باريس تطالب إسرائيل بالامتناع عن الرد عسكرياً والبحث عن «سبل أخرى»

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متوسطاً مسؤول الخارجية الأوروبية جوزيب بوريل (يمين) ووزير خارجيته ستيفان سيجورنيه ومسؤول إدارة الأزمات في الاتحاد الأوروبي جانيس لينارجيك في باريس (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متوسطاً مسؤول الخارجية الأوروبية جوزيب بوريل (يمين) ووزير خارجيته ستيفان سيجورنيه ومسؤول إدارة الأزمات في الاتحاد الأوروبي جانيس لينارجيك في باريس (أ.ف.ب)
TT

باريس تطالب إسرائيل بالامتناع عن الرد عسكرياً والبحث عن «سبل أخرى»

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متوسطاً مسؤول الخارجية الأوروبية جوزيب بوريل (يمين) ووزير خارجيته ستيفان سيجورنيه ومسؤول إدارة الأزمات في الاتحاد الأوروبي جانيس لينارجيك في باريس (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متوسطاً مسؤول الخارجية الأوروبية جوزيب بوريل (يمين) ووزير خارجيته ستيفان سيجورنيه ومسؤول إدارة الأزمات في الاتحاد الأوروبي جانيس لينارجيك في باريس (أ.ف.ب)

تعمل باريس على منع التصعيد بين إيران وإسرائيل بعد الهجمات الإيرانية بالمسيّرات والصواريخ. وانخرطت فرنسا، على أعلى المستويات في الدعوة إلى الامتناع عن التصعيد داعية إسرائيل إلى التخلي عن استهداف إيران عسكرياً، والبحث عن سبيل آخر للرد على الهجمات التي ضربتها.

وفي حديث، صباح الأحد، للقناة الإخبارية «بي إف إم تي في» كان مخصصاً أساساً للحديث عن ألعاب الأولمبياد التي تستضيفها فرنسا الصيف المقبل، أكّد الرئيس إيمانويل ماكرون أن بلاده ستبذل ما بوسعها للحيلولة دون التصعيد في الشرق الأوسط. وعدّ بداية أن الهجمات الإيرانية لم تكن «متناسبة» مع الهجوم الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في دمشق والذي أودى بحياة قادة كبار من «الحرس الثوري» الإيراني.

وقال ماكرون: «بدل أن تستهدف إيران المصالح الإسرائيلية خارج إسرائيل، فقد اختارت استهداف إسرائيل داخل الأراضي الإسرائيلية وهو الأول من نوعه» في تاريخ النزاع الإيراني ــ الإسرائيلي. وما حدث، وفق ماكرون، «يشكل تغييراً وانقطاعاً عميقاً» عما كان يحدث في السابق بين الطرفين؛ ولذا «فإن المرحلة التي فُتحت بالغة الخطورة لجهة نوعية ردود الفعل». وأفاد ماكرون بأنه ينوي التحدث إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي، الاثنين، لدفعه إلى الامتناع عن التصعيد.

وقال ماكرون ما حرفيته: «يتعين تجنب أن تشكل كل مرحلة اجتيازاً لعتبة سابقة؛ إذ نرى اليوم أن الوضع أضحى بالغ الخطورة».

مخاطر حريق إقليمي

وما يثير قلق الرئيس الفرنسي عنوانه «خطر اندلاع حريق إقليمي كبير». ولذا، فإنه يطرح حلولاً بديلة عن ردود الفعل العسكرية الإسرائيلية ضد إيران وداخل الأراضي الإيرانية. وما يريده هو العمل على إقناع إسرائيل بأنه «لا ينبغي لنا أن نرد بالتصعيد، بل بعزل إيران، وأن ننجح في إقناع دول المنطقة بأن إيران تشكل خطراً».

وسعى الرئيس الفرنسي إلى التقليل من أهمية ما قامت به طهران، وذلك بالتركيز على «انتصار إسرائيل»، الأمر الذي تمثل في «إيقاف جميع الصواريخ والمسيرات تقريباً. ولم تصب سوى 7 منها فقط أراضيهم، وأصيب شخص واحد بجروح». ولإقناع إسرائيل، دعا ماكرون إلى «زيادة العقوبات» ضد طهران، و«زيادة الضغط على الأنشطة النووية» من أجل إيجاد طريق للسلام في المنطقة، مضيفاً أن «الوضع غير مستقر البتة اليوم، وهناك تعبئة دبلوماسية قوية جداً في هذا السياق».

وربط ماكرون بين التصعيد الإيراني ــ الإسرائيلي المباشر الحالي، وبين الحرب الدائرة في غزة، وهو يرى أن التوصل إلى وقف لإطلاق النار، واستئناف العمليات الإنسانية «لحماية المدنيين الذين لا علاقة لهم بحماس» سيكون له دوره في استبعاد التصعيد بين دولة نووية هي إسرائيل وأخرى وصلت، وفق عدد كبير من المراقبين، إلى الحافة النووية.

