إيران «مستعدة» لصد أي هجوم إسرائيلي

قائد الوحدة الجوية: مستعدون لضرب الأهداف خاصة بطائرات سوخوي 24

رئيسي يلقي خطاباً بمناسبة يوم الجيش في قاعدة «لويزان» مقرّ قيادة الجيش شمال شرقي طهران (الرئاسة الإيرانية)
رئيسي يلقي خطاباً بمناسبة يوم الجيش في قاعدة «لويزان» مقرّ قيادة الجيش شمال شرقي طهران (الرئاسة الإيرانية)
TT

إيران «مستعدة» لصد أي هجوم إسرائيلي

رئيسي يلقي خطاباً بمناسبة يوم الجيش في قاعدة «لويزان» مقرّ قيادة الجيش شمال شرقي طهران (الرئاسة الإيرانية)
رئيسي يلقي خطاباً بمناسبة يوم الجيش في قاعدة «لويزان» مقرّ قيادة الجيش شمال شرقي طهران (الرئاسة الإيرانية)

قالت إيران إن قواتها المسلحة مستعدة لصد أي هجوم من إسرائيل، وقالت القوات الجوية إنها على أهبة الاستعداد. وحذر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي من أن «أصغر غزو» من إسرائيل سيؤدي إلى رد فعل «ضخم وقاسٍ»، في الوقت الذي تستعد فيه المنطقة لهجوم إسرائيلي مضاد، رداً على هجوم شنته إيران، السبت الماضي.

وقال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، الأربعاء، في العرض العسكري السنوي للجيش الإيراني، إن أي تحرك إسرائيلي ضد بلاده ولو كان بسيطاً سيواجَه برد «قوي وحاسم».

ودافع رئيسي عن الضربة الإيرانية، خلال العرض العسكري السنوي بمناسبة يوم الجيش، الذي جرى نقله إلى قاعدة، شمال شرقي العاصمة طهران، بعيداً عن المكان المعتاد للعروض العسكرية على الطريق السريع في جنوب طهران، وكذلك ميدان «آزادي» وسط العاصمة.

وتخلله عرض طرازات مختلفة من المسيرات مثل مهاجر وأبابيل وآرش، أو أنظمة صاروخية من طراز دزفول و«إس 300» الروسي الصنع. كما عرضت العديد من المركبات العسكرية منها دبابة تيام المحلية، إضافة الى مشاركة عناصر مشاة من الجيش و«الحرس الثوري».

«الخيار العسكري»

وقال في خطاب ألقاه أمام قادة الجيش و«الحرس الثوري» إن الهجوم الإيراني: «أظهر أن قواتنا المسلحة في حال تأهب»، مؤكداً أنه «إذا نفّذ الكيان الصهيوني أدنى هجوم على الأراضي الإيرانية فسيتم التعامل معه بشدة وصرامة»، حسبما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية عن الإعلام الرسمي.

وأسقطت إسرائيل وحلفاؤها معظم الصواريخ والطائرات المُسيرة التي أطلقتها طهران مطلع الأسبوع، ولم تتسبب في أي وفيات ولم تُحدث سوى أضرار طفيفة. لكنّ إسرائيل تقول إن عليها الرد للحفاظ على مصداقية وسائل الردع التي تمتلكها. وتقول إيران إنها تعدّ الأمر منتهياً في الوقت الحالي لكنها ستردّ مرة أخرى إذا أقدمت إسرائيل على شن هجوم جديد.

رئيسي يتحدث إلى قائد الوحدة الصاروخية في «الحرس الثوري» أمير علي حاجي زاده (الرئاسة الإيرانية)

وقال الرئيس الإيراني إن الهجوم على إسرائيل «كان إجراء محدوداً وعقابياً». من أي رد عسكري إسرائيلي مضاد، قائلاً: «إذا قمنا بعمليات أعنف فلن يبقى لإسرائيل شيء. لكن كان من المفترض أن يكون العمل محدوداً».

وتحدى رئيسي إسرائيل، قائلاً: «بعد طوفان الأقصى، لقد دمَّرت عملية (الوعد الصادق) هيمنة إسرائيل، أثبت أن الكيان الصهيوني أوهن من بيت العنكبوت وكسر أسطورة الجيش الذي لا يُقهَر».

