إيران تحذر إسرائيل من الهجوم المضاد

طهران استدعت سفراء الترويكا الأوروبية... رئيس الأركان توعد بـ«رد أقوى وأكثر حزماً» وقائد «الحرس» تحدث عن «معادلة جديدة»

عبداللهيان يتحدث إلى دبلوماسيين أجانب حول الهجوم على إسرائيل (الخارجية الإيرانية)
عبداللهيان يتحدث إلى دبلوماسيين أجانب حول الهجوم على إسرائيل (الخارجية الإيرانية)
TT

إيران تحذر إسرائيل من الهجوم المضاد

عبداللهيان يتحدث إلى دبلوماسيين أجانب حول الهجوم على إسرائيل (الخارجية الإيرانية)
عبداللهيان يتحدث إلى دبلوماسيين أجانب حول الهجوم على إسرائيل (الخارجية الإيرانية)

غداة إطلاق «الحرس الثوري» الإيراني وابلاً من الصواريخ الباليستية والطائرات المُسيّرة على إسرائيل، رداً على قصف قنصليتها، أعلنت إيران نهاية ما وصفته بـ«الرد المشروع» على قصف استهدف قنصليتها في دمشق، وحذّرت إسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة، من رد «أقوى وأكثر حزماً» إذا تعرضت لهجوم مضاد، في ظل إدانات غربية مرفقة بدعوات لضبط النفس خشية امتداد العنف إلى مختلف أنحاء الشرق الأوسط.

وحذّر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي من أن أي رد «متهور» لإٍسرائيل سيستدعي «رداً أقوى وأكثر حزماً». وقال رئيسي، في بيان: «نال المعتدي عقابه»، مضيفاً «إذا قام النظام الصهيوني أو داعموه بأي تصرف متهوّر، فسيتلقون ردّاً أقوى وأكثر حزماً». بينما أكد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت «تأهب» بلاده في مواجهة عدوها اللدود.

ووضعت إيران الهجوم في إطار «الدفاع عن النفس»، رداً على قصف دمّر قنصليتها بدمشق، في الأول من أبريل (نيسان) الحالي، والذي أدى إلى مقتل قائد قوات «الحرس الثوري» في سوريا ولبنان، محمد رضا زاهدي، وستة من ضباط «فيلق القدس» المكلف بالعمليات الخارجية الإيرانية. وعدّته طهران بمثابة اعتداء على أراضيها.

وقال «الحرس الثوري»، في بيان رسمي، إن وحدته الصاروخية «أطلقت عشرات الصواريخ والمُسيّرات على أهداف محددة». وأطلق «الحرس» تسمية «الوعد الصادق» على العملية. وذكرت وكالة «إرنا» الرسميّة أن أكبر قاعدة جوّية في النقب بجنوب إسرائيل، تعرّضت «لأضرار جسيمة»، بعدما أصابتها صواريخ إيرانيّة ليلاً.

وحذر بيان «الحرس» الولايات المتحدة من «تقديم أي دعم ومشاركة في الإضرار بمصالح إيران»، ملوّحاً بـ«رد حازم وسيجلب الندم من القوات المسلحة الإيرانية». وحمّل الولايات المتحدة مسؤولية «الإجراءات الشريرة للكيان الصهيوني». وقال: «عليها أن تتحمل العواقب». وشدد بيان «الحرس» على «سياسة حسن الجوار مع الجيران ودول المنطقة»، لكنه قال إن «أي نوع من تهديد أميركي وإسرائيلي من أي مصدر كان، سيلقى الرد المناسب من إيران».

