العالم يترقب ضربة إيران... اليوم أو غداً

أنباء عن هجوم وشيك بـ100 صاروخ ومسيّرة... ودفاعات طهران الجوية «تتأهب»... وتعهد أميركي بدعم إسرائيل

صاروخ «سليماني» الباليستي في معرض الصواريخ الإيرانية أغسطس 2023 (الرئاسة الإيرانية)
صاروخ «سليماني» الباليستي في معرض الصواريخ الإيرانية أغسطس 2023 (الرئاسة الإيرانية)
TT

العالم يترقب ضربة إيران... اليوم أو غداً

صاروخ «سليماني» الباليستي في معرض الصواريخ الإيرانية أغسطس 2023 (الرئاسة الإيرانية)
صاروخ «سليماني» الباليستي في معرض الصواريخ الإيرانية أغسطس 2023 (الرئاسة الإيرانية)

يتأهب العالم لاحتمالات انزلاق منطقة الشرق الأوسط إلى معركة موازية لحرب غزة، على خلفية التوتر بين إيران وإسرائيل، ورجّحت مصادر أن تنفّذ طهران وعدها بالانتقام، اليوم (الجمعة) أو غداً (السبت)، بعشرات المسيّرات والصواريخ ضد أهداف إسرائيلية، رغم كثافة الضغط الدبلوماسي الدولي لتجنب «حرب شاملة ومفتوحة».

مع ذلك، حاولت إيران التقليل من التقديرات الاستخبارية الغربية بشأن موعد الهجوم وحجمه وطريقته.

وخلال الساعات الماضية، تصاعد القلق من اشتعال أزمة إقليمية بعد أن ترد إيران على استهداف قنصليتها في سوريا، بعد أسبوعين من الاستنزاف الذي بدا أنه «حرب نفسية» تمارسها طهران مع إسرائيل وحلفائها.

وطوال الأسبوع الماضي، كانت تقارير صحافية تشير إلى أن إيران أعدّت خطة الرد، لكن المرشد الإيراني علي خامنئي «يوازن سياسياً الخيار الأنسب».

وكانت إيران تقول إنها تعدّ خططها للرد «على مهل»، وإنها «غير متعجلة»، لكن تدفق التسريبات الاستخبارية الغربية جعل الموعد يبدو وشيكاً للغاية.

وقال خامنئي، في وقت سابق، إن طهران ستعاقب إسرائيل على استهدافها للقنصلية، وتوعَّد وزير الدفاع الإيراني محمد رضا آشتياني بتوجيه «صفعة قوية» لإسرائيل.

وتناقضت التقييمات الاستخبارية التي روّجت بشكل شبه قاطع لرد طهران الحتمي، مع فحوى اتصالات دبلوماسية مكثفة خلال اليومين الماضيين؛ للبحث في مسار أقل تكلفة للأزمة.

الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي يلقي خطاباً خلال استقبال خامنئي للمسؤولين (موقع المرشد)

100 مسيّرة... وصواريخ

ونقلت شبكة «سي بي إس» عن مسؤولَين أميركيَّين أنه من المتوقع أن تشنّ إيران هجوماً «كبيراً» على إسرائيل، (الجمعة)، قد تستخدم فيه أكثر من 100 طائرة مسيّرة وعشرات الصواريخ ضد أهداف عسكرية داخل إسرائيل.

وقال المسؤولان، اللذان لم تسمهما الشبكة الإخبارية، إنه سيكون من الصعب على الإسرائيليين التصدي لهجوم بهذا الحجم، لكنهما أشارا إلى أن إيران قد تشنّ هجوماً أصغر نطاقاً لتجنب حدوث تصعيد كبير.

وأكد البيت الأبيض، (الجمعة)، أن تهديدات إيران «حقيقية»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية». وقال النائب المتشدد جواد كريمي قدوسي، عضو لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني، إن بلاده «ستطلق صواريخ باليستية على إسرائيل في غضون ساعات»، وكتب في منصة «إكس»: «خلال الساعات المقبلة سيفهم الأشرار أنه من الآن فصاعداً إذا أقدموا على اغتيال قادة جبهة المقاومة سيعاقبون بصواريخ (سجيل) و(خيبر شكن) و(شهاب)».