كما أشاد بالجيش الإيراني والجهاز الموازي له، قوات «الحرس الثوري». وقال: «بأوامر من المرشد (علي خامنئي) قاموا بمعاقبة إسرائيل». وقال: «هذه العملية كانت محسوبة ودقيقة، وإبلاغ لكل العالم والقوى المجهزة، الولايات المتحدة وحماة الكيان الصهيوني، بأن إيران مستعدة وقواتها المسلحة جاهزة وتنتظر أوامر القائد العام للقوات المسلحة».

ووجّه رئيسي رسالة «طمأنة» إلى دول المنطقة، قائلاً إن «قواتنا العسكرية تخلق الأمن وتُرسي السلام وتتسبب في قوة المنطقة ويمكن الاعتماد عليها». وأضاف: «لا حاجة للقوات الأجنبية في المنطقة».

وعلى غرار خطاباته في المناسبات الكبيرة، أعرب رئيسي عن ارتياحه من أبعاد «الخيار العسكري» ضد بلاده في قاموس المسؤولين الأميركيين. وعزا ذلك إلى «قوة القوات المسلحة».

بدوره، قال قائد الجيش الإيراني عبد الرحيم موسوي، على هامش العرض العسكري، إن «الأعداء تخلّوا عن التبجحات بشأن الخيار العسكري»، مضيفاً أن قواته «لديها الجهوزية الكاملة لمواجهة الشرور المحتملة»، محذراً بالقول: «إذا اتخذ الأعداء إجراء فسنردّ بمعدات أكثر فتكاً».

وقال: «عرض اليوم في أنحاء البلاد جزء صغير من قدراتنا». مشدداً على أن القطاعات المتأهبة «لم تشارك في العرض العسكري».

ونقلت وكالة «إيسنا» الحكومية عن موسوي قوله إن «أي اعتداء يستهدف مصالح البلاد، سيقابَل برد حازم، سيجلب الندم». وتابع: «نظراً إلى الأعداء الذين تواجههم البلاد، عادةً قواتنا في حالة تأهب دائم لتنفيذ المهام، على أفضل وجه، فالجميع يعرف كيف يراقب أعداؤنا تقدم قواتنا المسلحة».

تأهب جوي وبحري

بدوره، حذّر قائد القوات الجوية حميد واحدي في الحدث نفسه من أن الطائرات الحربية، بما في ذلك طائرات «سوخوي 24» روسية الصنع، على «أهبة الاستعداد» لمواجهة أي هجوم إسرائيلي.

وقال واحدي «نحن جاهزون بنسبة 100 في المائة (...) سواء من ناحية الغطاء الجوي أو القاذفات، ومستعدون لضرب الأهداف خاصة بطائرات سوخوي 24(الروسية)».

وقال البريجادير جنرال أمير وحيدي: «لدينا الجاهزية الكاملة في المجالات كافة بما في ذلك تغطيتنا الجوية وقاذفاتنا، ومستعدون لأي عملية». والهجوم المباشر على قواعد «الحرس الثوري» أو منشآت الأبحاث النووية داخل إيران هو أحد خيارات الرد الإسرائيلي. ومن الممكن أيضاً قصف أهداف خارج إيران.

رئيسي يستمع إلى شرح الأدميرال شهرام إيراني قائد القوات البحرية في الجيش حول غواصة صغيرة خلال عرض عسكري شمال شرقي طهران (الرئاسة الإيرانية)

في السياق نفسه، نقلت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن الأميرال شهرام إيراني، قوله إن البحرية الإيرانية ترافق السفن التجارية الإيرانية إلى البحر الأحمر.

وقال إيراني: «أساطيل الجيش تنفّذ مهمة مرافقة سفننا التجارية، والآن المدمِّرة (جماران) موجودة في خليج عدن، وستستمر هذه المهمة حتى البحر الأحمر». وأضاف: «نرافق سفننا من خليج عدن إلى قناة السويس، ومستعدّون لحماية سفن الدول الأخرى أيضاً».

وشهد البحر الأحمر اضطراباً كبيراً في حركة الشحن المتجهة إلى إسرائيل بسبب هجمات جماعة الحوثي اليمنية الموالية لإيران. وفي 13 أبريل (نيسان)، استولى «الحرس الثوري» الإيراني على سفينة حاويات ترفع عَلم البرتغال، التي تقول طهران إنها مرتبطة بإسرائيل.

