إسرائيل تتوقع رداً إيرانياً محسوباً... وتستعد لتوسيع الحرب

خبراء يحصرونه بقصف عبر الوكلاء أو هجمة سيبرانية أخرى في إطار «الصبر الاستراتيجي»

سورية تراقب من منزلها في دمشق ركام القنصلية الإيرانية التي دمرتها الغارة الإسرائيلية (رويترز)
سورية تراقب من منزلها في دمشق ركام القنصلية الإيرانية التي دمرتها الغارة الإسرائيلية (رويترز)
TT
20

إسرائيل تتوقع رداً إيرانياً محسوباً... وتستعد لتوسيع الحرب

سورية تراقب من منزلها في دمشق ركام القنصلية الإيرانية التي دمرتها الغارة الإسرائيلية (رويترز)
سورية تراقب من منزلها في دمشق ركام القنصلية الإيرانية التي دمرتها الغارة الإسرائيلية (رويترز)

على الرغم من أن غالبية الخبراء الإسرائيليين يتوقعون أن يكون الرد الإيراني على تصفية القيادي في «الحرس الثوري» محمد رضا زاهدي ورفاقه في دمشق، الاثنين، «تقليدياً» بقصف نوعي لأهداف إسرائيلية موجعة في أسوأ الأحوال، وبهجمة سيبرانية جديدة في أحسن الأحوال، فإن القيادتين العسكرية والسياسية قررتا الاستعداد لاحتمال توسيع الحرب مع لبنان وربما أكثر.

وقالت مصادر شبه رسمية إن حالة الاستنفار الحربي في شمال إسرائيل، تم تعزيزها، كما أعلنت حالة استنفار في السفارات والقنصليات والمقرات اليهودية حول العالم.

وأكدت المصادر أن الاغتيال الذي نُسب إلى إسرائيل في دمشق، لم يكن عادياً، وكان هناك من قال إن المسؤولين الإسرائيليين فوجئوا بنتائج الضربة. فأولاً يعدّ زاهدي المسؤول الأكبر عن الملف الإسرائيلي بحكم قيادته المباشرة لقوات «الحرس الثوري» في سوريا ولبنان وتجنيد فلسطينيين لصالح المخططات الإيرانية ضد إسرائيل وتزويد التنظيمات الفلسطينية في الضفة الغربية بالسلاح. وهو يعدّ من هذه الناحية، بنظر إسرائيل، «أهم من إسماعيل قاآني»، قائد «فيلق القدس»، ذراع العمليات الخارجية لـ«الحرس».

محمد رضا زاهدي (تسنيم)
محمد رضا زاهدي (تسنيم)

أما العامل الاستثنائي الثاني، فهو مستوى من قُتلوا مع زاهدي المستهدف بالضربة، وهم: نائبه محمد هادي حاجي رحيمي، والقادة الميدانيون: حسين أمان اللهي، ومهدي جلالتي، ومحسن صداقت، ولي آقا بابايي، وعلي صالحي روزبهاني، وهم المسؤولون المباشرون عن سوريا ولبنان وفلسطين، ما يعدّ بمثابة اغتيال «رئاسة أركان (الحرس الثوري) في الخارج».

تهديدات «جدية» ضمن «الصبر الاستراتيجي»

ولذلك، فإن التقدير الإسرائيلي هو أن إيران لن تمر مرور الكرام على ضربة كهذه. ويجب أخذ تهديدات الانتقام القادمة من طهران بجدية. وأعلن الجيش عن حالة استنفار خاص إزاء التحركات من إيران وأذرعها داخل إسرائيل، واستنفار آخر في سفارات إسرائيل في الخارج.

وبدأ الإسرائيليون، بمشاركة أميركية، بدراسة سيناريوهات الرد الإيراني المتوقع. والتقدير هو أن الإيرانيين سيحافظون على ما يسمونه «الصبر الاستراتيجي»، فلا يسارعون في الرد المباشر، خصوصاً أن هناك من يقول إن إيران تعرف أن الرد الهائج قد يوسّع الحرب فيخدمون بذلك بنيامين نتنياهو الذي يسعى إلى توسيع الحرب وإطالتها حتى يطيل عمر حكومته.

لهذا، فالتقدير هو أن طهران سترد عبر أذرعها حالياً بشكل متواضع، وقد توجه ضربة سيبرانية مباشرة لإسرائيل وتؤجل الرد العسكري إلى وقت آخر. لكن هذا لا يعني أن إسرائيل ستبني على هذا التقدير وحده، بل ستأخذ بالاعتبار احتمال أن يكون الرد الإيراني مختلفاً هذه المرة.

