ولذلك كله فإن المرجح هو ألا يكون هناك شيء جدي في موضوع الاعتقالات، وأن وراء الأمر توجد ألاعيب سياسية.


مقالات ذات صلة

الخارجية الفلسطينية: قرار إلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على ارتكاب الجرائم

المشرق العربي قوات إسرائيلية تقوم بتأمين مَسيرة للمستوطنين في البلدة القديمة بالخليل (وفا)

الخارجية الفلسطينية: قرار إلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على ارتكاب الجرائم

قالت وزارة الخارجية الفلسطينية، اليوم الجمعة، إن قرار إسرائيل إلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على ارتكاب المزيد من الجرائم.

المشرق العربي مستوطنون إسرائيليون في مستوطنة إيفياتار بالضفة الغربية (أ.ب)

هل يحقق ترمب حلم الضم الإسرائيلي؟

انضم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى وزرائه المنادين بفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية العام المقبل بعد تولي دونالد ترمب منصبه.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي الرئيس الفلسطيني محمود عباس والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال لقاء سابق في البيت الأبيض (صفحة الرئيس الفلسطيني عبر «فيسبوك»)

الرئيس الفلسطيني لترمب: مستعدون لتحقيق السلام العادل

أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في اتصال هاتفي مع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، استعداده لتحقيق السلام العادل القائم على أساس الشرعية الدولية.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
شؤون إقليمية فلسطيني في مخيم البريج يطلب من ترمب وقف الحرب على غزة (أ.ف.ب)

عودة ترمب: فرح في تل أبيب ومخاوف في رام الله

لا يضاهي فرح قادة الائتلاف الحاكم في إسرائيل بفوز الرئيس دونالد ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية، سوى فرح أنصاره في الولايات المتحدة.

كفاح زبون (رام الله)
العالم العربي فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)

محادثات «حماس» و«فتح» بالقاهرة إلى «مشاورات أوسع» بشأن «لجنة إدارة غزة»

مشاورات موسعة تتجه لها محادثات حركتي «حماس» و«فتح» بالقاهرة، بعد اتفاق أولي على تشكيل لجنة إدارة لقطاع غزة، واختلاف بشأن وضع إطار مؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

استطلاع رأي يعزز وضع نتنياهو في إنقاذ حكمه

أظهر استطلاع رأي (الجمعة) ارتفاع شعبية بنيامين نتنياهو بمقعدين في الكنيست المقبل (رويترز)
أظهر استطلاع رأي (الجمعة) ارتفاع شعبية بنيامين نتنياهو بمقعدين في الكنيست المقبل (رويترز)
TT

استطلاع رأي يعزز وضع نتنياهو في إنقاذ حكمه

أظهر استطلاع رأي (الجمعة) ارتفاع شعبية بنيامين نتنياهو بمقعدين في الكنيست المقبل (رويترز)
أظهر استطلاع رأي (الجمعة) ارتفاع شعبية بنيامين نتنياهو بمقعدين في الكنيست المقبل (رويترز)

على الرغم من أن الجمهور الإسرائيلي غيّر موقفه وأصبح أكثر تأييداً لاتفاق تهدئة مع لبنان، فإن وضع رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، لم يتحسن في استطلاعات الرأي مع قيامه بلعب دور الضحية أمام محكمة الجنايات الدولية في لاهاي. وارتفع بمقعدين اثنين خلال الأسبوع الأخير في استطلاعات الرأي، لكنه ظل بعيداً جداً عن القدرة على تشكيل حكومة.

فقد أشارت نتائج الاستطلاع إلى أن أغلبية 57 في المائة من الجمهور أصبحت تؤيد الجهود للتوصل إلى تسوية مع لبنان (بزيادة 12 في المائة عن الأسبوع الأسبق)، في حين أن نسبة 32 في المائة تؤيد موقف اليمين المعارض لهذه التسوية. وعندما سئل الجمهور كيف سيصوت فيما لو جرت الانتخابات اليوم، بدا أن هؤلاء المؤيدين ساهموا في رفع نتيجة نتنياهو من 23 إلى 25 مقعداً (يوجد له اليوم 32 مقعداً)، وفي رفع نتيجة أحزاب ائتلافه الحاكم من 48 إلى 50 مقعداً (يوجد له اليوم 68 مقعداً). وفي حالة كهذه، لن يستطيع تشكيل حكومة.

