إسرائيل تتوقع رداً إيرانياً محسوباً... وتستعد لتوسيع الحرب

خبراء يحصرونه بقصف عبر الوكلاء أو هجمة سيبرانية أخرى في إطار «الصبر الاستراتيجي»

سورية تراقب من منزلها في دمشق ركام القنصلية الإيرانية التي دمرتها الغارة الإسرائيلية (رويترز)
سورية تراقب من منزلها في دمشق ركام القنصلية الإيرانية التي دمرتها الغارة الإسرائيلية (رويترز)
TT

إسرائيل تتوقع رداً إيرانياً محسوباً... وتستعد لتوسيع الحرب

سورية تراقب من منزلها في دمشق ركام القنصلية الإيرانية التي دمرتها الغارة الإسرائيلية (رويترز)
سورية تراقب من منزلها في دمشق ركام القنصلية الإيرانية التي دمرتها الغارة الإسرائيلية (رويترز)

على الرغم من أن غالبية الخبراء الإسرائيليين يتوقعون أن يكون الرد الإيراني على تصفية القيادي في «الحرس الثوري» محمد رضا زاهدي ورفاقه في دمشق، الاثنين، «تقليدياً» بقصف نوعي لأهداف إسرائيلية موجعة في أسوأ الأحوال، وبهجمة سيبرانية جديدة في أحسن الأحوال، فإن القيادتين العسكرية والسياسية قررتا الاستعداد لاحتمال توسيع الحرب مع لبنان وربما أكثر.

وقالت مصادر شبه رسمية إن حالة الاستنفار الحربي في شمال إسرائيل، تم تعزيزها، كما أعلنت حالة استنفار في السفارات والقنصليات والمقرات اليهودية حول العالم.

وأكدت المصادر أن الاغتيال الذي نُسب إلى إسرائيل في دمشق، لم يكن عادياً، وكان هناك من قال إن المسؤولين الإسرائيليين فوجئوا بنتائج الضربة. فأولاً يعدّ زاهدي المسؤول الأكبر عن الملف الإسرائيلي بحكم قيادته المباشرة لقوات «الحرس الثوري» في سوريا ولبنان وتجنيد فلسطينيين لصالح المخططات الإيرانية ضد إسرائيل وتزويد التنظيمات الفلسطينية في الضفة الغربية بالسلاح. وهو يعدّ من هذه الناحية، بنظر إسرائيل، «أهم من إسماعيل قاآني»، قائد «فيلق القدس»، ذراع العمليات الخارجية لـ«الحرس».

محمد رضا زاهدي (تسنيم)

أما العامل الاستثنائي الثاني، فهو مستوى من قُتلوا مع زاهدي المستهدف بالضربة، وهم: نائبه محمد هادي حاجي رحيمي، والقادة الميدانيون: حسين أمان اللهي، ومهدي جلالتي، ومحسن صداقت، ولي آقا بابايي، وعلي صالحي روزبهاني، وهم المسؤولون المباشرون عن سوريا ولبنان وفلسطين، ما يعدّ بمثابة اغتيال «رئاسة أركان (الحرس الثوري) في الخارج».

تهديدات «جدية» ضمن «الصبر الاستراتيجي»

ولذلك، فإن التقدير الإسرائيلي هو أن إيران لن تمر مرور الكرام على ضربة كهذه. ويجب أخذ تهديدات الانتقام القادمة من طهران بجدية. وأعلن الجيش عن حالة استنفار خاص إزاء التحركات من إيران وأذرعها داخل إسرائيل، واستنفار آخر في سفارات إسرائيل في الخارج.

وبدأ الإسرائيليون، بمشاركة أميركية، بدراسة سيناريوهات الرد الإيراني المتوقع. والتقدير هو أن الإيرانيين سيحافظون على ما يسمونه «الصبر الاستراتيجي»، فلا يسارعون في الرد المباشر، خصوصاً أن هناك من يقول إن إيران تعرف أن الرد الهائج قد يوسّع الحرب فيخدمون بذلك بنيامين نتنياهو الذي يسعى إلى توسيع الحرب وإطالتها حتى يطيل عمر حكومته.

