مستشفى جنين ليس الأول... «التنكُّر» سلاح إسرائيل الفعال للاغتيالات

في عملية فردان إيهود باراك بزي امرأة... و«لاعبو تنس» لتصفية المبحوح

TT

مستشفى جنين ليس الأول... «التنكُّر» سلاح إسرائيل الفعال للاغتيالات

كمال عدوان وكمال ناصر وأبو يوسف النجار (إكس)
كمال عدوان وكمال ناصر وأبو يوسف النجار (إكس)

بملابس طبية ومدنية ونسائية، اغتال الجيش الإسرائيلي اليوم (الثلاثاء)، 3 شبان فلسطينيين داخل مستشفى ابن سينا في مدينة جنين في الضفة الغربية.

ورغم أن إسرائيل دأبت منذ قيامها عام 1948 على تنفيذ آلاف عمليات اغتيال وتصفيات جسدية في تعاملها مع الفلسطينيين، فإن العملية الأخيرة تذكّر بعمليات أخرى لجات فيها الدولة العبرية إلى التنكّر؛ للتضليل والتنفيذ.

وفي ما يلي نعرض لكم أبرز عمليات الاغتيال التي نفّذتها إسرائيل عن طريق التنكر:

عملية فردان... تنكّروا بلباس «هيبيين»

في ليلة العاشر من أبريل (نيسان) عام 1973، تمكّنت وحدة من الكوماندوز الإسرائيلية من التسلّل إلى بيروت، وتنفيذ عملية مزدوجة عُرفت لاحقاً باسم «عملية فردان» نسبة للشارع البيروتي الشهير.

في ذلك الوقت، وصل الجنود الإسرائيليون إلى العاصمة اللبنانية بيروت، متنكرين بزي مدني وكان بينهم إيهود باراك الذي كان متخفياً بزي امرأة، في حين قامت مجموعة أخرى بمحاولة تفجير مقرّ الجبهة الديمقراطية في حي الفاكهاني (في العاصمة بيروت).

من موقع العملية في فردان (متداولة)

ونُفذت العملية بمعاونة فريق استخباراتي إسرائيلي يُدعى غيدون.

الجانب الأول من العملية، أسفر عن اغتيال ثلاثة قادة بارزين من حركة «فتح» في منازلهم في منطقة فردان، هم: كمال عدوان، وكمال ناصر وأبو يوسف النجار، والمعروفون بتخطيطهم لعمليات ضد الإسرائيلي. أمّا الجانب الآخر، منها فأسفر عن تفجير مقرٍّ لـ«الجبهة الشعبية» في منطقة الفاكهاني بعدما اشتبكت الوحدة مع حراسه؛ ما أدى إلى مقتل عسكريين إسرائيليين، و35 مقاتلاً من الجبهة.

وانتهت العملية بمقتل القادة الثلاثة، واستقالة الحكومة اللبنانية آنذاك برئاسة صائب سلام.

كمال عدوان وكمال ناصر وأبو يوسف النجار (إكس)

وفي تلك الحقبة، كانت إسرائيل تلاحق كوادر الثورة الفلسطينية كافة. والرجال الفلسطينيون الثلاثة كانوا يسكنون في مبنى واحد في فردان، في حين كانت عميلة لإسرائيل تدعى يائيل مان تستأجر شقة مقابلة وتراقب كل التحركات الصادرة من شقق القادة والتثبت من وجودهم.

يائيل مان الجاسوسة الإسرائيلية (إكس)

وقبل أيام من الموعد المحدد للعملية، أتت مجموعة بجوازات سفر أوروبية واستأجرت 6 سيارات أميركية بناءً على تعليمات من رئيس الموساد. والقوة التي هاجمت منازل القادة الفلسطينيين تنكرت بلباس «هيبيين» (Hippies)، قبل أن تنفذ العملية.

وبعد إتمام المهمتين انسحب فريق الكوماندوز إلى الشاطئ الذي جاء منه، حيث كانت بانتظاره طرّادات في البحر.

اغتيال المبحوح في دبي... سائحون بلباس التنس وشعر مستعار

معتمدة الأسلوب نفسه، اغتالت إسرائيل محمود المبحوح، العضو البارز في حركة «حماس»، في 19 يناير (كانون الثاني) 2010. وأعلنت شرطة دبي آنذاك، أن إسرائيليين يحملون جوازات سفر أوروبية، بينهم امرأة، ضالعون في اغتيال المبحوح في أحد فنادق الإمارة.