في السياق ذاته، وجّهت المجموعة التي تطلق على نفسها «المقاومة الإسلامية في العراق»، (الجمعة)، تحذيراً للولايات المتحدة وإسرائيل من ارتكاب ما وصفتها بـ«أي حماقة» ضد العراق، أو دول «محور المقاومة».

وقال بيان صادر عن المجموعة الموالية لإيران: «نحمّل أميركا المسؤولية الكاملة في حال ارتكبت قواتها، أو القوات الإسرائيلية، أي حماقة في العراق، أو دول المحور»، وتابع: «ردنا سيكون مباشراً أينما تصل أيدينا».

وقالت مصادر إيرانية، وفقاً للوكالة، إن طهران نقلت لواشنطن أنها سترد على الهجوم الإسرائيلي على قنصليتها في سوريا على نحو يستهدف تجنب تصعيد كبير، وأنها لن تتعجل، وذلك في وقت تضغط فيه إيران لتحقيق مطالب تتضمن إحلال هدنة في غزة.

وقال مسؤول أميركي مطلع على الأمر، إن تقارير المخابرات الأميركية تشير إلى ضربة انتقامية إيرانية «على أراضي إسرائيل بدلاً من مصالحها في أماكن أخرى»، وفقاً لما نقلته «وول ستريت جورنال».

وقال البيت الأبيض إن واشنطن لا تريد أن تتسع رقعة الصراع في الشرق الأوسط، وإن الولايات المتحدة أبلغت إيران بأنها لم تشارك في ضربة دمشق.

في وقت سابق من هذا الأسبوع، عرض «الحرس الثوري» الإيراني على خامنئي «خيارات عدّة لضرب المصالح الإسرائيلية»، تشمل هجوماً مباشراً على إسرائيل بصواريخ متوسطة المدى، وفقاً للصحيفة الأميركية.

ونقلت «وول ستريت جورنال» عن مصدر وصفته بـ«المستشار»، أن خامنئي لم يكن قد اتخذ قراره بشأن هذه الخطط، و«يشعر بالقلق من أن الهجوم المباشر قد يأتي بنتائج عكسية مع اعتراض المقذوفات، ورد إسرائيل بانتقام واسع النطاق على البنية التحتية الاستراتيجية لإيران».

وكانت مصادر عراقية استبعدت أن ينفذ وكلاء إيران هجوماً للرد نيابة عنها ضد إسرائيل؛ مما جعل الترجيحات تنحصر على هجوم مباشر من طهران.

وكان من بين الخيارات، أن تهاجم إيران - أو حلفاؤها - منطقة الجولان أو حتى غزة؛ لتجنب هجوم داخل الأراضي الإسرائيلية، وثمة خيار آخر يتمثل في ضرب السفارات الإسرائيلية، لا سيما في العالم العربي، لإظهار أن العلاقات الودية مع تل أبيب يمكن أن تكون مكلفة، على الرغم من هذه التكاليف.

ونقلت «رويترز» عن السفير الإيراني لدى العراق، محمد كاظم آل صادق، أن الرد على الهجوم الإسرائيلي في دمشق «سيكون حتمياً، وحافظاً لخصوصيات دول المنطقة».

هليفي (من اليمين) وكوريلا في مقرّ المخابرات الإسرائيلية العسكرية (الجيش الإسرائيلي)

تأهب إسرائيلي

وذكر تقرير إخباري أن إسرائيل تتأهب لهجوم من إيران، وتدرك أن طهران لن تتراجع عن اعتزامها الانتقام، وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية أن الجيش الإسرائيلي والاستخبارات الإسرائيلية (الموساد) قد وافقا على خطط لشنّ هجوم على إيران حال تعرُّض إسرائيل لهجوم من الأراضي الإيرانية، مشيرة إلى تعزيز مستوى التنسيق بين الجيشين الأميركي والإسرائيلي.

وقال مسؤولون دفاعيون إن الجنرال مايكل إريك كوريلا، قائد القيادة المركزية الأميركية المسؤولة عن العمليات العسكرية في الشرق الأوسط، يعمل منذ الخميس مع الإسرائيليين؛ لوضع خطط التأهب القصوى.

وتعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في وقت سابق، بالرد المباشر على أي هجوم على إسرائيل، قبل أن يقود اجتماعاً أمنياً طارئاً لبحث «الاستعداد للهجوم».

وقال نتنياهو: «من يؤذِنا نؤذِه. نحن على استعداد لتلبية جميع الاحتياجات الأمنية، دفاعياً وهجومياً».

وفي وقت لاحق، الجمعة، قال وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، إن إسرائيل والولايات المتحدة تقفان «جنباً إلى جنب» في مواجهة إيران. وشدّد في بيان عقب لقائه كوريلا: «أعداؤنا يعتقدون بأن بإمكانهم المباعدة بين إسرائيل والولايات المتحدة، لكن العكس هو الصحيح: إنهم يقرّبوننا من بعضنا بعضاً، ويعزّزون روابطنا».

ركام مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق بعد استهدافه بغارة جوية إسرائيلية مطلع أبريل (رويترز)

اتصالات وضغط

وضغطت عواصم كبرى على طهران لوقفت التوتر، وتلقى وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان اتصالات هاتفية من مسؤولين في أوروبا والعالم العربي لإيضاح أنه «لا ينبغي لها أن تجرّ الشرق الأوسط إلى صراع أوسع نطاقاً».

وصرح وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، بأن بعض الدول الغربية تدعو إيران إلى ضبط النفس في حين امتنعت عن إدانة العدوان الصهيوني على القنصلية الإيرانية في دمشق.

وفي اتصال هاتفي، الخميس، تبادل أمير عبداللهيان ونظيرته الأسترالية بيني وونغ، وجهات النظر حول التطورات في المنطقة، خاصة الوضع في فلسطين.

وأعرب أمير عبداللهيان عن أسفه وانتقاده لعدم استجابة مجلس الأمن الدولي لطلب إيران إدانة «الجريمة التي ارتكبها الكيان الإسرائيلي في الهجوم على السفارة الإيرانية في دمشق».

وقال عبداللهيان: «بعض الحكومات الغربية امتنعت عن إدانة هذا العمل الذي ينتهك القانون الدولي والمواثيق الدولية بشكل واضح؛ ما جعل من الدفاع المشروع أمراً حتمياً وضرورياً».

و«تفهمت» وزيرة الخارجية الأسترالية قلق إيران بشأن الهجوم على القنصلية في دمشق، لكنها دعت إيران إلى ضبط النفس، وحذّرت من «الإجراءات المضادة وتوسيع نطاق الحرب مع عواقب لا يمكن السيطرة عليها وتتجاوز تحمّل المنطقة»، وفقاً لما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

واتصلت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، بنظيرها عبداللهيان ودعته إلى التحلي «بأقصى درجات ضبط النفس» لتجنب المزيد من التصعيد.

وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون إنه أوضح لأمير عبداللهيان أن إيران يجب ألا تجرّ الشرق الأوسط إلى صراع أوسع نطاقاً.

وقال مسؤولون ألمان، الجمعة، إن اتصالاً جرى بين ألمانيا والصين بخصوص التوتر بين إسرائيل وإيران، وإن بكين تحظى بنفوذ في هذا الصدد.

وقبل ذلك، ذكر ماثيو ميلر، المتحدث باسم الخارجية الأميركية، أن الوزير أنتوني بلينكن اتصل بنظرائه في تركيا والصين والسعودية «لتوضيح أن التصعيد ليس في مصلحة أي طرف، وأن الدول يجب أن تحث إيران على عدم التصعيد».

ونصحت وزارة الخارجية الروسية مواطنيها بالامتناع عن السفر إلى الشرق الأوسط، خاصة إسرائيل ولبنان والأراضي الفلسطينية، وكذلك فعلت فرنسا.

وقالت السفارة الأميركية في إسرائيل إن موظفي الحكومة الأميركية وأفراد أسرهم سيتم منعهم من السفر الشخصي خارج وسط إسرائيل والقدس وبئر السبع حتى إشعار آخر.

