تصاعد التوترات مع إسرائيل هل يدفع إيران لتطوير أسلحة «نووية»؟

صورة الأقمار الاصطناعية «بلانت لبس» من منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم على مسافة 120 كيلومتراً شمال أصفهان 4 الشهر الحالي (أ.ب)
صورة الأقمار الاصطناعية «بلانت لبس» من منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم على مسافة 120 كيلومتراً شمال أصفهان 4 الشهر الحالي (أ.ب)
TT

تصاعد التوترات مع إسرائيل هل يدفع إيران لتطوير أسلحة «نووية»؟

صورة الأقمار الاصطناعية «بلانت لبس» من منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم على مسافة 120 كيلومتراً شمال أصفهان 4 الشهر الحالي (أ.ب)
صورة الأقمار الاصطناعية «بلانت لبس» من منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم على مسافة 120 كيلومتراً شمال أصفهان 4 الشهر الحالي (أ.ب)

تصاعدت التحذيرات من احتمال لجوء طهران إلى أسلحة «رادعة» بشكل أكبر، بعد تبادلها الضربات مع إسرائيل، الأمر الذي أثار شكوكاً بشأن فاعلية الصواريخ الإيرانية في بلوغ أهدافها بالأراضي الإسرائيلية، فضلاً عن تستر طهران على إضرار أكبر منظومة رادار تحمي منشآت نووية حساسة.

وحاول المرشد الإيراني علي خامنئي في وقت سابق من هذا الشهر، التقليل من عدم إصابة الصواريخ الإيرانية أهدافها، عندما وصفه بـ«الموضوع الثانوي» في وقت سابق من هذا الشهر.

كما دفع المسؤولون الإيرانيون باتجاه التهوين من الرد الإسرائيلي الذي استهدف مطاراً عسكرياً في مدينة أصفهان، على خلاف صور الأقمار الاصطناعية التي أظهرت ضرراً بالغاً في منظومة الرادار الإيرانية، في ضربة محدودة تجنب وقوع حرب.

في هذا الصدد، نقلت «وول ستريت جورنال»، الأحد، عن خبراء نوويين اعتقادهم أن فشل الهجوم الإيراني في إلحاق ضرر بالمواقع العسكرية الإسرائيلية خلال هجمات هذا الشهر، «ربما يقنع طهران بضرورة السعي إلى الحصول على رادع أقوى».

وهز تصاعد التوترات مع إسرائيل، اعتقاد الخبراء بموقف المسؤولين الإيرانيين بأن تكاليف بناء قنبلة نووية تفوق الفوائد. وبوصفها قوة نووية تحظى بالقدرة على بناء أسلحة نووية في متناولها، فإن إيران تتمتع بالفعل بقوة ردع كبيرة من دون المجازفة بالحرب التي قد تشتعل إذا جرى الكشف عن محاولة لها لصنع قنبلة نووية.

وما يعزز المخاوف تصريحات مسؤولين إيرانيين، بإمكانية إعادة النظر في العقيدة النووية وكذلك امتلاك طهران أدوات صنع القنبلة من الناحية الفنية.

وفي مؤشر على تصاعد المخاوف الدولية، كرر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، السبت، موقف بلاده الرسمي بأن «طهران لا تخطط لامتلاك السلاح النووي، لأن المرشد علي خامنئي أفتى بتحريم ذلك».

وتحظى الأسابيع الأربعة المقبلة، بأهمية بالغة، نظراً لاحتمال زيارة غروسي إلى طهران، واحتمال إصداره تقريراً فصلياً قبل حلول شهر يونيو (حزيران)، حيث تنوي الدول الغربية، مناقشة تطورات البرنامج الإيراني بجدية أكبر خلال اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا.

وكان مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي قد أثار تساؤلات بشأن شفافية إيران مع الوكالة التابعة للأمم المتحدة في أعقاب تصريحات وردت على الرئيس السابق لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية، علي أكبر صالحي، نهاية فبراير (شباط) الماضي حول امتلاك بلاده جميع ما يلزم لتطوير قنبلة.