تفاصيل جديدة

وكشفت صحيفة «كيهان» التابعة لمكتب المرشد الإيراني عن إطلاق إيران صواريخ «كروز» من طراز «باوه»، وصاروخ «عماد» الباليستي، وصاروخ «خيبر شكن»، بالإضافة إلى مُسيرات انتحارية من طراز «شاهد 136»، دون أن تقدم أرقاماً عن العدد المستخدم.

ویصل مدى صاروخ «باوه» إلى 1650 كلم، وهو أطول مدى لصواريخ «كروز» الإيرانية. وأعلن عن إنتاجه في فبراير (شباط) العام الماضي. ويبلغ مدى صاروخ «عماد» 1700 كيلومتر، ويعمل بالوقود السائل. أما صاروخ «خيبر شكن (كاسر خيبر)» ومتوسط مداه الذي يصل إلى 1450 كيلومتراً، فيعمل بالوقود الصلب. وعدّ تسمية الصاروخ رسالة إلى إسرائيل. وكشف عنه «الحرس الثوري» في فبراير 2022.

أما مُسيرة «شاهد 136» الانتحارية، فتصل إلى ألفَى كيلومتر، وتبلغ سرعتها 185 كلم في الساعة.

ولم يقدم «الحرس الثوري» تفاصيل الأسلحة المستخدمة، على غرار عملياته السابقة، رغم أن وسائل الإعلام الإيرانية، سبقت الهجوم بنشر قائمة بالأسلحة الممكن استخدامها في الهجوم.

أحمدي نجاد وخاتمي يؤيّدان

قال الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد، إن «أي بلد يهاجم سفارة بلد آخر بشكل غير قانوني، يجب أن يتلقى الرد».

ونقل الموقع الإلكتروني «دولت بهار» قوله في لقاء مجموعة من النساء، إن «الرد حق لأي بلد يتعرض لاعتداء». وجاء تعليقه بعد ساعات من نشر مقال بصحيفة «آرمان ملي» يتهمه بالصمت خلال الشهور الأخيرة، «لكي يخطف الأضواء».

في السياق نفسه، أشاد الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي بالهجوم. ونقل موقع «جماران» الإخباري قوله في لقاء مجموعة من مستشاريه، إن «رسالة إيران لإسرائيل كانت واضحة وحازمة وقانونية». ووصف الرد الإيراني بـ«الحكيم والشجاع والمنطقي».

طائرة مُسيرة من طراز «مهاجر 6» خلال العرض العسكري للجيش الإيراني (الرئاسة الإيرانية)

وقال: «هذا الهجوم رد على اعتداء الكيان الصهيوني على القنصلية مما تسبب في مقتل قادة في (الحرس الثوري)». وأضاف: «العملية الإيرانية حملت رسالة واضحة؛ ألا تعتقد إسرائيل أن إقدامها على جريمة وعمل شرير وخلاف القانون الدولي، سيبقى من دون رد، مع عدم قيام المؤسسات الدولية بواجباتها».

وأشارت صحيفة «دنياي اقتصاد» في صحفتها الأولى إلى عودة «شبح الحرب». وقالت إن «الرد الإسرائيلي المحتمَل على الهجوم العقابي الإيرانيّ يثير علامات استفهام كثيرة حول مستقبل التوتر الإيراني - الإسرائيلي».

وهاجمت صحيفة «سازندكي» مملكة الأردن على أثر اعتراضها الصواريخ والمُسيرات الإيرانية. وزعمت الصحيفة أن الهجوم الإيراني «لم يكن يشكل تهديداً لأراضيها»، وأضاف: «على الأقل كان يمكنها أن تبقى محايدة».

بدورها، توعدت صحيفة «هم ميهن» الرئيس الأميركي جو بايدن، بدفع ثمن دعم إسرائيل في الانتخابات الأميركية.

ونقلت صحيفة «اعتماد» عن المحلل السياسي، ما شاء الله شمس الواعظين، قوله إن «الردع الإسرائيلي ذهب أدراج الرياح». وقال: «إيران ليست قلقة بسبب سعة عمقها الاستراتيجي».

