إيران... انتقادات حادة لحكم الإعدام على مغني الراب توماج صالحي

توماج صالحي في إحدى أغنياته (يوتيوب)
توماج صالحي في إحدى أغنياته (يوتيوب)
TT

إيران... انتقادات حادة لحكم الإعدام على مغني الراب توماج صالحي

توماج صالحي في إحدى أغنياته (يوتيوب)
توماج صالحي في إحدى أغنياته (يوتيوب)

أثار إصدار حكم الإعدام على مغني الراب الإيراني المعارض، توماج صالحي، غضباً واسعاً في الأوساط الإيرانية، ومنظمات حقوق إنسان، وقوبل بانتقادات من عدة أطراف غربية.

وذكرت وسائل إعلام رسمية، الخميس، أن القضاء الإيراني أكد صدور حكم بإعدام صالحي، لكنه أشار إلى أنه يحق له تخفيف العقوبة.

وقال أمير رئيسيان، محامي صالحي، لصحيفة «شرق»، الأربعاء، إن محكمة «الثورة» الإيرانية المعنية بالاتهامات السياسية والأمنية، قضت بإعدام موكله لإدانته بتهم مرتبطة بالاحتجاجات الشعبية الحاشدة التي هزت البلاد في عامي 2022 و2023.

وألقي القبض على صالحي في أكتوبر (تشرين الأول) 2022 بعد الإدلاء بتصريحات علنية داعمة للاحتجاجات التي عمت البلاد وأشعل فتيلها وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني، التي كانت تبلغ من العمر 22 عاماً، بعد اعتقال شرطة الأخلاق بدعوى «سوء الحجاب».

وحُكم عليه عام 2023 بالسجن ست سنوات وثلاثة أشهر، لكنه نجا من عقوبة الإعدام بقرار من المحكمة العليا.

وأكدت إدارة الإعلام بالسلطة القضائية، الخميس، صدور حكم بإعدام صالحي للمرة الثانية لاتهامه «بالإفساد في الأرض»، موضحة أنه يحق للمتهم طلب تخفيف العقوبة بسبب «تعبيره عن الندم وتعاونه مع السلطات».

وأمام صالحي 20 يوماً للاستئناف على الحكم أمام المحكمة العليا. وذكرت إدارة إعلام السلطة القضائية أنه في حال تأييد الحكم فإن لجنة العفو بالسلطة القضائية ستراجع قضيته وقد تخفف العقوبة.

ورفضت المحكمة العليا الإيرانية في عام 2023 الاتهامات الموجهة لصالحي «بالإفساد في الأرض»، وهي جريمة يعاقب عليها بالإعدام في القوانين الإيرانية. إلا أن قرار المحكمة لم يُطبق، وهو ما وصفه محامي صالحي بأنه «إجراء غير مسبوق» من جانب القضاء.

واشتهر صالحي بإطلاق أغانٍ مثيرة للجدل تدعم الاحتجاجات العامة والإضرابات العمالية خلال السنوات الأخيرة. وحظيت أغنياته التي ينتقد فيها سياسات النظام الإيراني، مثل: «الحياة العادية» و«تركمانشاي» و«ثقب الفأر» بإشادة واسعة بين الإيرانيين.

وانتشر وسم «#حرروا توماج» على منصات التواصل الاجتماعي مثل منصة «إكس» وطالب روادها بالإفراج الفوري عنه.

وكتب المغني مهدي يراحي، الذي واجه بدوره حكماً بالسجن بسبب الاحتجاجات، عبر «إكس» أن «خبر إعدام توماج صالحي يشبه كوميديا سوداء بسبب افتقاره المفرط إلى الأسس... أطلقوا سراح أخي دون قيد أو شرط، لكي لا يحرق دخان هذه النار عيونكم».

وكتب الصحافي والناشط تقي رحماني، زوج الناشطة نرجس محمدي الحائزة على جائزة نوبل للسلام: «عطش حكم الموت والإعدام أصبح إدماننا للجهاز القضائي الإيراني... حكم الإعدام ضد توماج، إعدام للصوت الذي سيبقى... هذا الحكم مدان».

وقال المحامي سعيد دهقان، المقيم في طهران على منصة «إكس»: «في اليوم الذي صدر حكم الإعدام بحق توماج صالحي، بوصف الحكم أحد منتجات (الحرس الثوري) لا يزال جوزيب بوريل (مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي) يبحث عن أسس قانونية لفرض (الحرس الثوري) على قائمة الإرهاب، كل هذا بعد رؤية المنتجات السابقة، لهذا الجهاز المسلح والأمني - الإرهابي في إيران والشرق الأوسط وأوروبا وأميركا الشمالية والجنوبية».

ويتولى دهقان الدفاع عن محتجزين غربيين، بما في ذلك بعض مزدوجي الجنسية في طهران.

دولياً، استنكر مكتب المبعوث الأميركي الخاص إلى إيران هذا الحكم، واصفاً إياه في بيان على منصة «إكس» بأنه مثال على «الانتهاكات الوحشية التي يرتكبها النظام بحق مواطنيه، وتجاهل حقوق الإنسان، والخوف من التغيير الديمقراطي الذي يسعى إليه الشعب الإيراني».