وجاء في الاستطلاع الأسبوعي الذي يجريه «معهد لزار» للبحوث برئاسة الدكتور مناحم لزار، وبمشاركة «Panel4All»، وتنشره صحيفة «معاريف» في كل يوم جمعة، أنه في حال قيام حزب جديد بقيادة رئيس الوزراء الأسبق، نفتالي بنيت، بخوض الانتخابات، فإن نتنياهو يبتعد أكثر عن القدرة على تشكيل حكومة؛ إذ إن حزب بنيت سيحصل على 24 مقعداً، في حين يهبط نتنياهو إلى 21 مقعداً. ويهبط ائتلافه الحاكم إلى 44 مقعداً. ويحظى بنيت بـ24 مقعداً، وتحصل أحزاب المعارضة اليهودية على 66 مقعداً، إضافة إلى 10 مقاعد للأحزاب العربية. وبهذه النتائج، فإن حكومة نتنياهو تسقط بشكل مؤكد.

وفي تفاصيل الاستطلاع، سئل المواطنون: «لو أُجريت الانتخابات للكنيست اليوم وبقيت الخريطة الحزبية كما هي، لمن كنتَ ستصوت؟»، وكانت الأجوبة على النحو التالي: «الليكود» برئاسة نتنياهو 25 مقعداً (أي إنه يخسر أكثر من خُمس قوته الحالية)، وحزب «المعسكر الرسمي» بقيادة بيني غانتس 19 مقعداً (يوجد له اليوم 8 مقاعد، لكن الاستطلاعات منحته 41 مقعداً قبل سنة)، وحزب «يوجد مستقبل» بقيادة يائير لبيد 15 مقعداً (يوجد له اليوم 24 مقعداً)، وحزب اليهود الروس «يسرائيل بيتنا» بقيادة أفيغدور ليبرمان 14 مقعداً (يوجد له اليوم 6 مقاعد)، وحزب اليسار الصهيوني «الديمقراطيون» برئاسة الجنرال يائير جولان 12 مقعداً (يوجد له اليوم 4 مقاعد)، وحزب «شاس» لليهود الشرقيين المتدينين بقيادة أرييه درعي 9 مقاعد (يوجد له اليوم 10 مقاعد)، وحزب «عظمة يهودية» بقيادة إيتمار بن غفير 8 مقاعد (يوجد له اليوم 6 مقاعد)، وحزب «يهدوت هتوراة» للمتدينين الأشكناز 8 مقاعد (يوجد له اليوم 7 مقاعد)، وتكتل الحزبين العربيين، الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة والحركة العربية للتغيير بقيادة النائبين أيمن عودة وأحمد الطيبي 5 مقاعد، والقائمة العربية الموحدة للحركة الإسلامية بقيادة النائب منصور عباس 5 مقاعد؛ أي إنهما يحافظان على قوتهما، في حين يسقط حزب «الصهيونية الدينية» بقيادة جدعون ساعر، وحزب التجمع الوطني الديمقراطي بقيادة سامي أبو شحادة، ولا يجتاز أي منهما نسبة الحسم التي تعادل 3.25 بالمائة من عدد الأصوات الصحيحة.

وفي هذه الحالة تحصل كتلة ائتلاف نتنياهو على 50 مقعداً، وتحصل كتل المعارضة على 70 مقعداً، منها 10 مقاعد للأحزاب العربية.

وأما في حالة تنافس حزب برئاسة نفتالي بنيت، فإن النتائج ستكون على النحو التالي: بنيت 24 مقعداً، و«الليكود» 21 مقعداً، و«المعسكر الرسمي» 14 مقعداً، و«يوجد مستقبل» 12 مقعداً، و«الديمقراطيون» 9 مقاعد، و«شاس» 8 مقاعد، و«يهدوت هتوراة» 8 مقاعد، و«إسرائيل بيتنا» 7 مقاعد، و«عظمة يهودية» 7 مقاعد، و«الجبهة/العربية» 5 مقاعد، و«الموحدة» 5 مقاعد. وفي هذه الحالة يكون مجموع كتل الائتلاف 44 مقعداً مقابل 76 مقعداً للمعارضة، بينها 10 مقاعد للأحزاب العربية.

وتعتبر هذه النتائج مزعجة لنتنياهو؛ ولذلك فإنه يسعى بكل قوته ليبقي على ائتلافه الحكومي، حتى نهاية الدورة الانتخابية في أكتوبر (تشرين الأول) 2026. وهو يدرك أن بقاءه في الحكم خلال السنتين القادمتين، مرهون باستمرار الحرب؛ لأنه مع وقف الحرب ستتجدد ضده حملة الاحتجاج الجماهيرية بهدف إسقاط حكومته وتبكير موعد الانتخابات. وقد ثبت له أن الحرب هي التي تمنع الإسرائيليين من الخروج للمظاهرات ضده بمئات الألوف، كما فعلوا قبل الحرب، مع أن العديد من الخبراء ينصحونه بفكرة أخرى، ويقولون إن وقف الحرب باتفاقات جيدة يقوّي مكانته أكثر، ويمكن أن يرفع أسهمه أكثر. وفي هذا الأسبوع، يقدمون له دليلاً على ذلك بالتفاؤل باتفاق مع لبنان.