تركيا تدير علاقاتها مع إيران وأميركا بحذر

السفير الإيراني في أنقرة لوّح بردّ «سريع وشامل» على أي إجراء إسرائيلي

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان مصافحاً نظيره السويدي توبياس بيلستروم خلال اجتماع وزراء خارجية حلف شمال الأطلسي الأخير في بروكسل (أ.ف.ب)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان مصافحاً نظيره السويدي توبياس بيلستروم خلال اجتماع وزراء خارجية حلف شمال الأطلسي الأخير في بروكسل (أ.ف.ب)
TT

تركيا تدير علاقاتها مع إيران وأميركا بحذر

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان مصافحاً نظيره السويدي توبياس بيلستروم خلال اجتماع وزراء خارجية حلف شمال الأطلسي الأخير في بروكسل (أ.ف.ب)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان مصافحاً نظيره السويدي توبياس بيلستروم خلال اجتماع وزراء خارجية حلف شمال الأطلسي الأخير في بروكسل (أ.ف.ب)

في الوقت الذي تتواصل فيه ردود الفعل والتعليقات على الصواريخ الإيرانية، أكد سفيرها لدى تركيا محمد حسن حبيب الله زادة، أن بلاده لا تسعى للتصعيد في المنطقة لكن ردها على أي إجراءات مضادة من إسرائيل سيكون «سريعاً وشاملاً».

وقال زادة إن الضربة التي نفذتها بلاده ضد إسرائيل كانت «ضرورية ومتناسبة» وطالت فقط الأهداف العسكرية المستخدمة في الهجوم على القنصلية الإيرانية في دمشق.

وأضاف السفير الإيراني، في مقابلة مع وكالة «ميلت» التركية الثلاثاء، أن القوات الإيرانية لم تقصف المراكز الاقتصادية أو المناطق المدنية في إسرائيل، وكان الغرض من هذه العملية إرسال إشارة واضحة إلى الجانب الآخر، لكن إيران لا تسعى إلى تصعيد النزاع في المنطقة.

وتابع أنه من أجل ذلك أعلنت إيران بعد العملية أن هذا الموضوع انتهى بالنسبة لها، لكن في حال اتخذت إسرائيل إجراءات مضادة، فإن رد الفعل سيكون سريعاً وشاملاً.

تحذير لإسرائيل

وقال زادة إن إيران حذرت إسرائيل من أي مغامرات عسكرية، مؤكدة عزمها منع انتهاك أراضيها وحماية الشعب والأمن والمصالح الوطنية، والرد على أي تهديد وفقاً للقانون الدولي.

وأضاف: «يجب على الأمم المتحدة ألا تسمح بأن تكون رهينة لطموحات نظام مارق وللمصالح السياسية للدول الغربية التي تدعمه... النظام الإسرائيلي يحتل المزيد من الأراضي الفلسطينية منذ عام 1948 متجاهلاً القرارات الدولية. وحتى الآن، فإن الهدف الرئيسي للصهيونية هو إنشاء إسرائيل الكبرى، أما من حاول تحقيق حلم (من النيل إلى الفرات) فقد غرق اليوم في قطاع غزة بقوة المقاومة».

واتهم السفير الإيراني الولايات المتحدة بالسعي إلى تمزيق الشرق الأوسط وترسيخ نظام يدور في فلك إسرائيل على الرغم من كم الإخفاقات الكبيرة لمشروع الشرق الأوسط الكبير.

وقال: «إضافة إلى ذلك فإن التدخلات الهدامة لدول غير إقليمية لدعم الإرهاب وتسليحه وتشجيع التطرف في المنطقة لإحداث القلاقل تعد جزءاً مهماً آخر من هذا المشروع».

مسرحية إيرانية - إسرائيلية

في تعليق لافت عَدّ رئيس حزب الحركة القومية، شريك حزب العدالة والتنمية الحاكم في «تحالف الشعب»، دولت بهشلي، أن العملية الإيرانية كانت «أشبه بمسرحية قدمتها دولتان هما إيران وإسرائيل».