خطة إعداد الجبهة الداخلية للحرب

وكشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، عن مداولات أجريت في 28 مارس (آذار) الماضي، برئاسة وزير الدفاع يوآف غالانت، تم خلالها عرض خطة إعلامية تعدها قيادة الجبهة الداخلية في الجيش تستهدف تنسيق التوقعات مع الجمهور الإسرائيلي في حال تدهورت المناوشات بالفعل إلى حرب واسعة. وقالت الصحيفة إنه بعد الاغتيال في دمشق أصبح الموضوع «مُلِحاً أكثر».

وقالت الصحيفة إنه يوجد إجماع في المنظومة الأمنية حول الحاجة للحملة الإعلامية، حتى لا يفاجأ الجمهور ويصاب بهلع، لكن يوجد خلاف حول الشكل الذي يطرح به الموضوع على الجمهور. ولذلك تقرر إجراء مزيد من المشاورات مع مسؤولي هيئة الأركان وقادة الاستخبارات.

كما وجّه وزير الدفاع تعليماته لإجراء استطلاع يفحص مواقف الجمهور من المسألة. وليس واضحاً أي أسئلة ستعرض وكيف ستؤثر على القرارات المتعلقة بالأمن القومي، لكن الأمر يدل على الحساسية التي تتعاطى بها المنظومة كلها مع احتمالات توسع الحرب.

 

تداعيات على لبنان

من خلاصة المداولات يتبين، كما يقول يوسي يهوشع، المراسل العسكري للصحيفة، أنه «إلى جانب القلق من الفزع الجماهيري الناشئ عن رفع الوعي، فإن غالانت قلق أيضاً من الشكل الذي ستؤثر فيه الحملة على أمين عام (حزب الله) الذي يعد مستهلكاً مدمناً للإعلام الإسرائيلي ويكثر من تحليل المزاج العام في إسرائيل، ومن شأنه أن يفكر بأن مجرد طرح الحملة يشكل لحظة مناسبة لعمل ما امتنع عنه في 7 أكتوبر (تشرين الأول)».

ركام القنصلية الإيرانية في دمشق حيث قُتل زاهدي ورفاقه بغارة إسرائيلية (أ.ف.ب)
ركام القنصلية الإيرانية في دمشق حيث قُتل زاهدي ورفاقه بغارة إسرائيلية (أ.ف.ب)

وأوضح أن «نصر الله وصل حتى الآن إلى إنجاز استراتيجي في شكل إخلاء بلدات خط التماس (عشرات آلاف السكان لكن أقل من مائة ألف)، لكنه يتعرض لخسائر فادحة جداً. فقوات (الرضوان) أبعدت نحو 5 كيلومترات عن الحدود. وفي أعقاب تعميق الهجمات الإسرائيلية، هناك بوادر ضغوط لبنانية داخلية عليه لا ينبغي الاستخفاف بها. غنيّ عن البيان أن العملية في دمشق أخذت من نصر الله عنصراً مقرباً جداً».

 

هجمات سيبرانية مضاعفة

وكانت دائرة الأمن السيبراني في ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي قد أعلنت نهاية الشهر الماضي أن إيران ضاعفت مرتين ونصف المرة الهجمات السيبرانية على مؤسسات وشركات إسرائيلية منذ بداية الحرب على غزة. وقالت إن غالبية هذه الهجمات أُحبطت، لكنها اعترفت بأن بعضها كان خطيراً جداً وطال مواقع بالغة الحساسية، مثل المفاعل النووي في ديمونا، وشبكة الإنذار التابعة للجبهة الداخلية في الجيش.

وتتوقع الدائرة هجوماً كبيراً يوم الجمعة المقبل، الخامس من الشهر الحالي، الذي يعدّ في إيران «يوم القدس». لكنها تأمل ألا تكون هناك هجمات من نوع آخر ذي طابع عسكري.