وقال المحلل أبو الفضل ظهره وند، في افتتاحية صحيفة «إيران» الناطقة باسم الحكومة إن «عمليات (الوعد الصادق) كانت بداية مرحلة جديدة من المعادلات الإقليمية». وقال إن «المنظمة الدفاعية (القبة الحديدية) استسلمت أمام الصواريخ والمُسيرات الإيرانية».

وأضاف: «يقول المسؤولون الإسرائيليون إنهم يريدون مهاجمة وكلاء إيران للرد على الهجوم، وهذا يُظهر أنهم يتعقدون أن الهجوم المباشر على إيران سيجلب خسائر مدمّرة لهم».

تباين روسي - إيراني

وتضارب عنوان صحيفة «إيران» الذي يَنسب قولاً إلى الرئيس الروسي، مع بيان صادر عن الكرملين حول الاتصال الهاتفي الذي أجراه فلاديمير بوتين مع نظيره الإيراني إبراهيم رئيسي.

ونسب عنوان الصحيفة الحكومية إلى بوتين قوله إن «الرد الإيراني كان أفضل طريقة لمعاقبة المعتدي».

وقال الكرملين إن بوتين دعا جميع الأطراف في الشرق الأوسط إلى الابتعاد عن أي عمل من شأنه أن يؤدي إلى مواجهة جديدة ستكون لها عواقب كارثية على المنطقة.

ورفض المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، الأربعاء، تأكيد أو نفي ما إذا كانت موسكو قد تلقت تحذيراً مسبقاً بشأن الهجوم الإيراني على إسرائيل. وأضاف: «لا نريد حتى الحديث عن تصعيد هذا الصراع. هذا يتعارض مع مصالح إسرائيل وإيران والمنطقة بأكملها». وتابع: «تحافظ روسيا الاتحادية على علاقتها الوثيقة والبنّاءة مع إيران... ولدينا أيضاً علاقات بنّاءة مع إسرائيل» حسبما أوردت «رويترز».


مقالات ذات صلة

نائب إيراني ينفي إصابة قاآني وسط صمت «الحرس الثوري»

شؤون إقليمية قاآني في المكتب التمثيلي لـ«حزب الله» مع مبعوث الحزب عبد الله صفي الدين في طهران (التلفزيون الرسمي)

نائب إيراني ينفي إصابة قاآني وسط صمت «الحرس الثوري»

قال نائب إيراني إن مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري» إسماعيل قاآني «بصحة جيدة»، في وقت غاب القيادي من أحدث لقاءات المرشد علي خامنئي مع القادة العسكريين.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
تحليل إخباري رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في مشاورات مع رؤساء جهاز الأمن في تل أبيب الأسبوع الماضي (الحكومة الإسرائيلية)

تحليل إخباري تداعيات الضربات الإيرانية: كيف تغيرت مواقف تل أبيب حول الرد؟

تسعى القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية إلى استغلال التلبك الظاهر في تصرفات القيادة الإيرانية وما تبقى من قيادات لـ«حزب الله».

نظير مجلي (تل أبيب)
شؤون إقليمية القبة الحديدية الإسرائيلية تتصدى للصواريخ الإيرانية (إ.ب.أ)

إيران تستدعي سفير أستراليا على خلفية موقف بلاده «المنحاز»

ذكرت وكالة تسنيم الإيرانية للأنباء، اليوم الأحد، أن وزارة الخارجية الإيرانية استدعت السفير الأسترالي في طهران بشأن ما وصفته بموقف بلاده «المنحاز».

«الشرق الأوسط» (دبي)
شؤون إقليمية خامنئي يمنح قائد الوحدة الصاروخية في «الحرس» أمير علي حاجي زاده وسام «فتح الذهبي» على خلفية الهجوم الصاروخي (موقع المرشد)

إيران: خطة الرد «القاسي» على الإجراءات المحتملة لإسرائيل جاهزة

قال مسؤول عسكري إيراني إن بلاده أعدت خطة للرد على هجوم محتمل لإسرائيل، في وقت منح المرشد الإيراني علي خامنئي، قائد الوحدة الصاروخية في «الحرس»، وساماً رفيعاً.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية قاآني في المكتب التمثيلي لـ«حزب الله» مع مبعوث الحزب عبد الله صفي الدين بطهران الأحد الماضي (التلفزيون الرسمي)

«الحرس الثوري» يلتزم الصمت بشأن مصير قاآني

التزمت طهران الصمت إزاء تقارير تفيد بإصابة قائد «فيلق القدس» إسماعيل قاآني، وذلك وسط تأهب إيراني لرد إسرائيلي محتمل على هجوم صاروخي باليستي شنه «الحرس الثوري».

