بغداد وأنقرة: لمسات أخيرة لخطة القضاء على «العمال الكردستاني»

الصحافة التركية تسأل عن دور إيراني معارض لإزاحة المسلحين... وقلق على «طريق التنمية»

جنديان تركيان على أحد المرتفعات في المناطق الحدودية جنوب البلاد (الدفاع التركية)
جنديان تركيان على أحد المرتفعات في المناطق الحدودية جنوب البلاد (الدفاع التركية)
TT

بغداد وأنقرة: لمسات أخيرة لخطة القضاء على «العمال الكردستاني»

جنديان تركيان على أحد المرتفعات في المناطق الحدودية جنوب البلاد (الدفاع التركية)
جنديان تركيان على أحد المرتفعات في المناطق الحدودية جنوب البلاد (الدفاع التركية)

يعقد الجانبان التركي والعراقي اجتماعاً ثالثاً يركز على التعاون في مكافحة الإرهاب ووقف نشاط حزب العمال الكردستاني إلى جانب التعاون في مجالات مختلفة، أهمها المياه والنفط ومشروع «طريق التنمية».

ويتوقع أن يحسم الجانبان التركي والعراقي خلال الاجتماع خطة لشن عملية عسكرية مشتركة ضد مواقع حزب العمال الكردستاني في شمال العراق.

ونقلت شبكة «سي إن إن تورك» عن مصادر تركية، أن الجانبين سيركزان في الاجتماع المقبل الذي سيعقد في أنقرة الاثنين المقبل، على إعداد مذكرة تفاهم من 25 مادة تتضمن التخطيط لكيفية القضاء على تهديد حزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه تركيا تنظيماً إرهابياً، وأعلنته بغداد «تنظيماً محظوراً» على أراضيها.

جنود أتراك في دورية في محافظة هكاري جنوب شرقي تركيا بالقرب من الحدود العراقية (أرشيفية - رويترز)

ملف الأمن

وقالت المصادر إن الخطوات الواجب اتخاذها في الجانب الأمني من التفاهم بين أنقرة وبغداد، الذي يركز على التعاون في مجال مكافحة الإرهاب ووقف نشاط حزب العمال الكردستاني، ستحسم خلال اجتماع أنقرة، وسيتم الاتفاق على إخراج مسلحي الحزب من المناطق التي يسيطر عليها في شمال العراق، بعدما اتفق الجانبان خلال الاجتماع الأمني رفيع المستوى الذي عقد في بغداد في 14 مارس (آذار) الحالي على الإطار الهيكلي للعلاقات بين البلدين وإنشاء آليات اتصال منتظمة.

وتقرر خلال اجتماع بغداد، الذي كان الثاني على مستوى وزراء الخارجية والدفاع ورؤساء أجهزة المخابرات والأمن، بعد الاجتماع الأول في أنقرة في 19 ديسمبر (كان الأول) الماضي، تشكيل لجنة مشتركة بين تركيا والعراق في مجالات مكافحة الإرهاب والتجارة والزراعة والطاقة والمياه والصحة والنقل.

عملية مشتركة

ونقلت صحيفة «يني شفق» القريبة من الحكومة التركية عن مصادر خاصة، أنه سيتم خلال اجتماع أنقرة الاتفاق على تفاصيل العملية العسكرية المشتركة ضد العمال الكردستاني مع العراق.

وأوضحت المصادر أن الجانبين التركي والعراقي يخططان لإخراج التنظيم (العمال الكردستاني) من المنطقة التي يوجد بها في شمال العراق وتحييده، وستكون الأولوية لنقاط التفتيش في مناطق قنديل وسنجار ومخمور والسليمانية وغارا، الخاضعة لسيطرة العمال الكردستاني.

وأضافت: «سيكون الهدف هو نقل حزب العمال الكردستاني من المنطقة الجبلية إلى الأراضي المنبسطة، لتسهيل محاصرة عناصره وتطهيرها، كما سيتم تطهير الحدود الإيرانية العراقية من الإرهاب وستصبح آمنة، كما سيتم تفريغ وتطهير المستودعات، الموجودة في السليمانية، من الأسلحة عالية التقنية والذخيرة التي يحتفظ بها مسلحو الحزب هناك».

الوزير هاكان في مقرّ الخارجية العراقي ببغداد (أرشيفية - رويترز)

وبحسب المصادر، سيتم توضيح كل هذه القضايا وكتابتها لتكون مذكرة التفاهم الاستراتيجية جاهزة للتوقيع خلال زيارة الرئيس رجب طيب إردوغان للعراق في أبريل (نيسان).

ولفتت إلى أن العمليات المشتركة ضد العمال الكردستاني، ستنطلق عقب موافقة البرلمان العراقي على مذكرة التفاهم التركية العراقية.

وتؤكد أنقرة أن العراق لديه العزم أيضاً على محاربة حزب العمال الكردستاني، ورأى مراقبون أن عدم إبداء الحكومة العراقية رد فعل قوياً تجاه عملية «المخلب - القفل» العسكرية التركية في شمال العراق، يعني أنها تريد أيضاً التخلص من الحزب.

وقال مستشار الإعلام والعلاقات العامة بوزارة الدفاع التركية زكي أكتورك، أمس الخميس، إن بغداد أظهرت توجهاً إيجابياً بشأن إقامة مركز عمليات مشتركة مع تركيا يستهدف تنسيق العمليات ضد العمال الكردستاني.

