واشنطن تضغط لوقف الحرب قبل رمضان خوفاً من توترات يشعلها بن غفير

بلغت مخاوف أجهزة الأمن الإسرائيلية ذروتها هذا العام من تحول الضفة إلى جبهة ثالثة

الأمن الإسرائيلي يراقب مرور المصلين المسلمين عبر حاجز باب الأسباط للدخول إلى الأقصى الجمعة الماضية (أ.ف.ب)
الأمن الإسرائيلي يراقب مرور المصلين المسلمين عبر حاجز باب الأسباط للدخول إلى الأقصى الجمعة الماضية (أ.ف.ب)
TT

واشنطن تضغط لوقف الحرب قبل رمضان خوفاً من توترات يشعلها بن غفير

الأمن الإسرائيلي يراقب مرور المصلين المسلمين عبر حاجز باب الأسباط للدخول إلى الأقصى الجمعة الماضية (أ.ف.ب)
الأمن الإسرائيلي يراقب مرور المصلين المسلمين عبر حاجز باب الأسباط للدخول إلى الأقصى الجمعة الماضية (أ.ف.ب)

قال مسؤولان أميركي وإسرائيلي إن الإدارة الأميركية تشعر بقلق بالغ من أن وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير يسعى لإثارة التوترات في المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، ما يهدد بجر القدس والضفة الغربية إلى الصراع الجاري في المنطقة، فيما تسعى الولايات المتحدة إلى احتوائه.

وقال المسؤولان لـموقع «تايمز أوف إسرائيل»، إن الولايات المتحدة تشعر بالقلق من قيام بن غفير بزيارة الحرم القدسي، مرة أخرى، خلال رمضان، الذي يبدأ بعد نحو شهر.

وكان بن غفير قد قام بجولة في الأقصى ثلاث مرات منذ أن أصبح وزيراً في ديسمبر (كانون الأول) 2022، مما أثار الكثير من التوترات، وسيلاً من الإدانات في جميع أنحاء العالم، باعتبار ذلك جزءاً من خطته لتغيير الوضع الراهن في المسجد.

صورة أرشيفية لاقتحام المستوطنين الأقصى (أ.ف.ب)

وبموجب الوضع الراهن، وهو الترتيب السائد منذ عقود بالاتفاق مع المملكة الأردنية، يُسمح لليهود وغيرهم من غير المسلمين بالتجول في الأقصى خلال ساعات معينة، شريطة أن يكون العدد محدداً ودون أي طقوس دينية، وهو وضع يحاول اليمين الإسرائيلي تغييره، وقد نجح في السنوات الأخيرة بتنظيم اقتحامات يومية وأحياناً بأعداد كبيرة جداً مع أداء صلوات في الداخل، تجاهلتها الشرطة الإسرائيلية إلى حد كبير.

هذه الاقتحامات كانت في السنوات الماضية شرارة انتفاضات وجولات تصعيد كبيرة.

وضغطت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية على المستوى السياسي في إسرائيل، من أجل إدخال تسهيلات قبل رمضان الحالي، تشمل السماح للعمال بالعودة إلى إسرائيل، والسماح لأعداد من الفلسطينيين بالوصول إلى الأقصى، ودفع خطوات لتعزيز السلطة.

وعادة تخشى أجهزة الأمن الإسرائيلية تصعيداً في رمضان، وبلغت هذه المخاوف ذروتها هذا العام بسبب الحرب على قطاع غزة، والخشية من أن تتحول الضفة الغربية إلى جبهة ثالثة محتملة.

وقال المسؤول الإسرائيلي إنه بصفته الوزير المسؤول عن الشرطة، يلعب بن غفير دوراً حاسماً في تطبيق القانون في الموقع، وهناك قلق في واشنطن، وكذلك داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، من أن تؤدي توجيهاته للضباط في التشدد أكثر من اللازم في التعامل مع الفلسطينيين، خلال رمضان، إلى إثارة أعمال عنف في القدس والضفة الغربية وخارجها.

وزير الأمن الإسرائيلي إيتمار بن غفير يزور مجمع الأقصى في البلدة القديمة بالقدس مايو الماضي (رويترز)

ودق مسؤولو إدارة بايدن ناقوس الخطر قبل شهر رمضان على مدى السنوات الثلاث الماضية، وحثوا إسرائيل على اتخاذ خطوات لتخفيف التوترات.

وأشاد المسؤولون الأميركيون بحكومة نتنياهو لاستجابتها العام الماضي، عندما رفض رئيس الوزراء دعوة بن غفير للسماح للمصلين اليهود بمواصلة الوصول إلى الحرم القدسي في الأيام العشرة الأخيرة من شهر رمضان، خلافاً للسياسة الإسرائيلية القائمة منذ فترة طويلة.

وكان هناك قلق خاص في السنوات الأخيرة، بسبب تزامن شهر رمضان مع عطلة عيد الفصح، والذي يشهد أيضاً ارتفاعاً طفيفاً في عدد المقتحمين اليهود إلى الحرم القدسي. لكن عيد الفصح هذا العام سيصادف بعد أسابيع من انتهاء شهر رمضان.

