الأوروبيون لفرض عقوبات جديدة على إيران تستهدف برامج المسيرات والصواريخ

الرئيس الفرنسي يلعب دور رأس حربة التشدد إزاء طهران

الرئيس الفرنسي مع مساعده العسكري متأهباً لمؤتمره الصحافي في 18 أبريل في بروكسل (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي مع مساعده العسكري متأهباً لمؤتمره الصحافي في 18 أبريل في بروكسل (أ.ف.ب)
TT

الأوروبيون لفرض عقوبات جديدة على إيران تستهدف برامج المسيرات والصواريخ

الرئيس الفرنسي مع مساعده العسكري متأهباً لمؤتمره الصحافي في 18 أبريل في بروكسل (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي مع مساعده العسكري متأهباً لمؤتمره الصحافي في 18 أبريل في بروكسل (أ.ف.ب)

قطعاً، ستكون إيران مخطئة تماماً إذا رأت أن التصعيد بينها وبين إسرائيل وما له من تبعات على المستويين الإقليمي والدولي قد طويت صفحته أو أن تصريحات وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان في نيويورك، على هامش مشاركته في أعمال مجلس الأمن الخاصة بقبول فلسطين عضواً كامل العضوية في الأمم المتحدة، قد هدأت من روع الغربيين، وستمنعهم من اتخاذ تدابير عقابية بحق طهران. ذلك أن التكتيك السياسي الغربي القائم على دفع إسرائيل إلى عدم الرد على الهجوم الجوي الإيراني بالمسيرات والصواريخ أو على الأقل الرد بالحد الأدنى (كما حدث)، يقوم على الوعد بعزل إيران سياسياً وبفرض عقوبات إضافية عليها.

وفي سياق تحويل الوعود إلى قرارات، سارع القادة الأوروبيين في اليوم الأول من قمتهم الاستثنائية في بروكسل، الأربعاء الماضي، إلى إقرار مبدأ توسيع العقوبات على إيران لتشمل برامج الطائرات المسيرة والصواريخ بأنواعها أي على الأسلحة التي استخدمتها طهران في هجماتها على إسرائيل. وطلب القادة الـ27 من وزراء الخارجية الاتفاق على التفاصيل ومن جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي تقديم مقترحات بهذا الخصوص.

ولم تتأخر استجابة الوزراء المعنيين؛ إذ إنهم ناقشوا هذه المسألة في اجتماعهم، الاثنين، في لوكسمبورغ.

بوريل خلال مؤتمر صحافي في لوكسمبورغ (إ.ب.أ)

وقال بوريل للصحافيين عقب الاجتماع: «لقد توصلنا إلى اتفاق سياسي من أجل توسيع نظام (العقوبات) المفروض على (إنتاج) الطائرات دون طيار الحالي ليشمل الصواريخ، واحتمال... نقلها إلى روسيا». وأضاف المسؤول الأوروبي أن العقوبات سيجري توسيع نطاقها أيضاً إلى خارج روسيا لتشمل تسليم الطائرات دون طيار والصواريخ ليس فقط إلى روسيا ولكن أيضا إلى وكلاء في المنطقة.

وفي السياق عينه، نقلت «وكالة الأنباء الألمانية» عن وزير خارجية ليتوانيا غابريليوس لاندسبيرغيس قوله إن الحديث حول العقوبات على طهران «يتعلق معظمه بشأن قطع غيار الطائرات المسيرة التي لم تخضع للعقوبات بعد والصواريخ الباليستية». وتدعو دول أخرى لتوسيع دائرة زبائن المسيرات الإيرانية لتشمل من يسمون «وكلاء» إيران في المنطقة في إشارة إلى الحوثيين والميليشيات العراقية و«حزب الله».

يُفهم من تصريحات بوريل أن وزراء الخارجية الأوروبيين الذين انضم إليهم نظراؤهم وزراء الدفاع ما زالوا في المراحل الأولى من المسار الجديد. وتقول مصادر واسعة الاطلاع في باريس إن السبب في ذلك يعود إلى «التعقيدات التي تلف فرض عقوبات جديدة على إيران؛ حيث توجد عقوبات سابقة مفروضة على برنامجها النووي وأخرى على برنامجها الصاروخي، وعلى تزويدها روسيا بمسيرات تستخدمها في حربها على أوكرانيا، فضلاً عن عقوبات تتناول احترام حقوق الإنسان... وبالتالي ثمة عمل واسع للتنسيق في ما بينها». وما يزيد الأمور تعقيداً أن عدداً من الدول الأوروبية يسعى لتصنيف «الحرس الثوري» منظمة إرهابية؛ وهو ما يلاقي، حتى اليوم، عوائق قانونية.

