ملفات ثنائية وإقليمية يبحثها السيسي وإردوغان نحو حقبة جديدة من العلاقات

البلدان بحثا التعاون الدفاعي خلال معرض الدفاع العالمي بالسعودية

لقاء سابق بين السيسي وإردوغان في العاصمة القطرية الدوحة (غيتي)
لقاء سابق بين السيسي وإردوغان في العاصمة القطرية الدوحة (غيتي)
TT

ملفات ثنائية وإقليمية يبحثها السيسي وإردوغان نحو حقبة جديدة من العلاقات

لقاء سابق بين السيسي وإردوغان في العاصمة القطرية الدوحة (غيتي)
لقاء سابق بين السيسي وإردوغان في العاصمة القطرية الدوحة (غيتي)

يناقش الرئيسان: المصري عبد الفتاح السيسي، والتركي رجب طيب إردوغان، كثيراً من الملفات الثنائية والإقليمية، خلال الزيارة التي يقوم بها الأخير لمصر، الأربعاء، والتي تأتي بعد أكثر من 10 سنوات مرت فيها العلاقات بين البلدين بتوتر شديد.

السيسي يلتقي إردوغان على هامش القمة العربية الإسلامية في الرياض نوفمبر الماضي (الرئاسة المصرية)

وقالت مصادر تركية لـ«الشرق الأوسط» إن العلاقات الثنائية بين أنقرة والقاهرة ستناقَش من مختلف جوانبها؛ لا سيما ما يتعلق بالتعاون الاقتصادي والاستثمار والتجارة والطاقة والتعاون الدفاعي، كما ستتناول المباحثات كثيراً من الملفات الإقليمية، وفي مقدمتها الحرب في غزة والانتهاكات الإسرائيلية المستمرة، إلى جانب الأوضاع في سوريا وليبيا واليمن والسودان وشرق المتوسط.

وأضافت المصادر أن البلدين حققا خلال الفترة الماضية تقارباً فيما يتعلق بالموقف في ليبيا، والعمل على تهيئة الظروف الملائمة لإجراء الانتخابات، وتحقيق الاستقرار، والوصول إلى حكومة ليبية موحدة.

وتابعت بأن البلدين متفقان بشأن ضرورة وقف إطلاق النار بشكل دائم في غزة، وتنفيذ حل الدولتين على حدود 4 يونيو (حزيران) 1967، وستركز المباحثات أيضاً على جهود إيصال المساعدات للفلسطينيين.

ولفتت المصادر أيضاً إلى أن ملف التعاون الدفاعي والإنتاج المشترك سيكون أحد الملفات المهمة خلال مباحثات إردوغان والوفد المرافق له، في القاهرة.

في السياق ذاته، كشفت مصادر في قطاع الصناعات الدفاعية التركية عن انطلاق مباحثات بين القاهرة وأنقرة منذ فترة، في مجال التقنيات الحديثة للأسلحة والتعاون في الإنتاج المشترك.

وكشف موقع «الصناعات العسكرية التركية» عن لقاء عُقد بين وزير الإنتاج الحربي المصري محمد صلاح الدين مصطفى، ورئيس مستشارية الصناعات الدفاعية خلوق غورغون، على هامش معرض الدفاع العالمي في السعودية الذي أقيم في الفترة بين 4 و8 فبراير (شباط) الحالي، لمناقشة قضايا التعاون في مجال الصناعة الدفاعية بين البلدين.

وأضاف أن الجانب المصري أكد الاستعداد للتعاون مع الشركات التركية في مجال الذخيرة والصناعات الدفاعية المختلفة.

كما كشف الموقع عن زيارة وفد مصري من وزارة الإنتاج الحربي 3 شركات تركية مختلفة، في ديسمبر (كانون الأول) 2023.

وأعلن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، مؤخراً، عن اتفاق بين تركيا ومصر بشأن توريد الطائرات من دون طيار.

وقالت المصادر التركية إنه من المحتمل أن توقِّع مصر عقداً لتوريد الطائرات من دون طيار التركية في أقرب وقت ممكن، لافتة إلى أن مصر التي اعتمدت فترة طويلة على السلاح الروسي، تعمل حالياً على تنويع مصادر أسلحتها في المستقبل القريب، وأن الولايات المتحدة وفرنسا أصبحتا في الفترة الأخيرة من بين الموردين الرئيسيين للأسلحة إلى مصر.

ولفت المحلل السياسي الصحافي، مراد يتكين، إلى أهمية زيارة إردوغان للقاهرة، التي قال إنها تعقب فترة ضائعة من عمر العلاقات التاريخية العميقة بين البلدين اللذين يرتبطان بأواصر اجتماعية وثقافية قوية.

وأوضح أن هذه العلاقات على الرغم من عمقها فإن «المنافسة» كانت أحد الأبعاد المميزة لها، والتي تحولت في بعض الأحيان إلى توتر سياسي واضطرابات، كما حدث بسبب موقف تركيا من سقوط حكم «الإخوان المسلمين» في مصر عام 2013، والذي وصفه بأنه «كان موقفاً آيديولوجياً من جانب أنقرة، تسبب في الفترة الضائعة من العلاقات».