وقال بهشلي، خلال اجتماع المجموعة البرلمانية لحزبه الثلاثاء: «كما لو أن البلدين قدما عرضاً مسرحياً... السلام لصالح الجميع، والتسامح مع جريمة الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة والتحلي بالصبر ليس أمراً يمكن أن يفعله أي شخص ذي ضمير. رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قاتل ويجب أن يستقيل ويحاسب».

مارة يعبرون تحت جدارية دعائية في وسط طهران (إ.ب.أ)

موقف تركيا

وتعقيباً على وصف العملية الإيرانية بالمسرحية، قال الصحافي محمد علي بايار: «لقد سمعنا هذا الوصف في أنحاء مختلفة من العالم، ومع ذلك، فإن ما تم لعبه لم يكن مسرحية بل (جولة شطرنج)، فلا شك أن إيران تعلم أن مسيراتها كانت ستسقط حتى قبل وصولها إلى إسرائيل، لكن ما لا يقل عن 7 من الصواريخ الباليستية سقطت على قاعدة (نيفاتيم) الجوية، حيث أقلعت الطائرات المشاركة في الهجوم الإسرائيلي على السفارة الإيرانية بدمشق».

وأضاف بايار: «سيكون من السذاجة الاعتقاد بأن هذه التطورات، التي يمكننا حتى نحن الصحافيين متابعتها من مصادر مفتوحة، لا تتم مراقبتها من قبل القنوات الاستخبارية والدبلوماسية التابعة لحكومة الرئيس رجب طيب إردوغان».

وأوضح أن تركيا منزعجة، أولاً، من احتمال اتساع نطاق الحرب في غزة إلى مناطق أخرى في الشرق الأوسط، وثانياً، من حقيقة أن كارثة غزة تتراجع إلى الخلفية.

وتابع قوله: «تركيا، التي أدانت الهجوم الإسرائيلي على إيران في دمشق، لا ترى الآن أن الهجوم الإيراني على إسرائيل مشروع على رغم معرفتها بأنه انتقام، ففي النهاية، هناك هجوم من دولة على دولة أخرى».

موقف رسمي متأخر

لفت المحلل السياسي، الصحافي مراد يتكين، إلى مسألة تأخر رد فعل أنقرة على العملية الإيرانية رغم انخراطها في اتصالات وجهود سابقة ولاحقة سواء مع إيران أو أميركا أو بريطانيا.

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن أنقرة لم تتحدث رسمياً لساعات طويلة بعد الهجوم الإيراني، «لم نسمع تصريحاً للرئيس رجب طيب إردوغان ولا وزير الخارجية هاكان فيدان». وكان أول إعلان غير رسمي من مصادر الخارجية التركية هو أن فيدان تحدث هاتفياً، الأحد، مع نظيره الإيراني حسين أمير عبداللهيان وأبلغه بضرورة تجنب زيادة التوتر، ثم صدر بيان وزارة الخارجية التركية مساء اليوم نفسه تحت عنوان: «حول آخر التطورات في منطقتنا»، وبدأ بعبارة حول «خطر انتشار وتصعيد الحرب الإسرائيلية على غزة وتحولها إلى حرب إقليمية»، وانتهى بعبارة «يتم اطلاع رئيسنا (إردوغان) على التطورات بانتظام».

وأضاف أنه «لم ترد معلومات تفيد بأن الرئيس إردوغان، الذي كان يمضي عطلة عيد الفطر في مرمريس (جنوب غربي تركيا) يجري حسابات حول هزيمة حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المحلية في 31 مارس (آذار)، عاد إلى أنقرة مبكراً وترأس اجتماعاً أمنياً بسبب رياح الحرب التي تهب على حدودنا، ولم تكن هناك أيضاً معلومات حول مؤتمرات بالفيديو.