أغلقت الشرطة الإسرائيلية مدخل الأقصى بعد زيارة وزير الأمن المتشدد إيتمار بن غفير يوليو الماضي (رويترز)

وكانت آخر زيارة قام بها بن غفير إلى الأقصى في شهر يوليو (تموز) الماضي، خلال يوم الصيام «تيشعا بآف»، ودفعت الزيارة البحرين إلى تأجيل رحلة وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين إلى المنامة.

وسعى بن غفير للقيام بجولة في الموقع مرة أخرى خلال موسم الأعياد اليهودية، الخريف الماضي، لكن رئيس الشاباك رونين بار أقنعه بالتراجع عن الفكرة.

وتعهد بن غفير بمواصلة زيارة الموقع، ودعا الحكومة بشكل متزايد إلى اتباع نهج أقل تصالحية خلال الحرب الحالية، وبناء على ذلك، أعرب المسؤولون الأميركيون والإسرائيليون عن قلقهم من أنه سيكون من الصعب إقناع وزير الأمن القومي بالتراجع هذه المرة.

عبور الفلسطينيين من الضفة إلى القدس لأداء صلاة الجمعة الثالثة من رمضان في المسجد الأقصى أبريل الماضي (أ.ب)

وأوضح المسؤول الأميركي أن هذه المخاوف هي جزء من سبب سعي إدارة بايدن إلى التوصل إلى هدنة إنسانية ممتدة في غزة، قبل رمضان الشهر المقبل. وقال المسؤول: «إذا لم يتم إتمام ذلك بحلول ذلك الوقت، فسنواجه صورة أكثر خطورة»، مضيفاً أن بلينكن سوف يثير القضية مع القادة الإسرائيليين خلال اجتماعاته في تل أبيب.

إلا أن مكتب بن غفير رفض طلباً للتعليق على الأمر. وسارع العديد من زملاء وزير الأمن القومي إلى محاولة السيطرة على الأضرار هذا الأسبوع، بعد أن أخبر بن غفير صحيفة «وول ستريت جورنال» أن تعامل إدارة بايدن مع الحرب «يصب في مصلحة (حماس)»، وأنه كان من الأفضل لإسرائيل التعامل مع إدارة ترمب ثانية.

وفي وقت لاحق، شبه نجل بن غفير بايدن، بمريض ألزهايمر، في منشور دفع الوزير إلى الاعتذار والأمر بإزالته.

وحذر زعيم المعارضة يائير لبيد، الاثنين، من أنه إذا سُمح لبن غفير بتحديد سلوك الشرطة في الحرم القدسي وفي القدس خلال شهر رمضان، فإن المدينة «سوف تشتعل».

وأضاف: «البلاد ليست مستعدة لذلك. لا يوجد تحضير. ولم تكن هناك مناقشات عملية وسياسية على المستوى المناسب. نحن نتجه نحو كارثة، كارثة أخرى». وأردف: «هذا ما يريده [بن غفير]، لكنه ليس ما تحتاجه دولة إسرائيل».

شرطية إسرائيلية تمنع فلسطينية من دخول المسجد الأقصى أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)

ودعا لبيد نتنياهو إلى تقييد سلطة بن غفير وتعيين فريق للإشراف على استعدادات إسرائيل لهذه الفترة المضطربة. وقال: «لم نكن بحاجة إلى مقابلة في صحيفة (وول ستريت جورنال) لتذكيرنا بأن بن غفير مهرج خطير يفضل إشعال النيران بدل إطفائها، ولكن خلال شهر رمضان، قد يتسبب ذلك في حريق شامل من شأنه أن يكلف أرواح البشر».

وقال وزير الدفاع يوآف غالانت، يوم الاثنين، رداً على سؤال عن مشاركة بن غفير في الترتيبات الخاصة، أنه (أي بن غفير) ليس صانع قرارات رئيسياً في القضايا الأمنية».

لكن قبل ذلك، رفضت الشرطة التي يشرف عليها بن غفير السماح للفلسطينيين من الضفة بالوصول إلى الأقصى في رمضان، مخالفة توصيات الأجهزة الأمنية الأخرى.


مقالات ذات صلة

مئات المستعمرين يقتحمون «الأقصى»

المشرق العربي مئات المستعمرين في المسجد الأقصى بحماية مشددة من الشرطة الإسرائيلية (وفا)

مئات المستعمرين يقتحمون «الأقصى»

أفادت مصادر محلية فلسطينية بـ«اقتحام  مئات المستعمرين، اليوم (الخميس)، المسجد الأقصى المبارك، وأدوا طقوساً، بحماية مشددة من شرطة الاحتلال الإسرائيلي».