صورة وزعها «الحرس الثوري» من إطلاق طائرة مُسيرة طراز «شاهد 136» في منطقة غير معلنة (رويترز)

تكتم على الأسلحة المستخدمة

ولم يكشف «الحرس الثوري» تفاصيل الصواريخ والمُسيّرات المستخدمة، لكن قنوات «الحرس الثوري» أشارت إلى إطلاق مسيرات «شاهد 238» الانتحارية من منطقة «طلائية» الحدودية، في جنوب هور الحويزة، قرب الحدود العراقية. وأظهرت بعض الفيديوهات إطلاق صواريخ من مدينة شهريار غرب طهران، ومرت صواريخ وطائرات مُسيّرة من مدينة كرمانشاه غرب إيران. وأشارت بعض قنوات «الحرس» إلى إطلاق صواريخ باليستية من قواعد «الحرس الثوري» في مدينتي دزفول وأنديمشك شمال الأحواز.

وعلى خلاف الهجمات الصاروخية السابقة، لم ينشر «الحرس الثوري» أي مقاطع فيديو أو صور من عمليات الإطلاق.

وقال الجيش الإسرائيلي إن أكثر من 100 طائرة مُسيّرة، التي قالت مصادر أمنية عراقية إنها شوهدت وهي تحلق فوق البلاد قادمة من إيران، ستستغرق ساعات للوصول إلى أهدافها. وقالت القناة 12 الإسرائيلية إن بعضها أُسقط فوق سوريا أو الأردن. وذكرت أن مقاتلات أميركية وبريطانية شاركت في إسقاط بعض الطائرات المُسيّرة المتجهة إلى إسرائيل فوق منطقة الحدود العراقية السورية.

وقال مسؤولون إسرائيليون إن 185 طائرة مُسيّرة، و36 صاروخ كروز، و110 صواريخ باليستية أُطلقت على الأراضي الإسرائيلية، من إيران وجزء صغير من العراق واليمن، ورجّح خبراء استخدام إيران صاروخ كروز من طراز «باوه»، وفق ما أورت «نيويورك تايمز».

وقال الجيش الإسرائيلي إن إيران أطلقت «أكثر من 120 صاروخاً باليستياً»، وأشار إلى رد، وأكد «إحباط» الهجوم، مشيراً إلى رصد غالبية الصواريخ ووصول بعضها إلى الأراضي الإسرائيلية. وأوضح: «اعترضنا 99 في المائة من التهديدات نحو الأراضي الإسرائيلية، هذا إنجاز استراتيجي مهم».

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، الأميرال دانيال هاغاري، إن إيران أطلقت العشرات من الصواريخ أرض - أرض على إسرائيل، جرى اعتراض معظمها خارج حدود إسرائيل، مضيفاً أنها شملت أكثر من عشرة صواريخ كروز.

وقال هاغاري، في كلمة متلفزة: «أطلق النظام في إيران سرباً كثيفاً مكوناً من 200 طائرة مُسيّرة فتّاكة وصواريخ باليستيّة وصواريخ كروز»، مشيراً إلى أن «عدداً من الصواريخ الإيرانيّة سقط في الأراضي الإسرائيليّة، ما أدّى إلى حدوث أضرار طفيفة في قاعدة عسكريّة، لكن دون وقوع ضحايا».

وقال وزير الدفاع يواف غالانت إنه «سوياً مع الولايات المتحدة وشركاء إضافيين، تمكّنا من الدفاع عن أرض دولة إسرائيل»، معقّباً «الحملة لم تنتهِ بعد... يجب أن نبقى متأهبين». وأقر الجيش الإسرائيلي بإصابة القاعدة، مؤكداً أن الأضرار «طفيفة» ولم تؤد إلى إخراجها من الخدمة.

أشخاص يمرون بجوار ملصق مناهض لإسرائيل في أحد شوارع طهران بإيران (رويترز)

معادلة جديدة

وقال رئيس هيئة أركان القوات المسلّحة الإيرانية، الميجر جنرال محمد باقري، للتلفزيون الرسمي، إن الضربات استهدفت موقعين عسكريين هما «المركز الاستخباري الذي وفّر للصهاينة المعلومات المطلوبة» لقصف القنصلية الإيرانية في دمشق، إضافة إلى «قاعدة نوفاطيم التي أقلعت منها طائرات إف - 35» لشنّ الضربة، في الأول من أبريل. وقال إن الموقعين أصيبا بأضرار بالغة «وخرجا من الخدمة».