وكانت رسالة إردوغان بمناسبة العيد هي آخر الأخبار على موقع الرئاسة، وفي الساعات التالية، أعلنت مصادر في الخارجية أن فيدان اتصل بوزيري الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون والأميركي أنتوني بلينكن».

توتر مع إيران وعين على أميركا

في السياق، تحدثت مصادر تركية عن توتر متزايد في العلاقات بين تركيا وإيران في الآونة الأخيرة، وبخاصة بسبب الدعم الإيراني لحزب العمال الكردستاني الذي تسعى تركيا من خلال تعزيز تنسيقها مع بغداد إلى القضاء على وجوده في شمال العراق، لكن أنقرة تسير علاقاتها مع طهران بحذر شديد.

في الوقت ذاته، فإن أنقرة تضع عينيها على مصالحها مع أميركا، ويولي إردوغان أهمية لاجتماعه مع الرئيس جو بايدن في 9 مايو (أيار) المقبل في أول زيارة رسمية لواشنطن يدعى إليها بعد مرور 4 سنوات من حكم بايدن، وذلك بعدما صادقت تركيا على انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو) وحصلت بالمقابل على موافقة الكونغرس الأميركي للحصول على مقاتلات «إف 16».

وبحسب يتكين، فإن ما يلفت النظر هو الميل إلى تجنب الخطوات التي من شأنها أن تؤدي إلى صراع مع الولايات المتحدة، ويمكن أن يوضع هذا في إطار الحاجة إلى موارد خارجية للتغلب على الأزمة الاقتصادية في تركيا.

وأعطى مثالاً على ذلك، بأنه بعدما قتلت إسرائيل أبناء رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية وأحفاده الأربعة في غزة يوم العيد، اتصل مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إيه) ويليام بيرنز برئيس المخابرات التركية، إبراهيم كالين، للتهنئة بالعيد وتمت مناقشة وقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين الذين تحتجزهم «حماس»، وبعدها أجرى كالين اتصالاً مع هنية.

وقال يتكين: «بمعنى آخر، لا ينبغي النظر إلى موقف تركيا (...) بشكل مستقل عن علاقاتها مع واشنطن».


مقالات ذات صلة

بزشكيان: إيران تحتاج إلى 100 مليار دولار استثماراً أجنبياً

شؤون إقليمية صورة نشرتها الرئاسة الإيرانية من اجتماع بزشكيان مع رئيس السلطة التشريعية محمد باقر قاليباف والسلطة القضائية غلام حسين محسني إجئي مساء السبت

بزشكيان: إيران تحتاج إلى 100 مليار دولار استثماراً أجنبياً

قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إن بلاده تحتاج إلى نحو 100 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية، مشدداً على أن تحسين الاقتصاد يعتمد على العلاقات الخارجية.

«الشرق الأوسط» (لندن-طهران)
شؤون إقليمية صورة تتداولها وكالات إيرانية لحسين شمخاني

«هيكتور السري»... زعيم إمبراطورية النفط الإيراني

كشفت مقابلات أجرتها «بلومبرغ» عن هوية «الزعيم العالمي لتجارة النفط الإيراني» الذي يلقَّب بـ«التاجر السري... هيكتور».

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس (أرشيفية/أ.ف.ب)

إسرائيل تتهم خامنئي «الأخطبوط» بتهريب الأسلحة إلى الضفة الغربية عبر الأردن

اتهم وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إيران بمحاولة إنشاء «جبهة إرهابية شرقية» ضد إسرائيل عبر الأردن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية إسلامي يتحدّث إلى غروسي على هامش مؤتمر «الاجتماع الدولي للعلوم والتكنولوجيا النووية» في أصفهان مايو الماضي (أ.ب)

الوكالة الدولية: إيران قريبة جداً من السلاح النووي

كشفت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن مستويات الوقود النووي في إيران ارتفعت خلال الأشهر الثلاثة الماضية، ما قد يؤدي إلى تصعيد التوترات في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي لقطة من الوثائقي الإيراني لقناة «تي دبليو» لسليماني داخل قصر صدام play-circle 01:21

سليماني يعاين صدام حسين داخل قصره

أثار فيديو لقائد «قوة القدس» قاسم سليماني وهو يتجول في أحد قصور الرئيس العراقي السابق صدام حسين، جدلاً واسعاً في مواقع التواصل الاجتماعي.