وفي التفاصيل، كان 12 من فريق الاغتيال يحملون جوازات سفر بريطانية لأشخاص يعيشون في إسرائيل، أما الجوازات المزوّرة الأخرى التي استخدمت فكانت فرنسية، وألمانية، وآيرلندية وأسترالية.

فريق اغتيال المبحوح (أ.ف.ب)

وعرضت شرطة دبي شريط فيديو يتضمن تفاصيل كثيرة عن العملية، حيث يظهر فيه المبحوح وهو يدخل الفندق، وصور لوصول الضالعين في العملية لدى وصولهم إلى مطار دبي، والفندق الذي تمت فيه عملية الاغتيال.

وأظهر الفيديو لقطات للشخص الذي خطط لعملية الاغتيال ويدعى بيتر، وهو فرنسي الجنسية، وقد غادر دبي قبل ساعات من التنفيذ.

كما أظهر لقطات لشخص آخر يدعي كيفن، وهو من بين العناصر الأساسية في تنفيذ العملية، وصوراً لعمليات المراقبة التي كان يقوم بها منفذو العملية، ولحظات وصولهم إلى بهو الاستقبال في الفندق قبل وصول المبحوح إليه.

محمود المبحوح العضو البارز في حركة «حماس»

وكشف الشريط عن جميع الاتصالات التي جرت بين أعضاء العصابة قبل تنفيذ عملية الاغتيال وكذلك لقطات من مطار دبي لدى وصول رئيس العصابة. وأظهر أيضاً صورة امرأة شقراء تتحرك بجواز سفر آيرلندي باسم جيل فولارد، وهي ضمن المشاركين في العملية، حيث كانت تدخل أحد المحال التجارية.

وكما يظهر في التقرير، فإن أفراد العصابة تنكروا في زي التنس، وتنقلوا بين فنادق عدة وبقيت منهم مجموعة صغيرة داخل الفندق الذي نزل فيه المبحوح. كما عرضت فيديو للمبحوح في الفندق، وإلى جواره المتهمون يراقبون تحركاته.

اثنان من فريق الاغتيال تنكّرا بزي التنس (متداولة)

وذكرت الشرطة الإماراتية، أن العصابة كانت تقيم في فنادق عدة للتخفي والتمويه، واتبعت أساليب تضليل مختلفة، منها ارتداء شعر مستعار، وارتداء قبعات وملابس رياضية، وكانت تملك تقنيات متطورة لتنفيذ جريمتها، ونجحت في فك شفرة باب غرفة القتيل في الفندق.

ورجحت أن يكون المتهمون قد انتظروا القتيل داخل غرفته، أو دخلوا عليه فور وصوله، لافتة إلى أن منفذي عملية القتل 7 أفراد، وتمت عملية القتل بكتم النفس.

ورصدت كاميرات الفندق وصول المبحوح بالمصعد القريب من غرفته وخلفه المتهمون. وذكرت شرطة دبي، أن المبحوح كان مُراقباً منذ وصوله المطار قادماً من سوريا يوم 19 يناير (كانون الثاني)، ولم يدخل الإمارات باسم المبحوح.

اغتيال 3 فلسطينيين في مستشفى جنين... بملابس طبية ونسائية

وكانت عملية الاغتيال التي نفذتها إسرائيل بحق 3 مقاتلين فلسطينيين داخل مستشفى ابن سينا في مدينة جنين بالضفة الغربية وفق السيناريو عينه اليوم هي الأحدث.

تُظهر هذه الصورة المثبتة من مقطع فيديو لقطات كاميرات المراقبة معروضة على شاشة كومبيوتر لمداهمة اغتيال قامت بها قوات إسرائيلية سرية في مستشفى ابن سينا

والضحايا الثلاثة هم الشقيقان باسل ومحمد غزاوي، ومحمد جلامنة، وأكدت تقارير، أن باسل كان مصاباً بجروح خطيرة جراء اشتباكات سابقة، وأن شقيقه محمد وصديقه جلامنة كانا يرعيانه.

وفي التفاصيل، دخل نحو 10 من جنود مستعربين من الوحدات الخاصة الإسرائيلية مستشفى ابن سينا متخفّين، على دفعتين، وصعدوا إلى الطابق الثالث.