لهذا، فالتقدير هو أن طهران سترد عبر أذرعها حالياً بشكل متواضع، وقد توجه ضربة سيبرانية مباشرة لإسرائيل وتؤجل الرد العسكري إلى وقت آخر. لكن هذا لا يعني أن إسرائيل ستبني على هذا التقدير وحده، بل ستأخذ بالاعتبار احتمال أن يكون الرد الإيراني مختلفاً هذه المرة.

خطة إعداد الجبهة الداخلية للحرب

وكشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، عن مداولات أجريت في 28 مارس (آذار) الماضي، برئاسة وزير الدفاع يوآف غالانت، تم خلالها عرض خطة إعلامية تعدها قيادة الجبهة الداخلية في الجيش تستهدف تنسيق التوقعات مع الجمهور الإسرائيلي في حال تدهورت المناوشات بالفعل إلى حرب واسعة. وقالت الصحيفة إنه بعد الاغتيال في دمشق أصبح الموضوع «مُلِحاً أكثر».

وقالت الصحيفة إنه يوجد إجماع في المنظومة الأمنية حول الحاجة للحملة الإعلامية، حتى لا يفاجأ الجمهور ويصاب بهلع، لكن يوجد خلاف حول الشكل الذي يطرح به الموضوع على الجمهور. ولذلك تقرر إجراء مزيد من المشاورات مع مسؤولي هيئة الأركان وقادة الاستخبارات.

كما وجّه وزير الدفاع تعليماته لإجراء استطلاع يفحص مواقف الجمهور من المسألة. وليس واضحاً أي أسئلة ستعرض وكيف ستؤثر على القرارات المتعلقة بالأمن القومي، لكن الأمر يدل على الحساسية التي تتعاطى بها المنظومة كلها مع احتمالات توسع الحرب.

 

تداعيات على لبنان

من خلاصة المداولات يتبين، كما يقول يوسي يهوشع، المراسل العسكري للصحيفة، أنه «إلى جانب القلق من الفزع الجماهيري الناشئ عن رفع الوعي، فإن غالانت قلق أيضاً من الشكل الذي ستؤثر فيه الحملة على أمين عام (حزب الله) الذي يعد مستهلكاً مدمناً للإعلام الإسرائيلي ويكثر من تحليل المزاج العام في إسرائيل، ومن شأنه أن يفكر بأن مجرد طرح الحملة يشكل لحظة مناسبة لعمل ما امتنع عنه في 7 أكتوبر (تشرين الأول)».

ركام القنصلية الإيرانية في دمشق حيث قُتل زاهدي ورفاقه بغارة إسرائيلية (أ.ف.ب)

وأوضح أن «نصر الله وصل حتى الآن إلى إنجاز استراتيجي في شكل إخلاء بلدات خط التماس (عشرات آلاف السكان لكن أقل من مائة ألف)، لكنه يتعرض لخسائر فادحة جداً. فقوات (الرضوان) أبعدت نحو 5 كيلومترات عن الحدود. وفي أعقاب تعميق الهجمات الإسرائيلية، هناك بوادر ضغوط لبنانية داخلية عليه لا ينبغي الاستخفاف بها. غنيّ عن البيان أن العملية في دمشق أخذت من نصر الله عنصراً مقرباً جداً».

 

هجمات سيبرانية مضاعفة

وكانت دائرة الأمن السيبراني في ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي قد أعلنت نهاية الشهر الماضي أن إيران ضاعفت مرتين ونصف المرة الهجمات السيبرانية على مؤسسات وشركات إسرائيلية منذ بداية الحرب على غزة. وقالت إن غالبية هذه الهجمات أُحبطت، لكنها اعترفت بأن بعضها كان خطيراً جداً وطال مواقع بالغة الحساسية، مثل المفاعل النووي في ديمونا، وشبكة الإنذار التابعة للجبهة الداخلية في الجيش.

وتتوقع الدائرة هجوماً كبيراً يوم الجمعة المقبل، الخامس من الشهر الحالي، الذي يعدّ في إيران «يوم القدس». لكنها تأمل ألا تكون هناك هجمات من نوع آخر ذي طابع عسكري.