«الشرق الأوسط» (لندن-طهران)

تداعيات الضربات الإيرانية: كيف تغيرت مواقف تل أبيب حول الرد؟

رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في مشاورات مع رؤساء جهاز الأمن في تل أبيب الأسبوع الماضي (الحكومة الإسرائيلية)
رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في مشاورات مع رؤساء جهاز الأمن في تل أبيب الأسبوع الماضي (الحكومة الإسرائيلية)
TT

تداعيات الضربات الإيرانية: كيف تغيرت مواقف تل أبيب حول الرد؟

رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في مشاورات مع رؤساء جهاز الأمن في تل أبيب الأسبوع الماضي (الحكومة الإسرائيلية)
رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في مشاورات مع رؤساء جهاز الأمن في تل أبيب الأسبوع الماضي (الحكومة الإسرائيلية)

تسعى القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية إلى استغلال التلبك الظاهر في تصرفات القيادة الإيرانية وما تبقى من قيادات لـ«حزب الله»، وتوسيع حلقة المعارك إلى حرب شاملة حتى مع إيران. وتشير كل الدلائل إلى أنها لا تتورع عن الدخول في صدام مع الإدارة الأميركية، ووضعها أمام أحد خيارين: إما أن تنضم إليها في الهجوم على إيران، وإما تنجرّ وراءها وتُضطر اضطراراً لخوض هذه الحرب.

فمع أن الولايات المتحدة أوضحت لإسرائيل أنها غير معنيّة بحرب مع إيران، لا منفردة ولا مشتركة، فإن الإنجازات الهائلة التي حققتها إسرائيل عسكرياً واستخباراتياً ضد «حزب الله» (اغتيال معظم قيادات الحزب، وفي مقدمتهم حسن نصر الله، وتفجير أجهزة الاتصال والتواصل في وجوه وأجساد أكثر من 4 آلاف عنصر وتدمير الضاحية الجنوبية)، وضد إيران (تصفية عدد من القيادات في لبنان واغتيال إسماعيل هنية)؛ أدخلت القيادات في تل أبيب في حالة من «نشوة النصر» التي تتحول إلى «سكرة نصر».

لوحة دعائية على طريق سريع في طهران تظهر الجنرال قاسم سليماني يقبل جبين أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله في طهران (أ.ب)

ففي اليومين الأخيرين، حصل انعطاف مريب في الموقف الإسرائيلي تجاه الضربات الإيرانية. فكما هو معروف، أطلقت إيران 181 صاروخاً باليستياً على إسرائيل، وتمكنت المضادات الأميركية والفرنسية والإسرائيلية من تدمير أكثر من 85 في المائة منها قبل دخولها الأجواء الإسرائيلية. لكن 15 في المائة منها دخلت هذه الأجواء، بعضها سقط في مناطق مفتوحة وبعضها سقط في مواقع حساسة مثل 3 قواعد لسلاح الجو وبعض المصانع العسكرية. وأحدثت أضراراً في المباني والشوارع، ولكنها لم تُصِب مدنيين أو عسكريين. والوحيد الذي قتل فيها هو شاب فلسطيني من قطاع غزة يشتغل بورشة في أريحا.

وقد عدّت القيادة الإسرائيلية هذه الضربات خطيرة؛ لأنها تنطوي على القصف المباشر من إيران لإسرائيل. وفي البداية قررت الرد عليها، بتوجيه ضربة مؤلمة لموقع استراتيجي. لكنّها الآن تغيّر رأيها وتنوي توجيه عدة ضربات قاصمة في عدة مواقع استراتيجية. ووفقاً للتسريبات، تنوي توجيه ضربة شديدة للمشروع النووي الإيراني، وتقول إن هذه «فرصة تاريخية» لن تأتي أفضل منها. فإيران متلبكة إزاء ما يحدث لـ«حزب الله» وللقادة الميدانيين الإيرانيين الذين يديرون المعارك إلى جانبه في لبنان.