ناقلة جند مدرّعة بالقرب من الحدود بين إسرائيل وغزة في 10 أبريل 2024 (رويترز)

هدوء إيراني

وقللت وكالة «دانشجو» التابعة لـ«الباسيج الطلابي» المعلومات التي تناقلتها وسائل إعلام أميركية وإقليمية عن توقيت وحجم العملية ونوعية السلاح المستخدم.

وقالت الوكالة عبر حسابها في «تلغرام»: «أولاً يحاول الأميركيون إظهار أنفسهم أنهم مطلعون على الأمر، ثانياً مستعدون لأي احتمالات، وثالثاً: يريدون صرف الأنظار إلى المكان الذي يريدونه».

وأضافت: «أهمية الهجوم المباشر على الأراضي الصهيونية تصل إلى مستوى، يمكن عدّها حدث القرن، بالطبع يجب تحليل الحادث في سياق (طوفان الأقصى)، أي أن أصلها يعود إلى حركة فلسطينية، لبنانية، يمنية، عراقية».

وفي وقت متأخر من مساء الأربعاء، نشرت وكالة «مهر» الحكومية إيرانية تقريراً باللغة العربية على منصة «إكس» يفيد بإغلاق المجال الجوي فوق طهران بالكامل لإجراء تدريبات عسكرية، وحذفت الوكالة التقرير بعد ذلك ونفت أن تكون قد نشرت شيئاً من هذا القبيل، وفقاً لما نقلته «بلومبرغ».

في الأثناء، قال العميد محمد صادقيان قائد المنطقة الشمالية للدفاع الجوي الإيراني التي تحمي أجواء العاصمة طهران، إن جميع الوحدات العملياتية مستعدة لمواجهة التهديدات، وتغيير سيناريوهات المواجهة مع الأهداف المعادية المتسللة في أقصر وقت ممكن، متحدثاً عن قدرة قواته على «مفاجأة الأعداء»، حسب وكالة «إيسنا» الحكومية.

وفي الساعات الأخيرة، نشرت حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي قريبة من «الحرس الثوري» مقاطع فيديو تظهر محاكاة لهجمات صاروخية على مطار حيفا الإسرائيلي ومنشأته النووية في ديمونة.


مقالات ذات صلة

طهران تحتج بعد توقيف «عنيف» لطالبَين إيرانيَين في روسيا

شؤون إقليمية رجل شرطة روسي يقف حارساً عند قبر الجندي المجهول في حديقة ألكسندر خارج الكرملين بموسكو (إ.ب.أ)

طهران تحتج بعد توقيف «عنيف» لطالبَين إيرانيَين في روسيا

احتجت إيران، الحليف الوثيق لموسكو، لدى السلطات الروسية بعد عملية توقيف «عنيفة» لطالبَين إيرانيين في مدينة قازان الروسية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري وعلي لاريجاني كبير مستشاري المرشد الإيراني في بيروت (أ.ب)

لاريجاني: رسالة خامنئي إلى الأسد وبري ستغيّر المعادلة

توقع مسؤول إيراني بارز تغيّر المعادلة في الشرق الأوسط بعد رسالة المرشد علي خامنئي الأخيرة إلى لبنان وسوريا.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

إيران ستستخدم أجهزة طرد مركزي متقدمة رداً على قرار «الطاقة الذرية» ضدها

قالت إيران إنها ستتخذ إجراءات عدة من بينها استخدام أجهزة طرد مركزي متقدمة، رداً على القرار الذي اتخذته «الوكالة الدولية للطاقة» الذرية مساء الخميس ضدها.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)

مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يصدر قراراً ضد إيران

اعتمد مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية مساء الخميس قراراً ينتقد رسمياً إيران بسبب عدم تعاونها بما يكفي فيما يتعلق ببرنامجها النووي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شؤون إقليمية صورة وزعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمديرها العام رافائيل غروسي في مستهل اجتماعها الربع السنوي في فيينا play-circle 01:24

دول غربية تدعو إيران إلى تدمير اليورانيوم عالي التخصيب «فوراً»

دعت دول غربية إيران إلى «تدمير اليورانيوم 60 % فوراً»، فيما رجحت تقارير أن يصوت مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية على قرار ضد إيران غداً الجمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