وفي أية حال، تعد مصادر فرنسية أن أي حرب قد تنشأ بين طهران وتل أبيب يمكن أن تمتد سريعاً إلى دول أخرى مثل العراق ولبنان وسوريا؛ ما سيشكل حريقاً على مستوى الشرق الأوسط لا أحد يريده. وأوضح ماكرون أن فرنسا تتحدث «مع كل دول المنطقة»، وتحاول أن تكون «قوة وساطة»، مشدداً على الدور الأميركي «لاحتواء إيران».

المشاركة الفرنسية

بيد أن اللافت في تصريحات ماكرون، الاثنين، وما أدلى به وزير خارجيته ستيفان سيجورنيه للقناة الثانية في التلفزة الفرنسية، مساء الأحد، يتناول مشاركة فرنسا في إسقاط المقذوفات الإيرانية. فقد كان الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، صباح الأحد، قد أكد مشاركة فرنسا في إسقاط المقذوفات الإيرانية إلى جانب الولايات المتحدة وبريطانيا، بينما لم يصدر عن باريس تأكيد سوى مساء الأحد على لسان وزير الخارجية.

يقول ماكرون إن الطائرات الفرنسية المرابطة في الأردن في إطار القوة الدولية لمحاربة تنظيم «داعش» قد شاركت في التصدي للمقذوفات الإيرانية «بناءً على طلب الأردن». وأضاف: «لدينا قاعدة جوية في الأردن (...) هذه المقذوفات (الإيرانية) انتهكت المجال الجوي الأردني. وقد أقلعت طائراتنا، واعترضنا ما يتوجب علينا اعتراضه». وفي كلامه ليست هناك أي إشارة لإسرائيل.

وكان سيجورنيه قد قال، الأحد، إن ما قامت به الطائرات الفرنسية «جاء لحماية القواعد الفرنسية في المنطقة، في الأردن والإمارات العربية المتحدة والعراق». وأضاف: «تحملنا مسؤولياتنا لأن فرنسا أحد اللاعبين المعنيين بالأمن الإقليمي»، مؤكداً أن الهجمات الإيرانية «لم تكن تهدد إسرائيل وحدها، بل أمن قواتنا، وتنتهك سلامة أجواء شركائنا العرب». وفي كلام ماكرون كما في كلام سيجورنيه، ليست هناك إشارة لرغبة فرنسا في حماية إسرائيل من الهجمات الإيرانية، كما لم يأت أحد على ذكر أن المسيّرات والمقذوفات الإيرانية كانت تستهدف مصالح فرنسية في الأردن أو في الإمارات ما يدل على «بلبلة» في الشروحات الفرنسية.

وكانت باريس فد استدعت السفير الإيراني لدى فرنسا لإبلاغه «رسالة حازمة» بشأن الهجمات التي قامت بها بلاده، ليل السبت ــ الأحد. وحمَّل سيجورنيه مسؤولية التصعيد الراهن لإيران؛ حيث إن الإيرانيين هم «من هاجموا إسرائيل، وإيران جعلت من دبلوماسية الحقد إزاء إسرائيل منهجاً لها منذ عام 1979ّ» أي منذ قيام الجمهورية الإسلامية. كذلك، فإن وزير الداخلية جيرالد درامانان طلب من مسؤولي الشرطة تعزيز الحراسة على المدارس وأماكن العبادة على الأراضي الفرنسية تخوفاً من هجمات إرهابية على خلفية التصعيد الحاصل في المنطقة.


مقالات ذات صلة

المشرق العربي فلسطينيون يحاولون إخماد النيران بعد غارة جوية إسرائيلية على خيام تؤوي نازحين في خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)

مقتل 6 فلسطينيين بقصف إسرائيلي استهدف مدرسة لـ«أونروا» شمال غزة

قُتل 6 مواطنين فلسطينيين وأُصيب آخرون بجروح، اليوم (الخميس)، بقصف إسرائيلي استهدف مدرسة تؤوي نازحين في شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة )
المشرق العربي جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (إ.ب.أ)

«حماس» ترفض التفاوض على نزع سلاح الفصائل

 أعلن مسؤولان في حركة «حماس»، مساء أمس (الأربعاء)، رفض الحركة المطلق لأي طرح يتعلق بنزع سلاحها أو سلاح الفصائل الفلسطينية.

«الشرق الأوسط» (غزة )
المشرق العربي تصاعد الدخان من جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (رويترز)

قيادي في «حماس»: الحركة ما زالت تعد ردها على مقترح إسرائيل بشأن هدنة غزة

أكد قيادي كبير في حركة «حماس» لـ«وكالة الصافة الفرنسية»، اليوم (الأربعاء)، أن الحركة لا تزال تعد ردها على مقترح إسرائيلي لوقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (غزة )
شؤون إقليمية تصاعد الدخان جراء الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)

الجيش الإسرائيلي: نسيطر على 30 % من قطاع غزة

قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، اليوم الأربعاء، إن الجيش يسيطر حالياً على نحو 30 في المائة من مساحة قطاع غزة بوصفها منطقة تأمين دفاعية متقدمة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