اجتماع وزراء خارجية ودفاع الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ (د.ب.أ)

ومن هنا، فإن دخول العقوبات الجديدة حيز التنفيذ سيحتاج مزيداً من الوقت لتحديد الكيانات التي يفترض فرض عقوبات عليها ونوع العقوبات واستباق المحاولات الإيرانية للالتفاف عليها، كما هي الحال مثلاً في العقوبات المفروضة على طهران في المجال النفطي. وسارع ناصر كنعاني، الناطق باسم وزارة الخارجية كعادة إيران في مثل هذه الظروف، إلى تحذير الاتحاد الأوروبي من فرض عقوبات جديدة، مؤكداً أنها ستكون «بمثابة مكافأة للكيان الصهيوني». وأضاف كنعاني: «إنها خطوة غير قانونية ضد حكومة تصرفت في إطار القوانين والقواعد الدولية لخلق ردع ضد نظام معتدٍ ينتهك اللوائح الدولية».

فرنسا رأس الحربة الأوروبية

ثمة مناخ عام متنامٍ يدعو إلى «عزل» إيران سياسياً و«تطويقها» اقتصادياً عن طريق العقوبات. وهذا بدأ مع حرب روسيا على أوكرانيا قبل نحو عامين، ومع فشل جهود إحياء الاتفاق النووي المبرم في عام 2015، لكنه تصاعد مع الحرب في غزة، وأخيراً في التصعيد بين إيران وإسرائيل حيث هبت قوات 3 دول لمساعدة إسرائيل في التصدي للمسيّرات والصواريخ الإيرانية، وهي بريطانيا وفرنسا، بينما بقيت القطع البحرية الألمانية في الخليج صامتة.

ومنذ أشهر، يلعب الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون دور الجهة الأكثر تشدداً إزاء إيران بعد أن كان على تواصل غير منقطع مع الرئيس إبراهيم رئيسي. وأفادت مصادر الإليزيه، عقب اتصال أجراه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الاثنين، بأن ماكرون أكد «عزمه على تشديد الإجراءات لمواجهة أفعال إيران المزعزعة للاستقرار».

أنصار منظمة «مجاهدين خلق» الإيرانية المعارضة يلوحون بالأعلام أثناء تظاهرهم للمطالبة بتصيف «الحرس الثوري» أمام مقر انعقاد اجتماع الشؤون الخارجية الأوروبية في لوكسمبورغ (إ.ب.أ)

وجاء في بيان رسمي صادر عن القصر الرئاسي أن ماكرون رأى أن الهجوم الإيراني الذي وصفه بـ«غير المسبوق والمرفوض» أنه «ينطوي على خطر تصعيد عسكري شامل».

وسبق للرئيس الفرنسي أن أعلن، الأسبوع الماضي، أن من «واجب» الاتحاد الأوروبي توسيع نطاق العقوبات التي تستهدف إيران، وأنه «يؤيد فرض عقوبات يمكن أن تستهدف أيضاًَ كل من يساعد في صنع الصواريخ والطائرات المسيّرة التي استُخدمت خلال الهجوم الإيراني على إسرائيل».

ما تسعى إليه باريس كما غيرها من الدول هو منع انفجار واسع في الشرق الأوسط يمكن أن يتحول إلى حرب مفتوحة. وهذه الرسالة كررها ماكرون خلال اتصال آخر، الاثنين، مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

ونقلت «وكالة أنباء الشرق الأوسط» أن الرئيسين أكدا ضرورة «الالتزام بأعلى درجات الحكمة وضبط النفس»، كما اتفقا على الحاجة لـ«وقف التصعيد على مختلف الأصعدة». وتريد باريس أن تلعب دوراً فاعلاً في الملف اللبناني، وتبريد حرب المناوشات بين «حزب الله» وإسرائيل من خلال جانبي الحدود المشتركة، وهو ما وعد به ماكرون رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي الذي التقاه، السبت، كما التقى قائد الجيش اللبناني جوزيف عون. وجاء في بيان صدر عن القصر الرئاسي، «التزام فرنسا بذل كلّ ما بوسعها لتجنّب تصاعد أعمال العنف بين لبنان وإسرائيل»، كذلك «مواصلة التحرّك من أجل استقرار لبنان؛ حيث تجري حمايته من الأخطار المتّصلة بتصعيد التوتّرات في الشرق الأوسط».