تركيا: صدامات بين الشرطة ومحتجين بعد عزل رئيسي بلديتين معارضين

محتجون أشعلوا النار في الشوارع المحيطة ببلدية تونجلي في شرق تركيا بعد عزل رئيسه وتعيين وصي عليها (إعلام تركي)
محتجون أشعلوا النار في الشوارع المحيطة ببلدية تونجلي في شرق تركيا بعد عزل رئيسه وتعيين وصي عليها (إعلام تركي)
TT

تركيا: صدامات بين الشرطة ومحتجين بعد عزل رئيسي بلديتين معارضين

محتجون أشعلوا النار في الشوارع المحيطة ببلدية تونجلي في شرق تركيا بعد عزل رئيسه وتعيين وصي عليها (إعلام تركي)
محتجون أشعلوا النار في الشوارع المحيطة ببلدية تونجلي في شرق تركيا بعد عزل رئيسه وتعيين وصي عليها (إعلام تركي)

اندلعت أعمال عنف وصدامات بين الشرطة ومحتجين، على خلفية عزل رئيسَي بلدية منتخبَين من صفوف المعارضة في شرق تركيا، بعد إدانتهما بـ«الإرهاب»، وتعيين وصيَّيْن بدلاً منهما.

وقالت وزارة الداخلية التركية إنه تم وقف رئيسَيْ بلدية تونجلي، جودت كوناك، المنتمي إلى حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» المؤيد للأكراد، وبلدية أوفاجيك، التابعة لها، مصطفى صاريغول، المنتمي إلى حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، بعدما حُكم عليهما بالحبس بسبب عضويتهما في منظمة إرهابية (حزب العمال الكردستاني).

وأصدر والي تونجلي قراراً بحظر التجمعات في المناطق المفتوحة والمسيرات وإلقاء البيانات الصحافية في المدينة لمدة 10 أيام اعتباراً من الجمعة، وصدر قرار مماثل من والي إلازيع المجاورة بالحظر لمدة 7 أيام اعتباراً من السبت.

إدانة بالإرهاب وعزل

وحكم على رئيسي البلديتين، الخميس، بالحبس لمدة 6 سنوات و3 أشهر لكل منهما بتهمة الإرهاب والانتماء إلى حزب العمال الكردستاني. وتم فرض حظر السفر الدولي عليهما؛ حيث طلب اعتقالهما في القضية المنظورة بالمحكمة الجنائية في تونجلي منذ عام 2022.

رئيس بلدية تونجلي المعزول جودت كوناك (إكس)

وأفادت وزارة الداخلية التركية، في بيان، ليل الجمعة - السبت، بأنه تم تعيين والي تونجلي، بولنت تكبيك أوغلو، ليحل محل كوناك، وحاكم منطقة أوفاجيك، حسين شامل سوزين، ليحل محل صاريغول، الذي انتُخِب لرئاسة البلدية للمرة الثانية على التوالي في الانتخابات المحلية التي أُجريت في 31 مارس (آذار) الماضي.

رئيس بلدية أوفاجيك التابعة لتونجلي المعزول مصطفى صاريغول (إكس)

وكانت ممارسة عزل رؤساء البلديات المنتخبين وتعيين أوصياء بدلاً منهم تقتصر، في العقد الماضي، على الأحزاب المؤيدة للأكراد، التي تتهمها السلطات بالارتباط بـ«حزب العمال الكردستاني» المصنّف لدى تركيا وحلفائها الغربيين منظمة إرهابية، الذي يخوض تمرداً مسلحاً ضد الدولة التركية منذ عام 1948.

والجديد أن ممارسة العزل وتعيين الأوصياء امتدت إلى رؤساء البلديات المنتخبين من حزب الشعب الجمهوري، بعد اتهامات من الرئيس رجب طيب إردوغان للحزب بـ«السير مع الإرهابيين».

ومع عزل كوناك وصاريغول، يرتفع عدد البلديات التي تم تعيين أوصياء عليها، منذ الانتخابات المحلية في مارس، إلى 7 بلديات. وكان أول من تم عزلهم رئيس بلدية هكاري محمد صديق كوشو، من الحزب الكردي، في 3 يونيو (حزيران)، قبل أن يتم اعتقال رئيس بلدية إسنيورت، وإقالة رؤساء بلديات ماردين، أحمد تورك، وبطمان، غولستان شونوك، وهالفيتي، محمد كارايلان.