وتابع: «ردُّنا سيكون أكبر بكثير من العمل العسكري، الليلة الماضية، إذا ردّت إسرائيل على إيران»، وحذّر واشنطن من أن أي دعم للرد الإسرائيلي سيؤدي إلى استهداف قواعد أميركية. وأضاف أن الهجوم «حقّق كل أهدافه». وأضاف: «ليست لدينا أي نية لمواصلة العملية ضد إسرائيل، فالعملية انتهت، من وجهة نظرنا»، مؤكداً أن الهجوم الذي شنّته إيران «كان بمثابة عقاب، وردّها على أي عمل سيكون أكبر بكثير». بدوره قال قائد «الحرس الثوري»، حسين سلامي، إن إيران «كانت قادرة على شنّ هجوم أكبر». وأوضح: «جعلنا هذه العملية تقتصر على المنشآت التي استخدمها النظام الصهيوني لمهاجمة سفارتنا» في سوريا. وأضاف: «نسعى وراء إقامة معادلة جديدة... من الآن فصاعداً إذا تعرضت مصالحنا وممتلكاتنا ومسؤولينا ومواطنونا لهجوم، فسنهاجمهم من أراضينا».

وقال محمد جمشيدي، مساعد الشؤون السياسية بمكتب الرئيس الإيراني، إن «عملية الليلة الماضية هي نهاية عصر الصبر الاستراتيجي، الآن تغيرت المعادلة الاستراتيجية». وأضاف: «استهداف القوات والأموال الإيرانية سيقابَل برد مباشر». وتابع: «أفشلت إيران استراتيجية الحرب بين الحروب».

ونقلت وكالتا «تسنيم» و«فارس»، التابعتان لـ«الحرس الثوري»، عن مصدر القول إن «طهران تراقب عن كثب الأردن الذي قد يصبح الهدف التالي في حال اتخاذه أي تحركات لدعم إسرائيل... وجهنا تحذيرات ضرورية للأردن ودول المنطقة قبل الهجوم».

في السياق نفسه نقلت عن مصادر لم تُسمّها القول إنه إذا ردّت إسرائيل على الهجوم «فسنستخدم تكتيكات هجومية مختلفة». وأضافت المصادر: «تدربنا على استراتيجيات وتكتيكات عدة لمهاجمة المصالح الصهيونية، وسيجري تنفيذها وفقاً للموقف».

وقال رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف، إن «الصفعة التي وجهها الشعب الإيراني للعدو الصهيوني كانت حازمة وسيستخلص منها العِبر». وأضاف أن «الجمهورية الإسلامية تؤكد مبدأ أن أي تهديد من أي دولة سيؤدي إلى رد مناسب وقوي على مصدر التهديدات».

عبداللهيان يتحدث إلى دبلوماسيين أجانب حول الهجوم على إسرائيل (الخارجية الإيرانية)

استنفار دبلوماسي

ودعا وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان، سفراء أجانب إلى اجتماع، قائلاً إن إيران أبلغت الولايات المتحدة بأن هجماتها ضد إسرائيل ستكون «محدودة» وللدفاع عن النفس، مضيفاً أن طهران «أخطرت جيرانها قبل 72 ساعة من الهجمات على إسرائيل».

وأشاد عبداللهيان بموقف دول الجوار والمنطقة «الذين أكدوا لأميركا رفض استخدام أراضيهم ضد إيران». وقال إن بلاده «لم تضرب أهدافاً سكنية أو اقتصادية في إسرائيل، وكانت عملياتها دقيقة»، وتابع: «هدفنا كان توبيخ إسرائيل، ولم نحاول استهداف القواعد الأميركية في المنطقة»، لافتاً إلى أن بلاده تحلّت بضبط النفس، في الأشهر الستة الأخيرة، «لكن إسرائيل تلقت رسالة غير صحيحة عن سكوتنا».