غروسي يضغط على طهران بـ«مهلة قصيرة» للتفاوض

مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي متحدثاً للصحافيين في طهران (رويترز)
مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي متحدثاً للصحافيين في طهران (رويترز)
TT

غروسي يضغط على طهران بـ«مهلة قصيرة» للتفاوض

مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي متحدثاً للصحافيين في طهران (رويترز)
مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي متحدثاً للصحافيين في طهران (رويترز)

أكد مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي أن المهلة قصيرة أمام الولايات المتحدة وإيران للتوصل إلى اتفاق نووي جديد، في حين رفضت وزارة الخارجية الإيرانية مقترحاً بانضمام الوكالة إلى المحادثات الجارية «لأن الوقت مبكر».

وقال غروسي لوسائل إعلام إيرانية، خلال زيارته طهران، الخميس: «نحن في مرحلة حاسمة في هذه المفاوضات المهمة (...) ندرك أننا لا نملك إلا مهلة قصيرة لذا أنا هنا (...) لتسهيل هذه العملية».

والوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة ومقرها في فيينا، مكلفة بالتحقق من الطبيعة السلمية لبرنامج إيران النووي.

وتشتبه الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، فضلاً عن إسرائيل، منذ فترة طويلة، بسعي إيران إلى امتلاك السلاح النووي. في المقابل تنفي طهران أنها تسعى لذلك، مؤكدة أن أغراض برنامجها مدنية بحتة.

وذكرت وكالة (إرنا) الرسمية أن غروسي يجرى محادثات مع مدير المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية محمد إسلامي، من دون مزيد من التفاصيل.

وعنونت صحيفة «شرق» الإصلاحية أن الزيارة تفتح «فصلاً حساساً في الدبلوماسية الإيرانية».

صورة نشرتها منظمة الطاقة الذرية الإيرانية تُظهر مدير الوكالة الدولية رافائيل غروسي (يسار) وهو يزور معرضاً للإنجازات النووية الإيرانية في طهران 17 أبريل 2025

أحجية النووي الإيراني

وقال غروسي في مقابلة مع صحيفة «لوموند» إن إيران «ليست بعيدة» عن تطوير قنبلة نووية. وأضاف: «إنها أشبه بأحجية، لديهم القطع، وقد يتمكنون يوماً ما من تجميعها (...) «لا يزال أمامهم مسافة ليقطعوها قبل أن يصلوا إلى تلك المرحلة. لكنهم ليسوا بعيدين، علينا أن نقر بذلك».

وتعليقاً على دعوة غروسي لمشاركة الوكالة في المحادثات الإيرانية - الأميركية، قال كاظم غريب‌ آبادي، معاون وزارة الخارجية الإيرانية، إن «الوقت مبكر على إشراك الوكالة في هذا الأمر».

ونقلت وكالة «إسنا» الإيرانية عن غريب آبادي، أن «غروسي تعجل في القول إن أي اتفاق نووي سيكون مجرد ورق من دون الوكالة الدولية».

ورحب وزير الخارجية عباس عراقجي عبر منصة «إكس» بـ«مناقشة مجدية» مع غروسي، مضيفاً: «في الأشهر المقبلة يمكن للوكالة أن تضطلع بدور أساسي في التسوية السلمية للملف النووي الإيراني».

وندد الوزير الإيراني بـ«مثيري الاضطرابات الذين يتجمعون لإخراج المفاوضات الجارية عن السكة».

ويبدو أن هذا الكلام يشير إلى تغير ظاهري في موقف إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

فقد أكد المفاوض الأميركي ستيف ويتكوف أن على إيران «أن توقف برنامج التخصيب والعسكرة النووية والتخلص منه».

وكان ويتكوف امتنع عن المطالبة بتفكيك كامل للبرنامج النووي الإيراني، لكنه دعا إلى الحد من قدرات تخصيب اليورانيوم الإيرانية.

وترى إيران وقف كل نشاطاتها النووية بما يشمل الأغراض المدنية «خطاً أحمر».

وتفيد الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن إيران هي الدولة الوحيدة غير الحائزة سلاحاً نووياً التي تخصب اليورانيوم عند نسبة 60 في المائة، وهو مستوى عالٍ؛ أي أنها باتت قريبة من نسبة 90 في المائة الضرورية لصنع سلاح نووي، مشيرة إلى أنها تواصل تخزين المواد الانشطارية بكميات كبيرة.

وكان غروسي التقى، صباح الخميس، برئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي، وقالت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني، إن الرجلين أجريا «مشاورات لمواصلة التعاون والتعامل مع الوكالة في إطار الالتزامات القانونية الدولية».

وحسب «تسنيم»، فقد أعرب غروسي عن «سروره لإتاحة فرصة زيارة طهران، وأكد أهمية استمرار التعاون والتنسيق بين إيران والوكالة، والتشاور مع الأطراف الأخرى من أجل تهيئة أجواء مناسبة تساهم في تسوية القضايا القائمة».