ممارسة متكررة

وتسبب اعتقال وعزل رؤساء 4 بلديات، خلال الشهرين الحالي والماضي، في احتجاجات واسعة بتركيا وإدانات من مجلس أوروبا ومنظمات مدافعة عن حقوق الإنسان والديمقراطية.

احتجاجات على عزل رؤساء البلديات المنتخبين وتعيين أوصياء بدلاً منهم (موقع حزب الشعب الجمهوري المعارض)

وعقب إعلان عزل كوناك وصاريغول، تجمع المواطنون حول مقر بلدية تونجلي احتجاجاً على تعيين وصيّ عليها، وتدخلت قوات الأمن، وفرضت طوقاً حولها لمنعهم من اقتحامها، ووقعت صدامات بين الجانبين، واستخدمت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه.

وأضرم محتجون غاضبون النار في الشوارع، وتحولت المنطقة المحيطة بالبلدية إلى ما يشبه ساحة معركة.

المعارضة تتحدى الحظر

وقررت أحزاب المعارضة تحدي قرار الحظر، وتوافد رؤساء حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب وفروعه، ونوابه في البرلمان، على تونجلي، لتنظيم مسيرة إلى البلدية، وشكل حزب الشعب الجمهوري وفداً من نوابه للبرلمان للمشاركة في المسيرة.

ووصف رئيس حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزال، عبر حسابه في «إكس»، قرار عزل رئيسَي البلديتين بأنه «سرقة للإرادة الوطنية بشكل فاضح»، لافتاً إلى أن جنازة حضرها رئيس بلدية أوفاجيك، مصطفى صاريغول، عام 2012، أصبحت موضوعاً لدعوى قضائية في عام 2022، واعتُبِرت جريمة في عام 2024.

وأعلن أوزال في تغريدة لاحقة أنه ستتم دعوة 414 رئيس بلدية للاجتماع في مقر حزب الشعب الجمهوري الرئيسي بأنقرة، في 30 نوفمبر (تشرين الثاني)، لإعلان مواجهة الوصاية وهجمات الحكومة على بلديات المعارضة الواحدة تلو الأخرى.

متظاهرون يحاولون اقتحام حاجز للشرطة حول بلدية تونجلي (إكس)

وقال حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب، في بيان، إن «الحكومة تقضي على إرادة الشعب خطوة بخطوة، وإن الانقلاب الذي تنفذه، عبر سياسة الوصي، لن يخيف حزبنا أو يثني الناس عن خياراتهم السياسية».

شجار مع وزير الداخلية

كان وزير الداخلية التركي، علي يرليكايا، كشف، خلال مناقشة موازنة وزارته في البرلمان الخميس، أنه تم منح 176 إذناً بالتحقيق، من أصل 1701 شكوى مقدمة بشأن البلديات، منها 59 من حزب العدالة والتنمية (الحاكم)، و58 من حزب الشعب الجمهوري، و21 من حزب الحركة القومية، و7 من حزب الجيد، و10 من حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب. وأكد أنه «لن يتم السماح بأن تتحول البلديات إلى خدمة الإرهاب بدلاً من خدمة الشعب».

نواب من حزب الشعب الجمهوري المعارض أثناء منعه من دخول قاعة اجتماع لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان التركي (إعلام تركي)

واندلع شجار بين نواب حزب الشعب الجمهوري، الذين أرادوا الاحتجاج على تعيين أوصياء على 4 بلديات، خصوصاً بلدية إسنيورت، ونواب حزب العدالة والتنمية، أثناء دخول الوزير يرلي كايا إلى غرفة اجتماع اللجنة.

وقال نواب حزب الشعب الجمهوري إنهم لم يكونوا بصدد منعه نهائياً من دخول قاعة الاجتماع، وإنما أرادوا أن يجرِّب الوزير شعور عدم القدرة على دخول مؤسسة عامة، ولو لفترة قصيرة، في إشارة إلى منع الوصي على بلدية إسنيورت نواب الحزب وأعضاء مجلسها من دخول مبناها.