ولم يُخفِ يتكين أن المواقف التركية في كثير من الملفات كانت سلبية، وقوبلت بالرفض في المجتمع الدولي، ولذلك اضطرت أنقرة إلى تغيير سياستها في كثير من الاتجاهات، وبدأت إصلاح علاقاتها مع عدد من دول المنطقة، مثل السعودية ومصر والإمارات، تغليباً لـ«البراغماتية» و«المصالح العليا للدولة».

ويعد ملف الطاقة من أهم الملفات التي تسعى تركيا إلى إحراز تقدم فيها مع مصر، سواء بترسيم الحدود البحرية أو التعاون في خطوط نقل الغاز الطبيعي. ورأى يتكين أن هناك بيئة مهيأة للتعاون في مجال الطاقة؛ لكن قد تكون هناك بعض الحساسيات بسبب الطرق البديلة للنقل الناتجة عن الموقع الجغرافي للبلدين، والأبعاد المتعلقة بالأطراف الثالثة؛ مشيراً إلى الاتفاقيات الموقعة بين مصر وقبرص.

وقال إن اليونان استغلت فرصة السنوات الضائعة واقتربت من مصر، وبالطبع لن ترغب في إفساح المجال لبدائل تبرز فيها تركيا إلى الواجهة، لافتاً إلى التقدير التركي لموقف مصر التي حرصت على عدم المساس بالحدود التركية في اتفاقاتها مع اليونان وقبرص.

واعتبر أن التعاون بين مصر وتركيا في القضايا الإقليمية، مثل ليبيا والقرن الأفريقي، ستساهم في البحث عن حلول، حتى وإن كانت هناك تباينات في مواقفهما تجاه بعض القضايا.

ورأى أنه رغم أن العلاقات بين القاهرة وأنقرة تبدو كأنها عادت إلى مسارها الطبيعي، فإن الطرفين سيواصلان مراقبة واختبار بعضهما بعضاً لفترة من الوقت؛ لأن الحقبة الجديدة وإن كانت مفتوحة للتعاون؛ فإنها لا تزال تحتوي على بعض الحساسيات. وفي هذا الإطار فإن زيارة إردوغان ستمثل -بلا شك- خطوة مهمة.


مقالات ذات صلة

بوتين يشيد بـ«علاقات استراتيجية مميزة» مع الهند... ومودي يدعو لتسوية في أوكرانيا

أوروبا رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في نيودلهي 6 ديسمبر 2021 (أ.ب) play-circle 01:27

بوتين يشيد بـ«علاقات استراتيجية مميزة» مع الهند... ومودي يدعو لتسوية في أوكرانيا

أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، جولة محادثات موسّعة، الثلاثاء، في الكرملين.

رائد جبر (موسكو)
شؤون إقليمية لقاء بين الرئيس السوري بشار الأسد ورئيس الوزراء التركي آنذاك رجب طيب إردوغان في حلب عام 2011 (أرشيفية - رويترز)

تركيا: موعد ومكان لقاء إردوغان والأسد لم يتحددا بعد

كشفت أنقرة أن موعد ومكان اللقاء المحتمل بين الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان والسوري بشار الأسد لم يتحددا بعد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا صورة أرشيفية تُظهر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي خلال اجتماع على هامش قمة منظمة شنغهاي للتعاون في سمرقند بأوزبكستان 16 سبتمبر 2022 (رويترز)

الكرملين «يستعد» لزيارة مودي إلى روسيا

أعلن الكرملين، الثلاثاء، أنه «يستعد» لزيارة منتظرة في المستقبل القريب لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، لكنه رفض الكشف عن تاريخ محدد.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
شؤون إقليمية مبنى وزارة الخارجية الإسرائيلية في القدس (متداولة)

إسرائيل تستدعي سفير أرمينيا بعد اعتراف يريفان بدولة فلسطين

استدعت وزارة الخارجية الإسرائيلية، الجمعة، سفير أرمينيا لدى إسرائيل «لتوجيه توبيخ صارم» ليريفان بعد إعلانها الاعتراف بدولة فلسطين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
أوروبا مقاتلات «غريبن» التابعة للقوات الجوية السويدية ترافق طائرة C-27J تابعة للقوات الجوية الليتوانية خلال مناورات عسكرية مشتركة لحلف شمال الأطلسي في سياولياي بليتوانيا 1 أبريل 2014 (رويترز)

السويد تستدعي السفير الروسي رداً على انتهاك مجالها الجوي

أعلنت وزارة الخارجية السويدية استدعاء السفير الروسي في استوكهولم، الثلاثاء، بعدما انتهكت طائرة مقاتلة روسية من طراز «سوخوي - 24» المجال الجوي السويدي الجمعة.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)