ولاحقاً، أكّدت وزارة الخارجية الفرنسية أنّ عقوبة الإعدام الصادرة في حق مغني الراب الإيراني توماج صالحي «غير مقبولة».

وقالت الوزارة في بيان: «تدين فرنسا بشدّة هذا القرار، الذي يُضاف إلى أحكام الإعدام الكثيرة الأخرى وعمليات الإعدام غير المبرّرة المرتبطة باحتجاجات خريف 2022 في إيران»، حسبما أوردت «وكالة الصحافة الفرنسية».


مقالات ذات صلة

«الحرس الثوري» يلتزم الصمت بشأن مصير قاآني

شؤون إقليمية قاآني في المكتب التمثيلي لـ«حزب الله» مع مبعوث الحزب عبد الله صفي الدين بطهران الأحد الماضي (التلفزيون الرسمي)

«الحرس الثوري» يلتزم الصمت بشأن مصير قاآني

التزمت طهران الصمت إزاء تقارير تفيد بإصابة قائد «فيلق القدس» إسماعيل قاآني، وذلك وسط تأهب إيراني لرد إسرائيلي محتمل على هجوم صاروخي باليستي شنه «الحرس الثوري».

«الشرق الأوسط» (لندن-طهران)
المشرق العربي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي (رئاسة الحكومة)

مكتب ميقاتي ينفي أن يكون اجتماعه مع وزير خارجية إيران أمس عاصفاً

نفى المكتب الإعلامي لرئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، ما تم تداوله بشأن أن اجتماعه مع وزير خارجية إيران عباس عراقجي أمس كان عاصفاً.

«الشرق الأوسط» (بيروت )
شؤون إقليمية المرشح الرئاسي الجمهوري والرئيس السابق دونالد ترمب يتحدث في تجمع لحملته الانتخابية في نورث كارولاينا (رويترز) play-circle 00:56

ترمب يدعم ضرب «النووي» الإيراني… وإسرائيل لا تقدم ضمانات لبايدن

أرسلت وزارة الدفاع الأميركية(البنتاغون) مجموعة كبيرة من الأسلحة إلى المنطقة، ومنها حاملات طائرات ومدمرات بصواريخ موجهة وسفن هجومية برمائية وأسراب من المقاتلات.

علي بردى (واشنطن)
شؤون إقليمية تظهر صورة جوية قاعدة نيفاتيم الجوية بعد الهجوم الصاروخي الإيراني الأربعاء (رويترز)

إسرائيل تخطط لرد «جاد وذي تأثير» على الهجوم الباليستي الإيراني

قال مسؤولون عسكريون إسرائيليون إن الجيش يستعد لتوجيه ضربة لإيران ستكون «جادة وقاسية وذات تأثير كبير».

كفاح زبون (رام الله )
شؤون إقليمية وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (يسار) مع نظيره السوري بسام الصباغ (يمين) خلال اجتماع في دمشق (إ.ب.أ)

وزير خارجية إيران يزور دمشق... ويأمل نجاح مساعي وقف إطلاق النار في لبنان وغزة

جدّد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، اليوم (السبت)، من دمشق، التأكيد على أهمية التوصل إلى وقف لإطلاق النار في لبنان وغزة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

تقرير: الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل يثير تساؤلات حول ترسانة طهران

القبة الحديدية تتصدى للصواريخ الإيرانية التي استهدفت العمق الإسرائيلي (أ.ف.ب)
القبة الحديدية تتصدى للصواريخ الإيرانية التي استهدفت العمق الإسرائيلي (أ.ف.ب)
TT

تقرير: الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل يثير تساؤلات حول ترسانة طهران

القبة الحديدية تتصدى للصواريخ الإيرانية التي استهدفت العمق الإسرائيلي (أ.ف.ب)
القبة الحديدية تتصدى للصواريخ الإيرانية التي استهدفت العمق الإسرائيلي (أ.ف.ب)

سلّطت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية الضوء على الصواريخ المستخدمة في الهجوم الذي شنّته إيران على إسرائيل، الثلاثاء، وقالت إن الهجوم أثار تساؤلات بعض المحللين حول قيمة الترسانة التي تملكها طهران.

وهذا الهجوم الثاني الذي تشنّه إيران ضد إسرائيل بشكل مباشر، وتميز بمداه الواسع وتأثيره المحدود، وأعطت طهران تحذيراً قبل إطلاق ما لا يقل عن 180 صاروخاً «باليستياً» على إسرائيل.

ويُظهر تحليل للصحيفة أن ما لا يقل عن 20 صاروخاً نجحت في اختراق الدفاعات الإسرائيلية، وقال إنه عدد يعد أكبر بكثير من الهجوم السابق في أبريل (نيسان)، حيث تسبب بعضها في أضرار في المواقع العسكرية والاستخباراتية الإسرائيلية أو بالقرب منها، ولكن حتى الآن كانت التقارير عن الأضرار الجسيمة على الأرض محدودة، وفقاً للصحيفة.