وكتب الوزير، الذي تربطه صلات وثيقة بـ«الحرس الثوري» على منصة «إكس»، أن إيران لا تنوي إطالة أمد «عملياتها الدفاعية»، لكنها لن تتردد في حماية مصالحها المشروعة ضد أي عدوان جديد.

كما استدعت «الخارجية» الإيرانية سفراء بريطانيا وفرنسا وألمانيا؛ لسؤالهم عما وصفته «بمواقفهم غير المسؤولة» فيما يتعلق بالهجوم الإيراني على إسرائيل. وندّدت الدول الأوروبية الثلاث بالهجوم. واتهم المدير العام لشؤون أوروبا الغربية بوزارة الخارجية الإيرانية، الدول الثلاث «بالكيل بمكيالين»؛ لأنها عارضت، في وقت سابق من هذا الشهر، بياناً صاغته روسيا في مجلس الأمن، التابع للأمم المتحدة، كان سيدين الهجوم الإسرائيلي على مجمع السفارة الإيرانية في سوريا.

رجل يمر بجوار جدارية مناهضة لإسرائيل في أحد شوارع طهران (رويترز)

وأضاف أن «العملية العسكرية الإيرانية ضد قواعد النظام الصهيوني (إسرائيل) تقع ضمن حق الدفاع المشروع المنصوص عليه في المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، وهي رد على سلسلة من الجرائم؛ منها الهجوم الذي وقع مؤخراً على مجمع السفارة في سوريا».

وقبل أن تصل الصواريخ الإيرانية إلى إسرائيل، قالت البعثة الإيرانيّة لدى الأمم المتحدة، في رسالة عبر منصّة «إكس»: «هذا نزاع بين إيران والنظام الإسرائيلي المارق، ويجب على الولايات المتحدة البقاء في منأى عنه». وقالت إنّ «العمل العسكري الإيراني نُفّذ على أساس المادّة 51 من ميثاق الأمم المتحدة المتعلّق بالدفاع عن النفس، وكان رداً على عدوان النظام الصهيوني على مقارّنا الدبلوماسيّة في دمشق». وأضافت أن «المسألة يمكن اعتبارها منتهية، لكن إذا ارتكب النظام الإسرائيلي خطأ آخر، فإنّ ردّ إيران سيكون أشدّ خطورة بكثير».

بموازة البيان الإيراني، نقلت وكالة «فارس»، التابعة لـ«الحرس الثوري»، عن مسؤول عسكري مشارك في الهجوم الصاروخي، أن «العملية العقابية للكيان الصهيوني لم تنته بعدُ، وما زالت مستمرة، جميع الأهداف لعمليات إيران كانت عسكرية».

وفي حين قالت «وكالة الصحافة الفرنسية» إن «آلاف الإيرانيين في مدن البلاد الرئيسية احتفلوا بالهجوم»، وأنهم رددوا «الموت إسرائيل»، و«الموت لأميركا»، أظهرت فيديوهات نشرها ناشطون حالة هلع في طهران، وطوابير أمام محطات البنزين بالعاصمة طهران، وتُظهر بعض الفيديوهات توجه الإيرانيين إلى محلات بيع الأغذاية؛ لتوفير المياه والسلع الغذائية، تحسباً للرد الإسرائيلي.

وأصدر جهاز استخبارات «الحرس الثوري» بياناً، الأحد، يحذر فيه من أي منشورات مؤيدة لإسرائيل من قِبل مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي الإيرانيين. وعبّر إيرانيون، داخل البلاد وخارجها، عن دعمهم لإسرائيل بعد الهجوم الإيراني.


مقالات ذات صلة

جمال مصطفى: الرئيس قال «عبد الكريم قاسم نزيه لكن الحزب كلفنا باغتياله»

خاص شغل الدكتور جمال مصطفى السلطان منصب السكرتير الثاني للرئيس صدام حسين وهو متزوج من ابنته حلا play-circle 02:19

جمال مصطفى: الرئيس قال «عبد الكريم قاسم نزيه لكن الحزب كلفنا باغتياله»

يؤكد جمال مصطفى السلطان أن الرئيس صدام رفض اغتيال ضيفه الخميني، ويعتبر تسمية «الكيماوي» ظلماً لعلي حسن المجيد.