وهناك إشاعات عن فوضى عارمة في القيادة الإيرانية وخلافات بين التيارات والقادة، وعن اتهامات مسؤولين كبار بالتخابر مع العدو الإسرائيلي أو خدمة هذا العدو من دون قصد. وهذا هو الوقت لضربهم، قبل أن يتمكنوا من ترتيب أوراقهم والخروج من الأزمة.

صور الأقمار الاصطناعية تظهر أضراراً في قاعدة «نيفاتيم» الجوية بجنوب إسرائيل قبل وبعد الهجوم الصاروخي الإيراني (أ.ف.ب)

إلا أن إسرائيل ليست قادرة وحدها على توجيه ضربات كهذه. وهي بحاجة لا استغناء عنها لشراكة أميركية فاعلة. فالمنشآت الإيرانية النووية موزّعة على عدة مواقع وقائمة في قلب جبال، ولا مجال لضربها إلا بصواريخ أميركية تنطلق من طائرات وغواصات معدّة لهذا الغرض. هذه ليست متوفرة لإسرائيل. والولايات المتحدة تتحدث علناً عن معارضتها لهذه الشراكة. وتشعر بأن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، يريد تحقيق حلمه القديم (منذ سنة 2010) لجرّ قدم الولايات المتحدة إلى هذه الحرب وهي ترفض. لكن نتنياهو لا ييأس، ويعمل كل ما في وسعه لإقحامها، بإرادتها أو رغماً عنها. فإذا ضربت المنشآت، وقامت طهران بتنفيذ تهديداتها وردت بمزيد من الصواريخ على إسرائيل، فإن أميركا ستتدخل.

وكما يقول البروفيسور أيال زيسر، أحد أهم مرجعيات اليمين الآيديولوجي: «الولايات المتحدة هي صديقة حقيقية لإسرائيل، أثبتت التزامها بأمننا في كل ساعة اختبار وضائقة شهدناها على مدى العقود الأخيرة».

وأوضح زيسر أن الموقف الأميركي بعد هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، يشبه «القطار الجوي» الذي أطلقه الأميركيون في حرب «يوم الغفران» في أكتوبر 1973. وقال إن بين الأصدقاء الحقيقيين، أيضاً تظهر أحياناً خلافات. ورأى أن «من الواجب على إسرائيل أن تصر على موقفها»، وقال: «في الماضي أيضاً عارض الأميركيون تدمير المفاعل العراقي في 1981، بل وفرضوا علينا عقوبات بسبب هذا الفعل، ولكنهم بعد حين، تراجعوا واعترفوا لنا، حين وجدوا أنفسهم في حرب مع حاكم العراق. هكذا أيضاً في كل ما يتعلق بتدمير المفاعل النووي السوري في 2007، الخطوة التي تحفّظ عليها الأميركيون، وفقط بعد أن نشبت الحرب الأهلية في سوريا، اعترفوا بالخطأ الذي ارتكبوه».

ولفت زيسر إلى أن «التوقعات والمشورات الأميركية يجب أن نأخذها بشكل محدود الضمان. من الواجب العمل وفقاً لتفكيرنا وحكمنا، حتى وإن لم يكن الأمر يرضيهم. في نهاية الأمر، سيعترفون بالخطأ وسيفهمون المنطق والحق الذي في خطوات إسرائيل، وسيتجندون لدعمها».

لكن هناك آراء مخالفة في تل أبيب، تحذّر من المغامرة وتقول إن من يجد في ضرب إيران فرصة تاريخية يجب عدم تفويتها، قد يورّط إسرائيل في حرب شاملة تدفع خلالها ثمناً باهظاً، ليس فقط من ناحية الخسائر البشرية والمادية، بل أيضاً استراتيجياً. وربما تؤدي هذه المغامرة إلى إضاعة فرصة تاريخية لمشروع السلام في المنطقة. وتدعو هذه القوى القيادة الإسرائيلية إلى أن تحسن الاستفادة من مكاسبها في لبنان، ولا تلجأ إلى المغامرات والمقامرات الحربية.