كما أكدت مصادر في الوزارة أن هناك اتفاقاً بين أنقرة وبغداد على إقامة منطقة آمنة على الحدود بعمق 30 إلى 40 كيلومتراً في شمال العراق بحلول الصيف، كما سبق أن أعلن الرئيس رجب طيب إردوغان.

إيران والتنمية

ورأى محللون أتراك، منهم مراد يتكين، أن سلسلة الاتصالات المكثفة التي جرت في أنقرة وواشنطن وبغداد في فترة زمنية قصيرة جداً، لها معنى استراتيجي ليس فقط بسبب أهمية العواصم التي جرت فيها، ولكن أيضاً بسبب أجندتها.

وأشار إلى أن الأجندة يمكن تحديدها، بشكل أساسي، تحت عناوين أساسية هي: الأمن، النفط والغاز الطبيعي، النقل والمياه، وإذا كان من الممكن تحويل كل من هذه العناوين إلى واقع، فإن مشاريع البنية التحتية الكبرى، ومشاريع الأعمال من شأنها أن تجلب كلاً من الجانبين إلى واقع ملموس، يوفر فرصاً استثمارية جديدة وعلاقات تعاون أمني تتطلب نفقات كبيرة، وفي الوقت نفسه، ستقدم مساهمات قيمة لتحقيق السلام والهدوء والاستقرار الذي تحتاج إليه المنطقة، التي تعاني من عدم اليقين، بشكل عاجل.

ورأى الصحافي، آيدين سيلجين، أنه من الواضح أن بعض الدول، خاصة إيران، ستعارض بشدة تحقيق مشروع «طريق التنمية»، ولا شك أن حزب العمال الكردستاني سيحاول عرقلة مساره، لكن يمكن الافتراض أن الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني لن ينظرا إلى التطورات التي ستزيد من سلطة بغداد ضدهما بوصفها نتيجة إيجابية لنجاح المشروع.

وأضاف أن التركيز على القضية الأمنية، قبل أي شيء آخر، هو شرط لا غنى عنه لتنفيذ وصيانة مشروع طريق التنمية، ويتعلق هذا الشرط بمدى قدرة بغداد على الوصول إلى مستوى يمكنها فيه السيطرة على البلاد بأكملها، وفي نهاية المطاف، سيحتاج المشروع إلى التغلب على التحديات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والتقنية الضخمة، وبخاصة الأمنية.

في سياق متصل، أعلنت وزارة الدفاع التركية، الجمعة، مقتل 4 عناصر من حزب العمال الكردستاني في غارة جوية نفذتها القوات التركية بعد رصدهم في منطقة جبل قنديل شمال العراق.

وقالت الوزارة، في بيان، إن عمليات مكافحة عناصر العمال الكردستاني ستتواصل للقضاء على الإرهاب في مصدره.


مقالات ذات صلة

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان متحدثاً في البرلمان التركي (الخارجية التركية)

أنقرة: الأسد لا يريد عودة السلام في سوريا

أوضح وزير الخارجية التركي فيدان أن الرئيس السوري لا يريد السلام في سوريا، وحذر من أن محاولات إسرائيل لنشر الحرب بدأت تهدد البيئة التي خلقتها «عملية أستانة».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية ترمب مستمعاً إلى مرشحه لوزارة الخارجية السيناتور ماركو روبيرو خلال حملته لانتخابات الرئاسة الأميركية (رويترز)

إردوغان «قلق» من تعيينات إدارة ترمب الجديدة

لم يُخفِ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قلق حكومته بشأن بعض الأسماء التي أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ضمها إلى إدارته.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال مؤتمر صحافي في ختام مشاركته بقمة الـ20 بالبرازيل ليل الثلاثاء - الأربعاء (الرئاسة التركية)

تركيا تؤكد استعدادها لمرحلة «ما بعد أميركا في سوريا»

أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن تركيا مستعدة للوضع الجديد الذي سيخلقه الانسحاب الأميركي من سوريا، وعازمة على جعل قضية الإرهاب هناك شيئاً من الماضي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

إيران تصعّد مواجهتها مع «وكالة الطاقة الذرية»

عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)
عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)
TT

إيران تصعّد مواجهتها مع «وكالة الطاقة الذرية»

عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)
عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

صعّدت إيران مواجهتَها ضد «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، إذ أعلنت أمس أنَّها ستضع في الخدمة مجموعة من أجهزة الطرد المركزي «الجديدة والمتطورة»، وذلك رداً على قرار تبنته الوكالة الدولية ينتقد طهران بسبب عدم تعاونها بما يكفي في إطار برنامجها النووي.

وأيّد مشروع القرار، الذي طرحته على التصويت المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا بدعم من الولايات المتحدة، 19 دولة من أصل 35 في الوكالة، وعارضته روسيا والصين وبوركينا فاسو، بينما امتنعت الدول الـ12 الباقية عن التصويت، ولم تستطع فنزويلا المشاركة.

وبعد اعتماد القرار، قال ممثل إيران في تصريح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن هذا التدبير له «دوافع سياسية».

وتستخدم أجهزة الطرد المركزي في تخصيب اليورانيوم المحوّل إلى غاز من خلال تدويره بسرعة كبيرة، ما يسمح بزيادة نسبة المادة الانشطارية (يو - 235) لاستخدامات عدة.