حمّلت تركيا الحكومة السورية المسؤولية عن تعثر مسار تطبيع العلاقات بين الجانبين بسبب فرض شروط مسبقة عدّتها أنقرة «طريقة خاطئة».
وقال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان: إن محاولة الجانب السوري القيام بخطوة دبلوماسية عبر وضع شروط مسبقة على تركيا طريقة خاطئة للتفاوض، وإن أنقرة عبّرت بوضوح عن هذه الفكرة لدمشق، وأكدنا أن باب الحوار مفتوح وأننا نحافظ على سلامة الأراضي السورية.
وأضاف: «الجانب السوري لا يزال غير قادر على الاجتماع مع تركيا لأسباب مختلفة، عندما يجتمعون لا يمكنهم أن يكونوا على طبيعتهم بأي حال من الأحوال، ومع ذلك ليست لديهم فرصة للقاء، هناك دائماً دولة أخرى معهم، هذه ليست مشكلة بالنسبة لنا؛ لأن لدينا ثقة كاملة في أنفسنا ونعرف ما نريد أن نفعله، والجميع يعرف مدى الأهمية التي نوليها للاستقرار في المنطقة».
تابع: نعلم أن الشركاء لا يتقاسمون الأولويات الإستراتيجية نفسها دائماً، بمعنى آخر، تتمتع روسيا وإيران وسوريا بشراكة عميقة كـ(ثلاث دول منفصلة)، الأمر يتعلق ببقاء النظام السوري، لكن عندما ننظر إلى التوازنات العامة في المنطقة، نجد أن لديهم تفضيلات وأولويات مختلفة للغاية».
وقال فيدان: «هذه هي القضايا التي نتابعها من كثب منذ فترة طويلة ونحللها، ونضعها في الحسبان، والآن ربما يكون لدينا إجماع عام في ما يتعلق بمحاربة الإرهاب والوصول إلى سوريا وتحرير أراضيها من احتلال حزب العمال الكردستاني، وهذا ما نراه أيضاً خلال اللقاءات، لكن واجهنا بعض العوائق في المحادثات السورية، ومن أهمها عدم قدرة سوريا على اتخاذ القرارات بنفسها».
يذكر أن روسيا رعت سلسلة لقاءات على مستويات مختلفة بين أنقرة ودمشق على مدى السنوات الماضية، تطورت في العام الماضي إلى لقاءات على مستوى وزراء الخارجية والدفاع ورؤساء أجهزة المخابرات، وأدرجت ضمن «صيغة أستانا»، حيث تحول مسار التطبيع مساراً رباعياً بمشاركة إيران.
وأكد فيدان، في مقابلة تليفزيونية ليل الأحد – الاثنين، أن بلاده لم تغلق باب الحوار، كما لم تقم بأي محاولة لانتهاك «عملية أستانا» للحل السياسي في سوريا، وكذلك فإن المعارضة السورية لم تقدِم على أي خطوة من شأنها عرقلة هذا المسار.
تصريحات فيدان جاءت لتؤكد انسداد أفق التطبيع بين أنقرة ودمشق، بعدما لمح المبعوث الخاص للرئيس الروسي، ألكسندر لافرنتييف، في تصريحات عقب اجتماعات الجولة الـ21 لـ«مسار أستانا» الأخيرة في 24 و25 يناير (كانون الثاني) الماضي، إلى انهيار مسار التطبيع الذي تجمّد بالفعل عقب الجولة الـ20 التي عُقدت في يونيو (حزيران) 2023، حيث لم يتم الاتفاق على خريطة طريق لتطبيع العلاقات.
وقال المسؤول الروسي، في حينها: إن دمشق ترى أنه من الضروري الحصول على ضمانات من الجانب التركي، بأن قواته العسكرية الموجودة في سوريا ستنسحب «على المدى الطويل»، لافتاً إلى أن أحداً لم يقل إن الانسحاب سيجري في الوقت القريب، ومع ذلك فهذا غير مقبول لأنقرة لأسباب معينة.
زيارة بوتين
وفي شأن متصل، تطرق فيدان إلى الزيارة المرتقبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى تركيا خلال فبراير (شباط) الحالي، لافتاً إلى أنها زيارة مخطط لها من قبل، وأن الملف السوري مطروح على أجندتها.
وأكد أن تركيا تنتظر من روسيا عدم غض الطرف عما تقوم به «وحدات حماية الشعب الكردية، ذراع حزب العمال الكردستاني الإرهابي»، في سوريا. وأوضح، أن أبرز أولويات تركيا في سوريا، هي التخلص من تهديدات «العمال الكردستاني» بأقرب وقت، سواء شرق أو غرب نهر الفرات، مشيراً إلى أن «هناك توقعات أخرى لروسيا، وأن هذا أمر يحتاج إلى مفاوضات ومباحثات».
تحذير لـ«الوطني الكردستاني»
وشدد فيدان على أنه «أياً كانت المواقف، فإن عملياتنا (العسكرية) في سوريا متواصلة». كما عبر فيدان في هذا الصدد عن انزعاج بلاده من التعاون القائم بين حزب الاتحاد الوطني الكردستاني والعمال الكردستاني في مدينة السليمانية شمال العراق، مشيراً إلى أن هذا الموضوع بات مدرجاً على السياسة الرسمية لتركيا التي قال إنها بدأت بفرض عقوبات وقيود على الأطراف المعنية، منها إغلاق المجال الجوي التركي أمام الرحلات الجوية من وإلى مطار السليمانية.
وحذّر من أن تركيا ستضطر «في حال لم يعد حزب الاتحاد الوطني الكردستاني عن الطريق الخاطئة» الذي يسير فيها إلى اتخاذ «خطوات متقدمة» في هذا الصدد.
في سياق متصل، أعلنت وزارة الدفاع التركية، الاثنين، مقتل 11 من مسلحي وحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات تحالف «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في منطقتي عمليات «درع الفرات» و«غصن الزيتون» في حلب شمال سوريا.
وقالت الوزارة في بيان: إنه تم القضاء على هذه العناصر أثناء تحضيرها لهجمات على المنطقتين.