مقالات ذات صلة

غارة إسرائيلية تستهدف الضاحية الجنوبية لبيروت بعد إنذار بالإخلاء

المشرق العربي دخان يتصاعد من الضاحية الجنوبية لبيروت بعد قصف إسرائيلي اليوم (ا,ف,ب)

غارة إسرائيلية تستهدف الضاحية الجنوبية لبيروت بعد إنذار بالإخلاء

استهدفت غارة إسرائيلية، ليل الثلاثاء-الأربعاء، الضاحية الجنوبية لبيروت بعد إنذار اسرائيلي بالإخلاء في أحد أحياء المنطقة، كما أظهرت لقطات بثّ مباشر.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي فلسطينيون يتجمعون على أنقاض مبنى دمرته غارة إسرائيلية على مخيم النصيرات وسط قطاع غزة 12 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة تندد بـ«أعمال تذكّر بأخطر الجرائم الدولية» في قطاع غزة

ندّدت مسؤولة أممية رفيعة، الثلاثاء، بـ«وحشية يومية» تواجه سكان قطاع غزة المحاصر، الذي تقصفه إسرائيل، واصفة ما يجري هناك بـ«أعمال تذكّر بأخطر الجرائم الدولية».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أرشيفية - رويترز)

واشنطن: بلينكن أكد لإسرائيل أهمية تحسين الوضع الإنساني بغزة

قالت وزارة الخارجية الأميركية إن الوزير أنتوني بلينكن شدد على أهمية تحسين الوضع الإنساني في غزة خلال اجتماع مع وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي سائق يقوم بفحص البضائع عند الحدود أثناء مرور شاحنات مساعدات عبر معبر إيريز على الحدود مع شمال قطاع غزة (إ.ب.أ)

غزة: فتح معبر جديد لدخول المساعدات الإنسانية

أعلن الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، فتح معبر جديد لدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بعد ضغط أميركي.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شمال افريقيا مائدة تجمع مصريين وغزيين داخل شقة في القناطر الخيرية (الشرق الأوسط)

«غزيو مصر» لم يحملوا الغربة في حقائبهم

بينما يجمع الغزيون الذين تحدثت إليهم «الشرق الأوسط» في مصر، على رغبتهم في العودة إلى القطاع، فإن أحداً منهم لم يشر إلى «الغربة»، أو يشكو «الوحشة والقلق».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

بزشكيان: لا مناص من التعامل مع واشنطن

صورة نشرتها الرئاسة الإيرانية اليوم من اجتماع ترأسه بزشكيان وبجواره نائبه للشؤون الاستراتيجية محمد جواد ظريف
صورة نشرتها الرئاسة الإيرانية اليوم من اجتماع ترأسه بزشكيان وبجواره نائبه للشؤون الاستراتيجية محمد جواد ظريف
TT

بزشكيان: لا مناص من التعامل مع واشنطن

صورة نشرتها الرئاسة الإيرانية اليوم من اجتماع ترأسه بزشكيان وبجواره نائبه للشؤون الاستراتيجية محمد جواد ظريف
صورة نشرتها الرئاسة الإيرانية اليوم من اجتماع ترأسه بزشكيان وبجواره نائبه للشؤون الاستراتيجية محمد جواد ظريف

رأى الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، أنه لا مناص من التعامل مع الولايات المتحدة وإدارة العلاقات المتوترة معها. وقال بزشكيان لوزراء خارجية إيران السابقين: «شئنا أم أبينا، سيتعين علينا التعامل مع الولايات المتحدة على الساحتين الإقليمية والدولية، ولذا من الأفضل أن ندير هذه العلاقة والمواجهة بأنفسنا». وتعهد بزشكيان أن يتحرك «في إطار الاستراتيجية والتوجهات» الخاصة بالجمهورية الإسلامية.

ويسود ترقب بشأن السياسة الخارجية التي سينتهجها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، بشأن مفاوضات إحياء الاتفاق النووي ورفع العقوبات.

وجاءت تصريحات بزشكيان عشية زيارة المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافاييل غروسي، إلى طهران. وقال غروسي إن «هوامش المناورة بدأت تتقلّص» في ما يتعلّق بالبرنامج النووي الإيراني، مطالباً طهران بزيادة التفتيش والشفافية والتوصل إلى حلول دبلوماسية في ظل الوضع الدولي المتوتر.