غسان شربل
شؤون إقليمية مجلس الأمن يصوت بالإجماع على القرار «2231» بعد أسبوع على توقيع الاتفاق النووي بفيينا في 20 يوليو 2015 (أرشيفية - الأمم المتحدة)

«سناب باك»... إيران تواجه شبح العقوبات الأممية

لوّحت بريطانيا، الأحد، بتفعيل آلية «سناب باك» لمواجهة الخروقات الإيرانية في الاتفاق النووي لعام 2015؛ ما يعرض طهران لخطر العودة التلقائية إلى العقوبات الأممية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي السوداني مع الرئيس الإيراني خلال زيارة في سبتمبر الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)

العراق... فقدان 5500 ميغاواط من إمدادات الكهرباء

أعلنت وزارة الكهرباء العراقية الأحد عن فقدان منظومة الكهرباء لـ5500 ميغاواط بسبب توقف إمدادات الغاز الإيراني بالكامل.

فاضل النشمي (بغداد)
شؤون إقليمية صورة نشرتها وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» لعلي لاريجاني مستشار المرشد الإيراني

علي لاريجاني: إيران تجهز الرد على إسرائيل

قال علي لاريجاني، أحد كبار مستشاري المرشد الإيراني علي خامنئي، اليوم (الأحد)، إن طهران تجهز لـ«الرد» على إسرائيل.

شؤون إقليمية صورة نشرتها «الخارجية الإيرانية» من لقاء الوزير عباس عراقجي وعلى يمينه المتحدث إسماعيل بقائي مع رؤساء التحرير الأسبوع الماضي

إيران وأوروبا تجتمعان لمحادثات نووية في جنيف الجمعة

تعتزم إيران إجراء محادثات نووية مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي يوم 29 نوفمبر (تشرين الثاني) في جنيف.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)

«سناب باك»... إيران تواجه شبح العقوبات الأممية

مجلس الأمن يصوت بالإجماع على القرار «2231» بعد أسبوع على توقيع الاتفاق النووي بفيينا في 20 يوليو 2015 (أرشيفية - الأمم المتحدة)
مجلس الأمن يصوت بالإجماع على القرار «2231» بعد أسبوع على توقيع الاتفاق النووي بفيينا في 20 يوليو 2015 (أرشيفية - الأمم المتحدة)
TT

«سناب باك»... إيران تواجه شبح العقوبات الأممية

مجلس الأمن يصوت بالإجماع على القرار «2231» بعد أسبوع على توقيع الاتفاق النووي بفيينا في 20 يوليو 2015 (أرشيفية - الأمم المتحدة)
مجلس الأمن يصوت بالإجماع على القرار «2231» بعد أسبوع على توقيع الاتفاق النووي بفيينا في 20 يوليو 2015 (أرشيفية - الأمم المتحدة)

لوّحت بريطانيا، الأحد، بتفعيل آلية «سناب باك» لمواجهة الخروقات الإيرانية في الاتفاق النووي لعام 2015؛ ما يعرض طهران لخطر العودة التلقائية إلى العقوبات الأممية، في حال واصلت التصعيد النووي.

وجاء التهديد في إطار بيان لوزارة الخارجية البريطانية أكد محادثات من المقرر أن تجري الجمعة في جنيف، بين الثلاثي الأوروبي (فرنسا، وبريطانيا، وألمانيا) وإيران لبحث إمكانية العثور على مخرج من المأزق في المسار الدبلوماسي الهادف لإحياء الاتفاق النووي.

وردت إيران على القرار الذي اقترحته بريطانيا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة، بما وصفه مسؤولون حكوميون بإجراءات مختلفة مثل تشغيل العديد من أجهزة الطرد المركزي الجديدة والمتقدمة، وهي أجهزة تعمل على تخصيب اليورانيوم.