صورة مثبتة من مقطع فيديو نُشر على مواقع التواصل لعملية اقتحام الجيش الإسرائيلي مستشفى ابن سينا

وهذه المرة، ومن وحي المكان تنكّر الجنود بزي أطباء وممرضين ورجال كبار في السن ونساء فلسطينيات، واقتحموا غرفة كان فيها الشبان الثلاثة، وهم نشطاء في المجموعات الفلسطينية المسلحة في مخيم جنين، واغتالوهم باستخدام مسدسات مزودة بكواتم صوت، وغادروا قبل اكتشافهم.


مقالات ذات صلة

الـ«أونروا»: واحد من كل 10 أطفال في غزة يعاني سوء التغذية

المشرق العربي طفلة فلسطينية تنتظر الحصول على غذاء في مدينة غزة (أ.ب)

الـ«أونروا»: واحد من كل 10 أطفال في غزة يعاني سوء التغذية

قالت الـ«أونروا»، الثلاثاء، إن طفلاً من كل 10 يخضعون للفحص في العيادات التي تشغلها في غزة يعاني سوء التغذية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي الدخان يتصاعد بعد غارات على البقاع اللبناني (إكس)

سلسلة غارات إسرائيلية تضرب البقاع اللبناني... والجيش الإسرائيلي: نهاجم أهدافاً لـ«قوة الرضوان»

شن الطيران الحربي الإسرائيلي اليوم (الثلاثاء) غارات على السلسلتين الغربية والشرقية في البقاع اللبناني، بحسب ما نشرت «وكالة الأنباء المركزية» المحلية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية جندي إسرائيلي يتخذ موقعه أثناء مداهمة في رام الله بالضفة الغربية (أرشيفية-رويترز)

إسرائيل تعتقل أكثر من 32 فلسطينياً في الضفة الغربية

شنت القوات الإسرائيلية، اليوم الثلاثاء، حملة اعتقالات ومداهمات واسعة طالت عدة محافظات في الضفة الغربية، أسفرت عن اعتقال أكثر من 32 مواطناً، بينهم أسرى محررون

«الشرق الأوسط» (رام الله )
المشرق العربي مشهد لأنقاض في مدينة رفح في غزة (رويترز) play-circle

إسرائيل: خلاف بين الحكومة والجيش بشأن «المدينة الإنسانية» للفلسطينيين

وقع خلاف بين الحكومة الإسرائيلية والجيش حول تكلفة وتأثير ما عُرف باسم «المدينة الإنسانية» للفلسطينيين في جنوب غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي نازحون فلسطينيون يفرّون من جباليا بعد أن أصدر الجيش الإسرائيلي أوامر إخلاء بمدينة غزة يونيو الماضي (أ.ب)

الجيش الإسرائيلي يطالب سكان مدينة غزة وجباليا بالإخلاء الفوري جنوباً باتجاه المواصي

طالب الجيش الإسرائيلي الفلسطينيين المقيمين في مدينة غزة وجباليا شمال القطاع بإخلاء منازلهم بشكل فوري مع تزايد حدة القتال بالمنطقة.

«الشرق الأوسط» (غزة)

بعد انسحاب حزب من ائتلافه الحاكم... نتنياهو في موقف لا يحسد عليه

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

بعد انسحاب حزب من ائتلافه الحاكم... نتنياهو في موقف لا يحسد عليه

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

انسحب أحد الأحزاب اليهودية الأكبر تشدداً في إسرائيل من ائتلاف رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في إطار نزاع مستمر منذ مدة طويلة بشأن مشروع قانون جديد للتجنيد العسكري، وفق «رويترز».

وتجعل الخطوة، التي اتخذها أعضاء حزب «يهدوت هتوراه (التوراة اليهودي المتحد)» الستة، حكومةَ نتنياهو القومية الدينية في وضع ضعيف للغاية؛ إذ إن غالبيتها في الكنيست أصبحت تتوقف على مقعد واحد فقط.

هل انهارت حكومة نتنياهو؟

لا، لكن هذا قد يحدث. فحزب «يهدوت هتوراه» متحالف مع حزب آخر من الأحزاب الدينة المتزمتة في الائتلاف؛ وهو حزب «شاس» الذي يحافظ منذ مدة طويلة على تحالفه مع «يهدوت هتوراه». وإذا انسحب «شاس» هو الآخر، فسيخسر نتنياهو غالبيته في البرلمان وسيكون من الصعب على الحكومة الاستمرار في أداء عملها.

ولن يدخل انسحاب حزب «يهدوت هتوراه» من الائتلاف حيز التنفيذ إلا بعد 48 ساعة من تقديم استقالات وزرائه؛ مما يمنح رئيس الوزراء بعض الوقت للبحث عن مخرج.