مقالات ذات صلة

بريطانيا تحاكم 3 إيرانيين بتهمة «التجسس» واستهداف صحافيين

أوروبا الشرطة البريطانية تطوّق منزلاً خلال اعتقال رجل إيراني في بلدة روتشديل قرب مانشستر الأحد (غيتي)

بريطانيا تحاكم 3 إيرانيين بتهمة «التجسس» واستهداف صحافيين

أُحيل 3 إيرانيين إلى محكمة وستمنستر في لندن بتهم تتعلق بمساعدة الاستخبارات الإيرانية واستهداف صحافيين في بريطانيا، عقب تحقيق لمكافحة الإرهاب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
امرأة تمرّ أمام ملصقات لسيسيل كولر وجاك باري المحتجزَين بإيران... خلال وقفة دعم أمام «الجمعية الوطنية» في باريس يوم 7 مايو 2025 (رويترز)

باريس تتجه إلى «محكمة العدل» ضد إيران لاحتجازها فرنسيين

قالت وزارة الخارجية الفرنسية إن باريس سترفع دعوى قضائية ضد إيران أمام «محكمة العدل الدولية» الجمعة، على خلفية احتجاز فرنسيين بتهم أمنية.

«الشرق الأوسط» (باريس )
شؤون إقليمية جانب من الاجتماع الأخير لـ«مجلس تشخيص مصلحة النظام» في إيران (موقع المجلس)

إيران: «مصلحة النظام» يوافق على اتفاقية لمكافحة الجريمة المنظمة

أعطى «مجلس تشخيص مصلحة النظام» في إيران الضوء الأخضر لقبول قواعد «اتفاقية باليرمو» المعنية بمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
المشرق العربي مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي مستقبلاً قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري» إسماعيل قاآني (إكس)

قاآني في بغداد لمناقشة «قضايا أمنية»

ظهر الجنرال في «الحرس الثوري» الإيراني إسماعيل قاآني بصورة رسمية، الأربعاء، في بغداد، خلال استقباله من قِبل مستشار الأمن القومي العراقي، لمناقشة «قضايا أمنية».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
شؤون إقليمية رئيس الأركان محمد باقري وقائد الوحدة الصاروخية في «الحرس الثوري» أمير علي حاجي زاده خلال الكشف عن ترسانة باليستية مارس (آذار) الماضي (التلفزيون الرسمي)

قائد وحدة صواريخ «الحرس الثوري»: لا خطر على قدرات الردع الهجومية

قلل قائد الوحدة الصاروخية في «الحرس الثوري» من قدرة إسرائيل على إلحاق الضرر بمنظومة «الردع الهجومية» لبلاده.

«الشرق الأوسط» (طهران)

بريطانيا وفرنسا وكندا تهدد بخطوات ضد إسرائيل إذا استمر الهجوم على غزة

تصاعد الدخان من موقع غارة إسرائيلية شرق جباليا في شمال قطاع غزة يوم 19 مايو 2025 (أ.ف.ب)
تصاعد الدخان من موقع غارة إسرائيلية شرق جباليا في شمال قطاع غزة يوم 19 مايو 2025 (أ.ف.ب)
TT

بريطانيا وفرنسا وكندا تهدد بخطوات ضد إسرائيل إذا استمر الهجوم على غزة

تصاعد الدخان من موقع غارة إسرائيلية شرق جباليا في شمال قطاع غزة يوم 19 مايو 2025 (أ.ف.ب)
تصاعد الدخان من موقع غارة إسرائيلية شرق جباليا في شمال قطاع غزة يوم 19 مايو 2025 (أ.ف.ب)

حذّر قادة بريطانيا وفرنسا وكندا، اليوم (الاثنين)، من أن دولهم ستتخذ إجراءات إذا لم توقف إسرائيل هجومها العسكري الذي استأنفته على غزة، وترفع القيود المفروضة على المساعدات. وذكر بيان مشترك للدول الثلاث نشرته الحكومة البريطانية: «منع الحكومة الإسرائيلية إدخال المساعدات الإنسانية الأساسية إلى السكان المدنيين أمر غير مقبول، وينتهك القانون الإنساني الدولي».

وأضاف البيان: «نعارض أي محاولة لتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية... ولن نتردد في اتخاذ مزيد من الإجراءات، بما في ذلك فرض عقوبات محددة الهدف».

وحذّر الرئيس الفرنسي ورئيسا الوزراء البريطاني والكندي من أنهم لن يقفوا «مكتوفي الأيدي» إزاء «الأفعال المشينة» لحكومة إسرائيل في غزة

وجاء في بيان مشترك لإيمانويل ماكرون وكير ستارمر ومارك كارني: «نحن مصممون على الاعتراف بدولة فلسطينية في إطار حل الدولتين، ونحن مستعدون للعمل مع آخرين لتحقيق هذه الغاية»؛ في إشارة إلى المؤتمر المقرّر عقده في يونيو (حزيران) في الأمم المتحدة «لإيجاد توافق دولي حول هذا الهدف».