«الشرق الأوسط» (القدس)
الخليج فلسطينيون يتفقدون الدمار جراء القصف الإسرائيلي على بيت لاهيا في شمال غزة (أ.ف.ب)

السعودية تدين القصف الإسرائيلي لبيت لاهيا في غزة واقتحام الأقصى

أعربت الخارجية السعودية عن إدانة المملكة بأشد العبارات قصف قوات الاحتلال الإسرائيلية منازل في بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، واقتحام المستوطنين باحات الأقصى.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شؤون إقليمية فتاة فلسطينية أمام مسجد قبة الصخرة في باحة المسجد الأقصى المبارك بالقدس القديمة بعد صلاة ظهر الجمعة الماضية (أ.ف.ب)

نتنياهو يمنع وزراءه من الوصول إلى «الأقصى» دون إذن مسبق

في جلسة للمجلس الوزاري السياسي والأمني المصغر «الكابينت»، قال نتنياهو إنه «لا يوجد تغيير في الوضع القائم بالحرم القدسي».

«الشرق الأوسط» (رام الله)
شؤون إقليمية صحيفة «ييتد نئمان» الناطقة باسم حزب «ديغل هتوراة» الحريدي صدرت الثلاثاء بعنوان بالعبرية والعربية يؤكد تحريم زيارة الأقصى

نتنياهو يدفع بمشروع «مضاعفة الاقتحامات» اليهودية لباحات «الأقصى»

بعد يوم من إعلان الوزير بن غفير، أنه يسعى لإقامة معبد يهودي في باحة المسجد الأقصى، دفع نتنياهو بمشروع «مضاعفة الاقتحامات».

«الشرق الأوسط» (القدس)
الخليج السعودية جددت دعوتها للمجتمع الدولي بتفعيل آليات جادة لمساءلة المسؤولين الإسرائيليين على الانتهاكات المتواصلة (الشرق الأوسط)

السعودية تدين دعوة وزير إسرائيلي إقامة كنيس يهودي في المسجد الأقصى

أعربت وزارة الخارجية السعودية عن إدانة المملكة لتصريح وزير في حكومة الاحتلال الإسرائيلي دعا فيه لإقامة كنيس يهودي في المسجد الأقصى المبارك.


طهران تحتج بعد توقيف «عنيف» لطالبَين إيرانيَين في روسيا

رجل شرطة روسي يقف حارساً عند قبر الجندي المجهول في حديقة ألكسندر خارج الكرملين بموسكو (إ.ب.أ)
رجل شرطة روسي يقف حارساً عند قبر الجندي المجهول في حديقة ألكسندر خارج الكرملين بموسكو (إ.ب.أ)
TT

طهران تحتج بعد توقيف «عنيف» لطالبَين إيرانيَين في روسيا

رجل شرطة روسي يقف حارساً عند قبر الجندي المجهول في حديقة ألكسندر خارج الكرملين بموسكو (إ.ب.أ)
رجل شرطة روسي يقف حارساً عند قبر الجندي المجهول في حديقة ألكسندر خارج الكرملين بموسكو (إ.ب.أ)

احتجت إيران، الحليف الوثيق لموسكو، لدى السلطات الروسية بعد عملية توقيف «عنيفة» لطالبَين إيرانيين في مدينة قازان الروسية، وفق ما أفادت به وكالة «إرنا» الرسمية للأنباء، السبت.

ونقلت الوكالة عن القنصلية الإيرانية في المدينة: «قام صباح الجمعة عدد من الطلاب في جامعة قازان الفيدرالية من دول مختلفة منها أوزبكستان والصين وإيران وتركمانستان... وغيرها، بزيارة (مركز تجديد التأشيرات) التابع للجامعة المذكورة لتجديد طلباتهم».

وأضافت: «بعد مشادة بين الطلاب وتفعيل جهاز الإنذار من قبل أمن المركز المذكور، تم إرسال الشرطة إلى المكان، وبعد استمرار المشادة والضرب اللاإنساني وغير المهني للطلاب من قبل الشرطة، جرى اعتقال طالبين إيرانيين».

ورداً على ذلك، قدمت إيران «مذكرة احتجاج» إلى وزارة الخارجية الروسية نددت فيها بـ«المعاملة العنيفة التي تعرض لها الطلاب الإيرانيون من قبل الشرطة، وطلبت توضيحات بشأن سبب الحادث والتورط غير المهني للشرطة المحلية في الأمر»، وفق ما أضافت وكالة الأنباء.

وأشارت إلى أن القنصلية الإيرانية العامة أكدت أنه «نتيجة الإجراءات المتخذة، تقرر إطلاق سراح الطالبين الإيرانيين وإعادتهما إلى سكنهما».

من جهته، قال المكتب الإعلامي لشرطة قازان عبر منصة «تلغرام»، الجمعة، إن مشاجرة كلامية بين طلاب تحولت إلى جسدية، مضيفا أن شرطيين «أوقفوا المحرضين» من دون ذكر جنسياتهم.

وذكرت لجنة التحقيق في قازان أنه تم توقيف مواطنَين أجنبيَين بتهمة «العنف ضد ممثل للسلطات».

وأدان السفير الإيراني في موسكو كاظم جلالي، الجمعة، على منصة «إكس»، «كل أشكال التصرف السيّئ بحق الطلاب الإيرانيين»، مطالباً بمحاسبة «السلطات الروسية المسؤولة».