«الشرق الأوسط» (لندن)

نتنياهو: من يقتل الرهائن لا يريد اتفاقاً... و«حماس» ستدفع الثمن

TT

نتنياهو: من يقتل الرهائن لا يريد اتفاقاً... و«حماس» ستدفع الثمن

أشخاص يسيرون بجوار ملصق لصور الرهائن في تل أبيب (رويترز)
أشخاص يسيرون بجوار ملصق لصور الرهائن في تل أبيب (رويترز)

تعهّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأحد، بجعل «(حماس) تدفع الثمن» بعد انتشال الجيش جثث 6 رهائن من نفق في غزة.

وقال نتنياهو في بيان: «من يقتل الرهائن لا يريد اتفاقاً» حول هدنة في قطاع غزة. وأضاف موجهاً حديثه لقادة «حماس»: «سنطاردكم وسنقبض عليكم وسنصفّي الحساب» معكم.

كما أكد نتنياهو في بيان، أن إسرائيل ملتزمة بالتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن المتبقين، وضمان أمن إسرائيل.

وفي وقت سابق اليوم، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، أنه تم العثور في قطاع غزة على جثث 6 رهائن خُطفوا خلال هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) على الأراضي الإسرائيلية، بما في ذلك جثة الإسرائيلي - الأميركي هيرش غولدبرغ بولين.

«من يقتل الرهائن لا يريد اتفاقاً»

بنيامين نتنياهو

اقرأ أيضاً

وأكد الجيش الإسرائيلي انتشال جثث 6 رهائن من قطاع غزة، وهم: كارميل غات، وإيدن يروشالمي، وهيرش غولدبرغ بولين، وألكسندر لوبانوف، وألموج ساروسي، وأوري دانينو.

وقال الجيش عبر تطبيق «تلغرام»، إنه تم انتشال الجثث الست من نفق تحت الأرض في منطقة رفح بمنطقة جنوب قطاع غزة، وتم نقلها إلى إسرائيل.

من جهة أخرى، تحدّث نتنياهو عن الهجوم الذي وقع صباح الأحد بالقرب من الخليل في الضفة الغربية المحتلة وقتل فيه 3 عناصر من الشرطة، قائلاً: «إننا نقاتل على جميع الجبهات ضد عدو صعب يريد قتلنا جميعاً. هذا الصباح فقط، قتل 3 من رجال الشرطة في الخليل».

وأضاف: «حقيقة أن (حماس) تواصل ارتكاب الفظائع مثل تلك التي ارتكبتها في 7 أكتوبر تلزمنا ببذل كل ما في وسعنا لضمان عدم تمكنها من القيام بذلك بعد الآن».

ولم تعلن «حماس» مسؤوليتها عن الهجوم في الضفة الغربية، لكنها وصفته في بيان بأنه «عملية بطولية للمقاومة».

وكانت خدمة إسعاف نجمة داوود الحمراء أعلنت مقتل 3 أشخاص؛ رجلين وامرأة، في إطلاق نار استهدف سيارة قرب حاجز ترقوميا القريب من مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية.

وبحسب الجيش، أطلق المهاجمون النار على مركبة كانت تقل القتلى الثلاثة، مشيراً إلى أن «قوات الأمن بدأت بالبحث عن الإرهابيين». وقال قائد الشرطة الإسرائيلية في الضفة الغربية عوزي ليفي، إن القتلى عناصر في الشرطة.