وقال غروسي الشهر الماضي إن «هناك خطاباً مقلقاً، ربما سمعتم مسؤولين كباراً في إيران يقولون إنه صار لديهم في الآونة الأخيرة كل العناصر اللازمة لصنع سلاح نووي».

وبعد الهجوم الإيراني على إسرائيل رداً على القصف الذي دمر قنصليتها في دمشق، أعرب غروسي عن قلقه من تعرض منشآت نووية إيرانية لضربات إسرائيل.

وبعد 24 ساعة، حذر العميد أحمد حق طلب، قائد وحدة «الحرس الثوري» المكلَّفة بحماية المنشآت النووية، من إعادة النظر في العقيدة والسياسة النووية، إذا تعرضت المنشآت الإيرانية لهجوم انتقامي تشنه إسرائيل.

وقال حق طلب في تصريحات تناقلتها وكالات رسمية إيرانية: «إذا أراد النظام الصهيوني استخدام التهديد بمهاجمة المراكز النووية بوصفه أداة ضغط فمن المحتمل مراجعة العقيدة والسياسات النووية للجمهورية الإسلامية، وتعديل الملاحظات المعلنة في السابق».

والأسبوع الماضي، عاد غروسي للتحذير من تراجع مستوى المراقبة الدولية في المنشآت الإيرانية، مؤكداً أن أمام طهران أسابيع وليس أشهراً للحصول على ما يكفي من مواد مشعة لتطوير أسلحة نووية، لكنه أضاف أن «هذا لا يعني أن إيران تمتلك أو ستمتلك سلاحاً نووياً في تلك الفترة الزمنية».

وفي اليوم نفسه، قال عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، النائب جواد كريمي قدوسي إن بلاده يفصلها أسبوع عن أول اختبار نووي إذا «صدر الأذن بذلك»، في تصريح فسرته وسائل إعلام إيرانية بأنه إشارة إلى احتمال تغيير فتوى المرشد الإيراني علي خامنئي.

ولاحقاً قال كريمي قدوسي في تصريح آخر، إن بلاده لديها القدرة على استخلاص اليورانيوم بنسبة 90 في المائة، خلال نصف يوم.

وفي هذا السياق، قال كبير الباحثين في «معهد دراسات الأمن الوطني» الإسرائيلي راز زيمت، لصحيفة «وول ستريت جورنال» إن «التصعيد بين إيران وإسرائيل قد يعزز الدعوات الإيرانية للتسلح؛ لذلك، في حين أن مخاطر مثل هذه الخطوة لا تزال تفوق المزايا، ثمة احتمال أكبر الآن عن أي وقت مضى أن تعيد القيادة الإيرانية النظر في نهجها النووي».

وأضاف زيمت: «التحديات في السيطرة على شبكة الوكلاء وتشغيلها، والتي لا تتوافق مصالحها دوماً مع مصالح طهران، يمكن أن تزيد هي الأخرى الضغوط على إيران للسعي للحصول على قنبلة نووية».

ومن جهته، قال ديفيد أولبرايت، رئيس المفتشين الدوليين في العراق خلال التسعينات والرئيس الحالي لمعهد العلوم والأمن الدولي في واشنطن إن «الأمر سيتطلب 6 أشهر فقط حتى تتمكن إيران من تصنيع عدد قليل من القنابل الأساسية التي يمكن توصيلها للهدف المطلوب بواسطة مقذوفات».