وذكرت «واشنطن بوست» أن الأدلة تشير إلى أن إيران استخدمت أسرع صواريخها وعدداً أكبر من منصات الإطلاق مما يعرفه الخبراء أنها تمتلكه، كما ذكرت وسائل الإعلام الرسمية أن إيران استخدمت صاروخاً «باليستياً» متقدماً لم يستخدم من قبل.

ويوفر هجوم هذا الأسبوع والهجوم الذي سبقه معلومات غير مسبوقة للتعرف على مدى قدرات إيران، وقدرة إسرائيل على اعتراضها.

وقال بعض الخبراء إن تحليلات المعلومات تُشكك في قيمة ترسانة طهران الصاروخية، التي قدر المسؤولون الأميركيون أنها الأكبر في الشرق الأوسط.

استعراض للقوة

كان هجوم هذا الأسبوع ملحوظاً في اختلافه عن الهجوم الصاروخي الأول على إسرائيل.

وذكرت وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية أن هذه الخطوة كانت رداً على ضربة إسرائيلية على مجمع دبلوماسي إيراني في سوريا، وقعت قبل أكثر من أسبوعين.

واستخدمت إيران أكثر من 300 صاروخ وطائرة من دون طيار في ذلك الهجوم (نحو 170 طائرة دون طيار)، وفقاً للتقييمات الأميركية، و150 صاروخاً، 30 منها صواريخ «كروز»، وصواريخ «باليستية».

ويقول المحللون إن إيران أمضت أياماً في الإعلان عن نياتها، ما سمح لإسرائيل وحلفائها بالاستعداد، مستخدمةً صواريخ بطيئة يمكن التقاطها، ويبدو أن بعضها قد فشل.

ومع ذلك، قال المحللون إن الهجوم يحمل مخاطر حقيقية، وذكر جون كرزيزانياك، الباحث الذي يدرس برامج الأسلحة الإيرانية في مشروع «ويسكونسن» للحد من الأسلحة النووية: «في كل مرة تطلق فيها 300 ذخيرة على دولة أخرى، فإنك تنوي إحداث بعض الأضرار الحقيقية».

وإذا كانت الضربة الأولى لإيران على إسرائيل لإظهار القوة، فإن هذا الأسبوع بدا أنها كانت تنوي توجيه ضربة أكثر أهمية، كما تظهر الأدلة.

ولقد تضررت مكانة طهران بسبب الهجمات الإسرائيلية على «حزب الله» و«حماس».

وقالت إيران إن ضربة الثلاثاء كانت ردّاً على مقتل حسن نصر الله، زعيم «حزب الله»، في بيروت أواخر الشهر الماضي، وزعيم حماس إسماعيل هنية، في طهران في يوليو (تموز).

وذكر بهنام بن طالبلو، من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات: «أرادوا غسل الدم بالدم».

وقال بعض المحللين إن إيران ربما استخدمت صواريخ أكثر حداثة، ما يعني أنه يمكن إطلاقها بسرعة، دون الحاجة إلى تزويدها بالوقود أولاً.

وأفادت وسائل الإعلام الحكومية الإيرانية بأن إيران استخدمت صواريخ بعيدة المدى، ويعتقد أنها استُخدمت أيضاً لأول مرة صواريخها الأكثر تقدماً «فرط صوتية» من طراز «فاتح»، حسبما ذكرت وكالة «مهر» للأنباء.

وكشفت إيران عن الصاروخ «فاتح» العام الماضي، وقال الخبراء إنه لا يفي بالمعايير نفسها التي توصف بها الأسلحة الغربية بأنها فرط صوتية القدرة على المناورة، لكنه يتمتع ببعض القدرة على المناورة التي يمكن أن تساعد في التهرب من الدفاعات الصاروخية.

وأفادت وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية بأن 90 في المائة من الصواريخ وصلت إلى هدفها، وفي حين قال المحللون إن هذه مبالغة، تشير الأدلة إلى أن عدداً أكبر بكثير وصل إلى إسرائيل مقارنة بشهر أبريل.

منظومة القبة الحديدية الإسرائيلية تعترض الصواريخ كما شوهدت من عسقلان (رويترز)

ووجد تحليل أجرته صحيفة «واشنطن بوست» لصور الأقمار الصناعية أن ما لا يقل عن 20 صاروخاً ضربت أو اقتربت من موقعين عسكريين وموقع استخباراتي.

ومن المتوقع على نطاق واسع أن ترد إسرائيل بضربات من جانبها، وقال المسؤولون الإيرانيون إن بلادهم سترد بالمثل.

لكن أفشون أوستوفار، أستاذ شؤون الأمن القومي في كلية الدراسات العليا البحرية في كاليفورنيا، قال إن التهديدات الإيرانية أصبحت أضعف بسبب ضرباتها «يحاول المسؤولون الإيرانيون وصف نار الجحيم التي سيهطلونها على إسرائيل إذا ردّت إسرائيل، وهذا ليس تهديداً موثوقاً به كما كان من قبل».