مقالات ذات صلة

نتنياهو: تدمير «حماس» أهم من تحرير الرهائن

شؤون إقليمية أطفال فلسطينيون بالقرب من مدخل منزل مدمر في مدينة غزة أمس (أ.ف.ب)

نتنياهو: تدمير «حماس» أهم من تحرير الرهائن

وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الانتصار على «حركة حماس» بأنه «هدف أكثر أهمية» من عودة الرهائن الإسرائيليين في غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب - نيويورك)
العالم العربي الدخان يتصاعد فوق المباني في صنعاء إثر غارة أميركية (إ.ب.أ)

غارات أميركية جديدة على صعدة والجوف

ذكرت قناة  تلفزيونية تابعة لجماعة الحوثي في اليمن، اليوم الخميس، أن طائرات أميركية نفذت 9 غارات على مواقع في محافظتي صعدة والجوف.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب في حديقة البيت الأبيض خلال كلمة في «اليوم الوطني للصلاة» (أ.ف.ب)

ترمب: نركز على الإفراج عن المحتجزين في غزة و«الأمور تمضي قدماً»

قال الرئيس الأميركي، الخميس، إن «أي جهة تستورد النفط من إيران لن تستطيع القيام بأي أعمال» مع بلاده، وأشار إلى أن إدارته تركز على الإفراج عن المحتجزين في غزة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الخليج وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان لدى لقائه نظيره الياباني إيوايا تاكيشي في الرياض الخميس (واس)

الرياض وطوكيو لتعميق العلاقة الاستراتيجية... والعمل معاً لأمن المنطقة

أكّدت السعودية واليابان عمق العلاقات الاستراتيجية والاقتصادية بين البلدين، وأهمية مواصلة التنسيق والتعاون على مختلف الأصعدة، بما يخدم مصالحهما وشعبيهما.

فتح الرحمن يوسف (الرياض)
المشرق العربي مدخل مستودع مغلق لتوزيع مساعدات الأونروا في شارع الجلاء بمدينة غزة يوم 28 أبريل 2025 (أ.ف.ب)

«الأونروا»: قطاع غزة لم يتلقَ أي إمدادات إنسانية أو تجارية منذ نحو شهرين

قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (أونروا)، اليوم الخميس، إن لديها مساعدات منقذة للحياة ما زالت تنتظر على الحدود.

«الشرق الأوسط» (غزة)

نتنياهو: تدمير «حماس» أهم من تحرير الرهائن

أطفال فلسطينيون بالقرب من مدخل منزل مدمر في مدينة غزة أمس (أ.ف.ب)
أطفال فلسطينيون بالقرب من مدخل منزل مدمر في مدينة غزة أمس (أ.ف.ب)
TT
20

نتنياهو: تدمير «حماس» أهم من تحرير الرهائن

أطفال فلسطينيون بالقرب من مدخل منزل مدمر في مدينة غزة أمس (أ.ف.ب)
أطفال فلسطينيون بالقرب من مدخل منزل مدمر في مدينة غزة أمس (أ.ف.ب)

وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الانتصار على «حركة حماس» بأنه «هدف أكثر أهمية» من عودة الرهائن الإسرائيليين في غزة.

وقال نتنياهو إن الإفراج عن المختطَفين يُعد «هدفاً مهماً للغاية، إلا أنّ هناك هدفاً أسمى». وأضاف، خلال فعاليات للاحتفال بيوم «استقلال إسرائيل»، أن «الهدف الأسمى هو الانتصار على أعدائنا، وسنحقق ذلك»، وفقاً لما نقلته «وكالة الأنباء الألمانية» عن وسائل إعلام إسرائيلية، من بينها صحيفة «تايمز أوف إسرائيل».

وسبق أن عبّر وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش عن المعنى نفسه حين قال، في مقابلةٍ مع «راديو غالي» الإسرائيلي، إن إعادة الرهائن من غزة ليست «الهدف الأهم» للحكومة.

كما أن أقارب الرهائن لطالما اتهموا نتنياهو بتعريض حياة المختطفين للخطر بالعملية العسكرية لتدمير «حماس». ولا يزال 58 رهينة محتجزين في غزة، من أصل 251 خُطفوا خلال هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، بينهم 34 أعلن الجيش الإسرائيلي أنهم قضوا.

من جهة أخرى، طالب، أمس، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، توم فليتشر، برفع «الحصار الوحشي» عن قطاع غزة، مؤكداً أنه يجب ألا تكون المساعدات الإنسانية وأرواح المدنيين ورقة ضغط، ولا أن تُستعمَل للمساومة.

ووصف فليتشر، في بيان، منع إسرائيل دخول المساعدات منذ شهرين، بأنه «عقاب جماعي قاسٍ».