وذكرت وكالة «كيودو» اليابانية للأنباء التي كانت أول من نشر خبر انعقاد الجولة الجديدة من المحادثات يوم الجمعة في جنيف، أن حكومة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان تسعى إلى التوصل لحل للأزمة النووية قبل تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في يناير (كانون الثاني).

وقالت وزارة الخارجية البريطانية: «ما زلنا ملتزمين باتخاذ جميع الخطوات الدبلوماسية لمنع إيران من تطوير أسلحة نووية، بما في ذلك عبر آلية العودة التلقائية (سناب باك) إذا لزم الأمر».

وتخشى إيران من أن يعود ترمب إلى استراتيجية «الضغوط القصوى»، بما في ذلك السعي لتفعيل آلية «سناب باك».

فضلاً عن ترمب، تخشى إيران أيضاً تفعيل آلية «سناب باك» من قبل القوى الأوروبية. وأعرب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، بداية الأسبوع الماضي، عن مخاوفه من أن تقدم الدول الأوروبية على تفعيل آلية «سناب باك» المنصوص عليها في الاتفاق النووي، قبل انتهاء مفعولها في أكتوبر (تشرين الأول) 2025، مع انقضاء موعد القرار «2231» الذي يتبنى الاتفاق النووي.

وبعد انسحاب ترمب من الاتفاق النووي في 2018، ردت إيران بإجراءات كبيرة وغير مسبوقة في برنامجها النووي، بما في ذلك تخصيب اليورانيوم إلى 60 في المائة. ورداً على الضغوط، هددت إيران مراراً وتكراراً بإمكانية الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي العالمية إذا أحالتها الدول الأوروبية إلى مجلس الأمن الدولي بسبب تقليص تعهداتها النووية.

وكرر هذا التهديد نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون القانونية كاظم غريب آبادي، الخميس الماضي، قائلاً إن بلاده «ستنسحب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية» إذا قرّرت الدول الغربية إعادة فرض عقوبات أممية على إيران، بموجب تفعيل آلية «سناب باك».

آلية فض النزاع

يمر تفعيل آلية «سناب باك» عبر تفعيل بند آخر، يعرف بآلية «فض النزاع». أقدمت إدارة ترمب الأولى على تفعيل آلية «فض النزاع»، لكنها واجهت معارضة أوروبية حالت دون تفعيل آلية «سناب باك» رغم أن وزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو، أعلن تفعيل بلاده للآلية.

وقبل عودة إيران والقوى الكبرى إلى طاولة المفاوضات النووية في أبريل (نيسان) 2021، فعّل الثلاثي الأوروبي في يناير 2020 آلية «فض النزاع»، في أقوى خطوة اتخذتها هذه الدول حتى الآن لفرض تطبيق اتفاق عُرض على إيران بموجبه تخفيف العقوبات عنها مقابل الحد من أنشطتها النووية. لكن بعد الخطوة بشهر أعلن مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، تمديد تلك الخطوة إلى أجل غير مسمى، حتى يتجنب ضرورة إحالة الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أو فرض عقوبات جديدة على طهران.

وقال بوريل أثناء زيارة إلى طهران في 4 فبراير (شباط) 2020: «نحن متفقون على عدم تحديد إطار زمني صارم بشكل مباشر يلزمنا بالذهاب إلى مجلس الأمن». وأضاف: «لا نرغب في بدء عملية تفضي إلى نهاية الاتفاق (النووي)، وإنما إبقاء الاتفاق على قيد الحياة».

رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية محمد إسلامي يشرح للمرشد الإيراني علي خامنئي عملية تخصيب اليورانيوم... وتبدو مجسمات لسلسلة أجهزة الطرد المركزي (موقع المرشد)

في ديسمبر (كانون الأول) 2020، أقر البرلمان الإيراني قانون «الخطوة الاستراتيجية للرد على العقوبات الأميركية»، ورفعت إيران بموجبه تخصيب اليورانيوم إلى 20 في المائة خلال الأسابيع الأولى من تولي جو بايدن مهامه في البيت الأبيض، قبل أن ترفع نسبة التخصيب إلى 60 في المائة.