وحتى إذا أخفق في هذا، فسيبدأ البرلمان عطلة صيفية في نهاية يوليو (تموز) الحالي؛ مما يتيح لنتنياهو نحو 3 أشهر لمحاولة حل الأزمة. وقد يحدث كثير من التطورات خلال هذه الفترة، لا سيما أن نتنياهو أظهر مهارات استثنائية لتجاوز عقبات اكتنفت مسيرته السياسية على مر السنين.

كيف تعمل الحكومات الإسرائيلية؟

قلما تكمل حكومة في إسرائيل فترة ولايتها التي من المفترض أن تستمر 4 سنوات. ولم يسبق أن فاز أي حزب منفرداً بالغالبية المطلقة في أي انتخابات، لذا تُشكَّل عادة الحكومات من ائتلاف أحزاب.

ويضطر رؤساء الوزراء في كثير من الأحيان للتعامل مع مطالب طائفية وصراعات آيديولوجية داخل ائتلافاتهم. وإذا ما وجدت الانقسامات طريقاً للحكومة، فيمكن أن تنهار الائتلافات بسرعة وتسقط الحكومات.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتحدث مع وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير خلال جلسة في الكنيست (رويترز)

هل ستحدث انتخابات مبكرة؟

ربما... لكن الأمر قد يتطلب بضعة أشهر. وهناك عدد قليل من المسارات السياسية التي يمكن سلوكها حتى ينتهي الأمر بتقديم موعد الانتخابات، من بينها تصويت البرلمان على حل نفسه، وإخفاق الحكومة في إقرار الموازنة السنوية.

وفي جميع الأحوال، لن تجرى الانتخابات على الفور. ويتوقع بعض المحللين السياسيين تقديم موعد الانتخابات من نهاية عام 2026 إلى مطلع العام المقبل.

كيف تُجرى الانتخابات؟

الانتخابات التي تحدد من يحكم إسرائيل هي الانتخابات البرلمانية. ويتألف الكنيست من 120 مقعداً، وتجرى انتخاباته بنظام التمثيل النسبي لقوائم الأحزاب الوطنية. ويحتاج أي حزب إلى تجاوز عتبة 3.25 في المائة من الأصوات ليكون له تمثيل في البرلمان.

وشهدت إسرائيل 5 انتخابات وطنية منذ عام 2019، كانت الأخيرة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، وحقق فيها نتنياهو نتائج حاسمة. وتظهر استطلاعات رأي متتالية لتوجهات الناخبين أن ائتلافه سيخسر الانتخابات لو أُجريت اليوم.

شكل الائتلاف

رغم تأرجح ائتلاف نتنياهو خلال فترة العامين ونصف العام الماضية، فإن التحولات السياسية تعني أن العثور على بدائل لحزب «يهدوت هتوراه» للانضمام إلى حكومته، التي تتكون من أحزاب يمينية ودينية يهودية، سيكون صعباً للغاية.

وتضم المعارضة أحزاباً منتمية إلى الوسط واليسار واليمين، فضلاً عن ليبراليين ومحافظين.

تركيبة الائتلاف:

- إجمالي مقاعد الكنيست: 120.

- عدد «الفصائل»: 13.

- إجمالي مقاعد الائتلاف: 61.

- مقاعد حزب «الليكود» بزعامة نتنياهو: 32.

- مقاعد حزب «شاس» الديني المتشدد: 11.

- مقاعد حزب «الصهيونية الدينية» بزعامة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش: 7.

- مقاعد حزب «القوة اليهودية» بزعامة وزير الأمن الوطني إيتمار بن غفير: 6.

- مقاعد حزب «أمل جديد - اليمين الوطني»: 4.

- مقاعد حزب «نعوم»: 1.

هل يؤثر الاضطراب السياسي على الحرب في غزة؟

الأمر لا يزال غير واضح. وتتواصل في قطر محادثات لوقف إطلاق النار بدعم أميركي. ويزداد قلق الإسرائيليين إزاء الحرب ضد حركة «حماس» في غزة، وتظهر استطلاعات الرأي دعماً شعبياً لإنهاء هذه الحرب باتفاق يعيد الرهائن المتبقين لدى «الحركة».

ولا يزال نتنياهو يتمتع بدعم كافٍ داخل حكومته لضمان وقف إطلاق النار. إلا إنه من غير المرجح أن يدعم حزبا «القوة اليهودية» و«الصهيونية الدينية» وقف الحرب بشكل نهائي في أي وقت قريب.