إسلامي يشرح لخامنئي مجسمات لسلسلة أجهزة الطرد المركزي يونيو الماضي (إرنا)

أما إريك بروير، المدير السابق لمجلس الأمن الوطني لمكافحة انتشار الأسلحة النووية، والذي يعمل حالياً في «مبادرة مكافحة التهديد النووي» فقد رأى أن التطورات الأخيرة «تثير احتمالاً مثيراً للقلق بأن تستنتج إيران أن قوة الردع الحالية لديها غير كافية، وأنها تحتاج بالفعل إلى أسلحة نووية. على حد علمنا، لم يقرر المرشد الأعلى بناء أسلحة نووية. وهذا يشير إلى اعتقاده أن إيران لا تحتاج إليها، أو أن مخاطر امتلاكها مرتفعة للغاية. وعلينا أن نعمل على إبقاء الأمر على هذا النحو».

وتقوم إيران بتخصيب اليورانيوم 60 في المائة، منذ أبريل (نيسان) 2021 في منشأة نطنز بأصفهان، حيث تعكف على حفر إنفاق تحت الجبال لنقل جزء كبير من عملية التخصيب إلى عمق الأرض. وبعد عام من منشأة نطنز، باشرت طهران تخصيب اليورانيوم بنسبة 60 في المائة، في منشأة فوردو، الواقعة تحت الجبال.

وتراجعت طهران عن تعهدها في الاتفاق النووي بتجميد عملية التخصيب في فوردو، ضمن خطوات كبيرة اتخذتها في مسار التخلي عن البرنامج النووي.


مقالات ذات صلة

إيران تصعّد مواجهتها مع «وكالة الطاقة الذرية»

شؤون إقليمية عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

إيران تصعّد مواجهتها مع «وكالة الطاقة الذرية»

صعّدت إيران مواجهتَها ضد «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، إذ أعلنت أمس أنَّها ستضع في الخدمة مجموعة من أجهزة الطرد المركزي «الجديدة والمتطورة»، وذلك رداً على

«الشرق الأوسط» (لندن – طهران)
شؤون إقليمية 
صورة وزعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية من مديرها العام رافائيل غروسي في مستهل اجتماعها الفصلي في فيينا

الغرب يطالب إيران بتدمير اليورانيوم عالي التخصيب «فوراً»

دعت بريطانيا وألمانيا وفرنسا، أمس (الخميس)، إيران إلى تدمير اليورانيوم عالي التخصيب بنسبة 60 في المائة «فوراً».

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

إيران ستستخدم أجهزة طرد مركزي متقدمة رداً على قرار «الطاقة الذرية» ضدها

قالت إيران إنها ستتخذ إجراءات عدة من بينها استخدام أجهزة طرد مركزي متقدمة، رداً على القرار الذي اتخذته «الوكالة الدولية للطاقة» الذرية مساء الخميس ضدها.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)

مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يصدر قراراً ضد إيران

اعتمد مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية مساء الخميس قراراً ينتقد رسمياً إيران بسبب عدم تعاونها بما يكفي فيما يتعلق ببرنامجها النووي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شؤون إقليمية  منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)

«عسكرة» النووي الإيراني في صلب المخاوف الغربية

«عسكرة» البرنامج النووي الإيراني في صلب المخاوف الغربية ومدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية حاول، دون طائل، تجنب التصعيد بين الغربيين وإيران.

ميشال أبونجم (باريس)

الأسباب التي تدفع إسرائيل لإبعاد فرنسا من لجنة الإشراف على وقف النار مع «حزب الله»

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً الخميس إلى الكونغرس التشيلي بمناسبة زيارته الرسمية إلى سانتياغو (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً الخميس إلى الكونغرس التشيلي بمناسبة زيارته الرسمية إلى سانتياغو (د.ب.أ)
TT

الأسباب التي تدفع إسرائيل لإبعاد فرنسا من لجنة الإشراف على وقف النار مع «حزب الله»

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً الخميس إلى الكونغرس التشيلي بمناسبة زيارته الرسمية إلى سانتياغو (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً الخميس إلى الكونغرس التشيلي بمناسبة زيارته الرسمية إلى سانتياغو (د.ب.أ)