وتستغرق عملية «فض النزاع» ما يصل إلى 65 يوماً إلا في حالة الاتفاق بالإجماع على تمديد هذه المدة. وفيما يلي خطوات تنفيذ الآلية:

لجنة مشتركة

الخطوة الأولى: إذا اعتقد أي من أطراف الاتفاق النووي المعروف باسم «خطة العمل الشاملة المشتركة» أن طرفاً آخر غير ملتزم بتعهداته، فإنه بإمكانه إحالة الأمر إلى لجنة مشتركة تضم إيران وروسيا والصين وألمانيا وفرنسا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي (كانت الولايات المتحدة عضواً في هذه اللجنة قبل انسحابها من الاتفاق).

ويكون أمام هذه اللجنة المشتركة 15 يوماً لحل المشكلة إلا إذا اتفقت بالإجماع على تمديد هذه الفترة.

الخطوة الثانية: إذا اعتقد أي من الأطراف أن المشكلة لم يتم حلها بعد الخطوة الأولى، فإنه يمكن إحالتها إلى وزراء خارجية الدول المشاركة في الاتفاق. وسيكون أمام الوزراء 15 يوماً لحل المشكلة إلا إذا توافقوا على تمديد هذه المدة.

وبالتوازي مع، أو بدلاً من، نظر وزراء الخارجية في المسألة، فإن بإمكان الطرف الشاكي أو المتهم بعدم الالتزام طلب النظر فيها من قبل مجلس استشاري مؤلف من ثلاثة أعضاء، عضوان منهم يمثلان طرفَي النزاع والثالث مستقل. ويتعين أن يعطي المجلس الاستشاري رأياً غير ملزم في غضون 15 يوماً.

الخطوة الثالثة: إذا لم يتم حل المشكلة خلال العملية المبدئية التي تستغرق 30 يوماً، فإنه يكون أمام اللجنة المشتركة خمسة أيام لدراسة أي رأي تقدمه اللجنة الاستشارية لمحاولة تسوية الخلاف.

الخطوة الرابعة: إذا لم يقتنع الطرف الشاكي بعد ما جرى اتخاذه من خطوات، ويرى أن الأمر يشكل عدم التزام كبير بالاتفاق، فإن بإمكانه اعتبار المسألة التي لم يتم حلها أساساً لإنهاء التزاماته بموجب هذا الاتفاق كلياً أو جزئياً.

كما يجوز للطرف الشاكي إخطار مجلس الأمن الدولي بأن هذه المسألة تمثل عدم التزام كبير. ويتعين على هذا الطرف أن يصف في إخطاره الجهود التي بُذلت بنيات حسنة حتى نهاية عملية «فض النزاع» التي تولتها اللجنة المشتركة.

عراقجي يتحدث خلال جلسة مجلس الأمن حول لبنان وإسرائيل (الخارجية الإيرانية)

مجلس الأمن الدولي

الخطوة الخامسة: بمجرد أن يخطر الطرف الشاكي مجلس الأمن، فإنه يتعين على المجلس أن يصوت في غضون 30 يوماً على قرار باستمرار تخفيف العقوبات على إيران. ويحتاج إصدار هذا القرار موافقة تسع دول أعضاء دون أن تستخدم الولايات المتحدة أو روسيا أو الصين أو بريطانيا أو فرنسا حق النقض (الفيتو).

الخطوة السادسة: إذا لم يتم تبنّي هذا القرار في غضون 30 يوماً، يعاد فرض العقوبات التي وردت في كل قرارات الأمم المتحدة السابقة إلا إذا قرر مجلس الأمن غير ذلك. وإذا أعيد فرض العقوبات السابقة، فإنها لن تسري بأثر رجعي على العقود التي وقعتها إيران.