غروسي: أود لقاء بزشكيان في أقرب فرصة

إسلامي يتحدّث إلى غروسي على هامش مؤتمر «الاجتماع الدولي للعلوم والتكنولوجيا النووية» في أصفهان مايو الماضي (أ.ب)
إسلامي يتحدّث إلى غروسي على هامش مؤتمر «الاجتماع الدولي للعلوم والتكنولوجيا النووية» في أصفهان مايو الماضي (أ.ب)
TT

غروسي: أود لقاء بزشكيان في أقرب فرصة

إسلامي يتحدّث إلى غروسي على هامش مؤتمر «الاجتماع الدولي للعلوم والتكنولوجيا النووية» في أصفهان مايو الماضي (أ.ب)
إسلامي يتحدّث إلى غروسي على هامش مؤتمر «الاجتماع الدولي للعلوم والتكنولوجيا النووية» في أصفهان مايو الماضي (أ.ب)

أعلن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، رغبته في زيارة طهران من خلال رسالة وجّهها إلى الرئيس الإيراني، مسعود بزشکیان.

ونقلت وكالة «مهر» الحكومية، أن رافائيل غروسي بعث برقية تهنئة إلى الرئيس الإيراني المنتخب جاء فيها: «أود أن أعرب عن تهنئتي القلبية لانتخابكم رئيساً».

وأضاف غروسي: «لسنوات عديدة، كان التعاون بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإيران في مركز اهتمام دولي».

وأعرب غروسي عن أمله في أن تتمكّن إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية من تحقيق «تقدم واضح في هذه القضايا المهمة».

وقال: «وفي هذا الصدد، أود أن أعرب عن رغبتي في السفر إلى إيران للقاء معكم في أقرب فرصة».

اللقاء الأول

وسيكون هذا اللقاء -إذا تحقّق- هو الأول لبزشكيان، الذي تعهّد خلال حملته الانتخابية بالانفتاح على الغرب لحل القضايا العالقة بالحوار.

ومع انتخاب بزشكيان رئيساً، ربما تشهد إيران تخفيفاً لحدة سياساتها الخارجية «المتشددة»، بل وربما يتيح فرصة لانفراجة دبلوماسية جديدة، حسبما ذكر مسؤولون وخبراء حاليون وسابقون.

وتلقت آمال الإيرانيين التواقين إلى تحسين العلاقات مع الغرب، دَفعة بانتخاب مرشح الإصلاحيين، إلا أن القليلين منهم يتوقعون حدوث تغييرات كبيرة في السياسات، من بينها «الملف النووي».

والأسبوع الماضي، أبلغ مسؤولون أميركيون وإسرائيليون موقع «أكسيوس» الإخباري، أن واشنطن وجّهت تحذيراً سرياً إلى إيران، الشهر الماضي، إزاء مخاوفها من أنشطة بحث وتطوير إيرانية قد تُستخدم في إنتاج أسلحة نووية.

وفي مايو (أيار) الماضي، أبدى غروسي استياءه من مسار المحادثات التي أجراها على مدى يومين في إيران سعياً لحل القضايا العالقة.

ومنذ وفاة الرئيس الإيراني السابق، إبراهيم رئيسي، توقف غروسي عن التحدث عن الملف النووي الإيراني، في حين تحدّثت مصادر أوروبية إلى أن طهران طلبت «تجميد النقاشات»، إلى حين ترتيب الوضع الداخلي وانتخاب رئيس جديد للبلاد.

الرئيس المنتخب مسعود بزشكيان يُلقي خطاباً أمام البرلمان (ميزان)

صورة قاتمة

وقبل ذلك، كان غروسي قد رسم صورة قاتمة لما آل إليه البرنامج النووي الإيراني، لجهة مواصلة طهران مراكمة اليورانيوم عالي التخصيب بنسبة 60 في المائة، أو لعدم تعاونها مع مفتشي الوكالة وعدم التزامها باتفاقية الضمانات. وسبق للمسؤول الدولي أن زار طهران بداية شهر مايو (أيار)، وعاد منها خائباً إلى حد كبير.

وفي يونيو (حزيران)، أصدر «مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، المؤلّف من 35 دولة، قراراً يدعو إيران إلى تعزيز التعاون مع «الوكالة»، والتراجع عن الحظر الذي فرضته في الآونة الأخيرة على دخول المفتشين.

وردت إيران سريعاً بتركيب أجهزة طرد مركزي إضافية لتخصيب اليورانيوم في موقع «فوردو»، وبدأت تركيب أجهزة أخرى، وفقاً لتقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وتقدّمت دول أوروبية بمشروع قرار نصّ على دعوة إيران إلى إبداء التعاون الكافي مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، واتخاذ الإجراءات الأساسية والعاجلة على النحو الذي قرره المجلس في قراره الصادر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022؛ لحل قضايا الضمانات التي لا تزال معلقة رغم التفاعلات الكثيرة مع الوكالة منذ 2019.