لم تعلق فرنسا رسمياً على المعلومات الواردة من إسرائيل والتي تفيد بأن الطرف الإسرائيلي نقل إلى المبعوث الأميركي آموس هوكستين رفضه مشاركة فرنسا في اللجنة الدولية المطروح تشكيلها، بمشاركة الولايات المتحدة وفرنسا، للإشراف على تنفيذ القرار الدولي رقم 1701 الذي يعد حجر الأساس لوقف الحرب الدائرة بين إسرائيل و«حزب الله»، كما رفضها الربط بين وقف النار وإيجاد حلول للمشاكل الحدودية بينها وبين لبنان، إن بالنسبة للنقاط الخلافية المتبقية على «الخط الأزرق» أو بالنسبة لمزارع شبعا وكفرشوبا وقرية الغجر.

 

ماذا يريد نتنياهو؟

 

وجاء رفض تل أبيب بحجة أن باريس تنهج «سياسة عدائية» تجاهها، في الإشارة إلى التوتر الذي قام بين الطرفين منذ سبتمبر (أيلول) الماضي وكانت قمته دعوة الرئيس ماكرون إلى وقف تزويد إسرائيل بالسلاح، لكونه «الوسيلة الوحيدة لوقف الحرب»، ما عدّه رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو «عاراً» على فرنسا، كما حال اعتبار ماكرون أن ما تقوم به إسرائيل في غزة «مجازر». وجاء قرار الحكومة الفرنسية، مرتين، بمنع شركات دفاعية إسرائيلية من المشاركة بمعداتها في معرضين دفاعيين ثانيهما الشهر الماضي، ليزيد من التوتر الذي تفاقم مع التصرف «الاستفزازي» لعناصر أمن إسرائيليين بمناسبة زيارة وزير الخارجية جان نويل بارو لإسرائيل الأخيرة، وما تبعه من استدعاء السفير الإسرائيلي في باريس للاحتجاج رسمياً على ما حصل.

بيد أن ماكرون سعى لترطيب الأجواء مع نتنياهو من خلال إرسال إشارات إيجابية؛ منها الإعراب عن «تضامنه» مع إسرائيل بسبب ما تعرض له فريقها الرياضي في أمستردام، وحرصه لاحقاً على حضور مباراة كرة القدم بين فريقهما. كذلك لم توقف باريس تصدير مكونات عسكرية لإسرائيل بوصفها «دفاعية»، وتستخدم في إنشاء وتشغيل «القبة الحديدية» المضادة للصواريخ. كذلك، سمحت مديرية الشرطة، الأسبوع الماضي، بقيام مظاهرة أو تجمع في باريس بدعوة من مجموعات يهودية متطرفة منها. وبالتوازي مع المظاهرة، حصل احتفال ضم شخصيات يهودية من كثير من البلدان تحت عنوان «إسرائيل إلى الأبد»، وذلك رغم المطالبات بمنعها.

بيد أن ذلك كله لم يكن كافياً بنظر نتنياهو. وقال سفير فرنسي سابق لـ«الشرق الأوسط»، إن نتنياهو «وجد فرصة فريدة لإحراج فرنسا، لا بل الحط من قيمتها ومن دورها، وذلك برفض حضورها في اللجنة». ويضيف المصدر المذكور أن باريس «تتمتع بالشرعية الأهم والأقوى» لتكون طرفاً فاعلاً في اللجنة، باعتبار أن جنودها موجودون في لبنان منذ عام 1978، وأنها صاحبة فكرة إنشاء «اللجنة الرباعية» في عام 1996، التي أنهت آنذاك الحرب بين إسرائيل و«حزب الله»، حيث لعب وزير الخارجية الأسبق هيرفيه دو شاريت الدور الأكبر في وقفها. ويذكر المصدر أخيراً أن باريس قدمت مشروعاً لوقف الحرب، منذ بداية العام الحالي بالتوازي مع الجهود التي بذلها هوكستين، وما زال، وأن التنسيق بين الطرفين «متواصل». وأعاد المصدر إلى الأذهان أن ماكرون والرئيس بايدن أطلقا، منذ شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، وعلى هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، مبادرة مشتركة لوقف إطلاق النار والخوض في مباحثات لاحقة لتسوية الخلافات القائمة بين لبنان وإسرائيل والعودة إلى العمل جدياً بالقرار الدولي رقم 1701. ولاكتمال الصورة، تتعين الإشارة إلى أن «حزب الله» رفض مشاركة ألمانيا وبريطانيا، علماً بأن الأولى موجودة داخل «اليونيفيل»، لا بل إنها تشرف على قوتها البحرية، ما قد يدفع إلى اعتبار أن نتنياهو رفع «البطاقة الحمراء» بوجه فرنسا، ليبين من جهة حنقه، ومن جهة ثانية قدرته التعطيلية.

 

أوراق الرد الفرنسية

واضح أن رفض باريس من شأنه أن يشكل عقبة إضافية على طريق الحل، خصوصاً أن لبنان سيكون، بلا شك، متمسكاً بحضور باريس في اللجنة وهي الجهة التي يرتاح لها، ولكونها المتفهمة لمواقف الطرف اللبناني. لكن السؤال الحقيقي المطروح يتناول الهدف أو الأهداف الحقيقية لإسرائيل. وفي هذا السياق، ترى مصادر سياسية في باريس أن لنتنياهو عدة أغراض أساسية؛ أولها الإمساك بذريعة من شأنها تأخير الاتفاق وإعطائه الوقت الإضافي لمواصلة حربه على لبنان، والاقتراب أكثر فأكثر من تحقيق أهدافه وأولها مزيد من إضعاف «حزب الله»، واستمرار الضغط على السلطات اللبنانية للخضوع لمطالبه. أما الغرض الآخر فعنوانه «تدفيع ماكرون ثمناً سياسياً» لقبول بلاده في اللجنة، إذ سيكون على فرنسا أن «تستأذن» إسرائيل، وربما دفع باريس إلى تعديل بعض جوانب سياستها إزاء إسرائيل.

وبانتظار أن يرد رد فرنسي رسمي على البادرة العدائية الإسرائيلية، فإن من الواضح أن لفرنسا القدرة على اتخاذ تدابير «مزعجة» لإسرائيل في حال «توافرت الإرادة السياسية»، وفق ما يقوله مسؤول سابق. وتشمل مروحة الردود الجانبين الثنائي والجماعي الأوروبي. في الجانب الأول، يمكن لباريس أن توقف مبيعاتها العسكرية، رغم قلتها، إلى إسرائيل، أو أن تعمد إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية على غرار ما فعلته دول أوروبية أخرى، مثل إسبانيا وسلوفينيا وآيرلندا. وبمستطاع فرنسا أن تعبر عن موقف مماثل لموقف هولندا إزاء القرار الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية بالقبض على نتنياهو، وعلى وزير الدفاع السابق يوآف غالانت، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة.

وحتى اليوم، بدت ردة فعل باريس «باهتة» و«غامضة» فهي «أخذت علماً» بقرار المحكمة، وهي تؤكد تمسكها بعملها المستقل وفق أحكام نظام روما الأساسي، فضلاً عن ذلك، بإمكان باريس أن تلجأ إلى لغة دبلوماسية أكثر حزماً في إدانة الممارسات الإسرائيلية بغزة والضفة الغربية ولبنان، بما في ذلك استهداف المواقع الأثرية. وبالتوازي، يقول المسؤول السابق إنه «لا يمكن إغفال ما تستطيعه باريس على المستوى الأوروبي» مثل الدفع لوقف الحوار السياسي مع تل أبيب، أو لاتخاذ تدابير إضافية ضد الصادرات الإسرائيلية من المستوطنات في الضفة الغربية وتركيز الأضواء، مع آخرين على حل الدولتين.